أشارت المعطيات الأولى لتحرك الجماعات المتطرفة في سيناء، والتي تزامنت مع أحداث يناير 2011، وما أعقبها من انفلات أمني، إلى أن هناك صفقات وتوجهات عامة بين تلك التنظيمات المحلية وأخرى إقليمية، وأن هناك هدفًا يتم السعي إلى تحقيقه، خاصة بعد أن شهد مارس 2011 طباعة أول جرافيتي تكفيري، على جدران منازل "الشيخ زويد"، جاء بتوقيع "إمارة سيناء الإسلامية"، والذي يكشف بدوره حقيقة التربص بتلك المساحة الجغرافية ذات الأهمية الجيوسياسية، ومحاولة سيطرة التيار الراديكالي عليها، واقتطاعها من الخريطة المصرية، لصالح الأجندة الغربية التي ترى في مشروع "الوطن البديل"، حلاً أمثل للقضية الفلسطينية الإسرائيلية.
وعلى الرغم من أن أجهزة الدولة المعلوماتية والسيادية، كانت تمتلك رؤية وافية عما يدور على أرض سيناء، فإن هناك بعض العوامل التي عطَلت عملها نحو إنجاز خطوة فارقة في تطهير سيناء من البؤر الإرهابية، ويأتي على رأس تلك العوامل علاقة تنظيم الإخوان بتلك الجماعات، في فترة تصدر فيها التنظيم المشهد السياسي، واحتكر أغلبية المجالس النيابية، ليمارس لعبة كروت الضغط على السلطة السياسية، المتمثلة في المجلس العسكري، والذي بدأ بدوره أولى خطوات التطهير في أغسطس 2011، مع إطلاق العملية العسكرية "نسر1"، في حين أن العديد من الخبراء الاستراتيجيين يرون أن التطهير الفعلى بدأ مع زوال النظام الإخواني، وعزله عن حكم البلاد في الثلاثين من يونيه 2013.
وقد تولى الفريق أحمد وصفي قائد الجيش الثاني الميداني حينها، مهمة قيادة العملية العسكرية في حربها على الإرهاب، والذى نشط بقوة بعد عزل د. محمد مرسى، كاشفاً عن تطور نوعي كبير في إمكانيات التنظيمات الإرهابية، التدريبة والقتالية والخططية، إضافة لمهارات التستر والتخفي والهروب، والتي تكشف عن سنوات من الاستعداد والتأهيل للقيام بتلك المهام الإرهابية، ولفترة ليست قليلة كانت الأمور تسير في جانب الجماعات المتطرفة، التي قاومت عمليات التطهير على مدار تسعة أشهر، بل إن مساحة نشاطها انتقلت من سيناء إلى خارجها، لتصل قلب العاصمة وتضرب مبنى مديرية أمن القاهرة، في سابقة لم تحدث من قبل.
إن المتابع الجيد للأوضاع في سيناء، يدرك تماماً أن حسم المعركة يأتي من عاملين مهمين، قاعدة معلومات دقيقة والضربات الاستباقية، لكن ما يدور على أرض الواقع، يؤكد أن القاعدة بها قصور ينعكس على القدرة في القيام بضربات استباقية.