الأزمة الليبية بين ازدواجية المعايير وغموض الموقف الدولي
الأحد 01/مارس/2015 - 09:58 م
طباعة

في الوقت الذى تجري فيه محاولات غربية لاحتواء الموقف المشتعل في ليبيا، وإجبار الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا على الحوار مع الفصائل الليبية المسلحة، سقطت قذيفتا هاون اليوم على منطقة سكنية في سيدي حسين بمدينة بنغازي، مما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى، وسط توقعات باستمرار هذه العمليات، في إطار مخططات الجماعات والميليشيات المسلحة لإفشال البرلمان الليبي المنتخب والحكومة الشرعية في تحقيق الاستقرار، وإجبار الحكومة على الانصياع لشروط هذه الجماعات المسلحة، واستغلال تخاذل المجتمع الدولي وازدواجية المعايير التي يتبعها.
واحتجاجًا على ازدواجية المجتمع الليبي في التعامل مع الأزمة الليبية، وصفت الحكومة الليبية تصريحات المندوب البريطاني لدى الأمم المتحدة، السفير مارك جرانت، حول الشأن الليبي، بأنها تدخل في الشأن الليبي، بعد التأكيد بأن ميليشيات مصراتة تحارب بمفردها الإرهاب، وهي الوحيدة التي بمقدورها مواجهة متطرفي داعش.

واعتبرت الحكومة الليبية أن هذه التصريحات تؤكد الموقف البريطاني ضد الشرعية في ليبيا المتمثلة في مجلس النواب المنتخب والحكومة المنبثقة عنه، ومساندة لتصريحات ما يسمى فجر ليبيا، والإشارة إلى أن الجيش الليبي هو الوحيد الذي يحارب المنظمات الإرهابية المتطرفة المتمثلة مثل داعش والتشكيلات المساندة لها، على الرغم من عدم رفع الحظر عن الأسلحة، وطالبت الحكومة المجتمع الدولي برفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي من خلال لجنة العقوبات بالأمم المتحدة.
يأتي ذلك في الوقت الذى تجري إيطاليا مناورات بحرية سنوية هذا الأسبوع قرب ساحل ليبيا، حيث شجع انهيار النظام عشرات الآلاف من المهاجرين على محاولة الوصول إلى أوروبا عبر البحر وزادت المخاوف من هجمات المتطرفين، وقالت البحرية الإيطالية في بيان إن مناورات "البحر المفتوح" ستبدأ غدا.

من جانبه قال الأميرال بيرباولو ريبوفو الضابط المسئول عن المناورات إن التدريبات لا ترتبط مباشرة بالأزمة في ليبيا حيث تمتلك شركة إيني النفطية الإيطالية العملاقة منصات نفطية بحرية مهمة وغيرها من الأصول، إلا أن وجود قطع البحرية في المنطقة ربما يسهم في تحسين الأمن، موضحًا أن وجود السفن في البحر يعني أيضًا الأمن والردع، لكن هذا طبيعي، إنه يشبه دوريات الشرطة في الشوارع.
يذكر أن الجزر الجنوبية الإيطالية لا تبعد عن الساحل الليبي سوى مسافة 300 كيلومتر ، وقادت روما دعوات إلى مسعى دبلوماسي عالمي في سبيل استقرار ليبيا التي توجد بها حكومتان تتنافسان على السلطة، فى الوقت الذى عرضت فيه إيطاليا أيضا تدريب الجيش الليبي لكنها استبعدت إرسال مهمة لحفظ السلام في المنطقة.

على صعيد آخر كشف مركز ستراتفور للدراسات والأبحاث الجيوسياسية الاستراتيجية التابع لجهاز الاستخبارات الأميركي عن توقعاته بمواصلة حالة الانهيارات القومية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو ما يصفه التقرير بأن الدول القومية في تلك المنطقة، التي أسستها قوى أوروبية في القرنين الـ19 والـ20، معرضَة بشدة لخطر الانهيار والتفكك والعودة إلى حالتها الأولى التي تتحكم فيها الجماعات الصغيرة من قبائل وفصائل وعشائر ذات مصالح مختلفة.
أكد التقرير أن كلًا من العراق وسوريا وليبيا شهدت عمليات من تفكك الدولة إلى عدة فصائل تخوض الحرب ضد بعضها الآخر، مشبها ما يحدث بحالة التفكك والانهيار في لبنان إبان الحرب الأهلية (13 أبريل 1975 - 13 أكتوبر 1990)، التي قال إنها نموذج قياسي لما يمكن أن تنتهي إليه الأوضاع في العديد من بلدان منطقة الشرق الأوسط، موضحا أن الحرب الأهلية في لبنان لم تنته بل تم تهدئتها فقط، وأن تلك الحالة في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، أضعفت تمامًا الدولة اللبنانية، ونقلت صلاحياتها الرئيسية إلى العديد من الفصائل المتنازعة، وهو ما يتوقع التقرير حدوثه في العديد من بلدان الشرق الأوسط خلال العقد المقبل، حتى تصل هذه البلدان في النهاية إلى وضعية لا يتمكن أيّ طرف فيها من حسم الصراع نهائيًا.