بعد نفي مشاركتها بمعركة القلمون.. تساؤلات حول توريط "حركة أمل" في المستنقع السوري!
الثلاثاء 12/مايو/2015 - 01:47 م
طباعة
اشتعل الشارع السياسي اللبناني ومواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر" في لبنان عقب نشر صور لمحمولات 107 ورشاشات ثقيلة تتجه نحو جرود يونين وبريتال ونحلة، يرفع عليها رايات حركة "أمل" الشيعية.
حركة أمل
اتهم ناشطون سوريون ولبنانيون، حركة أمل «الشيعية» اللبنانية، بالانخراط مع حزب الله في القتال بجانب قوات النظام السوري في معارك القلمون في ريف دمشق على الحدود اللبنانية الشرقية.
ونشر الناشطون صوراً لما قالوا إنها عربات عسكرية تابعة لحركة أمل التي يرأسها رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري، تقاتل إلى جانب حزب الله في عرسال شرقي لبنان، وفي جرود القلمون الجبلية داخل الأراضي السورية.
وتظهر الصور التي اطلعت عليها ARA News مجموعة من العربات العسكرية المحملة بمدافع ميدانية، ومدافع رشاشة مضادة للطائرات تحمل أعلاماً لحركة أمل اللبنانية، في منطقة جبلية أكد الناشطون أنها في سلسلة لبنان الشرقية، والتي تقابل منطقة القلمون السورية.
حركة أمل تنفي
من جانبها نفت حركة أمل الشيعية مشاركتها في القتال إلى جانب حزب الله والنظام السوري في الوقت الذي تداول فيه نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورا (قالوا) إنها تثبت انخراط حركة أمل بالقتال في مناطق عرسال والقلمون؛ ضد المعارضة المسلحة السورية، وفقًا لبيان المكتب الإعلامي المركزي للحركة.
وقال البيان: "تتداول بعض مواقع التواصل الاجتماعي صورًا وأخبارًا تتعلق بحركة أمل والأحداث التي تجري على الحدود الشرقية".
كما نفى رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مشاركة حركة «أمل» التي يرأسها في المعارك الحالية في سوريا، فيما شدد مصدر بارز في الحركة لـ«الشرق الأوسط»، على أن الحركة نادت منذ بداية الأزمة السورية بالحل السياسي و«لا يمكن أن تناقض موقفها الاستراتيجي». وهو ما يبدو وكأنه استمرار للتمايز في الموقف اللبناني بين الجانبين، إذ يحتفظ بري بعلاقات مقبولة مع خصوم «حزب الله» حتى إنه يرعى حوارًا بينه وبين تيار «المستقبل» الذي يرأسه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.
وبدا بري في رده على هذه الأخبار التي عصفت بها بعض مواقع التواصل الاجتماعي، حريصًا على الموازنة بين موقف «الحياد الإيجابي» حيال هذه الأزمة، لجهة فصل التأييد العاطفي، والسياسي الذي يجاهر به ويمارسه حيال النظام إعلاميًّا وسياسيًّا، وبين التأييد العسكري الذي يتفرد به شيعيًّا حتى الآن «حزب الله»، فجزم بأن هذه الأخبار غير صحيحة، لكنه شدد على متانة علاقته مع الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله.
وقال بري في دردشة مع زواره من الإعلاميين ردًّا على سؤال عما إذا كانت هناك عناصر من حركة أمل تقاتل في القلمون، كما ورد في بعض المواقع الإلكترونية: إن هذا الخبر «غير صحيح جملة وتفصيلًا».
مَن وراء الزج بحركة أمل؟
الصور التي تم تداولها عن حركة أمل في معركة القلمون تناقلتها وسائل إعلام لبنانية وعربية، استنادا إلى مواقع إلكترونية مؤيدة لـ«حزب الله» وأخرى مجهولة بثت صورًا ومقاطع فيديو لمسلحين قيل إنهم من حركة «أمل».
بينما ذكرت قيادات بحركة أمل أن الصور المنشورة قديمة، وتعود لعامين في منطقة البقاع الغربي.
وتشير قيادات الحركة أن كل التحليلات للصور المنشورة أثبتت زيف هذه التقارير، فمن صورة لمقاتل يضع على صدره شعار حركة «أمل» مكتوبًا بالخطأ «الأفواج اللبنانية» بدلًا من «أفواج المقاومة اللبنانية» التي تختصر إلى «أمل»، أو إلى فيديو لمقاتل يطلق النار عن آلية يتبين أنه رجل دين ملتح، وصولا إلى صور لشاحنات ترفع رايات الحركة في منطقة جبلية بين الأشجار: «علمًا بأن القتال في أماكن جردية لا شجر فيها».
إلا أن هذا لم يمنع ذهاب بعض «الشبان المتحمسين» من الحركة للقتال في سوريا، سواء تحت راية «حزب الله» الذي تخلى عن حذره في التجنيد إذا كانت الجبهة سورية، خلافًا لمعاييره المشددة في موضوع قتال إسرائيل، أو عبر مشاركة بعض من هؤلاء في «لواء أبو الفضل العباس» الشيعي الذي قاتل في محيط السيدة زينب.
ما الهدف من الزج بحركة أمل؟
يعتبر رئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل نبيه بري، من أكثر السياسيين قبولًا من كافة الأوساط السياسية، رغم أنه حليف لـ"حزب الله"، مقرب من الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أنه يتمتع بعلاقات قوية وقبول واسع من كافة المكونات السياسية في الشارع اللبناني، ويأتي الزج بحركة أمل في معركة القلمون ليضع نبيه بري في موقع صعب ليجبره بطريقة أو بأخرى للانضمام إلى طرف واضح وصريح، والتخلي عن حالة الوسطية والتوازن في اللعبة السياسية، وهو ما قد يؤدي إلى إحراق لبنان، واشتعال فتيل الصراع اللبناني، ويعيد سيناريو صراع الحرب الأهلية، متوازيًا مع حالة الصراع السوري.
"بري" حالة توازن
موقع نبيه بري، باعتباره رئيس البرلمان اللبناني يحتم عليه أن يلعب دورًا متوازنًا للحفاظ على المؤسسة الشرعية الباقية في لبنان، في ظل تعطل مؤسسات الرئاسة اللبنانية وعدم انتخاب رئيس للبنان منذ مايو الماضي، وهو ينعكس على مؤسسة الوزراء، فيؤدي إلى تفتت الدولة اللبنانية، والتي تدير كل طائفة منها شئونها بعيدًا عن مؤسسات الدولة الرسمية؛ لذلك فمن مهمة رئيس حركة أمل أن يحافظ على تكاتف هذا المجلس والابتعاد عن التحيز والانضمام لطرف في معركة القلمون والصراع السوري بشكل عام فينعكس بإشعال الوضع في الداخل اللبناني.
نفي الحركة وبري التورط في معركة القلمون يحد من حالة السجال بين المذهبي "السُّني- الشيعي"؛ لذلك قرر بري عدم توريط "حركة أمل" في القتال عسكريا، وبذلك يدحض قول كل من يقول: إن الطائفة الشيعية تقاتل الطائفة السُّنِّية فيبعد بذلك شبح الحرب الطائفية عن لبنان.
كما يلعب رئيس حركة أمل دور الوسيط في حوار "حزب الله- المستقبل" ودائمًا من يحاول تقريب وجهات النظر بين الأفرقاء اللبنانيين فليس من مصلحة نبيه بري وحركة أمل أن ينحاز لطرف ضد آخر، من أجل استمرار دوره في إحداث التوازن المطلوب على الساحة اللبنانية، والحفاظ على حالة السلم الاجتماعي الهش بالبلاد.
المشهد اللبناني
لذلك جنوح "بري" أو الإشاعات حول انحيازه لطرف على حساب آخر في المعادلة اللبنانية، يهدد السلم الاجتماعي الهش في لبنان، ويعيد سيناريو الحرب الأهلية، وهو ما يخشاه اللبنانيون، ويرفضه "بري"، الذي استطاع منذ بداية الصراع المسلح في سوريا أن يحافظ على حالة الأمن الاجتماعي الهش بالبلاد رغم الخطاب العدائي بين حزب الله وتيار المستقبل وبعض المتشددين من السُّنة والشيعة في لبنان، فهل سيحافظ "بري" و"حركة أمل" على دورة اللعبة اللبنانية، أم ستجبره أطراف على خوض معركة لا يرغب فيها؟
