بعد حرب سوريا .. خريطة تغيرات هيكيلة داخل حزب الله اللبناني
الثلاثاء 03/يناير/2017 - 05:03 م
طباعة
يعد حزب الله اللبناني، أكثر الأحزاب تنظيما وسرّية، فقسم كبير من قيادييه يبقى في الظل ولا تُعلن اسماء قادته وخصوصا العسكريين منهم الا بحال اعلانهم "شهداء" في معارك الحزب، وخاصة مع ارتفاع نسبة القتلي في صفوفه خلال حرب سوريا والتي اقتربت من عامها السادس وفي ظل الاستنزاف البشري لقوة البشرية والمادي للحزب اتجهت قيادات الحزب الي اعادة هيكلته مرة اخري، ويضيف عليهم مزيدا من السرية.
مجلس شوري حزب الله:
وعلي صعيد العمل داخل حزب الله، يُقسم العمل بين قسمين، الاول هو العمل التنفيذي وهو ما نراه في العمل السياسي له، والثاني هو العمل "الجهادي" المحاط بسريّة تامة نظرا لحساسية هذا الملف وضرورة ابقائه سريا.
ويعد مجلس شوري حزب الله، من بيده قرارات الحزب العسكرية والسياسية والاقتصادية، والذي يتجه الي تغيير استراتيجية القيادة والهيكلة داخل الحزب عبر تقليص وحدات الحزب واعادة دمج بعضها وسط تغييرات جذرية طالت وستطال بنيته بقرار جدّي من قيادة حزب الله من أجل معالجة كل الثغرات التي ظهرت هنا وهناك.
ويتألف مجلس شورى حزب الله من ستة أعضاء، على رأسهم الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله الذي بطبيعة الحال لن يتغيّر منصبه، فهو باق على رأس الامانة العامة بالإضافة الى موقعه كرئيس للمجلس العسكري.
ويترأس أعضاؤه المجالس التنظيمية الخمسة وهي "المجلس التنفيذي – المجلس الجهادي – المجلس السياسي – المجلس القضائي- مجلس العمل النيابي".
والامين العام، هو رأس الهيكل ويتمتع بصلاحيات تنظيمية واسعة جدا، ويتولي هذا المنصب السيد حسن نصرالله منذ فبراير 1992، فعُدِّلَت المادة التي كانت تحصر حقّ الترشح فقط بدورتين متتاليتين لإعطائه حق الترشح لدورات متتالية ما سمح له بالبقاء في الأمانة العامة منذ 92 حتى الآن (23 سنة).
وتاتي زيارة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في 12 أكتوبر الماضي، إلى البقاع حيث التقى مقاتلي الحزب وكوادرهن في زيارة نادرة للامين العام للحزب ، حيث لم يظهر منذ حرب تموز 2006 إلا في مناسبات قليلة، ووقوفه إلى جانب مقاتليه يشير إلى أن القاعدة في الحزب تعيش إشكالا حقيقيا في الداخلن وهو ما يراه مراقبون بدا اعادة هيكلة الحزب مع تاثير الحرب السورية علي خططه وبنائه الهيكلي.
المجلس الجهادي:
ويعد الجلس لجهادي، من اهم هايكل حوب الله اللبناني، و يتألّف من: رئيس المجلس التنفيذي – المسؤول العسكري – المسؤول الأمني وممثل عن الولي الفقيه "المرشد الاعلي في ايران علي خامنئي".
والمجلس الجهادي معنيّ بمتابعة الاعمال العسكرية والأمنية “المقاومة” والتجهيز والتدريب والحماية. ولكن بعد تكاليف حرب سوريا، قررت قيادة حزب الله، تحويل كل الوحدات "جهادية" دون أن يعني ذلك إلغاء المجلس التنفيذي، اذ تعتبر القيادة أن الجهاد لا ينحصر بالعمل العسكري فقط، فالعمل السياسي هو جهاد والعمل الاعلامي هو جهاد أيضا وبالتالي اصبحت كل وحداته تسمى وحدات جهادية وعلى سبيل المثال لا الحصر "الوحدة المالية الجهادية، الوحدة الاعلامية الجهادية".
وستعمل قيادة حزب الله على الدمج بين الوحدات داخل التنظيم والغاء الوحدات التي يمكن الاستغناء عنها"، مشيرة الى ان الدمج سيكون بين الوحدات المتشابهة، وسيطال التغيير بشكل اساسي الوحدات العسكرية والجهادية.
لا شك أن حزب الله يعيد ترميم ما أفسدته جبهة القلمون، من خلال مراجعة كاملة وعلى يد أمينه العام بالذات، وسط معلومات عن “تسليم ملف الجولان إلى جهاد مغنية ابن عماد مغنية المسؤول العسكري الأول والذي اغتيل في دمشق عام 2008” ، مما يعني أن جبهة الجولان أيضا مرشحة لتصعيد كبير ضد إسرائيل والقوات الدولية، و المعارضة السورية التي باتت تسيطر بشكل كامل تقريباً على هذه الجبهة.
كما يشير إلى أن الحزب بصدد إعطاء جيل جديد من القادة فرصة أكبر للمشاركة بالمعارك بعد فقدانه لعدد كبير من قادته الميدانيين البارزين في سوريا.
وفي تقرير صدر مؤخراً في فرنسا: “تعتقد أجهزة المخابرات الفرنسية أن قرابة 4000 من مقاتلي جماعة حزب الله اللبنانية يقاتلون في سوريا مع قوات النظام”، وقال وزير الخارجية لوران فابيوس أمام البرلمان “فيما يتعلق بمتشددي حزب الله الموجودين في ساحة المعركة تتراوح الأعداد بين 3000 و10000 أما تقديراتنا فهي بين 3000 و4000”.
وبمقارنة بسيطة بين حجم القوات المشاركة، وعدد القتلى الذي يتراوح بين 500 إلى 600 قتيل سقطوا في معارك سوريا وحدها، نجد أن النسبة تفوق الـ15بالمئة وهو معدل يستحق الوقوف عنده.
وكان أولي التغيير في قيادة الحزب عبر إعفاء نائب رئيس المجلس التننفيذي في الحزب الشيخ نبيل قاووق من منصبه وتسليمه قيادة وحدتين جديدتين على علاقة بما بُعرف بـ"العمل الوقائي"، مشيرة الى أن الاختيار وقع على الشيخ قاووق بسبب إلمامه الكبير بالدين والاصول الدينية والاحكام الفقهية، كاشفة أن تعيين البديل عن الشيخ قاووق لم يتم بعد وقد لا يتم على الاطلاق حسبما تشير المعلومات.
الجانب السياسي والتنفيذي:
اما علي صعيد المجلس السياسي، والذي يهتم بتقديم التحليل السياسي للشورى، والتواصل وبناء العلاقات مع القوى السياسية المختلفة ويتولى كل عضو منه ملف أحد الأحزاب مقسّمة على الشكل التالي: الأحزاب الإسلامية – الأحزاب الوطنية – الأحزاب المسيحية – المنظمات الفلسطينية – العلاقات العربية – العلاقات الدولية .
وحتّى اليوم لم يأخذ حزب الله قرار تغيير أسماء الوزراء وهذا ما ظهر جليا في الحكومة الاخيرة، كذلك الامر بالنسبة لأسماء النواب حيث ترى القيادة أنه من المبكر الحديث عن تغيير أسماء النواب.
وتشير تقارير اعلامية أن نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم باقٍ في منصبه حتى اللحظة بخلاف ما أُشيع سابقا، وأنه لا يزال نائبا للامين العام ومسؤولا عن العمل الحكومي في الحزب، كذلك الامر بالنسبة لأعضاء مجلس الشورى، مشيرة الى ان تغييرات كبيرة طالت عمل الوحدات الصغيرة داخله.
كما يعد المجلس التنفيذي الذي يرأسه السيد هاشم صفي الدين وهو بمثابة القلب التنظيمي (الحكومة) الذي يتفرع عنه اكثر الوحدات التنظيمية في مقدمتها "الوحدة الإعلامية (المنار – النور – موقع العهد الالكتروني – مجلة بقية الله"، والوحدة الاجتماعية (مؤسسة الشهيد – مؤسسة الامداد – القرض الحسن – العمل الاجتماعي)، والتعبئة العامة (منطقة بيروت – منطقة البقاع – منطقة الجنوب “شمال النهر” – منطقة الجنوب “جنوب النهر”)،وهناك كشاف الإمام المهدي (يقدر عديده بنحو 50 إلى 60 الفا)، والمؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم (مدارس المهدي)، والوحدة المالية، والهيئة الصحية الإسلامية
كما أنّ المسؤول العسكري والمسؤول الأمني والمسؤول التنظيمي ومسؤول التفتيش ومسؤولو المناطق الأربعة هم ضمناً أعضاء في المجلس التنفيذي. ولمّا كان هذا المجلس يعدّ «قلب» الهيكلية التنظيمية للحزب كما أسلفنا، فهو يلعب دوراً بارزاً بين مجالس الحزب التنظيمية.
لا بدّ من القول إنّ كل هذه التشكيلات هي تابعة وممسوكة بشكل مباشر، كما في كل الأحزاب، من قبل الأمين العام. فهو وحده صاحب القرار وصاحب الكلمة الفصل في رفع أو تخفيض أو بقاء أو إنهاء أو تضييق أو توسيع أي من الصلاحيات. خصوصا إذا أخذنا بعين الإعتبار أنّ الأمين العام هو وحده الذي يملك صلاحية القرار المالي، وباسمه حصرا ترسل الموازنة المالية الآتية من إيران والتي تقدر بمئات الملايين من الدولارات سنويا.
مستقبل حزب الله:
وتوقع مراقبون ان يتجه قيادات حزب الله في المستقبل الي التغير في التركيبة السياسية، ل لأنّ المسؤولين داخله هم جنود في هذه المسيرة ومستعدون للعمل في أي ملف يتم تكليفهم به.
ورأت أوساط سياسية لبنانية أن المواقف الإيجابية التصالحية التي يتخذها حزب الله لتسهيل عمل الحكومة اللبنانية والتعاطي بإيجابية مع خصوم الأمس، سعد الحريري وسمير جعجع، هدفه تحضير الساحة اللبنانية لاستيعاب تراجع حزب الله من سوريا وانكفائه إلى الداخل اللبناني مع ما يحتاجه ذلك من الاستظلال بمؤسسات الشرعية اللبنانية.