«الجهمية».. فرقة أثارت الجدل بإنكار ثوابت الدين
الإثنين 25/يونيو/2018 - 12:22 م
طباعة
إسلام محمد
بعد أن انتهى الوالي خالد عبدالله القسري، من خطبة عيد الأضحى بمدينة واسط بالعراق، أعلن في نهاية خطبته أنه سيضحي في هذا العيد بالجعد بن درهم، مؤسس فرقة الجهمية، فقال: «أيها الناس، ضحوا يقبل الله ضحاياكم، فإني مضحٍّ بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلًا، ولم يُكلم موسى تكليمًا، تعالى الله عما يقول الجعد علوًا كبيرًا»، ثم نزل فذبحه بجوار المنبر أمام المصلين.
هذه الواقعة التاريخية التي أوردها الإمام «ابن كثير» في كتابه الشهير «البداية والنهاية» وغيره من المؤرخين، والتي حدثت في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك عام 105 هجريًّا، تبين مدى حدة الموقف الذي اتخذه الأمويون من طائفة «الجهمية» وأمثالهم ممن أنكروا الثوابت الدينية في هذا العصر الذي شهد ظهور عدد من الطوائف الإسلامية، اقترن نشاطها بالصراع السياسي المشتعل آنذاك.
وترجع نشأة فرقة «الجهمية» إلى الجعد بن درهم، الذي وُلد في إقليم خراسان بالشرق ثم هاجر إلى دمشق؛ حيث أقام هناك، وكان يتردد إلى أحد كبار علماء التابعين، وهو وهب بن منبه، ويسأله كثيرًا عن صفات الله عزَّ وجلَّ، الأمر الذي كان «وهب» يستاء منه وينهاه عن الإغراق فيه.
لكن «الجعد» واصل البحث في صفات الله وغَيَّر وجهته، فتواصل مع أصحاب الديانات الأخرى، وبحسب ما ذكره المؤرخ «ابن عساكر» مؤلف «تاريخ دمشق»، فإنه تأثر بـ«أبان بن سمعان» و«طالوت» اليهوديين، اللذين أقنعاه بأن تنزيه الله عزَّ وجلَّ يتطلب نفي جميع الصفات الإلهية منعًا لتشبيهه بالمخلوقين، وهو ما تبناه «الجعد»، وأخذ يدعو إليه بين الناس في عاصمة الخلافة، فشكاه البعض إلى أمراء بني أمية، فهرب إلى الكوفة بالعراق.
وفي الكوفة قابل تلميذه «الجهم بن صفوان»، واستطاع إقناعه بمسألة نفي الأسماء الحسنى والصفات الإلهية المذكورة صراحةً في القرآن الكريم، وغيرها من الآراء الصادمة، التي كان أبرزها عدم الإيمان بخلود الجنة والنار، وأن سجود أي شخص للأصنام والأوثان وأداء طقوس العبادة لها لا يُخْرِجُه من الدين الإسلامي بأي حال من الأحوال، وأن الله موجود في جميع الأماكن، وموجود في كل شيء ولا يخلو منه شيء.
عارض أهل العراق آراء «الجعد»، وشكوه إلى الوالي الأموي خالد القسري، الذي اعتقله وقتله على النحو المذكور في صلاة عيد الأضحى، بينما هاجر تلميذه «الجهم بن صفوان» إلى منطقة بلخ في ولاية خراسان على أطراف الدولة، بعيدًا عن السلطة المركزية، وبدأ يُروِّج لمذهبه بين السكان حديثي الإسلام، فتم نفيه إلى مدينة ترمذ.
ثم أعلن الخروج على حكم الأمويين، وانضم إلى ثورة الحارث بن سريح، وهي الحركة التي ما لبثت أن فشلت سريعًا، وقتل «الجهم» عام 128 هجريًّا، على يد القائد الأموي سلم بن أحوز المازني والي خراسان.
وضعفت شوكة «الجهمية» بعد ذلك، حتى انقرضت وتحول معتنقوها إلى مذاهب أخرى، مثل بشر المريسي تلميذ الجهم الذي أنشأ مذهبًا جديدًا نسبه إلى نفسه، واقتبس فيه بعض أقوال أستاذه، وتصدى الإمام الدارمي للردِّ عليه بكتاب «رد الإمام الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد»، وأكد الباحثون أنه على الرغم من انتهاء دعوة «الجهمية»، فإن بعض أفكارها ظل حيًّا عند عدد من المتأثرين بها ممن انضموا إلى طوائف أخرى.
وأفتى علماء ودعاة السلف آنذاك بمروق «الجهمية» من الدين، وذكر الفقيه ابن قيم الجوزية في قصيدته المعروفة باسم «النونية»، أن خمسمائة من علماء البلدان المختلفة أفتوا بذلك؛ ما أوجد مسوغًا شرعيًّا قويًّا للأمويين في شنِّ الحرب عليهم بعد انضمامهم للتمردات التي حدثت في الولايات الشرقية من الدولة.
هذه الواقعة التاريخية التي أوردها الإمام «ابن كثير» في كتابه الشهير «البداية والنهاية» وغيره من المؤرخين، والتي حدثت في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك عام 105 هجريًّا، تبين مدى حدة الموقف الذي اتخذه الأمويون من طائفة «الجهمية» وأمثالهم ممن أنكروا الثوابت الدينية في هذا العصر الذي شهد ظهور عدد من الطوائف الإسلامية، اقترن نشاطها بالصراع السياسي المشتعل آنذاك.
وترجع نشأة فرقة «الجهمية» إلى الجعد بن درهم، الذي وُلد في إقليم خراسان بالشرق ثم هاجر إلى دمشق؛ حيث أقام هناك، وكان يتردد إلى أحد كبار علماء التابعين، وهو وهب بن منبه، ويسأله كثيرًا عن صفات الله عزَّ وجلَّ، الأمر الذي كان «وهب» يستاء منه وينهاه عن الإغراق فيه.
لكن «الجعد» واصل البحث في صفات الله وغَيَّر وجهته، فتواصل مع أصحاب الديانات الأخرى، وبحسب ما ذكره المؤرخ «ابن عساكر» مؤلف «تاريخ دمشق»، فإنه تأثر بـ«أبان بن سمعان» و«طالوت» اليهوديين، اللذين أقنعاه بأن تنزيه الله عزَّ وجلَّ يتطلب نفي جميع الصفات الإلهية منعًا لتشبيهه بالمخلوقين، وهو ما تبناه «الجعد»، وأخذ يدعو إليه بين الناس في عاصمة الخلافة، فشكاه البعض إلى أمراء بني أمية، فهرب إلى الكوفة بالعراق.
وفي الكوفة قابل تلميذه «الجهم بن صفوان»، واستطاع إقناعه بمسألة نفي الأسماء الحسنى والصفات الإلهية المذكورة صراحةً في القرآن الكريم، وغيرها من الآراء الصادمة، التي كان أبرزها عدم الإيمان بخلود الجنة والنار، وأن سجود أي شخص للأصنام والأوثان وأداء طقوس العبادة لها لا يُخْرِجُه من الدين الإسلامي بأي حال من الأحوال، وأن الله موجود في جميع الأماكن، وموجود في كل شيء ولا يخلو منه شيء.
عارض أهل العراق آراء «الجعد»، وشكوه إلى الوالي الأموي خالد القسري، الذي اعتقله وقتله على النحو المذكور في صلاة عيد الأضحى، بينما هاجر تلميذه «الجهم بن صفوان» إلى منطقة بلخ في ولاية خراسان على أطراف الدولة، بعيدًا عن السلطة المركزية، وبدأ يُروِّج لمذهبه بين السكان حديثي الإسلام، فتم نفيه إلى مدينة ترمذ.
ثم أعلن الخروج على حكم الأمويين، وانضم إلى ثورة الحارث بن سريح، وهي الحركة التي ما لبثت أن فشلت سريعًا، وقتل «الجهم» عام 128 هجريًّا، على يد القائد الأموي سلم بن أحوز المازني والي خراسان.
وضعفت شوكة «الجهمية» بعد ذلك، حتى انقرضت وتحول معتنقوها إلى مذاهب أخرى، مثل بشر المريسي تلميذ الجهم الذي أنشأ مذهبًا جديدًا نسبه إلى نفسه، واقتبس فيه بعض أقوال أستاذه، وتصدى الإمام الدارمي للردِّ عليه بكتاب «رد الإمام الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد»، وأكد الباحثون أنه على الرغم من انتهاء دعوة «الجهمية»، فإن بعض أفكارها ظل حيًّا عند عدد من المتأثرين بها ممن انضموا إلى طوائف أخرى.
وأفتى علماء ودعاة السلف آنذاك بمروق «الجهمية» من الدين، وذكر الفقيه ابن قيم الجوزية في قصيدته المعروفة باسم «النونية»، أن خمسمائة من علماء البلدان المختلفة أفتوا بذلك؛ ما أوجد مسوغًا شرعيًّا قويًّا للأمويين في شنِّ الحرب عليهم بعد انضمامهم للتمردات التي حدثت في الولايات الشرقية من الدولة.