مولد «أبوالحسن الشاذلي».. حج الصوفية الأصغر

الإثنين 20/أغسطس/2018 - 08:37 ص
طباعة مولد «أبوالحسن الشاذلي».. سارة رشاد
 
بدأت القصة منذ سبعمائة وستين عامًا، عندما مات القطب الصوفي أبوالحسن الشاذلي (1196: 1258) في صحراء مصر الشرقية عند جبل حميثرة، بوادي عيذاب، بمحافظة البحر الأحمر، وهو في طريقه لأداء فريضة الحج بمكة المكرمة؛ ليعرف المتصوفة من وقتها بداية ما يُعرف بـ«حج الصوفية».

والمقصود بهذا الحج، هو الذهاب إلى «حميثرة»؛ للاحتفال بمولد الشيخ «أبوالحسن الشاذلي»، الذي تتزامن فعّالياته مع مناسك الحج التي يؤديها المسلمون في التسع الأوائل من شهر ذي الحجة، ويحضر هذا الاحتفال ما لا يقل عن 2 مليون صوفي.

وبينما يقصد الحجيج مكة المكرمة، في الأول من ذي الحجة كل عام؛ ليؤدوا مناسك الحج، ويقفون على جبل عرفات، يقصد الصوفية «حميثرة» قاطعين مئات وربما الآلاف الأميال في جوف الصحراء؛ ليظفروا بزيارة ضريح الشاذلي؛ حيث المكان الذي مات فيه.

ليس عدد المشاركين الذي يتجاوز المليونين، ولا التزامن في التوقيت هو فقط ما يجعل حميثرة منافسًا للحج بمكة المكرمة، ولكن أيضًا الطقوس التي يقوم بها المتصوفة من طواف حول ضريح الشاذلي وصعود لجبل حميثرة؛ فكما يطوف حجاج مكة حول الكعبة ويصعدون عرفات، يطوف الصوفية حول ضريح الشاذلي، ويصعدون حميثرة، ويمكثون فوق هذا الجبل حتى غروب شمس التاسع من ذي الحجة.

وعلى الرغم من القناعة التي يحملها المتصوفة تجاه هذه الطقوس، فإنها جلبت عليهم اتهامات بالشرك؛ ما دفع الواعون منهم لنفي مساواة مولد الشاذلي بالحج إلى مكة المكرمة، البسطاء من ناحيتهم لم يعبؤوا بكل هذه الاتهامات؛ إذ مازالوا يصحبون أطفالهم إلى قلب الصحراء للاستقرار هناك عند جبل حميثرة؛ حيث السعي والطواف، وتبرر الطرق الصوفية إصرارهم على تقليد طقوس الحج من قبل أتباعها بشوق يحملونه نحو عرفات وتمنعهم عنه ظروف مادية.

وتعتبر محافظات الصعيد جنوبي مصر، أكثر المحافظات التي يخرج منها المتصوفة قاصدين مولد الشاذلي؛ وذلك لقرب المسافة، إلا أن ذلك لا يمنع وجود صوفية من محافظات الدلتا والإسكندرية؛ حيث أقصى الشمال المصري.

وإلى جوار المصريين، يوجد صوفية من المغرب العربي الذين قطعوا مسافات من بلدانهم لحضور مولد الشاذلي المغربي الأصل.

والشاذلي، هو رجل دين وزاهد مغربي، ولد في المغرب بقرية «غمارة» عام 1197، وتعلم في تونس، ثم اتجه إلى العراق ليلتقي مشايخ التصوف، والذين كان من أبرزهم: أبوالفتح الواسطي، التلميذ المقرب للإمام أحمد الرفاعي، الزاهد العراقي، مؤسس الطريقة الرفاعية (أحد أكبر الطرق الصوفية في المنطقة العربية)، وعقب رحلته إلى العراق عاد إلى المغرب، ثم ذهب إلى تونس، وهناك ذاع صيته والتف حوله آلاف المريدين، ثم جاء إلى الإسكندرية؛ ليلقيَ فيها دروسًا دينيةً نشر من خلالها طريقته «الشاذلية»، التي تُعتبر أحد أكبر الطرق الصوفية الآن في مصر.

ويختص «الشاذلي» عن غيره من أولياء الصوفية بأنه لم يكن يلزم نفسه ولا أتباعه بارتداء ملابس الفقراء، فلم يُرْوَ عنه أنه اشترط على تلاميذه أن يرتدوا ثيابًا مهلهلةً أو ما شابه، بل قال لأحدهم: «اعرف الله وكن كيف شئت».

من جانبها، أعلنت طرق صوفية، منها «الهاشمية»، في بيانٍ لها، نيتها المشاركة في مولد «أبوالحسن الشاذلي»، المعروف إعلاميًّا بـ«الحج الأصغر»، وقال مصطفى الهاشمي، شيخ الطريقة الهاشمية المدنية: إن الاحتفال يتزامن موعده مع عيد الأضحى المبارك؛ حيث سيشارك مريدو الطريقة ويقيمون الخيام والسرادقات ويذبحون الذبائح في يوم العيد.

شارك