نقلًا عن لوموند.. «المرجع» ينشر مقال المفوض الأوروبي للأمن
الثلاثاء 28/أغسطس/2018 - 02:57 م
طباعة
سير جوليان كينغ
في مقال نُشِرَ على صفحات "لوموند"، كشف المفوض الأوروبي للأمن، سير جوليان كينغ عن نشره قريبًا لمسودة قانون أوروبي يفرض على جميع المنصات سلسلة من المعايير؛ للحدِّ من الدعاية لتنظيم «داعش» على شبكة الإنترنت، وينشر "المرجع" نسخة مترجمة لمقال "كينغ" الذي قال فيه:
لا يمكن تجاهل التهديد الذي يمثله الإرهاب على أوروبا؛ حيث لا تزال راسخة في ذهني الذكرى التي كنتُ شاهدًا عليها حين تنقلت إلى مكان الهجوم المأساوي الذي حدث في نيس الفرنسية منذ سنتين.
للأسف.. لا يمكن عزل هذا الحادث المأساوي، حيث أصبحت أوروبا في السنوات الأخيرة، مستهدفة من خلال عدة اعتداءات إرهابية، وتعد فرنسا من الدول الأعضاء التي دفعت ثمنًا قويًّا بمجموع 245 ضحية بين 2015 و2018 في باريس، ومارسيليا، وتريبيس.. إلخ.
وتقريبًا في جميع الأحوال، لجأ جميع منفذي هذه الهجمات إلى الإنترنت لنشر رسائلهم التي تدعو للكراهية، أو تقديم معلومات حول كيفية اقتراف بشاعتهم أو الافتخار بالحصيلة المريعة.
وتبقى الدول الأعضاء في الصف الأول في ما يتعلق بمجال محاربة الإرهاب، لكن الاتحاد الأوروبي يلعب كذلك دورًا لدعم وتكملة العمل على المستوى الوطني، وبالخصوص حين يتعلق الأمر بمتابعة المحتويات ذات الطابع الإرهابي على الإنترنت، وهو إشكال يتجاوز -بطبيعة الحال- كل الحدود.
تتجلى العلاقة بين الإنترنت والإرهاب، حين جعل تنظيم داعش الإرهابي من هذه الأداة وسيلة لدعايته الكبيرة، ورغم تراجعه في الميدان، يبدو أن النشاطات الدعائية التي يمارسها التنظيم على النت مستمرة بنفس الوتيرة؛ حيث تم تسجيل ما يقارب 700 رسالة جديدة رسمية أنتجها التنظيم الإرهابي خلال شهر يناير فقط!
الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي
أولوية مطلقة
وحسب «أوروبول» تقوم 150 منصة رقمية– معظمها خارج حدود الاتحاد الأوروبي باستقبال محتويات ذات طابع إرهابي، بل تسهيل بثِّها، ومن بين هذه المنصات، شركات مختلفة تقترح خدمات إيواء، ونشر الملفات على مواقع التواصل الاجتماعي التقليدية.
من الجدير كذلك إثارة نقطة مهمة، وهي أن هذه المحتويات ذات الطابع الإرهابي تبث بسرعة قصوى على الشبكة العنكبوتية؛ حيث تنتشر ثلاثة أرباع من المحتويات الدعائية لتنظيم داعش في غضون أربع ساعات من على وضعها على الإنترنت.
لذلك تُشَكِّل متابعة المحتويات ذات الطابع الإرهابي على النت أولوية مطلقة، وهي مسؤولية تقع على المنصات الرقمية التي تأوي هذه المواد –عادة عن غير قصد ودون علمها- وهي أيضا مسؤولية السلطات الحكومية، سواء في الدول الأعضاء أو على المستوى الأوروبي.
وتَبَنَّى الاتحاد الأوروبي -حتى الآن- مبدأ التطوع في ما يتعلق تعاونه مع المنصات الرقمية، كما فعلت في ندوة الاتحاد الأوروبي حول الإنترنت في ديسمبر 2017، وقبل ذلك في سبتمبر 2017؛ حيث قدمنا مداخلة تلتها في مارس 2018 توصيات تتضمن الإجراءات الخاصة الواجب تبنيها من قبل المنصات الرقمية.
تحديات مهمة
وعليه، كَثَّفَت بعض المنصات من جهودها وتتجاوب اليوم بشكل أسرع مع الإنذارات التي ترسلها لها الوحدة الخاصة مكتب الشرطة الأوروبية «الأوروبول»؛ حيث نُقَدِّر الجهود المقدمة في هذا السياق ونحييها، لكن لا يجب الاكتفاء بذلك، بل يجب دعوة عديد المنصات للالتزام في هذا المجال؛ حيث قمنا في شهر مارس الماضي بإعطاء مهلة ثلاثة أشهر لجميع الأطراف المعنية من أجل تحقيق الأهداف المحددة.
ورغم التقدم الملحوظ في ما يخص بعض النقاط، لا تزال هناك تحديات مهمة وجب مواجهتها، يجب علينا من الآن العمل بصرامة من أجل حماية مواطنينا، وعلى وجه الخصوص دعت فرنسا إلى وضع إجراءات أكثر عمقًا على مستوى الاتحاد، واستكمالا للمبدأ التطوعي تعمل اللجنة حاليًّا على مسودة قانون، سننشرها في المستقبل القريب؛ حيث وُضِعَت في نطاق الاحترام الضيق للحقوق الأساسية، وحرية التعبير على الإنترنت.
أحكام فعالة وناجعة
يتمثل هدفنا من خلال هذا القانون في وضع تطبيق فعال للإجراءات التي نشجعها حتى الآن؛ حيث طلبنا من هذه المنصات ضمن التوصيات التي ألقيناها في شهر مارس، بسحب جميع المحتويات ذات الطابع الإرهابي، وذلك في ظرف ساعة من الزمن، بعد إشعار سلطات إنفاذ القانون، ناهيك عن وضع إجراءات استباقية للسماح، خاصة بكشف آلي متطور، ومنع إعادة نشر المحتويات ذات الطابع الإرهابي بعد حذفها بشكل تلقائي، وطلبنا من جميع الفاعلين المعنيين التعاون من أجل تحقيق هذه الأهداف.
نحن لا نَصُبُّ مسؤولياتنا في القطاع الخاص، وعلى الدول الأعضاء أن تتحمل هي كذلك حصتها من المسؤولية، بالحرص على وضع قواعد فعالة وناجعة من خلال إنشاء وحدات حكومية مكلفة بالإخطار عن المحتويات ذات الطبع الإرهابي على الإنترنت.
لقد واجهت مدينة نيس بمرونة مبهرة الأحداث الفظيعة التي ضربتها منذ سنتين، لكن يجب ألا ننسى هذه الاعتداءات ولا غيرها؛ لأن التهديد الإرهابي لا يزال حقيقيًّا في أوروبا؛ حيث لا يجب علينا أن نتخاذل أو نبالغ في ثقتنا بأنفسنا ونحن نواجه ظاهرة ظلامية ومدمرة.
يبقى الإنترنت للأسف أداة أساسية بالنسبة للشبكات الإرهابية التي تلجأ إليها لنشر التطرف، وتجنيد عناصر جديدة لتنفيذ العمليات الشنيعة، لقد آن الأوان للمضي بعيدًا من أجل منعهم من ذلك».
لا يمكن تجاهل التهديد الذي يمثله الإرهاب على أوروبا؛ حيث لا تزال راسخة في ذهني الذكرى التي كنتُ شاهدًا عليها حين تنقلت إلى مكان الهجوم المأساوي الذي حدث في نيس الفرنسية منذ سنتين.
للأسف.. لا يمكن عزل هذا الحادث المأساوي، حيث أصبحت أوروبا في السنوات الأخيرة، مستهدفة من خلال عدة اعتداءات إرهابية، وتعد فرنسا من الدول الأعضاء التي دفعت ثمنًا قويًّا بمجموع 245 ضحية بين 2015 و2018 في باريس، ومارسيليا، وتريبيس.. إلخ.
وتقريبًا في جميع الأحوال، لجأ جميع منفذي هذه الهجمات إلى الإنترنت لنشر رسائلهم التي تدعو للكراهية، أو تقديم معلومات حول كيفية اقتراف بشاعتهم أو الافتخار بالحصيلة المريعة.
وتبقى الدول الأعضاء في الصف الأول في ما يتعلق بمجال محاربة الإرهاب، لكن الاتحاد الأوروبي يلعب كذلك دورًا لدعم وتكملة العمل على المستوى الوطني، وبالخصوص حين يتعلق الأمر بمتابعة المحتويات ذات الطابع الإرهابي على الإنترنت، وهو إشكال يتجاوز -بطبيعة الحال- كل الحدود.
تتجلى العلاقة بين الإنترنت والإرهاب، حين جعل تنظيم داعش الإرهابي من هذه الأداة وسيلة لدعايته الكبيرة، ورغم تراجعه في الميدان، يبدو أن النشاطات الدعائية التي يمارسها التنظيم على النت مستمرة بنفس الوتيرة؛ حيث تم تسجيل ما يقارب 700 رسالة جديدة رسمية أنتجها التنظيم الإرهابي خلال شهر يناير فقط!
الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي
أولوية مطلقة
وحسب «أوروبول» تقوم 150 منصة رقمية– معظمها خارج حدود الاتحاد الأوروبي باستقبال محتويات ذات طابع إرهابي، بل تسهيل بثِّها، ومن بين هذه المنصات، شركات مختلفة تقترح خدمات إيواء، ونشر الملفات على مواقع التواصل الاجتماعي التقليدية.
من الجدير كذلك إثارة نقطة مهمة، وهي أن هذه المحتويات ذات الطابع الإرهابي تبث بسرعة قصوى على الشبكة العنكبوتية؛ حيث تنتشر ثلاثة أرباع من المحتويات الدعائية لتنظيم داعش في غضون أربع ساعات من على وضعها على الإنترنت.
لذلك تُشَكِّل متابعة المحتويات ذات الطابع الإرهابي على النت أولوية مطلقة، وهي مسؤولية تقع على المنصات الرقمية التي تأوي هذه المواد –عادة عن غير قصد ودون علمها- وهي أيضا مسؤولية السلطات الحكومية، سواء في الدول الأعضاء أو على المستوى الأوروبي.
وتَبَنَّى الاتحاد الأوروبي -حتى الآن- مبدأ التطوع في ما يتعلق تعاونه مع المنصات الرقمية، كما فعلت في ندوة الاتحاد الأوروبي حول الإنترنت في ديسمبر 2017، وقبل ذلك في سبتمبر 2017؛ حيث قدمنا مداخلة تلتها في مارس 2018 توصيات تتضمن الإجراءات الخاصة الواجب تبنيها من قبل المنصات الرقمية.
تحديات مهمة
وعليه، كَثَّفَت بعض المنصات من جهودها وتتجاوب اليوم بشكل أسرع مع الإنذارات التي ترسلها لها الوحدة الخاصة مكتب الشرطة الأوروبية «الأوروبول»؛ حيث نُقَدِّر الجهود المقدمة في هذا السياق ونحييها، لكن لا يجب الاكتفاء بذلك، بل يجب دعوة عديد المنصات للالتزام في هذا المجال؛ حيث قمنا في شهر مارس الماضي بإعطاء مهلة ثلاثة أشهر لجميع الأطراف المعنية من أجل تحقيق الأهداف المحددة.
ورغم التقدم الملحوظ في ما يخص بعض النقاط، لا تزال هناك تحديات مهمة وجب مواجهتها، يجب علينا من الآن العمل بصرامة من أجل حماية مواطنينا، وعلى وجه الخصوص دعت فرنسا إلى وضع إجراءات أكثر عمقًا على مستوى الاتحاد، واستكمالا للمبدأ التطوعي تعمل اللجنة حاليًّا على مسودة قانون، سننشرها في المستقبل القريب؛ حيث وُضِعَت في نطاق الاحترام الضيق للحقوق الأساسية، وحرية التعبير على الإنترنت.
أحكام فعالة وناجعة
يتمثل هدفنا من خلال هذا القانون في وضع تطبيق فعال للإجراءات التي نشجعها حتى الآن؛ حيث طلبنا من هذه المنصات ضمن التوصيات التي ألقيناها في شهر مارس، بسحب جميع المحتويات ذات الطابع الإرهابي، وذلك في ظرف ساعة من الزمن، بعد إشعار سلطات إنفاذ القانون، ناهيك عن وضع إجراءات استباقية للسماح، خاصة بكشف آلي متطور، ومنع إعادة نشر المحتويات ذات الطابع الإرهابي بعد حذفها بشكل تلقائي، وطلبنا من جميع الفاعلين المعنيين التعاون من أجل تحقيق هذه الأهداف.
نحن لا نَصُبُّ مسؤولياتنا في القطاع الخاص، وعلى الدول الأعضاء أن تتحمل هي كذلك حصتها من المسؤولية، بالحرص على وضع قواعد فعالة وناجعة من خلال إنشاء وحدات حكومية مكلفة بالإخطار عن المحتويات ذات الطبع الإرهابي على الإنترنت.
لقد واجهت مدينة نيس بمرونة مبهرة الأحداث الفظيعة التي ضربتها منذ سنتين، لكن يجب ألا ننسى هذه الاعتداءات ولا غيرها؛ لأن التهديد الإرهابي لا يزال حقيقيًّا في أوروبا؛ حيث لا يجب علينا أن نتخاذل أو نبالغ في ثقتنا بأنفسنا ونحن نواجه ظاهرة ظلامية ومدمرة.
يبقى الإنترنت للأسف أداة أساسية بالنسبة للشبكات الإرهابية التي تلجأ إليها لنشر التطرف، وتجنيد عناصر جديدة لتنفيذ العمليات الشنيعة، لقد آن الأوان للمضي بعيدًا من أجل منعهم من ذلك».