في هجرة مسيحيو الشرق ..لبنان تكسر القاعدة مع توقع بارتفاع نسبتهم
الثلاثاء 23/أكتوبر/2018 - 11:17 ص
طباعة
روبير الفارس
في الوقت الذى تعلن فيه معظم الاوساط السياسية والاكاديمية تناقص اعداد المسيحيين في الشرق الاوسط سواء نتيجة الظروف الاقتصادية او تطرف وتعصب تيارات الاسلام السياسي ضدهم خالفت دراسة اكاديمية ذلك حيث اكدت علي ارتفاع اعداد المسيحيين في لبنان مستقبلا
هجرة المسيحيين
المعتاد في الدراسات المتدوالة ان عدد المسيحيين في الشرق الأوسط آخذ في الانخفاض بسبب الهجرة واسعة النطاق بسبب الاضطهادات ومعاداة المسيحية أو بسبب العوامل الاقتصادية والصراع السياسي والعسكري، والشعور بعدم الأمان أو العزلة بين السكان بسبب كونهم أقلية. كما تم ارتفاع معدل الهجرة بين المسيحيين، مقارنة مع المجموعات الدينية الأخرى، يعزى إلى وجود شبكات مسيحية شرق أوسطية أقوى وداعمة في الخارج، في شكل مجتمعات المهاجرين.
لبنان
وقبل الدراسة الحديثة فقد شهد لبنان عملية نزوح كبيرة من المسيحيين اللبنانيين. واالذين هاجروا إلى أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا وأستراليا قبل وأثناء وبعد الحرب الأهلية اللبنانية 1975-1992. وقد ساهمت معدلات المواليد العالية عند المسلمين، ووصول اللاجئين الفلسطينيين، وبسبب الهجرة والتهجير انخفضا نسبة المسيحيون في لبنان من 65% إلى 40%. مع الاعتبار بالنفوذ الكبير الذى يلعبه المسيحيون في الثقافة والسياسة والمجتمع.وفجأت دراسة حديثة أعدتها مجموعة من الباحثين والأكاديميين برئاسة الدكتور وسام راجي، رئيس قسم الرياضيات في الجامعة الأمريكية ببيروت وهي «دراسة ديموغرافية» خلصت الى أن عدد المسيحيين سيرتفع مجددا في لبنان وفق أدلة وبراهين نالت موافقة مراجع علمية عدة في العالم.
واستندت الدراسة الى محورين أساسيين للوصول الى الاستنتاج أن نسبة المسيحيين ستزداد في المستقبل القريب وهما الهجرة ومعدل الخصوبة.
وبينت الدراسة أن الهجرة عند الطوائف الإسلامية تزيد قليلا عن الهجرة عند الطوائف المسيحية على عكس ما هو شائع. وقال «أما بالنسبة الى معدل الخصوبة، فإن انحداره عند الطوائف الإسلامية من 5.44 في العام 1971 الى 1.82 في العام 2004، قد أدى الى تقليص الفارق بينه وبين معدل الخصوبة عند المسيحيين، ما سيؤدي الى ارتفاع نسبة المسيحيين. لكن التحدي الأكبر يبقى في وعي المغتربين لجهة تسجيل أسماء أولادهم في لبنان».
وأشار الى أن الهجرة اليوم لا تعتمد فقط على المسافة كما في السابق، بسبب سرعة الانتقال من مكان الى آخر اليوم على عكس الماضي، بل أصبحت وفق فرصة العمل التي سيحصل عليها اللبناني المهاجر في الدولة التي سافر إليها.
وعن خريطة ارتفاع عدد المسيحيين، قال راجي «بحسب الدراسة من المتوقع أن يصل معدل المسيحيين عام 2030 الى نحو 38%، وفي العام 2054 الى نحو 39%، وعلى لوائح الشطب الى نحو 40% عام 2030 ونحو 41.12% عام 2054».
وأضاف «إنها عملية حسابية اعتمدت على عوامل ديموغرافية واجتماعية وسياسية عدة، فانحدار نسبة الأمية وتأخير سن الزواج وارتفاع الهجرة الداخلية من القرى الى المدن والتأثير المباشر للعولمة، كلها عوامل ساهمت بانحدار معدل الخصوبة عند الطوائف الإسلامية التي بدأت تنخفض بعد العام 2001، لكن هذا التغيير لن يبدأ بالظهور فعليا على لوائح الشطب قبل العام 2025 أي بعد 21 عاما».
وفي خلاصة هذه الدراسة، يمكن القول انه مهما تغيرت الأعداد وتبدلت فإن من الواضح أن أي نظام سياسي وبخاصة في لبنان يجب ألا يتعلق بالنسب العددية.
فبالإضافة الى أن النظام اللبناني هو ديموقراطي توافقي ذو طابع مختلف عن الديموقراطيات المعهودة، فإن عنصر التأثير السياسي لا يقتصر فقط على العدد بل على قدرة التأثير الاقتصادية والصحية والعلمية والاجتماعية وغيرها، ومازال المسيحيون في لبنان ذا تأثير كبير جدا ضمن هذه العوامل المذكورة.
فلسطين
أدّى إنشاء دولة إسرائيل و هجرة يهود العالم إلى إسرائيل، سببًا لتهجير المسيحيين، ازدادت هجرة المسيحيين مع حرب 1948 وحرب 1967. كانت أولى وجهات المغترب المسيحي أمريكا اللاتينية، بالاضافة إلى أمريكا الشمالية وأستراليا وأوروبا ، واليوم يعيش أغلب الفلسطينيين المسيحيين خارج فلسطين التاريخية. تشير التقديرات إلى 35% من مسيحيون إسرائيل والأراضي الفلسطينية هاجروا منذ عام 1967.
وفي بيت لحم أنخفضت أعداد المسيحيين في المدينة بشكل مُطرد، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى الهجرة. انخفاض معدل المواليد من المسيحيين يمثل أيضًا سببًا للإنخفاض. في عام 1947، بلغت نسبة المسيحيين حوالي 85%، ولكن بحلول عام 1998 انخفضت النسبة إلى 40%. في عام 2005، وضح رئيس بلدية بيت لحم فيكتور بطارسة أن "نتيجة للتوتر سواء الجسدي أو النفسي والحالة الاقتصادية السيئة، كثير من الناس يهاجرون، سواء مسيحيين أو مسلمين، لكن الهجرة أكثر أنتشارًا بين المسيحيين، لأنهم بالفعل هم أقلية.
العراق
كان لانتقال السلطة إلى أيدي الإسلاميين الشيعة في العراق منذ الإطاحة بنظام صدام حسين واقع صعب بالنسبة للمجتمعات المسيحية في العراق. وقد أدى الاحتكاك بين الطوائف المتناحرة في العراق في كثير من الأحيان إلى أعمال العنف الموجهة ضد المسيحيين. وبناء على ذلك، كان هناك موجات هروب للمسيحيين من بعض المناطق إلى أوروبا وإلى الولايات المتحدة. منذ عام 2003، فر مئات الآلاف من مسيحيي العراق، فبعدما كان عدد المسيحيين يصل إلى 1,400,000 قبل حرب العراق فقد انخفض الرقم إلى 500,000 ولا تزال الأرقام مستمرة في التناقص. بين عامي 2003 و2012 تعرضت للقصف أكثر من 70 كنائس. في عام 2007 قتل متشددو القاعدة كاهن شاب في مدينة الموصل، وقتل في عام 2010 إرهابيين 53 مسيحي سرياني في مجرزة سيدة النجاةوعلى الرغم من أن الآشوريين يشكلون 3% من سكان العراق، في تشرين الأول 2005، إلى أن مفوضة الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين تشير إلى ان الذين لجؤء 700,000 عرافي في سوريا بين أكتوبر 2003 ومارس 2005، كان منهم 36% "مسيحيين عراقيين".وتشهد بعض مدن العراق حاليا عودة بعض المهجرين والنازحين بعد الهزيمة العسكرية التى لحقت بتنظيم داعش الارهابي
مصر
بدأت أولى موجات هجرة الأقباط للخارج بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 مباشرة، ومع صدور قانون التأميم، لاسيما أن الأقباط كانوا أكثر المصريين ثراء، وبعد إنتزاع بعض أملاكهم سارعوا للهجرة إلى دول أميركا وأوروبا وكندا،ثم توالت الموجات مع إندلاع أي حادث له صبغة طائفية، وشهدت الفترة التي حكم الرئيس الراحل أنور السادات – السبيعينات من القرن الماضي - العديد من موجات الهجرة،غير أنها زادت في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، لاسيما بعد تردي الأحوال الإقتصادية، بينما كان أيضًا سبب ظاهري آخر وهو المعاناة من الإضطهاد الديني.
ثلاثة أسباب يمكن وضعها ركائز رئيسية لأسباب هجرة المسيحيين، الأول ممثلة بالعامل الاقتصادي وتدهور الحالة المعيشية وهو بكل الأحوال يفتح مجالاً لهجرة عامة غير أنها أعلى في أوساط المسيحيين، العامل الثاني يتمثل "بالتفريق في المعاملة" بين المسيحيين وسواهم والثالث هو تصاعد الحركات الأصولية الإسلامية كما حصل أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات في مصر. لا يزال الأقباط يحتفظون بالطقوس الشرقية كاملة، وتنظم شؤونهم الكنيسة ما يُعرف في الكنائس الشرقية عامة باسم "أبرشيات المغترب"، مثال على ذلك كل من الكنيسة البريطانية الأرثوذكسية والكنيسة الفرنسية القبطية الأرثوذكسية وهي ضمن كنيسة الإسكندرية، ولكنها تعتبر مستقلة إدارياً.
وأثار عدد من الإسلاميين الجدل عقب وصفهم للمسيحيين بالكفار على التلفزيون ومطالبتهم بدفع الجزية. في أكتوبر 2011 تبنى البرلمان الأوروبي مشروع قرار اتهم فيه مصر باضطهاد السكان المسيحيين. وبعد تولي محمد مرسي رئاسة الدولة بحلول منتصف عام 2012 كان 10,000 مسيحي قد فر من البلاد
تركيا
قدّرت نسبة المسيحيين في تركيا في بداية القرن العشرين بين 18%-33% وذلك بحسب مصادر مختلفة. بدأت أولى موجات الهجرة لمسيحيون تركيا مع تهجير أعداد كبيرة من الأرمن إلى سوريا ولبنان والموصل، وكان التهجير يتم بطريقة بدائية مما أدى إلى موت حوالى 300 ألف من المهاجرين في الطريق من الجوع والبرد والمرض إضافة لتعرضهم لهجومات مستمرة من السكان المحليين. إنخفضت أعداد المسيحيين بسبب المذابح ضد الأرمن وضد الطوائف المسيحية الأخرى منها الآشوريين والسريان واليونانيين البونتيك؛ بسبب التهجير والهجرة الطوعيّة تضائل عدد المسيحيين مثلًا في إسطنبول وحدها من 450,000 نسمة إلى 240,000 شخص من سنة 1914 حتى سنة 1927
وقامت تركيا بعملية التبادل السكاني لليونانيين الأرثوذكس مما أدى إلى ترانسفير 2.5 مليون مسيحي من المنتمين للكنيسة اليونانية الأرثوذكسية؛ تسارعت هجرة مسيحيين إسطنبول عشية عام 1942 حيث تم فرض ضرائب باهظة على المواطنين الأثرياء والتي استهدفت بشكل خاص المسيحيين واليهود الذين كانوا يسيطرون على جزء كبير من الاقتصاد التركي؛ وعقب بوغروم إسطنبول عام 1955 أدّت هذه الأحداث إلى هجرة أغلبيّة مسيحيين إسطنبول، بسبب نهب الكنائس وقتل السكان المحليين من المسيحيين، فقد حرقت خلال بوغروم إسطنبول بطريركية القسطنطينية مركز الكنيسة الأرثوذكسية والعديد من المنازل والمشاغل والمصالح التي يملكها يونانيون وارمن، ما أدى إلى هجرات كثيفة مسيحية ويهودية. كما ارتفاع الاضطهاد ضد المسيحيين في ظل حكم اردوغان الذى فتح تركيا لاستقبال الجماعات الارهابية التى تثير التعصب ضد المسيحيين وعلي راسها جماعة الاخوان المسلمون
إيران
تقلص عدد مسيحيون إيران من 5 بالألف إلى 1 بالألف منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979. أدت ثورة الإمام الخميني إلى هجرة الكثير من المسيحيين خصوصاً بعد حرب الثماني سنوات مع العراق وصراع إيران مع الولايات المتحدة الأميركية اضافةً إلى ان توجهات الثورة الإسلامية نحو اسلمة المحتمع الإيراني دفعت أكثر من ثلثي مسيحي إيران للرحيل إلى الخارج. وعدد المسيحيين بايران حاليا لايتجاوز 150 الفا
سوريا
كان مسيحيو سوريا يشكلون نحو 30% من السكان مطلع القرن العشرين، وترتفع نسبتهم في دمشق وحمص واللاذقية والجزيرة الفراتية لتتجاوز ثلث السكانومنذ منتصف القرن العشرين أصيبت المسيحية السوريّة بدورها بالهجرة. وتسببت الحرب المندلعة في سوريا وسيطرة داعش وجبهة النصرة علي بعض الاحياء في هجرة الالاف من مسيحيى سوريا