‏بعد داعش.. الماء الملوث يهدد وجود المندائين بالعراق

الخميس 25/أكتوبر/2018 - 01:37 م
طباعة ‏بعد  داعش.. الماء روبير الفارس
 

بعد هزيمة تنظيم داعش الارهابي عسكريا في العراق تعيش الأقلية المندائية تهديدا جديدا يتمثل في التلوث الذى تعاني منها المياة التى يستخدمونها في صلواتهم .فبعد القتل والخطف الذى اقدم عليه داعش جاء التلوث ليقضي علي اعدادهم القليلة وقد  اصدرت الامانة العامة لهيئة الدفاع عن اتباع الديانات والمذاهب في العراق  بيانا اعربت فيه عن قلقها البليغ من محاولات اندثار اعرق ديانة في التاريخ البشري والعبث بحضارة العراق قديما وحديثا. وتطالب الامانة انقاذ الاخوة والاخوات المندائيين، واحترام قدسية طقوس وشعائر ديانتهم، وذلك بسب تلوث المياة التى يستخدمونها في طقوسهم وتحمل مسؤولية تنظيف وتنقية المياه وحماية الاماكن التي يتواجدون فيها.وجاء نص البيان "  يتفق الجميع على اهمية وضرورة الماء في حياة الانسان، وما لها من مكانة وقدسية في كافة الديانات،وعلى مر العصور.والديانة المندائية هي احدى تلك الديانات، التي تمارس طقوسها ومنذ الازل على ضفاف الانهار والمياه الجارية لنقاوتها.وموطن المندائيين هو العراق، ديانتهم سماوية ونبيهم يحيى بن زكريا، يمارسون طقوسهم ومناسباتهم الدينية في المندي وهو اسم المعبد المندائي الذي يطل عادةعلى ضفاف النهر لممارسة وطقوس التعميد حسب معتقدهم، وهذه الطقوس مقدسة ومباركة عندهم ويتوجب ان تتم في مياه  نظيفة ونقية. غير ان هذه الطقوس تتعرض اليوم الى الخطر بسبب تفاقم تلوث مياه النهرينالعظيمين وكثرة  الاوساخ والقاذورات ومتبقيات المواد الكيمياوية للمعامل، وتراكمها على طول جريان المياه، اضافة الى ماترميه بعض المستشفيات من متخلفات العمليات الجراحية والاوساخعلى ضفاف نهر دجلة، وهذا ما يمنع ويحرم الاخوة المندائيين من ممارسة طقوسهم الدينية بتلك المياه الملوثة المتعفنة، رغم تكرار مفاتحة الجهات المسؤولة ومطالبتها منها حتى باتخاذ الاجراءات الفورية وايقاف هذه الكارثة البيئية التي لم تسلم الكائنات المائية  وبالخصوص الثروة السمكية.ان تلوث المياه وجفاف الاهوار في المناطق التي يقطنها الاخوة المندائيين، عَرَض ويُعرِض اتباع هذه الديانة الى الانقراض في العراق، حيث لم يبق في البلد منهم سوى عشرة  الاف من اتباع الديانة المندائية، وهذا عدد ضئيل جدا لديانة توحيدية تتعرض الى الممارسات الاجرامية والقتل على الهوية والتهجير القسري التي تعرض لها اتباع الديانات
المختلفة، وخاصة المندائيين ما بعد سنة ٢٠٠٣ حيث انتهكت مراكزهم الدينية والاجتماعية وتعرضت للتخريب والهدم.

ان الامانة العامة لهيئة الدفاع عن اتباع الديانات والمذاهب في العراق، إذ تعلن عن قلقها البليغ من محاولات اندثار اعرق ديانة في التاريخ البشري والعبث بحضارة العراق قديما وحديثا. وتطالب الامانة انقاذ الاخوة والاخوات المندائيين، واحترام قدسية طقوس وشعائر ديانتهم،وتحمل مسؤولية تنظيف وتنقية المياه وحماية الاماكن التي يتواجدون فيها."

المندائيون بين داعش والتكفير 

المندائيون في العراق ساميون يتكلمون اللغة المندائية، وهي لهجة آرامية بالإضافة لتكلمهم اللغة العربية.
حسب رأي ومعتقد الديانة المندائية فإنها تعتبر أحد الأديان الإبراهيمية وهي أصل جميع تلك الأديان التوحيدية السابقة وهي حسب رأيهم من أول الأديان القديمة، وقد كانوا منتشرين في منطقة بلاد الرافدين وفلسطين، ولا يزال بعض الصابئة المندائيين موجودين في العراق خصوصا في بغداد في حي الدورة ومدن الجنوب مثل الناصرية والعمارة وقلعة صالح والبصرة، كما أن هناك تواجد للصابئة في المدن الحدودية في إيران في الأحواز والمحمرة امتدادا لتواجدهم في العراق، إلى الآن ويطلق عليهم في اللهجة العراقية "الصبّة".

يذكر في مخطوطة هران گويثا (أو حران الداخلية) وجود المندائيين في العراق فترة حكم أردوان الخامس ملك فرثيا، ووصفت المخطوطة المندائيين باسم الناصورائيين، وهم أتباع النبي يحيى، والذين هاجروا من فلسطين إلى في نهاية القرن الميلادي الأول بسبب تعرضهم للاضطهاد والبطش والقتل من قبل اليهود. ويشار إلى ان هجرة بعض الصابئة من فلسطين نحو العراق لا يعني خلوه من الصابئة قبل الهجرة، لأن الدلائل التاريخية تشير إلى تواجد الصابئة في جميع مناطق الشرق القديم منذ قبل الميلاد وهجرة صابئة فلسطين نحو المناطق الشرقية كان على الأرجح لوجود انتشار صابئي كبير سبق هجرتهم إلى تلك المناطق. كما تذكر المخطوطة خروج أنش بن دنقا رئيس امة الصابئين حينها للقاء القائد العربي الذي حرر أرض العراق بعد معركة القادسية أي سعد بن أبي وقاص.

كان المندائيون في العراق المجموعة الأكبر والأهم في العالم، فمن بين 75000 مندائي حول العالم، كان هنالك ما بين 30000 إلى 50000 منهم في العراق وينتشرون غالبا على ضفاف نهري دجلة والفرات.

كما كان المندائيون يعدون من الناجحين من الناحية الاقتصادية بسبب عملهم بالفضة والذهب. كما منحتهم رئاسة جمهورية العراق في عام 2001 تسمية طائفة العراق الذهبية وذلك لدورهم العلمي والمعرفي والفني الفاعل في بناء الدولة العراقية الحديثة.
بدأت هجرة المندائيين من العراق خلال فترة حكم صدام حسين، لكن الهجرة تسارعت بعد الغزو الأمريكي عام 2003 نتيجة للاحتلال،فقد تعرض المندائيون مثل غيرهم من الأقليات مثل المسيحيين واليزيديين وغيرهم إلى تهديدات واعتداءات وحالات خطف وقتل مما أجبرهم على الهجرة] كما تعرض المندائيون مثل بقية العراقيين للخطف بسبب عمل كثير منهم في صياغة الذهب. كما أن الديانة المندائية ذات طبيعة مسالمة وتحرم العنف واستعمال السلاح
وتزايدت معاناة اتباع الديانة الصابئة المندائية بعد تكوين داعش فصاروا يواجهون  كل أشكال الاضطهاد والخوف والقتل والتهجير، خاصة بعد اطلاق صفة (الكفار) عليهم ومن هذا الاتهام  بنهجهم فقتله حلال.
كما يحرم الصابئة في العراق من تبوء مراكز قيادية أو بسيطة بسبب المحاصصة السياسية  كما يحرمون من الامن نتيجة خلل الاوضاع الامنية، فأصبح الصابئة اكثر الفئات تعرضا  للاختطاف والابتزاز المادي والقتل وتشويه الجثث لنشر الذعر في قلوبهم ودفعهم للهجرة، خاصة وان اغلب المندائيين يشتغلون بصياغة الذهب، والتي حولتهم إلى أهداف جاهزة للصوص والقتلة والمجرمين والميليشيات وطلاب الفدية .
ومن ينجوا منهم من القتل من خلال الارهاب والتكفير يواجه أخطار دخول عصابات للبيوت وسرقتها وتهديد العوائل المندائية بالسلاح بأنهم اقلية ويسهل استهدافهم، فقد قتل العشرات والمئات من المندائيين في محافظات بغداد وميسان والبصرة وكركوك والناصرية وتم خطف كثير من المندائيين ومقايضتهم بالمال وقتله .
أما أطفالهم فيعيشون في خوف دائم خلال ذهابهم للمدراس بسبب النظرة الدونية لهم  وتحليل قتلهم، ولا يسمح لهم ذويهم باللعب في الشارع خوفا عليهم .الازمة الانسانية التي يعيشها الصابئة في العراق تمتد لتشمل اختطاف وتغييب عديدة للمندائيات فلم تستطع عائلاتهن من الاستدلال على مصيرهن، فضلا عما يواجهون  في المدارس والجامعات من مضايقات.وبعد هزيمة داعش اصبح تهديدهم من المياة الملوثة.

تهديد وجودهم 

يواجه المندائيون في العراق خطر غيابهم كليا عن البلد،فأعدادهم التي كانت تبلغ 60000 نسمة خلال فترة تسعينات القرن العشرين، فقد انخفضت إلى ما بين 5000 إلى 10000 فردا متبقيا هناك، ففي عام 2007، كان حوالي 80٪ من المندائيين لاجئين في سوريا والأردن.يقدر عدد المندائيين حاليا 10000 مندائي في العراق.

شارك