النمسا ومواجهة الإخوان.. تقييد أنشطة الجماعة في فيينا وغراتس
الجمعة 12/أبريل/2019 - 02:56 م
طباعة
أميرة الشريف
في محاولات منها لتبرير فكرها ونهجها الإرهابي، تزعم جماعة الإخوان المسلمين بصفة مستمرة أن العنف كان أمرًا طارئا في عقيدتها، إلا أن النظر لأفكار ونهج المرشد المؤسس للجماعة حسن البنا نري بوضوح أن العنف والإرهاب جزء رئيسي في فكر الجماعة من أجل تحقيق أهدافها.
وبات تنظيم الإخوان في أوروبا، الذي بدأ من غراتس النمساوية وميونخ الألمانية ثم لندن قبل نحو 60 عاما، يواجه ضربات قوية خلال السنوات الخمس الماضية في عدة دول في القارة العجوز، أدت إلى انحصار نفوذه وتراجعه، وتقييد حرية حركة قياداته.
كما أن الضربات الأمنية التي وجهت للحركات السلفية المتطرفة ووضع عدد كبير منهم تحت رقابة الأمن أسهم أيضا في الحد من خطورتهم، حسب مراقبين.
وفي تقرير سابق للحكومة النمساوية، كشف عن استغلال جماعة الإخوان الإرهابية لأموال حكومة فيينا في نشر التطرف والإرهاب.
ويوثق التقرير، الذي عملت عليه وزارة الخارجية والمؤسسة الاستخباراتية، استغلال أموال الحكومة النمساوية في نشر التطرف بين الجاليات المحلية وفي المدارس، واستخدام الأراضي النمساوية كنقطة انطلاق لنشاط الجماعة الإرهابية في الدول العربية، وفق مجلة "المجلة" بنسختها الإنجليزية.
وذكر التقرير أن معلمي المدارس المنتمين لجماعة الإخوان، وهم يحصلون على رواتبهم من الحكومة النمساوية: "أفسدوا عقول الأطفال بأفكار استعلائية، وبخطاب ديني تحريضي، وبتوجهات تكفيرية".
وفي عام 2014 أمرت الحكومة البريطانية بإعادة النظر في أمر الجماعة، ووجودها في المملكة المتحدة، وكيف يجب تعامل السياسة الرسمية معها.
وكشف التقرير أن الجماعة استخدمت العنف بشكل انتقائي، وأحيانا الإرهاب، في السعي لتحقيق أهدافها المؤسسية"، وحذر من حديثها السياسي المخادع.
ونصح الحكومة البريطانية بأن تكون حذرة من التعامل مع التابعين للإخوان باعتبارهم شركاء.
وأشار التقرير إلى أن نتائج مشابهة بدأت في الظهور في أماكن أخرى من القارة.
وحصلت بعض المنظمات التي أنشأها وأدارها ناشطون من الجماعة على مكانة متميزة كممثلين للمجتمع الإسلامي في بلدانهم، رغم أفكارهم الإرهابية.
ليس هذا فقط، بل سيطرت الجماعة على بعض أكبر المساجد والمدارس الإسلامية، وعملوا على إعادة توطين اللاجئين، ودربوا الأئمة الشباب على الوعظ باللغات المحلية، بحسب التقرير، وإذا كانت الأموال الأجنبية قد غذت نشاط الجماعة؛ فهذا يرجع إلى سذاجة الحكومات الأجنبية.
وكانت آخر الدول التي ظهرت فيها مخاوف متزايدة علنًا بشأن الجماعة هي النمسا، فمنذ فترة طويلة كانت الدولة ساحة لتخمر الإخوان، ويرجع ذلك إلى وصول يوسف ندا، أحد أبرز نشطاء الجماعة في الخارج، منذ حوالي 60 عامًا إلى مدينة غراتس النمساوية، ومنذ هذا الوقت، استقر الأعضاء البارزون لأفرع الجماعة المصرية والسورية والفلسطينية في النمسا، حيث عاشوا دون عوائق وتمتعوا بقاعدة عمل مريحة.
ويذكر أن مدينة غراتس النمساوية، استضافت الكثير من قادة جماعة الإخوان المسلمين، بعد التحقيق الذي بدأته الحكومة البريطانية في مارس 2014 بشأنِ أنشطة الإخوان المسلمين.
ورصد التقرير بالتفصيل والتحليل، العنف المتأصل في فكر التنظيم الإرهابي، منذ أن كان مجرد أفكار في ذهن البنا في عشرينيات القرن الماضي، مرورا بطرق تبرير العنف، وتطبيقه في دول عربية عدة مثل مصر واليمن وسوريا وليبيا.
ويعتبر تنظيم الإخوان الذي تأسس عام 1928، أبرز التنظيمات المتشددة التي تتستر وراء الدين، في العصر الحديث، وأكثر تمددا وتوسعا حول العالم، ويعد أول من أسس لفكر إباحة استخدام القوة والسلاح والقتل إن لزم الأمر في سبيل الوصول إلى السلطة.
ولكي نفهم فكرة العنف لدى الإخوان، فمن المهم الالتفات إلى أفكار البنا، التي تحدث عن تكفير الآخرين وشرعية استخدام القوة ضد الخصوم في سبيل الوصول إلى السلطة.
وكان معهد "جيت ستون" الأمريكي كشف في تقريرٍ له بتاريخ في يونيو 2014 عن أسباب قرار جماعة الإخوان المسلمين بنقل مقرها الدولي من لندن إلى النمسا، موضحة أن السبب هو تشريعاتها، حيث يكفل "قانون الإسلام" في النمسا الذي يرجع إلى العام 1912، مساحة كبيرة لحماية المنظمات الإسلامية بقدر لا تتمتع به أي دولة أخرى في أوروبا.
وأوضح المعهد في تقريره، أنّ النمسا تسمح وفقاً لقوانينها ودستورها بممارسة الدين الإسلامي وبوجود المنظمات الإسلامية، لكنها في الوقت ذاته تعرب عن قلقها، أو ربما تعارض بشكل كبير ما يسمى بالإسلام السياسي، فالدولة "تسمح بممارسة الشعائر لكنها ترفض استخدام الدين كأداة للسلطة".
ولفت المعهد إلى أنّ عدداً من الجهات والمؤسسات في النمسا رفعت دعاوى قضائية لتعديل قانون الإسلام 1912 لتقييد الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل جماعة الإخوان المسلمين.
وتسعي الحكومة النمساوية الحالية إلي التعامل مع تنظيم الإخوان بشكل مختلف عن الحكومات السابقة، حيث تنظر له كخطر على البلاد، وتتعامل معه بشكل عدائي وصارم.
ووفق خبراء، فقد خسر التنظيم كثيرا من نفوذه في النمسا، حيث بات وجوده المادي مقيدا إلى حد كبير في الوقت الحالي".
وتقوم هيئة حماية الدستور في النمسا ببناء هياكل جديدة حتى يتسنى لها وضع مؤسسات الإخوان وعناصرها تحت الرقابة خلال السنوات المقبلة، خاصة أن تفويضها القانوني يختلف عن نظيرتها في ألمانيا ويقتصر فقط على جماعات اليمين المتطرف.
وفي 2017، حذرت دراسة أشرفت عليها وزارة الاندماج النمساوية وجامعة فيينا "حكومية" من تنامي نفوذ الإخوان في البلاد، وامتلاكها نفوذا على المجتمعات المسلمة في مدن عدة أبرزها فيينا وغراتس.
وتحذر صحف محلية في النمسا بشكل دوري من تزايد نفوذ الجماعة واتخاذها البلد الأوروبي قاعدة لأنشطتها.