دراسة: الحركات الإسلامية ترفض الاستقرار السياسي وتتهم الدولة بالكفر

الأربعاء 25/سبتمبر/2019 - 11:50 ص
طباعة دراسة: الحركات الإسلامية محمد عبد الغفار
 
شهدت المنطقة العربية في العقد الأخير ظهورًا ووجودًا متزايدًا لجماعات الإسلام السياسي، خصوصًا في الفترة التي أعقبت ما يُعرف بثورات الربيع العربي التي بدأت في تونس وانتقلت إلى مصر بعد ذلك في عام 2011، مما كان له أثر سلبي على دول المنطقة.
وتناول الباحث جزار مصطفى، أستاذ مساعد في كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة حسيبة بن بو علي بالجزائر، هذه القضية في دراسته بعنوان «تأثير الحركات الإسلامية السياسية المعاصرة على الاستقرار السياسي في الوطن العربي»، والمنشورة في مجلة الجامعة بالعدد 15.
ويرى الباحث أن ظاهرة الإسلام السياسي استفادت من قيام الدول الوطنية في النصف الثاني من القرن العشرين، خصوصًا مع رحيل المستعمر وحصول الدول العربية على استقلالها، حيث عملت هذه الجماعات على الانتشار وسط الجماهير الرافضة للمستعمر كي تضمن لنفسها وجودًا شعبيًّا.
ثم سرعان ما انقلبت هذه التنظيمات ذات الطابع الديني على الدولة الوطنية، وقادت حركات احتجاجية ضدها، معتمدة في ذلك على قدرتها على حشد الأنصار، ويرجع ذلك إلى البرامج الخدمية والدعوية التي تمكنها من تنظيم صفوفها بقوة وكفاءة عالية.
ووضع الباحث في مقدمة دراسته تعريفًا للحركة الإسلامية، حيث أشار إلى أنها حركة اجتماعية وسياسية توصف بالإسلامية نظرًا للإطار الفكري الذي تنطلق منه، بالإضافة إلى تميزها بعدة أهداف وخصائص، وتأثرها بالظروف الاقتصادية والفكرية السائدة.
وتشير الدراسة إلى أن الحركات الإسلامية بشتى صورها ترفض الأوضاع القائمة في المجتمعات، حيث ترى أنها تخرج عن «صورة الإسلام الصحيح»، لذا يعد التغيير اجتماعيًّا وسياسيًّا قاسمًا مشتركًا لهذه الحركات، كما تمتلك كل حركة بناءً فكريًّا خاصًا بها تعتمد خلاله على الشعارات التي يؤمن بها قائد الحركة.
ويؤكد الباحث أن الحركات الإسلامية ذات بناء تنظيمي قوي، ويرجع ذلك إلى طابع السرية الذي سيطر عليها عبر فترات طويلة من الزمن، بالإضافة إلى الاعتبارات الأيديولوجية التي تربط هذه التنظيمات ببعضها البعض، كما أن تدين المجتمعات العربية بفطرتها ساهم في انتشار هذه التنظيمات.
وتشير الدراسة إلى أن الحركات الإسلامية تتسم بطابع الرفضوية، حيث ترفض الأوضاع القائمة في المجتمعات العربية والإسلامية وتهدف إلى الخروج عليها بهدف الوصول إلى الحكم، من أجل تطبيق أفكارها وطموحاتها السياسية.
ويرجع الباحث ظهور الحركات الإسلامية إلى عدة عوامل وأسباب من أهمها سقوط الخلافة العثمانية، مما فتح الباب أمام ظهور الاجتهادات الشخصية للأفراد والتي ساهمت في ظهور العديد من الحركات الإسلامية، وعلى رأسها جماعة الإخوان تحت قيادة حسن البنا، الذي زعم أنه يحاول إعادة الخلافة.
بالإضافة إلى الثورة الإيرانية التي مثلت تطبيقًا فعليًا أمام الإسلاميين في المنطقة العربية، وظهرت بعض الحركات مثل جماعة العدل والإحسان في المغرب كنتيجة لنجاح ثورة إيران 1979.
ورأى الباحث أن التأثيرات الإقليمية في المنطقة خصوصًا في فترة ما بعد هجمات سبتمبر 2003، وكذلك الأزمات الاقتصادية والسياسية التي ضربت الأنظمة العربية في هذه الفترة، وتصاعد غضب الشارع العربي تجاهها ساهم في وجود مشاركة سياسية إسلامية واسعة النطاق.
وهو ما أدى بدوره إلى وجود حالة من عدم الاستقرار السياسي، حيث دخلت هذه الحركات في مواجهات عنيفة مع الحكومات القائمة، مستخدمة في ذلك العنف الشديد، مما أثر على حالة الهدوء والاستقرار في المنطقة، حيث لم تستطع الحركات أن تتقبل وجود هذه الأنظمة، مما أدى إلى حالة المواجهة التي أوصلت الطرفين إلى نقطة جمود.
ويرى الباحث أن الأزمة الفعلية تكمن في اتجاه الحركات إلى صدام ثقافي مع المجتمعات العربية، وهو ما يعتبره أكثر خطرًا وضراوة، حيث ستؤدي هذه المواجهة إلى تدمير البنية الاجتماعية للدولة، وتتميز هذه الحروب بالتكفير وإقصاء الآخر، وهو ما حدث بالفعل خصوصًا في الفترة التي أعقبت ثورة 30 يونيو في مصر، حيث سارعت هذه الحركات بتكفير المجتمع والدخول في مواجهة فكرية وعسكرية معه.

شارك