الإخوان اليوم.. متابعات الصحف العربية والعالمية

الإثنين 14/أكتوبر/2019 - 12:36 م
طباعة الإخوان اليوم.. متابعات إعداد: حسام الحداد
 
تقدم بوابة الحركات الاسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية والعالمية بخصوص جماعة الإخوان، بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات – آراء) اليوم 14 اكتوبر 2019

ميدل ايست: دور كشافة الإخوان في صناعة العنف

البنا أسس جيشه من الراديكاليين من خلال تحايله على القانون وكما هو معلوم فإن النشاطات العسكرية خارج نطاق التنظيم الرسمي السائد كان ممنوعا لذلك منعت ميليشيات حزب الوفد ومصر الفتاة لكن الإخوان تحايلوا بنشاط الكشافة في المدارس والجوالة في الجامعات.
النشاط الكشفي في إحدى الجامعات السعودية سيطر عليه جماعة الإخوان فكانوا يقومون بدور المحتسبالعنصر الإخواني يجب أن يشبه في طاعته الميت بين يدي مغسله
أي حركة تتلبس بطابع التدين غير المعتدل لا بد أن تبحث عن وسائل التغيير بالعنف واستعراض القوة والهيبة. وهذ ما حدث مع المرشد الأول لجماعة الإخوان المسلمين ومؤسسها حسن البنا. يقول الأستاذ محمود عبد الحليم في كتاب "الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ":
"... كان الأستاذ يتحرق شوقاً إلى إبراز الدور العسكري لتجلية فكرة الجهاد، ولكنه رأى الدعوة مازالت في مهدها، ولم تتجاوز في طورها الجديد مرحلة الحبو...؛ إذن فلابد من أن تتحاشى الدعوة في هذا الطور كل ما يعتبرونه في عرفهم خروجًا على القانون. وكنا إذ ذاك في الثلث الأخير من الثلاثينيات وكان تكوين منظمات عسكرية لا يعد خروجاً علي القانون فحسب بل يعد إحدى الكبائر... لهذا لجأ إلي إبراز الطور الجديد في خاطره، إلي مظهر ألبسه لباس القانون. لم يكن في مصر إذ ذاك صورة فيها رائحة العسكرية مسموح بها إلا جمعية الكشافة الأهلية، وكان صغار السن من المنتسبين إليها يسمون "كشافة" وكان الكبار يسمون "جوالة" وصار الإخوان المسلمون فرقة جوالة منتسبة إلي جمعية الكشافة الأهلية".
وهكذا تيسر لحسن البنا أن يؤسس جيشه من الراديكاليين من خلال تحايله على القانون، وكما هو معلوم فإن النشاطات العسكرية خارج نطاق التنظيم الرسمي السائد كان ممنوعا؛ لذلك منعت ميليشيات حزب الوفد ومصر الفتاة. وكم كنت أستغرب حرص الإخوان المسلمين على نشاط الكشافة في المدارس ونشاط الجوالة في الجامعات والصفوف العليا؛ حتى تيسر لي معرفة استغلالهم لهذا النشاط وطبيعة إعلام الإخوان أنه يهاجم كل نشاط لم ينزوِ تحت سيطرته فالإعلام فاسد إذا لم يكن وزير الإعلام منهم أو تحت سيطرتهم والحركة الكشفية ماسونية إذا لم تكن تحت سيطرتهم وهكذا دواليك. وأنا أذكر أن النشاط الكشفي في إحدى جامعاتنا قد سيطر عليه جماعة الإخوان المسلمين، فكانوا يقومون بدور المحتسب، وأنا أتحدث هنا عن وقائع، كما لا ننسى أن فرق الجوالة هي التي تنتج العناصر المميزة للجهاز الخاص أو الجهاز السري، ومن قاموا بالعنف مبكرا في جماعة الإخوان المسلمين هم في بدايتهم من كوادر الكشافة أو الجوالة والسبب في ذلك يعود إلى أن كوادر الكشافة والجوالة يخضعون للملاحظة من حيث الطاعة واللياقة البدنية والشجاعة. هذه العوامل هي التي تحدد لياقة الكادر الإخواني وجاهزيته للتحول إلى مرحلة الجهاز الخاص أو الجهاز السري.
الغريب أن محمود عبد الحليم الذي نقلنا عنه ذكر معلومة غريبة وغير واقعية وهي أنهم عدلوا على قانون الكشافة بذريعة غير واقعية يقول "... وتبني الإخوان قانون الكشافة وهو يتماشى مع الفضائل الاجتماعية التي يدعو إليها الإسلام، وأذكر أننا لم نعدل فيه إلا لفظاً واحداً من إحدى مواده التي تقول: وأن أطيع رؤسائي طاعة عمياء، عدلناها إلى طاعة تامة لأن الإسلام لا يعترف بالطاعة العمياء...". وأنا أريد أن أفهم ما هو الفرق عند الإخوان المسلمين بين طاعة تامة وطاعة عمياء فالطاعة عند الإخوان مطلقة! ومقولة إن العنصر الإخواني يجب أن يشبه في طاعته الميت بين يدي مغسله.

العربية نت: المتساقط الأكبر في دعوة الإخوان المسلمين

لّف اللبناني الطرابلسي فتحي يكن كتابه «المتساقطون على طرق الدعوة - كيف... ولماذا؟»، ليحرم دينياً الخروج من دعوة الإخوان المسلمين والانضمام إلى دعوة إسلامية أخرى، أو إنشاء دعوة إسلامية جديدة، أو التملّص منها لأي سبب، حتى لو كان هذا السبب وجيهاً، وذلك لمواجهة مشكلة الانشقاق عن دعوة الإخوان المسلمين في العالم العربي، مع أنها كانت مشكلة ليست بذات خطر على الإخوان المسلمين؛ فأعداد المنشقين عنهم والمتسربين منهم كانت أعداداً صغيرة.
ومن العجب أن الكتاب ومؤلفه أسفرا عن مفارقة تجعل حتى الرجل الجهم والعبوس يلج في الضحك.
الأولى زمناً، أن الجماعات الإسلامية الجهادية والتكفيرية، وهي من ضمن الجماعات التي يحرم الخروج من دعوة الإخوان المسلمين والانضمام إليها، تبنّت كتابه في مجال التثقيف الحركي والحزبي!
ويرجع هذا إلى أن مؤلفاته ومؤلفات الإخواني الآخر السوري سعيد حوى - مثلهم في هذا مثل الإخوان المسلمين - تملأ عندهم الفراغ التنظيري، الحركي الحزبي، الذي تركه سيد قطب بعد إعدامه، وتكميل ما بدأه في كتابه «معالم في الطريق».
الثانية زمناً، وكانت أشد مهزلة من الأولى أن صاحب كتاب «المتساقطون على طريق الدعوة - كيف... ولماذا؟» فتحي يكن، حسب المصطلح الذي سكّه وهو التساقط والمتساقطون، كان المتساقط الأكبر في طريق الدعوة، دعوة الإخوان المسلمين.
ففي عام 1993 (وهو الذي كان يحرم الخروج من جماعة الإخوان المسلمين في كتابه المذكور) انفصل أو فُصل من الجماعة الإسلامية - فرع الإخوان المسلمين في لبنان، رغم أنه كان من أبرز مؤسسي هذه الجماعة في مطلع الستينات، وهي الجماعة المنشقة عن جماعة عباد الرحمن الناشئة في مطلع الخمسينات، ورغم أنه كان مراقبها العام أو أمينها العام من عام 1964 إلى عام 1992، ثم أنشأ في عام 2006 جماعة إسلامية جديدة، هي «جبهة العمل الإسلامي»، استناداً إلى الرأي الذي أطلقه في كتابه المذكور، فلقد ارتكب معصية وإثماً. واستناداً إلى القرآن الكريم، هو كالتي نقضت غزلها، فأسقط بسلوكه هذا كتابه المذكور، وأسقط معه كتابه الآخر، «مشكلات الدعوة والداعية»، إذ إنه في الكتاب المذكور نقل منه فصلاً (ابتداء من صفحة 73 إلى آخر صفحة فيه، وهي صفحة )125.
قال لي صديق لديه بعض المعلومات الداخلية عن الإخوان المسلمين وعن بعض الحركات الإسلامية الأخرى إنه «صدر تعميم شفاهي بألا يُعتمد كتابه (المتساقطون في طريق الدعوة - كيف... ولماذا؟)، وكتبه الأخرى، في تثقيف الكوادر الإخوانية في العالم العربي، وألا تُباع كتبه في المكتبات الإسلامية فيه». وأضاف موضحاً أن هذه التعاميم التي لها تاريخ طويل في تاريخ الإخوان المسلمين تكون غير مكتوبة. والغاية منها إلحاق الضرر المالي بالمغضوب عليهم، الذي يكون كبيراً، خصوصاً في السعودية، لتوفر القدرة الشرائية فيها. والغاية منها أيضاً - كما أضاف - إلحاق الضرر النفسي والمعنوي بالمغضوب عليهم. والسروريون في السعودية وفي أماكن أخرى يلتزمون تنفيذ تعاميم الإخوان السلمين ولا يخالفونها. فالمغضوب عليه عند الإخوان المسلمين - كما قال لي - هو أيضاً مغضوب عليه عندهم. وإذا ما كانوا بحاجة إلى بعض كتب المغضوب عليهم، فإنهم يستثنونها من الحظر، وذلك على قاعدة: نزكي الكتاب ولا نزكي المؤلف!
على ضوء هذه المعلومات التي أنارني بها صديقي، أسأل: هل ألّف أبو عبد الإله بن مقبل العصيمي كتابه: «من أخبار المنتكسين: مع الأسباب والعلاج»، الصادر في طبعته الأولى عام 1995، ليكون بديلاً لكتاب فتحي يكن: «المتساقطون على طريق الدعوة - كيف... ولماذا؟)؟
أعلمني صديق له سابق انتمى إلى تيار سلفي تكفيري، بعد أن كتبت عن كتاب أبي عبد الإله في حلقات سابقة، أن كتابه كان منتشراً عندهم، وعند التيار السروري.
يزعم أبو عبد الإله من بين ما يزعمه في أسباب اختياره موضوع كتابه، أن مَن كتب في هذا الموضوع لم يُفرد له مؤلفاً، بل وضعه في ثنايا كتاب من كتبه. وهذا غير صحيح، فكتابه - كما قلتُ عنه في المقال السابق - محاكاة ساذجة وهزيلة لكتاب فتحي يكن. فنوعان من الانتكاس عنده هما نفسهما المذكوران عند فتحي يكن، لكن مع اختلاف في صياغة عبارتيهما. والنوع الثالث الذي ذكره، وهو الارتداد عن دين الله، صحيح أن فتحي يكن لم يعرّج عليه في كتابه، لكن إذا ما أخذنا القصيمي بوصفه عينة للارتداد عن دين الله؛ فهو قد كان يجهله تماماً في مرحلة إيمانه، وفي مرحلة إلحاده. والأربعون سبباً للانتكاس التي ذكرها في كتابه، العديد منها مذكور في كتاب فتحي يكن. ومع هذا ضلل القارئ بأن كتاب فتحي يكن هو، فحسب، مرجع من بين مراجع كثيرة رجع إليها.
الأربعون سبباً التي رأى أنها مسببة للانتكاس، كثير منها تعليل غثّ وسطحي وتافه، لكن استرعى انتباهي سبب ذكره، وهو عدم الهجرة.
ومما قاله في هذا السبب: «إن ترك الهجرة والمكث في بلاد ومواطن الفتن من أهم وأخطر العوامل التي تؤدي إلى الردة والعياذ بالله؛ فكم من مسلم فارق دينه بسبب معاشرة الكافرين»!
وبعد كلام طويل عن ضرورة الهجرة، ختم كلامه بقوله: «أعرف إنساناً بذل معه أهله كل السبل والطرق لترك التزامه وتمسكه بدينه، وأصبح وجوده معهم سبيلاً لا مفر منه للانتكاس، وهو مع ذلك يرفض مفارقتهم، مع علمه بأنه لا يستطيع التأثير فيهم، بل لا يستطيع المحافظة على التزامه، فليت شعري كيف يكون هذا لوكان الأمر أشد من ذلك، هو مفارقة الوطن كله، والخروج من البلد، والتضحية بالأموال والأهل؛ فماذا عساه أن يفعل؟»!
كما نعلم، لا توجد أسرة في السعودية وفي العالم العربي تفعل ما زعمه أبو عبد الإله في قصته هذه، حتى لو كانت هذه الأسرة شديدة في تحررها الفكري. والحاصل أن أسراً تُبتلى بأبناء مغالين في دينهم. والصحوي عادة، حتى لو كان صغيراً في السن، يكون سلطويّاً وتسلطيّاً بسبب لقافة دعوية وديكتاتورية صحوية، ولا يدع أسرته في حالها، حتى لو كانت أسرته أسرة متدينة تديناً عادياً ومعتدلاً؛ فهو يريد أن يخضعها لإملاءاته المتشددة التي تحرم عليهم ما هو مباح في الدين، فتحاول هذه الأسرة - إن كانت أسرة واعية - دفاعاً عن نفسها ودفاعاً عنه نزع فتيل الغلو والتطرف من فكره وسلوكه.
وبمناسبة كلامه الأول عن ضرورة الهجرة، أذكر أنني تعرفتُ في آخر سنتين من عقد الثمانينات على مدرّس في كلية هي غير الكلية التي كنت أدرس فيها بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقلتُ له ذات مرة إن الجامعة على غير سياستها في عهود سالفة خلقت جواً يشجع على النفاق الديني؛ فبعض الأساتذة بعدما تم تعاقدها معهم على التدريس فيها صار إخوانياً. ومن مراجعة مؤلفات هذا البعض قبل أن يقدموا إلى السعودية، لم أجد فيها حساً وتوجهاً إخوانياً. كما أنني ألمس من أحاديثهم عن النظرية الإسلامية في العلوم الاجتماعية وفي شأن الدعوة الإسلامية أنهم مستجَدّون وطارئون على الاتجاه الإسلامي؛ فعلّق قائلاً: أزيدك من الشعر بيتاً، فبعض زملائنا العرب مع انتهاء مدة عقده، يستطيع بسهولة أن يجدده بدعوى أنه مطارَد من حكومة بلاده، لأنه من الإخوان المسلمين، مع علم بعضنا أنه ليس لهم صلة بالإخوان المسلمين في بلادهم. لكن ما باليد حيلة، فالتيار - يا علي - جارف والموج عالٍ.
صنع الإسلاميون أسطورة اضطهاد الإسلام وامتحانه في بعض البلاد العربية منذ الخمسينات والستينات الميلادية، فأشاعوا أن حكوماتهم تشتبه بك إذا ما رأتك محافظاً على أداء الصلوات الخمس!
خُلِقت هذه الأسطورة وتخلقت في زمن أبعد في بلد غير عربي، وهو تركيا، وذلك في فترة حكم كمال أتاتورك. ولما التقى الهندي مسعود الندوي بطلبة أتراك في 5 – 2 - 1949 يدرسون في كلية الشريعة ببغداد، سألهم هو ومن معه، عن موقف الحكومة من تلاوة القرآن الكريم بمتنه العربي، فقالوا إن الحكومة لم تفرض قيوداً من أي نوع على قراءة القرآن الكريم، وهذه خرافة لا أساس لها من الصحة، ولا شك أن الأذان باللغة العربية ممنوع، وهذا المنع يمكن أن ينتهي قريباً.
وما قاله هؤلاء الطلبة الأتراك في ذلك العام قد تحقق بعد حين من الزمن.
إن حديث أبو عبد الإله عن ضرورة الهجرة للفرار بالدين من المحن والفتن إلى محل يأمن فيه المسلم على نفسه ودينه من الآثام، ضرب من الاغتراب الثقافي عن الواقع وعن الحياة وتعلق بأوهام وترهات لا أصل لها. وليس واضحاً إن كان يقصر حديثه على البلدان العربية والبلدان الإسلامية، أم يشمل به بلداناً غير إسلامية، كالبلدان الأوروبية. وإن كان يشمل بحديثه البلدان الأوروبية، فمن المتواتر أن هذا البلدان، منذ زمن بعيد، لا تضطهد الأديان والمذاهب الدينية ولا تضطهد الإنسان لدينه ولمذهبه الديني ولمعتقداته السياسية والفكرية. والمسلمون في هذه البلدان وفي بلدان سواها لم يفارقوا دينهم لمعاشرتهم لغير المسلمين.
إن أوروبا وأميركا منذ عقود طويلة كانت من ضمن البلدان التي يلجأ إليها الإسلاميون العرب المتورطون في أنشطة سياسية معادية لحكوماتهم العربية. وبعض حكومات أوروبا والحكومة الأميركية التي يسميها ويسمي شعوبها «الكافرة»، كانت هي الحادبة عليهم بجميع تياراتهم، بدعاوى آيديولوجية مختلفة، ومنها خرافة اضطهادهم في بلدانهم.

الشرق الأوسط: «الإخوان» في الدول الإسكندنافية.. "التنظيم الدولي" يرسخ وجوده في السويد

ما الذي يجعل التنظيم الدولي لجماعة «الإخوان المسلمين» يكثف جهوده في الآونة الأخيرة من أجل تثبيت حضوره في مجموعة الدول الإسكندنافية وبنوع خاص في السويد؟... لعل ما تعرضت له جماعة «الإخوان المسلمين» من انتكاسات في الأعوام الماضية في الشرق الأوسط، وفي منطقة الخليج العربي مؤخرا، كما في حال افتضاح شأنها في الكويت، جعل السعي المحموم إلى الخارج أمرا ملحا لا سيما إذا كانت في دول تتوفر فيها الشروط الملائمة لنشوء وارتقاء «الجماعة» مرة أخرى من أجل تحقيق أهدافها التي لم تغب عن عينيها.
منذ أن تأسست «الجماعة» وحتى الساعة، كان في المقدمة وضمن أهدافها، بسط هيمنتها ومقدراتها لا على العالم العربي والإسلامي فقط، بل تصدير دعوتها واكتساب أرض جديدة يوما تلو الآخر إلى حين تتمكن من التحكم في العالم برمته.
ما الذي يدعو لفتح ملف «الإخوان المسلمين» في الدول الإسكندنافية في هذا الوقت؟ المؤكد أن هناك رصدا ومتابعة دقيقين قد جرت بهما المقادير الأشهر القليلة الماضية، هناك، حيث أكدت الخلاصات أن العديد من أفراد جماعة الإخوان والقياديين في «التنظيم الدولي» قد وقر لديهم يقين بأن السويد والدنمارك والنرويج، هي أفضل ثلاث دول يمكن أن يباشروا عليها أنشطتهم وبخاصة بعد التضييق عليهم من قبل الأجهزة الأمنية، في الدول التقليدية التي عاشوا فيها طويلا لا سيما بريطانيا وألمانيا وفرنسا بدرجة ما.
أضف إلى ذلك أن انحسار تنظيم داعش ومؤيديه أيديولوجيا على الأقل قد كشف أوراق الكثيرين الذين باتوا قولا وفعلا أوراقا محروقة، ويتحتم عليهم الابتعاد والتواري عن المشهد.
عطفا على ذلك فإن الدول الإسكندنافية في هذه الأوقات تبقى الأكثر أمانا من ناحية عدم استطاعة اليمين الأوروبي المتطرف، السيطرة على حكوماتها وهو التيار الذي يعادي جهرا وسرا الوجود الإسلامي على الأراضي الأوروبية.
في دراسة حديثة لـ«وكالة الطوارئ المدنية» في السويد إحدى أهم وزارات الدفاع والتي تقوم بمثابة الاستخبارات على الأرض، نجد خلاصات مفادها أن «الإخوان» يسعون إلى اختراق الوجود الإسلامي في السويد ونشر مفاهيم الجماعة واكتساب أعضاء جدد.
على أن السؤال المطروح في هذا المقام كيف تمكن «الإخوان» من اختراق هيكل الدولة السويدية خلال العقدين الماضيين أي مع أوائل الألفية الجديدة بنوع خاص؟
الجواب يحمله إلينا البرفيسور السويدي ماغنورس نورويل، وعنده أن جماعة «الإخوان» تمكنت على مر السنين من بناء مؤسسات قوية في ذلك البلد الإسكندنافي البعيد بعد أن ضمنت عمليات تمويل من الأموال السويدية العامة، وبعد أن أتقنت فن الاحتيال في هذا البلد منذ سنين طويلة.
أما الباحث السويدي والخبير في شؤون جماعة «الإخوان لمسلمين» لورينزو فيدينو، فيذهب في تحليله لطريقة انتشار الإخوان في السويد، إلى القول بأن جماعة «الإخوان» الأم تعتمد على ثلاث فئات من الكيانات السويدية أعضاء الإخوان أنفسهم، وشبكات الإخوان غير المباشرة، والمنظمات المتأثرة بالإخوان.
ولعل تعميق البحث في مسألة الوجود الإخواني في السويد يقودنا إلى اكتشاف جذور تعود إلى ثلاثة عقود خلت وليس لعقدين فقط، وأنهم عرفوا كيف يتعاطون وإن بذكاء شديد مع مفاتيح الدولة السويدية، وعليه فقد قاموا ببناء هيكل مؤسسي يستخدم بسلاسة «النموذج السويدي» للاستفادة الكاملة من نظام المنح السخي والمساعدات المالية من الخزائن العامة.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أنشأت جماعة «الإخوان» منظمات مستقلة ظاهريا لكنها ترتبط بها تشمل شبكات من المدارس والشركات والجمعيات الخيرية وغيرها من الكيانات، كل واحدة تنتمي إلى إحدى الفئات الثلاث المتقدمة، تحصل على تمويلها من دافعي الضرائب.
في هذا الصدد كانت هيئة «الحماية المدنية والتأهب» تصدر تقريرا بعنوان «النشاط الإسلامي في سياق متعدد الثقافات» قام على إعداده أستاذ الأنثروبولوجيا الاجتماعية السويدي «إيه كارلوم»، من جامعة «مالمو» خلص فيه إلى أن «الإخوان» على أراضي السويد لديهم مهمة راديكالية الطابع ذات خطر على الدولة، ولا ينبغي أن تتلقى أموالا من الأصول الضريبية.
دعا تقرير «كارلوم» إلى فتح العيون على أهم بل وأخطر أربع جمعيات كبرى في السويد على صلة مباشرة بالإخوان وأشهرها «جمعية الإغاثة» و«جمعية بن رشد التعليمية» و«جمعية الشباب السويدي المسلم» و«الرابطة الإسلامية» التي تعد مقرا لـ«الإخوان».
يستدعي الحديث عن هذه الرابطة حديثا مطولا لا سيما بعد أن باتت ملاحقة رسميا من السلطات السويدية متمثلة في جهازي الشرطة والمخابرات، فهي تابعة بشكل كامل «للتنظيم الدولي» والذي ينشط بأذرع متعددة في أوروبا وخصوصا في السويد عبر نشاط اقتصادي مغلف بعمل خيري أو تربوي أو حتى تعليمي وديني وإرشادي، وإن كانت المحصلة النهائية لكافة هذه التنظيمات واحدة أي ملء خزائن التنظيم الدولي لـ«الإخوان» بالأموال، وهي تستوحي قيمها من أفكار المؤسس حسن البنا، ورئيسها يدين بالولاء التام للزعيم الروحي لـ«الإخوان» يوسف القرضاوي.
تزعم الرابطة اليوم أنها تمثل ما لا يقل عن سبعين ألف سويدي مسلم، وهو رقم كبير يكاد يشمل الغالبية العظمى للمسلمين في السويد، وتشكل الرابطة مظلة لعدد من المنظمات السويدية، بما فيها المجلس الإسلامي السويدي، ومسجد ستوكهولم والأصول التابعة له في السويد.
لاحقا تكشف لجهات الأمن السويدية أنهم أمام تشكيلات إخوانية تكاد تكون صورة طبق الأصل من نظيراتها في الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي، إذ تتألف كل منظمة من المنظمات التابعة لـ«الإخوان» في السويد من مجلس شورى تحت قيادة أمير أو زعيم، ويتكون كل مجلس من اثني عشر شخصا يتناوبون على رئاسته، وينقسم الأعضاء بدورهم إلى وحدات صغيرة تتألف من خمسة أفراد ليشكلوا بذلك أسرة أو عائلة، وتقوم الأسرة بدورها بتنظيم اجتماعات أسبوعية تتخللها مناقشة الأمور الأيديولوجية في البلاد. ويضع تقرير المعهد الأميركي جيتسون السويديين أمام حقائق مخيفة حول ما يجري على أراضيهم من خداع فعلى سبيل المثال لم يكن هناك مشروع لإنشاء مسجد يعد مركزا لـ«الإخوان» في مدينة مالمو، بل مركز للأنشطة الشبابية والأسرية، وحين تم سؤال المسؤول عن البناء المدعو خالد عاصي قال إن الوقف غير تابع لأي مؤسسة، وإن جميع المساهمات المالية تأتي من أفراد المنطقة. فيما الأمر الأكثر إزعاجا أن العديد من أعضاء ما يعرف بـ«الوقف الإسلامي السويدي» ينتمون إلى الجمعية الثقافية الإسلامية السويدية التي ينتمي متحدثها الرسمي عمار دواد إلى طائفة أتباع الإمام الدنماركي أبو لبن، المعروف بصلاته بعناصر جهادية وبتحريضه للعالم الإسلامي ضد الدنمارك، وقد وصف أبو لبن ذات مرة «سيد قطب» منظر جماعة الإخوان المسلمين الأشهر بأنه مثله الأعلى.
ولعل خلاصة التقارير السويدية عن حالة «الإخوان المسلمين» في البلاد يمكن إجمالها في أن الجماعة تسعى في الداخل إلى بناء وخلق مجتمع مواز بمساعدة النخب السياسية التي تدعم سياسات الصمت على أنشطة هذه المجموعة الأصولية غير البريئة، وأن هذه الجماعة تبني كيانا موازيا في هذه الدولة الإسكندنافية، يمتد ليتصل ببقية الإخوان في الدنمارك والنرويج، كما أن هناك حالة جهل عام في صفوف السياسيين السويديين بشأن المجموعات المنتسبة إلى جماعة الإخوان، وبشأن مفهوم الإسلام السياسي ككل، وقد حان الوقت للاعتراف بالمشاكل المتجذرة المنبثقة عن وصول الجماعة إلى المال العام دون قيود، ولا بد من تحقيق رقابة على الأفراد الذين يديرون منظمات قد تكون بديلا عن اللبنات الأساسية للمجتمع.
ولعله من المؤكد أن الحديث عن التمدد «الإخواني» في الدول الإسكندنافية لا يستقيم بدون الحديث عن ذلك الوجود في النرويج وكذا الدنمارك.
يستلفت النظر في النرويج بداية وجود الرابطة الإسلامية الموازية لنظيرتها في السويد، والتي لها مسجد مستقل هو «مسجد الرابطة» في العاصمة النرويجية أوسلو، ويديره بعض الأشخاص وثيقو الصلة بالمرشد الروحي لـ«الإخوان» يوسف القرضاوي.
يستغل إخوان النرويج بنفس العقلية مؤسسات الدولة النرويجية التي تسبغ حرصها ودعمها للأقليات، وعليه يحصلون من الدولة على دعم مالي يستخدم في خدمة الأغراض الإخوانية، وخلال إجراء النيابة النرويجية التحقيقات حول نشاط خلية مايكل داود المتهم بتفجير صحيفة جيلاندز بوست الدنماركية ورد ذكر اسم مسجد الرابطة، فقد كان داود، وهو نرويجي من أصل صيني تحول إلى الإسلام عقب زواجه من امرأة مسلمة من أصول مغربية يتردد بشكل مستمر على المسجد قبل سفره إلى دول عربية حيث تواصل مع تنظيم «القاعدة»، وأشار إلى أنه أثناء قيادة الإخواني الأردني إبراهيم الكيلاني لـ«الرابطة الإسلامية» عام 2006 توسعت المؤسسة الإخوانية في أنشطتها الاجتماعية ونظمت فعاليات ومؤتمرات اشترك فيها قادة من الجماعة.
ماذا عن الدنمارك؟ الشاهد أن بعض التقارير الإعلامية الغربية تحدثت مؤخرا عن العاصمة الدنماركية كوبنهاجن، فوصفتها بأنها «مغارة الحمدين» في إشارة لا تخطئها العين لما تقوم به قطر منذ عام 2000 في نشر رؤاها الأصولية من خلال الجماعات الإخوانية المنتشرة هناك.
منذ عقدين أسست قطر ما يعرف بـ«المجلس الإسلامي الدنماركي»، لتجعل منه صندوقا لتمويل تيارات متطرفة وفلول جماعة الإخوان الفارين من الدول العربية وحصالة لجمع الأموال وتوزيعها على قياديين في جماعات وتنظيمات وتيارات مشبوهة داخل أوروبا.
ولعل ما كشف حقيقة الدور المزعج لذلك المجلس قضية اختلاس بعض أعضائه لمبالغ تصل إلى ملايين الدولارات، مما جعل أجهزة الاستخبارات الدنماركية تتساءل من أين تحصلوا على تلك الأموال؟ وفيم أنفقوها؟
وفي كل الأحوال يتكشف للدنماركيين والحديث على لسان هنريك يرني عضو اللجنة القانونية بالحزب الديمقراطي الاجتماعي أنه منذ عام 2010 تدفقت الأموال القطرية بالملايين على المركز المعروف باسم المجلس الإسلامي، وما أثار المخاوف هو أن تبرعات المسلمين في الدنمارك ومساعدات الدولة تكفي لبناء هذ المسجد وأكثر، وعليه فلماذا المزيد من ملايين قطر تلك التي يقوم بنقلها مسؤولون كبار في قطر.
ويبقى السؤال قبل الانصراف: هل يتحتم على الدول الإسكندنافية التيقظ اليوم لما يحاك لها ويجري على أراضيها؟

الاتحاد الإماراتية: قراءة في مراجعات الإخوان المسلمين

المراجعات لجماعات الإسلام السياسي تبقى مجردة من محتواها الفعلي ولا تنعكس على التأثير العميق لرؤيتها وأهدافها فهي تظل ورقة تستخدم عبر الأفراد حتى وإنْ كانوا ضمن التشكيل العميق للجماعة.
الجماعة تجد متنفسها من خلال ما يتوفر لها من أنظمة حكم سياسيةلم تكن نكسة الإخوان في مصر كافية كي يغيروا أفكارهم فما زالتا اليمن وتونس بقبضتهم
تسعة عقود مرت منذ أن أسس حسن البنا جماعة «الإخوان»، التي لم تخرج من دائرة ما تقول إنه ثوابتها، حتى وهي تتلقى الضربات العنيفة في مسيرتها. لم يتغير سلوك الجماعة وهي ترى إعدام سيد قطب عام 1966 حتى وإن غيرت من تكتيكها الحركي بعد نكسة 1967، وظلت دائرة الحركة واحدة، وإن تغيرت بعض من حركة أطرافها في سياق مرتبط بمدى ما يفرضه النظام السياسي من قوة في التعامل معها.
الجماعة، التي تعرف كيف تحقق مكاسبها، تجد متنفسها من خلال ما يتوفر لها من أنظمة حكم سياسية، إما في التراخي، أو من خلال التحالف لتقاطع المصالح، وهذا ما يمكن الإشارة إليه بعد تمكن التنظيم من الإمساك بالدولة السودانية في 1989 كمدخل يعتبر الأهم في تاريخ الجماعة، بعد انسداد كل الآفاق الممكنة في مصر خصوصاً. وفي السودان كان اللافت أن الجماعة التي قدمت نفسها كبديل للدولة الوطنية بعد غزو العراق للكويت عام 1990 بعقد «المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي» عام 1991، وقدمت آنذاك إطاراً واضحاً لمفهومها حول الدولة الوطنية واستبدالها بالخلافة الإسلامية، بعد أن أظهرت جانباً كان لسنوات بعيدة مجهولاً عندما شاركت إيران في ذلك المؤتمر، وأفرز أكثر من مجرد تقارب بين أهداف «الإخوان» وإيران.
في مفهوم جماعة «الإخوان» لا مكان للمراجعات، حتى وإنْ تم إظهارها من خلال أفراد منتمين إليها فكرياً أو حتى تنظيمياً، فبالعودة إلى ما بعد مؤتمر الخرطوم عام 1991 لا توجد مراجعات نقدية لذلك التقارب مع إيران، برغم الاختلاف الأيديولوجي بين طرفي المعادلة، فـ«الإخوان» يمثلون الشق السُني، بينما الإيرانيون يمثلون الشق الشيعي، ومع ذلك لم تظهر مراجعات نقدية، بل كانت فترة يمكن أن توصف بأنها مزدهرة بالكم الهائل من الكتب والدراسات، التي قدمت في نطاق الدفع بالقوة العسكرية، التي كانت محصورة بين «حزب الله» اللبناني وجماعة «حماس» الفلسطينية.
نشأ تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» في هذا السياق مدفوعاً بالكم الهائل من التنظيرات الداعمة لوجوده كذراع عسكري كان الأكثر شراسة، وهذا هو سياق طبيعي، فهو خرج من جلباب أحد أكثر المتشددين في جماعة «الإخوان» عبدالله عزام وتلميذه، أسامة بن لادن، هذا النفور في السطوة وما تعرضت له الدول العربية من ضربات، خاصة السعودية ومصر خلال التسعينيات الميلادية، وما بعدها كان خلفه حواضن مخفية لعبت فيه أنظمة عربية أدواراً لتصاعد تلك التنظيمات، كانت توفر لأدواته التي تصاعدت بعد هجمات 11 سبتمبر 2001.
وحتى 2011 لم يكن للمراجعات «الإخوانية» ظهور بالشكل الذي يمكن الإشارة إليه، خاصة أن حاضناً مهماً للجماعة كان قد ظهر في المشهد باستقطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اللاعب الأكثر حيوية فيما يسمى «الربيع العربي»، وبسقوط نظام الحكم المصري وصعود «الإخوان»، كانت الجماعة قد استحكمت قوتها وحققت الجزء الأكبر من مشروعها، فبالنظرة العامة للخريطة العربية آنذاك، كان التنظيم قد استحوذ على مصر واليمن وليبيا، تاركاً لإيران تحكمها في «الهلال الشيعي» الممتد من العراق وحتى ولبنان، مروراً بالأراضي السورية.
لم تكن ثورة يونيو 2013 المصرية كافية بالنسبة لجماعة «الإخوان» كي تغير أفكارها، فلقد كانت اليمن وتونس ما زالتا بقبضتهم، وإنْ خرج بعض أفرادها تحت ضغط اللحظة قد حاول التخلص من تبعات الزلزال الذي ضرب الجماعة والتنظيم معاً. والمراجعات الفردية هي تكتيك لامتصاص الضربات القوية، وهذا ليس نهج «الإخوان» وحدهم، فحتى السلفية الجهادية استخدمته بعد اغتيال الرئيس المصري أنور السادات أوائل الثمانينيات الميلادية من القرن العشرين الماضي، فالقناعات الراسخة تبقى مستمدة من أصول هذه الجماعات لتحقيق أهدافها بالوصول إلى السلطة وتدمير الدول الوطنية العربية.
ولتأكيد أن المراجعات هي تكتيك مرحلي، فإن ما صدر عن حزب «التجمع اليمني للإصلاح» ممثلاً في «الإخوان» في اليمن، كان أكثر المراجعات هزلية بعد انطلاق «عاصفة الحزم» عام 2015، فكان الإعلان عن المراجعات ضرورة، سرعان ما تبددت بعد أن استعاد «حزب الإصلاح» قوته العسكرية ليعود لممارسة نشاطاته، ويفرض أجندته السياسية كلاعب في المشهد اليمني، بل كواحد من اللاعبين في المحور التركي، وهو ما تؤكده مواقف كوادر حزب «الإصلاح».
ما تعرضت له مصر في الثلث الأخير من 2019 وسبقتها اليمن وتونس عبر حركة «النهضة»، يعزز مسألة أساسية في أن المراجعات لجماعات الإسلام السياسي تبقى مجردة من محتواها الفعلي، ولا تنعكس على التأثير العميق لرؤيتها وأهدافها، فهي تظل ورقة تستخدم عبر الأفراد، حتى وإنْ كانوا ضمن التشكيل العميق للجماعة، التي تجيد تسويق هذه المراجعات عبر المنافذ الإعلامية، ولكنها تظل في واقعها قادرة على الانتقال لمرحلة مواجهة أخرى، خاصة أنها تجد من الفراغات المتاحة في دول عربية متعددة فيها من الاختلالات ما يجعل منها حواضن للتنظيم سياسياً وعسكرياً، وقبل ذلك فكرياً.

شارك