التركمان اللبنانيون وحلم أردوغان بالخلافة

الأربعاء 01/أبريل/2020 - 02:11 ص
طباعة التركمان اللبنانيون حسام الحداد
 
يقوم النظام التركي وعلي رأسه الديكتاتور المستعمر رجب طيب اردوغان بكل فعل يقربه من وهم الخلافه العثماني، لذا يقوم باتخاذ الكثير من الاجرائات في سبيل ذلك وعلي سيبل المثال وليس الحصر دعم الجماعات الارهابية المتطرفة والتي تنادي بعودة الخلافة الاسلاميه في الشرق الاوسط، بالدعم المادي والصحي والمعنوي المطلوب، ومن الناحيه الاجتماعية  تتخذ تركيا ساتر الجمعيات الخيرية والدور الإنساني والاجتماعي لتحقيق أهداف استخباراتية خبيثة تندرج تحت الحصول على معلومات عن الداخل اللبناني والسيطرة على مناطق الشمال السنية لتحقيق أهدافها التوسعية ضمن الهدف الأسمى وهو إعادة إحياء الخلافة العثمانية، حيث يدرك أردوغان أنّ احتلال تركيا لأراضٍ عربية  لن يتقبله الداخل العربي إذا تلقاه من أردوغان والقيادات التركية، بينما من الممكن تسويقه إذا روجته وباركته قيادات حركات إسلامية عربية، وأخرى مرتبطة بالحالة الفلسطينية، ويتطلب نجاح خطة ضمّ الأراضي العربية المستهدفة أولاً في سوريا والعراق تغيير وجه الجماعة، والإيحاء بأنها مختلفة تحت القيادة التركية عما كانت عليه بقيادة إخوان مصر، كما يتطلب تصوير مهمة ودور الجماعة في مرحلتها الجديدة تحت القيادة التركية، كونها مهمة مقدسة، يقودها قائد إسلامي، ما يتيح للجماعة وللرئيس التركي ليس فقط الحصول على قبول قطاع من الجمهور العربي بتحركات وممارسات الجيش التركي في العمق العربي، إنما أيضاً الحصول على مجهودات بعض العرب في مساندة الجيش لاحتلال أراضيهم.
بداية الوهم
بعد 5 أيام فقط من فوزه في الانتخابات الرئاسية التركية، أعلن رجب طيب أردوغان في 1 أغسطس 2014، نيته القيام بأول زياراته الخارجية إلى كل من جمهورية شمال قبرص التركية وأذربيجان. تجمع بين تركيا وهاتين الدولتين
المقربتين منها ميزة خاصّة، وهي أنهما مؤلفتان من تركيبة سكانية قومية تركمانية كالتّي يتألف منها معظم سكان تركيا. غير أن وجود التركمان لا ينحصر في الدول الثلاثة المذكورة فقط، إنما هم موجودون كذلك في كل من تركمنستان، أوزبكستان،
باكستان، قرغيزستان، أفغانستان، كازاخستان، إيران، روسيا، أوكرانيا، سوريا، العراق، لبنان وغيرها وبنسب مختلفة.
لم ينبع خيار أردوغان في التوجه إلى تلك الدولتين من أنهما من أكثر الدول المقربين من سياسة بلاده فقط، إنما كذلك، يشير اختياره هذا، إلى البُعد القومي الذي يحمل مكانة مهمة في سياسة تركيا الخارجية منذ وصول حزبه إلى السلطة منذ العام 2002، غير أن مدى تأثير تركيا في كل من الدول التي يسكنها تركمان، ومدى فعالية سياستها الخارجية ونفوذها عليهم تختلف من دولة إلى أخرى، وذلك تبعا لظروف الدول نفسها، كما لهوية سلطاتها وعلاقتها مع تركيا ونسبة عدد التركمان مقارنة بمجمل أعداد سكان هذه الدول
في لبنان، لا يشكّل التركمان أكثر من 1% من سكانه، وهم غير ممثلون سياسيا في السلطة اللبنانية، أو منهم شخصيات مؤثرة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية اللبنانية، إلا أن تركيا لم تمانع الاهتمام بهم بالرغم من ضآلة المردود السياسي الناتج عن هذا الاهتمام، خاصة  أن جميع التركمان اللبنانيون هم جزء من الطائفة السنية، إلا أنهم يتميزون باختلاف مراحل توافدهم إلى لبنان،
كما بنسبة وعيهم القومي التركماني وتوزعهم الجغرافي المتباعد على الأراضي اللبنانية. 
لم يبد حكام تركيا السابقين إلا استثنائيا إهتماما بالتركمان خارج بلادهم، على الرغم من قدم ومكانة هذا الاهتمام في السابق، بالمقابل، جعل حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي الحاكم منذ العام 2002، البُعد القومي ذات أهمية أكبر في سياسته الخارجية، فكان الاهتمام بالتركمان جزءا من هذه السياسة الخارجية المهتمة بتوسيع نفوذ تركيا وتأثيرها في محيطها الإقليمي. 
وموضوع التركمان وسياسة تركيا القومية منهم، يقع ضمن خانة الإرث التاريخي والثقافي لتركيا كوريث للسلطنة العثمانية (العمق التاريخي)، فمن أجل زيادة نفوذ تركيا الخارجي، تستخدم هذه الأخيرة مكامن القوة التي لديها في الموضوع الثقافي عبر إعادة إحياء الوعي القومي والتاريخي عند الشعوب العربية والتركمان الذين يعيشون خارجها.
استخدمت تركيا مع العرب، منذ بداية حكم "العدالة والتنمية" إلى اليوم، وسائل عدة من أجل إغواءهم بها عبر إعادة إحياء الثقافة المشتركة، فكانت المسلسلات والأفلام والسياحة مجموعة من أدوات عدة استخدمت لهذا الغرض، كما اعتمدت كذلك على
ترويج صورتها كمؤازر للعرب في قضاياهم الجامعة كالقضية الفلسطينية ومن ثم الدفاع عن الإسلام السياسي بعد الربيع العربي، بالإضافة إلى المساعدات الإنسانية الكبيرة على أشكالها والمعاهدات الاقتصادية وإتفاقيات التجارة الحرة وفتح الحدود
مع الدول العربية.
على الرغم من نجاحها الملفت قبل الربيع العربي، إلا أن إحياء تركيا للأبعاد الثقافية عند العرب بقيت مفاعيلها هامشية سواء كان لالتزاماتهم المسبقة بأطراف ونزاعات وولاءات، أو بسبب عددهم الكبير الذي لا تستطيع تركيا التأثير عليه بشكل كلي، أو
بسبب خسائر تركيا السياسية في أكثر من مكان كتلك التي منيت بها مع إقصاء جماعة "الإخوان المسلمين" عن الحكم في مصر مثلا.
أما في موضوع التركمان، ومقارنة مع العرب، فإن لتركيا إمكانية للتأثير عليهم بشكل أكبر، ويعود ذلك لعوامل عديدة أبرزها سهولة التواصل والتأثير عليهم عبر إعادة إحياء اللغة التركية كجامع مشترك بين الطرفين بالإضافة إلى الانتماء السني
المشترك كذلك، كما بسبب قلة أعداد التركمان من ناحية وعدم التنافس مع أي طرف إقليمي آخر في كسب ولائهم على عكس الحالة مع العرب، بالإضافة إلى خبرة تركيا في التعامل مع التركمان خارجها والتي اكتسبتها مع التركمان في القوقاز وآسيا الوسطى بعد انهيار الإتحاد السوفيتي.
إلا أن أي سياسة واضحة المعالم من قبل تركيا تجاه التركمان غير موجودة، ففي قراءة لأبرز مشاريع وبرامج حزب "العدالة والتنمية" وسياساته الخارجية لا ذكر لهم بشكل منفرد، إنما يتم التطرق لهم عادة، ومن دون تسميتهم، من ضمن سياسة تركيا والحزب الحاكم الخارجية الساعية لمد أواصر التعاون الثقافي والديني والاقتصادي والسياسي مع الشعوب في الدول المحيطة.
يمكن بالتالي استنتاج عدم وجود سياسة قومية لتركيا في موضوع مقاربة العلاقة مع التركمان خارجها، إنما التركمان هم جزء من كل الشعوب التي تسعى تركيا إلى استمالتهم والتأثير عليهم عبر إعادة إحياء المشتركات الثقافية والأبعاد التاريخية بوسائل عدة. في حين تبقى العلاقة مع التركمان والقدرة على التأثير عليهم، مقارنة مع العرب، أسهل بالنسبة لتركيا، وذلك لعدم وجود تنافس مع قوى إقليمية أخرى كما بسبب عناصر اللغة والدين والقومية المشتركة بينهما ولم تقم تركيا "باكتشاف" وجود التركمان في لبنان إلا منذ فترة قصيرة نسبيا ، وهي تعود، بحسب روايات سكان القرى التركمانية في شمال لبنان، إلى ما بين العام 2011 والعام 2012 عبر حادثة عرضية، هذه الحادثة يتناقلها سكان قرية الكواشرة التركمانية في عكار، وتقول أن أحد أبناءها كان يخدم في الجيش اللبناني في منطقة الرابية في المتن الشمالي ويتكلم بعض الكلمات التركية، فقام الضابط المسؤول عنه بتعريفه على سفير تركيا حينها إبراهيم ديشليلي، فبات هذا الاكتشاف محط اهتمام تركي، وقرية الكواشرة وجارتها عيدمون مقصد دوري للسفراء الأتراك المتتالين
المساعدات التركية لتركمان لبنان
قبل حكم "العدالة والتنمية"، لم يتعد الاهتمام التركي بالقرى التركمانية حدود إقامة العلاقات الشخصية وإعطاء بعض سكان القريتين عددا محدودا من المنح الجامعية للدراسة في الجامعات التركية، إلا أن الاهتمام بهم زاد تزامنا مع تغير الحكم في
أنقرة، وبروز اهتمام بإعادة إحياء المشتركات الثقافية والتاريخية مع شعوب الدول المحيطة ومنهم التركمان خارج تركيا.
منذ العام 2007 قامت تركيا بعدة مشاريع اقتصادية وثقافية وتاريخية مع الأقلية التركمانية في لبنان، وذلك عبر عدة جهات في الدولة التركية مثل أجهزة السفارة التركية في بيروت، والقوات التركية العاملة في جنوب لبنان ضمن قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام ( UNIFIL) والجمعيات الإنسانية التركية.
تحصد قرية الكواشرة أكثر المشاريع التركية المنفذة للتركمان في لبنان. من أبرز هذه المشاريع المنح الجامعية لطلابها للتعلم في تركيا، كما أن السفارة التركية في بيروت والهلال التركي قاموا ببناء مدرسة ثانوية في القرية والتي قدم الجيش التركي في قوات حفظ السلام مولّدا لها بالإضافة إلى تجهيز مبنى وتقديم مستلزماته لتعليم الكومبيوتر في القرية، بالإضافة إلى ذلك، تقوم السفارة التركية ببناء شبكة مياه للري الزراعي وأخرى لمياه شفة وقاعة لمسجد البلدة، كما قدّمت مستوصفا صحيا وسيارة إسعاف في قرية البيرة المسيحية القريبة من الكواشرة. كذلك، تؤمن السفارة التركية في بيروت أستاذا تركيا ليعلّم أبناء الكواشرة وعيدمون وطرابلس اللغة التركية 
أما قرية عيدمون العكارية فتحل في المركز الثاني بعد قرية الكواشرة بنسبة الاهتمام التركي فيها، حيث عمدت السفارة التركية في بيروت إلى إنشاء مدرسة للبلدة تعلّم اللغة التركية إلى جانب البرنامج الرسمي للثانويات اللبنانية وتم تسليم إدارة المدرسة إلى الدولة اللبنانية، وهي المدرسة التي تم افتتاحها خلال زيارة أردوغان إلى لبنان في يناير من 2010، بالإضافة إلى ذلك فإن تركيا تبني مشروع مياه للقرية ونظام صرف صحي فيها، في حين أهدت الكتيبة التركية العاملة في جنوب لبنان بعض أجهزة الكومبيوتر لمدرستها، بالمقابل، لم يغب إهتمام أجهزة السلطات التركية بتركمان بعلبك، إلا أنه بقي ثانويا مقارنة مع التركمان العكاريين. فبحسب تقرير "مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية" بنى الهلال التركي في قرية شيمية مدرسة، وتعمل السفارة التركية على بناء واحدة في قرية دوريس وأخرى في نانانية، في حين أن المنح الجامعية لتركمان بعلبك هي نادرة جدا بحسب التقرير بالإضافة إلى المساعدات المباشرة للقرى التركمانية، يقوم اللبنانيون المتعلمون سابقا في تركيا، كما التركمان البارزين في مجتمعاتهم والأتراك من أمهات لبنانية الذين يعملون في لبنان، بإنشاء جمعيات لتعزيز حضور التركمان في لبنان كما لتعزيز الروابط بين لبنان وتركيا. هذه الجمعيات لها علاقات متينة مع جمعيات إقليمية تركية أخرى كما مع السفارة التركية، وأبرزها في لبنان: "رابطة الشباب اللبناني التركي"، "الجمعية اللبنانية التركية"، "الجمعية الثقافية التركية في لبنان"، "جمعية الصداقة اللبنانية التركية في صيدا"، بالإضافة إلى جمعيات للبنانيين من أصل كريتي في بيروت وهي "نجم المستقبل" و "جيل المستقبل".
لـ"رابطة الشباب اللبناني التركي" الأهمية الأكبر بين هذه الجمعيات، وهي مرؤوسة من الصحفي في وكالة أنباء الأناضول في بيروت حمزة تاكين، والذي قام بتمثيل حزب "العدالة والتنمية" في السفارة التركية في بيروت خلال إجراء الانتخابات
الرئاسية التركية الأخيرة في أغسطس من العام 2014،  تقوم الرابطة بمشاريع اجتماعية عديدة كما احتفالات دائمة برعاية رسمية ودينية لبنانية بالإضافة إلى أنه في داخل تنظيم الرابطة لجان عدة معنية بالتركمان اللبنانيين، في حين لا تغيب السياسة عن نشاطاتها كذلك، حيث كان آخرها تنظيم وقفة احتجاجية في بيروت نصرة لقطاع غزة أما "الجمعية اللبنانية التركية" فهي مرؤوسة من زاهر سلطان ووجودها أكبر في مدينة طرابلس من أي مكان آخر في لبنان، وتعمل مع "الجمعية الثقافية التركية في لبنان" بشكل أساسي في مواضيع نشر اللغة التركية، ومعارض الجامعات التي تجري دوريا في لبنان بالإضافة إلى الاهتمام بالتراث العثماني والتركي في مدينة طرابلس.
ومنذ العام 2013، بدأ التركمان في لبنان يعبّرون عن انتماءهم القومي والسياسي الجديد أكثر من قبل. فهم وإن بقوا جزءا متلائما في الانتماء السياسي والمذهبي مع بقية مجتمعهم السني المؤيد بشكل غالب لتيار المستقبل، إلا أنهم بدؤوا بالتعبير
عن تأيدهم لحزب "العدالة والتنمية" التركي عبر برقيات التهنئة المتتالية من مسؤوليهم المحليين، ورفع الأعلام التركية وتلك التابعة للحزب في القرى التركمانية في عكار خصوصا، بالإضافة إلى ذلك، تعمل بعض الجمعيات التركية على التحضير لمشروع يطالب الدولة اللبنانية بتخصيص مقعد نيابي واحد يمثل التركمان في البرلمان اللبناني.
وتشكّل الحرب السورية ونزوح السوريين إلى لبنان خطرا ثانيا وذلك بسبب نزوح عدد كبير من التركمان السوريين إلى قراهم ما يعزز شبكات الترابط فيما بين الطرفين ويزيد من وجودهم الديمغرافي كجماعة مميزة عن محيطها اللبناني/السوري العربي، يضاف إلى ذلك إلى أن انتماء التركمان السوريين القومي هو أكبر من انتماء التركمان اللبنانيين القومي ما يعزز إمكانية تأثير السوريين على إخوتهم اللبنانيين في مجال زيادة الوعي القومي اللغوي والثقافي التركماني لديهم. كذلك، قد يلعب هذا النزوح دورا في زيادة المساعدات التركية للتركمان في لبنان عبر تخصيص جزء من المساعدات التي كانت تعطى للتركمان السوريين على اعتبار أن قسما منهم بات يسكن في لبنان ويصعب إيصال هذه المساعدات التركية إلى داخل سوريا بسبب الحرب.
كل هذا يشكل أرضا خصبة للاستخبارات التركية في التحرك في الداخل اللبناني وتنفيذ برامج وأليات تخدم المشروع الاستعماري لأردوغان ومحاولة تحقيق وهم الخلافة

شارك