في نداء عاجل للأمم المتحدة.. مؤسسة ماعت تحذر من استخدام تركيا للمياه كسلاح لتعطيش جيرانها

الأربعاء 02/سبتمبر/2020 - 02:11 م
طباعة في نداء عاجل للأمم علي رجب
 

 

أرسلت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، نداء استغاثة عاجل إلى الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، وخاصة إلى السيد ليو هيلر المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي بشأن استخدام تركيا للمياه كسلاح لتعطيش جيرانها. وقالت المؤسسة أن المناطق الشرقية والشمالية الشرقية في سوريا وبخاصة على ضفاف نهر الفرات تعاني من نقص المياه، وذلك على خلفية حجز مياه النهر من قبل الحكومة التركية، الأمر الذي يزيد من احتمالية تفشي الأمراض المختلفة لسكان المنطقة وخاصة في ظل انتشار فيروس كورونا، بالإضافة إلى التأثير على الحالة البيئية والحقوقية في مناطق متعددة داخل سوريا.

 

وأوضحت مؤسسة ماعت من خلال رسالتها للمقرر الأممي أن إغلاق بوابات عبور مياه الفرات إلى سوريا من قبل السلطات التركية، قد تسبب في انخفاض منسوب المياه إلى حد كبير الأمر الذي انعكس سلبا على توليد الكهرباء من سد الفرات وتضرر القطاع الزراعي مع نقص كميات كبيرة من مياه الشرب لدى المواطنين.

 

وأكد النداء أن الحكومة التركية قامت في يونيو 2020 بخفض الوارد المائي المتدفق إلي "سد تشرين" ثاني أكبر السدود على نهر الفرات مما أدى إلي تراجع مناسيب البحيرة وهذا بدوره أثر على توليد الطاقة الكهربائية التي تمد محطتي الفرات وتشرين في مناطق شمال وشرق سوريا، فبعد أن كانت تعمل بقوة 18 ساعة لتوليد الكهرباء أصبحت تعمل بقوة 12 ساعة فقط كنتيجة مباشرة لانخفاض منسوب المياه المتدفق من سد تشرين، وهذا الأمر مخالف للاتفاقية السورية التركية التي تم توقيعها عام 1987.

 

وقال أيمن عقيل رئيس مؤسسة ماعت أن السلطات التركية تعمل باستمرار على استخدام الموارد المائية المختلفة في صراعها السياسي مع قوات سوريا الديمقراطية، فعلى سبيل المثال تقوم بقطع المياه عن محطة مياه علوك في الحسكة وهي المحطة التي تقوم بتغذية حوالي 600 ألف شخص في مناطق شمال شرقي سوريا، مما يهدد حياة هؤلاء الأشخاص بشكل مباشر عن طريق قطع مياه الشرب وبشكل غير مباشر من خلال تهديد النظافة الشخصية الخاصة بهم بما يسهم في انتشار الأمراض مثل فيروس كورونا، أو عدم توفير المواد الغذائية الزراعية المختلفة بسبب نقص المياه التي يتم استخدامها في الزراعة، هذا بالإضافة إلى تغير نمط الحياة للسكان المعتمدين على الزراعة والصيد كنتيجة لتغيرات البيئة المرتبطة بنقص المياه، الأمر الذي يزيد من الهجرة والنزوح الداخلي للسكان.

 

من جانبها طالبت مونيكا مينا منسق وحدة الإجراءات الخاصة ولجان المعاهدات بمؤسسة ماعت بإجراء تحقيق مستقل كامل ووافي  وشامل في الاختراقات التي تقوم بها السلطات التركية ضد الدول المجاورة، فيما يتعلق بقطع المياه، وتأثير ذلك على الإقليم والبيئة في بلاد المنطقة، حيث يؤدي إلى تدمير الأراضي الزراعية، والجفاف، وانقطاع التيار الكهربائي نتيجة عدم القدرة على توليد الكهرباء من السدود العراقية والسورية، ونفوق الأسماك والثروة الحيوانية، والتصحر، فضلاً عن الغبار والملوثات الجوية، وحدوث ظاهرة الرياح الرملية. وتردي الأوضاع الاقتصادية المنهكة أساسًا، وارتفاع نسبة البطالة، لكن الأخطر هو إمكانية تشكيل موجة نزوح كبيرة.

بدأت تركيا على سوريا بتخفيض كميات مياه نهر الفرات القادمة إلى سوريا منذ أكثر من شهرين، وتم إطلاق العديد من النداءات والتحذيرات من نقصان في مياه الشرب والطاقة الكهربائية وانتشار الجفاف.

 

وتأتي حرب المياه هذه، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في وقت سابق في إطار الضغط المتكرر على السكان في مناطق نفوذ "قوات سوريا الديمقراطية"، وذلك للمرة الثامنة منذ سيطرة القوات التركية على المحطة الواقعة بريف الحسكة الشمالي.

 

وتعاني المناطق الشرقية والشمالية الشرقية السورية وخاصة على ضفاف نهر الفرات من شحّ المياه، فقد أوقفت ميليشيات الفصائل السورية الموالية لاحتلال التركي، منذ 13 أغسطس الجاري مضخات المياه في محطة علوك الواقعة شرقي مدينة رأس العين، لتقطع المياه عن مدينة الحسكة وريفها للمرة الثامنة منذ سيطرتها على مدينتي رأس العين وتل أبيض في أواخر العام الماضي.

وقد تعمدت الدولة التركية خفض معدل مياه نهر الفرات بنسبة اكثر من 60%  من إجمالي الكمية التي تُضخ إلى الأراضي السورية على نهر الفرات، وتحولت ضفاف النهر ـ الذي تُضخ منه مياه الشرب إلى عشرات المدن والبلدات ـ إلى أرضٍ قاحلة .

حملة أطلقت بعنوان "العطش يخنق الحسكة" كانت بمثابة "صرخة سورية" ملأت مواقع التواصل الاجتماعي، والهدف تسليط الضوء على نحو مليون مدني في المحافظة يعانون من جراء قيام تركيا بإيقاف ضخ المياه إليهم.

الناشطون أطلقوا صرخاتهم ضد "حرب المياه" التي أقدمت عليها تركيا بعدما عاشوا نحو أسبوعين يعانون على وقع "ابتزاز أنقرة" على حد قولهم.

المسؤول الإعلامي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في سوريا، سلام الجنابي، قال من جانبه إنه من الخطورة تعريض الأطفال والأسر للجفاف واحتمال استخدامهم للمياه غير الآمنة بسبب انقطاع مياه الشرب من محطة علوك بريف الحسكة، مشدد على ضرورة "عدم استخدام مرافق المياه لتحقيق مكاسب عسكرية أو سياسية"، وقال "عندما يحدث ذلك، يكون الأطفال هم أول من يعاني".

وقال المسؤول الإعلامي للمنظمة الدولية إن انقطاع إمدادات المياه خلال الجهود الحالية للحد من انتشار مرض فيروس كورونا يضع الأطفال والأسر في خطر غير مقبول.

وتعتبر محطة علوك المصدر الرئيسي للمياه لحوالي 460 ألف نسمة في مدينة الحسكة وتل تمر ومخيمي الهول والعريشة طبقاً لمنظمات الأمم المتحدة.

مراقبون اعتبرو ان  المعطيات الميدانية على الأرض في سوريا والعراق تشير إلى نيّة الجيش التركي في فرض سياسة أمر واقعٍ جديد، من خلال التغيير الديمغرافي للتركيبة السكانية في المناطق التي يحتلها، لكنه يفشل في تحقيق هذا الهدف بالشكل المطلوب، فالجيش التركي يحاول أيضاً تغيير ديمغرافية المناطق التي تمكّن من الانتشار فيها، ولذلك تلجأ أنقرة لاستخدام سلاحها الجديد ضد سوريا والعراق وهو المياه.

وطالبت 43 متنظمة حقوقية سورية ودولية  المجتمع الدولي والأمم الأمم المتحدة ، معتبره ان الموقف التركي يعد انتهاكا لمبادئ القانوني القانون الدولي وملكية الموارد الطبيعية من خلالها إطار احترام السيادة لكل منها، وذلك في حالة عدم وجود اتفاقيات بين هذه الدول وهذا ما كان علية الحال بالنسبة للأنهار الدولية.

 وأضافت المنظمات أن المبادئ القانونية التي تحكم استغلال الأنهار الدولية بشكل منصف والتوزيع العادل لمياه شبكة الأنهار الدولية في غير شئون الملاحة.

وناشدت جميع الاطراف المعنية والاقليمية والدولية بتحمل مسؤوليتها تجاه شعب سوريا ومستقبل المنطقة ككل،  مطالبة باستمرار العمل الجدي والاسراع بخطوات من أجل التوصل لحل سياسي سلمي دائم لللازمة لسورية والعمل والضغط من اجل الانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات التركية المحتلة والمسلحين  المتعاونين معهم من عفرين وريف الحسكة وريف الرقة وادلب وجميع الاراضي السورية.

شارك