اعتقالات بالجملة في تونس .. النهضة تهدد المسار السياسي
السبت 25/فبراير/2023 - 11:42 ص
طباعة
أميرة الشريف
استمرارا لحملة الاعتقالات التي تنفذها السلطات التونسية ضد المعارضين السياسيين، وبالأخص المقربين من حركة النهضة الإخوانية، أوقفت الشرطة القيادي البارز جوهر بن مبارك، ليصبح معظم قادة جبهة الخلاص الوطني المعارضة رهن الاعتقال.
وتشهد تونس حملة توقيفات واسعة منذ أول فبراير الجاري ، شملت قياديين سياسيين وقضاة ورجل أعمال، بالإضافة إلى مدير إذاعة خاصة، للتحقيق معهم بشبهة التآمر على أمن الدولة والتورط في قضايا فساد مالي.
كما تم اعتقال الوزيرين السابقين والمعارضين السياسيين غازي الشواشي ورضا بلحاج، حيث يشدد الرئيس قيس سعيد على ضرورة المضي بثبات في حملة المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.
وأكد وزير التعليم السابق والقيادي بحزب "التيار الديمقراطي"، محمد الحامدي، اعتقال بلحاج في تدوينة عبر صفحته على فيسبوك، مشيراً إلى أنه جاء بعد مداهمة منزله.
وبن مبارك 55 عاما أستاذ جامعي في مادة القانون الدستوري ومعارض ينتقد قرارات الرئيس التونسي بتولي السلطات في البلاد منذ العام 2021 ويصفها بأنها "انقلاب دستوري"، وقد أطلق مبادرة سياسية معارضة تحت شعار "مواطنون ضد الانقلاب".
وغازي الشواشي هو محامي وبرلماني سابق في مجلس النواب، وكان مؤسسا مشاركا وعضوا في المكتب السياسي وأمينا عاما للتيار الديمقراطي من مارس 2016 إلى أبريل 2019، وتولى حقيبة أملاك الدولة والشؤون العقارية في 2020، وكان من أنصار الرئيس التونسي قبل أن يتحول إلى معارض ينتقد قراراته بتولي السلطات في البلاد منذ العام 2021 ويصفها بأنها "انقلاب دستوري.
ورضا بلحاج هو أيضا محامي وقيادي في جبهة الخلاص الوطني المعارضة وقد تولى منصب كاتب عام للحكومة ثم وزير معتمد لدى رئيس الحكومة في حكومة الباجي قايد السبسي، وبعد انتخابات 2014 شغل منصب مدير مكتب رئيس الجمهورية التونسية حتى فيفري 2016.
وقد أصدر قاضي التحقيق الأول بالقطب القضائي المالي مذكرة إيداع بالسجن في حق فوزي كمون المدير السابق لمكتب رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، وفق إذاعة موزاييك الخاصة.
وتشمل قائمة الملاحقين أمنيا الوزير الأسبق ورئيس حزب آفاق تونس، فاضل عبدالكافي، الذي دُعي للتحقيق مجدداً بسبب بيان لحزبه بشأن الاستفتاء على الدستور، وكذلك نقيب الصحفيين مهدي الجلاصي، والناشط السياسي وائل نوار، والحقوقية نورس الدوزي، والحقوقية أسرار بن جويرة، بتهمة التحريض على العصيان والاعتداء على موظف عمومي، وذلك بسبب تنظيم وقفة احتجاجية في 18 يوليو 2022 ضد الاستفتاء.
وتأتي هذه الايقافات بعد تسريب وثيقة كان الشواشي وبلحاج ضمن قائمة المشتبه بهم في ما يعرف بملف شبهة التآمر على أمن الدولة، وشملت قيادات من حركة النهضة وأعضاء بجبهة الخلاص المعارضة التي ينتمي إليها رضا بلحاج إلى جانب سياسيين ورجال أعمال و"عراب الربيع العربي" بيرنار ليفي، وآخرين.
ووفق الوثيقة المسربة فإن 17 شخصا تتعلق بهم شبهة التخطيط لتكوين مجموعة إرهابية بهدف الانقلاب على الحكم وتغيير هيئة السلطة القائمة بعد 25 يوليو 2021، والتآمر على أمن الدولة الداخلي، وكذلك الإضرار بالأمن الغذائي للدولة، وقضايا فساد مالي.
وقررت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس، إحالة الموقوفين في قضية التآمر على أمن الدولة على قاضي التحقيق.
ويتّهم في القضية رجال أعمال وشخصيات سياسية تونسية والفرنسي برنار هنري ليفي الملقب بعراب الفتن والفوضى، بحسب الوثيقة ، واستغل برنار ليفي ما يسمى "الربيع العربي"، بظهوره العلني أمام عدسات المصورين ومشاركته الميدانية اليومية في التظاهرات التي اجتاحت شوارع تونس قبل سقوط زين العابدين بن علي، وظهوره المتكرر في ميدان التحرير وسط القاهرة،
وزار ليفي، تونس عام 2014 في زيارة مفاجئة، وهي زيارة أثارت غضب الشارع التونسي. ونتيجة للغضب الشعب، تمّ طرده وعاد إلى بلاده في اليوم التالي، ويعرف عن ليفي، دفاعه المستميت عن الإحتلال الإسرائيلي، وبمواقفه العدائية تجاه العرب.
جدير بالذكر أن القضاء المختص بمكافحة الإرهاب في تونس، يحقق مع زعيم حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي، بشبهة التعامل مع قيادات متطرفة من جماعة أنصار الشريعة، المصنفة تنظيماً إرهابياً في البلاد.
ويتوقع مراقبون أن تتجه الرئاسة التونسية إلى بذل الجهود لاستيعاب المعارضة واتخاذ الإجراءات اللازمة للحوار الشامل معها بغرض الحفاظ على استقرار المشهد الداخلي في تونس، وكذلك لمواجهة الضغط الخارجي، لا سيما من قبل الولايات المتحدة للعودة إلى آليات العمل الديمقراطي، ودعم إجراء حوار وطني شامل بين مؤسسات الدولة والأحزاب والمكونات السياسية والمدنية الأخرى.
و تدخل تونس 2023 مرحلة جديدة قد تحول المشهد الحالي لمشهد أكثر استقرارًا بزعامة وحنكة الرئيس قيس سعيد، لتنهي أعواما من الصراعات تسببت فيها حركة النهضة الإخوانية التي قضت سنوات تصارع لإفشال السلطات المتعاقبة لتترأس المشهد السياسي وتفوز بكرسي العرش وهذا لن يسمح به التونسيون مجددًا.