بين التشكيك والترحيب .. تقارب سعودي - إيراني بعد قطيعة دامت 6 سنوات
السبت 11/مارس/2023 - 11:30 ص
طباعة
أميرة الشريف
بعد قطيعة دامت لأكثر من 6 أعوام ، اتفقت السعودية وإيران على إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما، حيث أصدر الطرفان بيانًا مشتركاً صدر في بكين، أكد أن الرياض وطهران اتفقتا على استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح سفارتي البلدين.
وذكر البيان أن الجانبين اتفقا على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وتفعيل اتفاق التعاون الأمني الموقع بينهما عام 2001.
وشكر البلدان في البيان، كلاً من العراق وعمان على استضافة المحادثات بين الجانبين في 2021 و2022.
كما اتفقا على تفعيل اتفاق للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار موقع عام 1998.
وأفاد البيان أن السعودية وإيران اتفقا على تفعيل اتفاق التعاون الأمني بينهما الموقع في 2001، وأنهما تؤكدان على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وأوضحت الخارجية السعودية أن الإتفاق جاء استجابة لمبادرة من الرئيس الصيني الذي يهدف "لدعم الصين وتطوير علاقات حسن الجوار بين السعودية وإيران، بحسب البيان.
فيما أشارت تقارير إعلامية بأن هناك اجتماع قريب بين وزيري خارجية إيران والسعودية.
وفي عدة تصريحات ألمح الطرفان بالرغبة في حل الخلافات بينهما من خلال الحوار والدبلوماسية في إطار الروابط الأخوية التي تجمع بينهما، والتزاماً منهما بمبادئ ومقاصد ميثاقي الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، والمواثيق والأعراف الدولية". بحسب البيان.
وعقب الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لبكين مؤخرا، بدأ أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، منذ يوم الاثنين 6 مارس الجاري متابعة اتفاقيات الزيارة وإجراء محادثات مكثفة مع وزير الدولة السعودي والمستشار في مجلس الوزراء ومستشار الأمن القومي السعودي مساعد بن محمد العيبان لحل المسائل العالقة بين البلدين، بحسب ما أوردته اليوم الجمعة وكالة أنباء فارس الإيرانية.
وبحسب الخارجية السعودية فقد جرت المباحثات في الفترة من 6 إلى 10 مارس الجاري في بكين بين وفدي الرياض وطهران، حيث كان من الجانب السعودي مساعد بن محمد العيبان وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني، ومن الجانب الإيراني الأدميرال علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران.
ووفق البيان أعرب الجانبان السعودي والإيراني عن تقديرهما وشكرهما لجمهورية العراق وسلطنة عمان لاستضافتهما جولات الحوار التي جرت بين الجانبين خلال عامي 2021 و2022.
كما أعرب الجانبان عن تقديرهما وشكرهما القيادة وحكومة جمهورية الصين الشعبية على استضافة المباحثات ورعايتها وجهود إنجاحها.
كما اتفقا على أن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين اجتماعاً لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما، كما اتفقا على تفعيل اتفاق التعاون الأمني بينهما الموقع في 17 أبريل 2001.
وفي الختام أعربت كل من الدول الثلاث عن حرصها على بذل الجهود كافة لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي.
وتعد إيران والسعودية أبرز قوتين إقليميتين في الخليج، وهما على طرفي نقيض في معظم الملفات الاقليمية وأبرزها النزاع في اليمن، حيث تقود الرياض تحالفًا عسكريًا داعمًا للحكومة المعترف بها دوليًا، وتتهم طهران بدعم المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد أبرزها صنعاء. كذلك، تبدي السعودية قلقها من نفوذ إيران الإقليمي وتتّهمها بـ"التدخّل" في دول عربية مثل سوريا والعراق ولبنان، وتتوجّس من برنامجها النووي وقدراتها الصاروخية.
ردود أفعال عربية ودولية
رحبت عدة دول عربية وغربية باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران، حيث أعرب المستشار أحمد فهمي المتحدث الرسمي باسم رئاسة جمهورية مصر العربية، عن تقدير مصر باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، مؤكدا أن هذه الخطوة مهمة.
وثمن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التوجه الذي انتهجته المملكة العربية السعودية في هذا الصدد، من أجل إزالة مواضع التوتر في العلاقات على المستوى الإقليمي، وتأكيد ارتكازها على مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة من حيث احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شئونها الداخلية، وترسيخ مفاهيم حُسن الجوار وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأكد المتحدث الرسمي أن مصر تتطلع إلى أن يكون لهذا التطور مردود إيجابي إزاء سياسات إيران الإقليمية والدولية، ويشكل فرصة سانحة لتأكيد توجهها نحو انتهاج سياسة تراعي الشواغل المشروعة لدول المنطقة، بما يعزز من فرص التعاون وتوطيد التواصل الإيجابي فيما بينها، من أجل رسم مسار للعلاقات يلبي آمال شعوب المنطقة في الازدهار والتقدم.
و أعلنت وزارة الخارجية المصرية، أنها تتابع باهتمام الاتفاق الذي تم الإعلان عنه باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران.
وقالت مصر إنها تتابع باهتمام اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، وتتطلع إلى أن يسهم في تخفيف حدة التوتر فى المنطقة.
وأعربت مصر عن أملها في أن يسهم اتفاق عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران في تعزيز دعائم الاستقرار والحفاظ علي مقدرات الأمن القومي العربي، وتطلعات شعوب المنطقة للرخاء والتنمية والاستقرار.
وأعلن الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب لرئيس الإمارات، ترحيب دولة الإمارات بالاتفاق بين السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية الثنائية، مثمنًا الدور الصيني في هذا الشأن.
وقال إن الإمارات مؤمنة بأهمية التواصل الإيجابي والحوار بين دول المنطقة نحو ترسيخ مفاهيم حسن الجوار والانطلاق من أرضية مشتركة لبناء مستقبل أكثر استقراراً للجميع.
من جهته، كتب نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان عبر "تويتر"، "يأتي استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإيران انطلاقاً من رؤية المملكة القائمة على تفضيل الحلول السياسية والحوار، وحرصها على تكريس ذلك في المنطقة". وتابع، "يَجمع دول المنطقة مصير واحد، وقواسم مشتركة، تجعل من الضرورة أن نتشارك سوياً لبناء أنموذج للازدهار والاستقرار لتنعم به شعوبنا".
وأشارت الخارجية العراقية في بيانها إلى "المساعي التي بذلتها الحكومة العراقية في هذا الإطار". حين استضافت العاصمة بغداد سلسلة من المفاوضات. وهي بحسب البيان ما "رسخ قاعدة رصينة من الحوار" ويؤذن بتدشين مرحلة جديدة.
من جانبه رحب مجلس التعاون الخليجي بعودة العلاقات بين الرياض وطهران، مشيراً إلى أنها "تسهم في تعزيز الأمن والسلام في المنطقة" وستعزز من "دعم استقرار ورخاء شعوب المنطقة".
وفي بيان رسمي ثمن الأمين العام للمجلس جاسم البديوي الجهود المبذولة من قبل سلطنة عمان وجمهورية العراق لاستضافتهما جولات الحوار السابقة، وجهود جمهورية الصين الشعبية واستضافتها لهذه المباحثات التي تمخض عنها استئناف العلاقات الدبلوماسية السعودية - الإيرانية".
ورحبت الخارجية اللبنانية بالبيان الثلاثي بشأن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإيران.
وقال وزير الخارجية والمغتربين اللبناني عبدالله بوحبيب أن هذه الخطوة "ستترك أثرها الإيجابي في مجمل العلاقات الإقليمية في المرحلة المقبلة".
وأشار إلى أن لبنان "لطالما دفع في تاريخه وحاضره أثمان الخلافات الإقليمية، وعليه ينعقد الأمل بأن تساهم هذه الخطوة في تعزيز ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأعرب الأردن عن أمله في أن "تسهم هذه الخطوة في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وبما يحفظ سيادة الدول وعدم التدخل بشؤونها الداخلية وبما يخدم المصالح المشتركة.
ورحبت البحرين في بيان للخارجية، بالاتفاق، آملة أن "يشكل خطوة إيجابية على طريق حل الخلافات وإنهاء النزاعات الإقليمية كافة بالحوار والطرق الدبلوماسية".
وأعربت سوريا في بيان لوزارة خارجيتها عن ترحيبها بالاتفاق مؤكدة أن "هذه الخطوة المهمة ستقود إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وإلى التعاون الذي سينعكس إيجابيا على المصالح المشتركة لشعبي البلدين خاصة ولشعوب المنطقة عامة".
ووصفت الجزائر في بيان للخارجية الاتفاق، بأنه "هام"، متوقعة أنه "سيمكّن البلدين من حل الخلافات مما سيُسهِم في تعزيز السلم والأمن في المنطقة وفي العالم".
ورحبت الحكومة اليمنية بالاتفاق، معربة عن أملها في أن يشكل، "مرحلة جديدة من العلاقات في المنطقة، بدءا بكف إيران عن التدخل في الشؤون اليمنية، وألا تكون موافقتها على هذا الاتفاق نتيجة للأوضاع الداخلية والضغوط الدولية التي تواجه النظام الإيراني".
وفي بيان، رحب بالاتفاق أيضا المجلس الانتقالي الجنوبي المشارك في الحكومة اليمنية، معربا عن أمله أن "يسهم ذلك في توطيد الأمن والاستقرار في منطقتنا والعالم".
ورحبت فلسطين أيضا في بيانين للرئاسة والخارجية بالاتفاق، ورأت أنه أن سيساهم في معالجة القضايا والأزمات العالقة في المنطقة ويعزز المناخ الإيجابي بها.
كما رحبت حركة "حماس" الفلسطينية بالاتفاق، واصفة إياه بأنه "خطوة مهمة على تعزيز الأمن والتفاهم العربي والإسلامي وتحقيق استقرار المنطقة"، وفق بيان لعضو المكتب السياسي للحركة، خليل الحية.
ورحب السودان، في بيان للخارجية بالاتفاق، مؤكدا أنه "ستنعكس حتما آثاره الإيجابية على مجمل الأوضاع الإقليمية حاضراً ومستقبلاً.
بدوره قال وزير الخارجية الإيراني، أمير عبد اللهيان، على "تويتر"، إن عودة العلاقات مع السعودية إلى طبيعتها يوفر إمكانيات هائلة للبلدين والمنطقة والعالم.
وقال الوزير الإيراني إن سياسة الجوار الإيرانية "تمضي بقوة في المسار الصحيح"، مؤكداً أن بلاده تعمل بنشاط على إعداد مزيد من الخطوات الإقليمية.
وقال الأمين العام لـجماعة "حزب الله" المدعومة من إيران، حسن نصرالله، "هذا تحول جيد. لماذا نكون سعداء؟ لأن لدينا ثقة في أنه لن يكون على حساب شعوب المنطقة، بل لمصلحة شعوب المنطقة.
وعلى مستوى المنظمات العربية والإسلامية، رحبت منظمة التعاون الإسلامي، في بيان، بالاتفاق السعودي الإيراني، معربة عن أملها أن "تساهم هذه الخطوة في تعزيز ركائز الاستقرار في المنطقة".
ورحب مجلس التعاون الخليجي في بيان بالاتفاق، معربا عن أمله أن "يسهم في تعزيز الأمن والسلام في المنطقة ودعم استقرارها".
كما رحبت رابطة العالم الإسلامي، في بيان بالاتفاق، آملة أن "يُسهِم في تعزيز الاستقرار والازدهار الإقليمي والدولي".
وقالت الأمانة العامة للمنظمة على تويتر إن المنظمة ترحب بالاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية "بين البلدين الكبيرين"، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، واتفاقية التعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة.
وعبر الأمين العام للمنظمة حسين إبراهيم طه عن أمله في أن تساهم هذه الخطوة في تعزيز ركائز السلم والأمن والاستقرار في المنطقة.
ورحب البرلمان العربي بالبيان الثلاثي المشترك، مؤكدًا على أهمية هذه الخطوة من أجل عودة الاستقرار بالمنطقة العربية، والسعي الحثيث لحل الأزمات العالقة، معربا عن أمله أن تساهم أيضا في تخفيف حدة التوتر القائمة وتحقيق الأمان لشعوب العالم أجمع.
في سياق متصل، وصف كبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ يي، المحادثات التي جرت بين السعودية وإيران في بكين بأنها "نصر للسلام"، مشيراً إلى أن الحوار بين الطرفين قدم "أنباء جيدة" للغاية للعالم المضطرب حالياً.
وأضاف أن "المحادثات مضت على أساس توافق آراء زعماء الصين والسعودية وإيران"، لافتاً إلى أن "الصين ستواصل لعب دور بناء في التعامل بشكل ملائم مع المواضيع الشائكة في العالم وفقاً لرغبات كل الدول".
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض إن واشنطن على علم بالتقارير حول "استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية"، مضيفًا أن بلاده ترحب بأي جهود تساعد في إنهاء الحرب باليمن وخفض التوتر في الشرق الأوسط.
وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، "سنرى... إذا كان الإيرانيون سيحترمون جانبهم من الاتفاق. فهذا ليس نظاماً يفي بكلامه عادة.
ورحبت فرنسا بالإعلان عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران داعية في الوقت نفسه طهران إلى "التخلي عن أعمالها المزعزعة للاستقرار".
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية آن كلير لوجندر إن باريس تؤيد "أي مبادرة يمكن أن تساهم بشكل ملموس في تهدئة التوترات وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين".
وأضافت أن وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا تبلغت بقرار استئناف العلاقات خلال اجتماع الجمعة في باريس مع نظيرها السعودي لأمير فيصل بن فرحان.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان إن "علاقات حسن الجوار بين إيران والمملكة العربية السعودية أساسية لاستقرار منطقة الخليج".
وانقطعت العلاقات بين الرياض وطهران في 2016، عندما هاجم محتجّون إيرانيون البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران بعدما أعدمت المملكة رجل دين شيعيًا معارضًا يُدعى نمر النمر.