في انتصار لحكومة باشاآغا.. باتيلي يُسلم بأحقية مجلسي النواب والأعلى للدولة في إدارة العملية السياسية الليبية

الأربعاء 15/مارس/2023 - 01:04 م
طباعة في انتصار لحكومة أميرة الشريف
 
يبدو أن الأزمة الليبية لم تشهد أي انفراجة مع التصرفات المتناقضة التي تقوم بها بعض الأطراف السياسية بحجة الوصول لحل، فالخطوات التي يقوم بها المبعوث الأممي عبدالله باتيلي للإسراع في إجراء انتخابات بدأ يتراجع عنها وسلّم مؤقتا بأحقية مجلسي النواب والأعلى للدولة في إدارة العملية السياسية في جوانبها التشريعية، واعترف أيضا بلجنة (6+6) المشكلة من المجلسين لحل النقاط الخلافية المتعلقة بقوانين الانتخابات.
ويعد هذا التراجع انتصارًا قويا لمجلسي النواب والأعلي للدولة وحكومة فتحي باشاآغا، والذي تعمد المبعوث الأممي تجاهله مرارا وتكرارا والاجتماع منفردًا مع حكومة عبد الحميد الدبيبة.
ويؤدي ذلك إلي فقد الليبيين آمالهم في تحقيق الاستقرار في القريب العاجل،  حيث كانوا يعلقون أحلامهم في عودة الأمن والأمان لبلادهم على المنظمة الأممية لحلحلة الأزمة السياسية والخروج بهم من هذه الدائرة المفرغة، في ظل تواصل مأزق الخلاف بين الفرقاء حول شروط الترشح للمشاركة في الاستحقاق.
وكان باتيلي قد طرح خطة بتشكيل لجنة تسييرية رفيعة المستوى للاستحقاق تتولى وضع قاعدة دستورية وصياغة قوانين الانتخابات وتحديد خارطة طريق بعد أن حكم على مجلسي النواب والدولة بعدم النجاح في إنجاز هذه المهمة، لكن مبادرته التي لاقت دعما أمريكيا وغربيا ومن المجلس الرئاسي الليبي وحكومة الوحدة جوبهت بهجوم حاد من مجلس النواب.
ويري مراقبون بأن تراجع باتيلي عن مبادرته جاء بعد المعارضة الشديدة التي لقيها من مجلسي النواب والأعلى للدولة، وأيضا تحفظات بعض القوى الدولية والإقليمية ومنها روسيا ومصر، والتردد الذي طبع مواقف قوى أخرى ومنها فرنسا.
ودفع هذا الضغط باتيلي إلى تعديل خطته والاعتراف بالتعديل الدستوري الذي أقره مجلس النواب ونشره في الجريدة الرسمية، قبل حتى إقراره من طرف المجلس الأعلى للدولة، في خطوة استباقية لإحاطة المبعوث الأممي أمام مجلس الأمن، التي قدمها في 27 فبراير الماضي.
وبرر سبب تراجعه عن تشكيل اللجنة التي أطلق عليها اسما جديدا "لجنة رفيعة المستوى"، بأنه لم يكن هناك أي تعديل للإعلان الدستوري قبيل نحو يومين من إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي، ما يعني أنه فوجئ بهذا الاتفاق بين مجلسي النواب والدولة اللذين فشلا طوال سنوات في الاتفاق على قاعدة دستورية للانتخابات، لكنهما بمجرد علمهما برغبة باتيلي في إحداث آلية بديلة لهما صدّقا بسرعة على تعديل الإعلان الدستوري في الوقت بدل الضائع، حتى لا يتم تجاوزهما، ما أربك المبعوث الأممي.
وخاطب باتيلي مجلسي النواب والدولة مستغربا "عشية إحاطتي وجدتم الحل!" خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة الليبية طرابلس في 11 مارس الجاري والتي أعلن فيها خطته المعدلة.
وكان المبعوث الأممي قد حذر من خطورة ترك الانتخابات فقط في يد المجلسين وأمهلهما حتى منتصف يونيو المقبل لإعداد قوانين الانتخابات ووضع خارطة طريق لتنظيم الانتخابات حتى لا يتم تمطيط مواعيدها مجددا.
و صرح بأن "الخلاف ما زال قائما حول شروط الترشح للانتخابات الرئاسية رغم إعلان رئيسي مجلسي النواب والدولة الوصول إلى اتفاق بشأن الإعلان الدستوري"، فمن دون كسر صخرة ترشح مزدوجي الجنسية التي تسد الطريق نحو الانتخابات، فلن يكون لأي اتفاق معنى ولن يضيف سوى تمديد عمر مؤسسات الدولة التي وصفها المبعوث الأممي بأنها "فقدت شرعيتها منذ أعوام".
وتعتبر هذه الفرصة الأخيرة لمجلسي النواب والدولة لحل عقبة مزدوجي الجنسية، قبل أن يلجأ باتيلي إلى خيار "لجنة رفيعة المستوى" لإعداد القاعدة الدستورية وقوانين الانتخابات، حتى لا يكون مستقبل ليبيا رهين خلافات المجلسين.
وغرقت ليبيا في صراعات سياسية منذ ثورة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي وأطاحت بمعمر القذافي، وقُسمت ليبيا في 2014 بين فصائل شرقية وغربية متناحرة وانتهت آخر موجة صراع كبيرة في عام 2020 بوقف إطلاق النار.
وتعيش ليبيا على وقع توتر سياسي وعسكري متصاعد ومحتدم، نتيجة الصراع على السلطة بين حكومتي، والطرفان يحظيان بدعم من ميليشيات مسلحة تتمركز في طرابلس ومصراتة.
وتتصارع على السلطة في ليبيا منذ مارس2022 حكومتان إحداهما برئاسة فتحي باشاغا وكلفها مجلس النواب بطبرق والأخرى معترف بها من الأمم المتحدة وهي حكومة الوحدة برئاسة الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.

شارك