أمريكا تتخلي عن " التخفي " وتعلن نشر غواصة صواريخ لتهديد الملالي !
وسط تصاعد التوترات مع طهران ووكلائها في المنطقة، تبعث الولايات المتحدةرسالة من خلال نشرها علناً إحدى غواصات الصواريخ الموجهة القليلة التيتملكها في المنطقة. وهو امر غريب تماما عما هو متبع من سرية "عسكرية " حيث لا يتم الإعلان عن عمليات نشر الغواصات الأمريكية مسبقاً، خاصةًعندما تدخل منطقة عمليات يحتمل أن تكون ساخنة وقد تتطلب منها الاعتمادعلى التخفي، الذي هو ميزتها الرئيسية في العمليات. ولكن الغواصات ذاتالأسلحة التقليدية المزودة بالصواريخ الموجهة تشذ عن القاعدة - أحياناً يُحدَّدوجودها بوضوح على أنه استعراض للردع. ويبدو أن هذا كان الهدف الرئيسيعندما أعلنت "القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية" أنه قد تم نشرالغواصة الأمريكية "يو إس إس فلوريدا" (SSGN-728) في الشرق الأوسط"لتعزيز الأمن والاستقرار البحري في المنطقة". وتجدر الإشارة إلى أنالغواصة "يو إس إس فلوريدا" هي واحدة من أربع غواصات فقط مزودةبصواريخ موجهة وتابعة للقوات الخاصة في أسطول "البحرية الأمريكية" - وعادة ما يتم تكليفها بمهام سرية ذات أولوية قصوى.
جاء ذلك بعد ان تعرضت قاعدة أمامية مأهولة بجنود أمريكيين بالقرب منالحسكة في سوريا لهجوم بطائرة بدون طيار محمّلة بالمتفجرات أطلقتهامليشيات شيعية عراقية تابعة لـ "الحرس الثوري الارهابي " الإيراني. وأسفرذلك الهجوم عن وقوع إصابات متعددة بالإضافة إلى مقتل مقاول أمريكي - وهي حصيلة تجاوزت خطوط واشنطن الحمراء وأدت إلى شن غارات جويةأمريكية متعددة داخل سوريا. ومع ذلك، لم تنجح هذه الضربات إلا جزئياً فيردع إيران ووكلائها - وسرعان ما تم إطلاق وابل من الصواريخ على مُجَمَّعأمريكي آخر في سوريا، مما أثار مخاوف بشأن المزيد من التصعيد.
وتزامنت هذه الاشتباكات مع سلسلة من الضربات الجوية الإسرائيلية الدقيقةالتي تم توجيهها من مسافة آمنة ضد أهداف تابعة لـ "الحرس الثوري" الإيراني و "حزب الله" في سوريا ابتداءً. وأدى مقتل ضابطين من "الحرسالثوري" وعناصر آخرين إلى إصدار طهران وعود بالانتقام. ، كما حاولت طائرةمسيّرة، يُشتبه أنها إيرانية وفقاً لبعض التقارير، اختراق شمال إسرائيلانطلاقاً من سوريا ولكن تم إسقاطها. و أسقطت إسرائيل طائرة مسيّرة منطراز "شهاب" تابعة لـ "حماس" أثناء محاولتها الدخول من قطاع غزة.
وفي غضون ذلك، أدى تصاعد التوترات في الضفة الغربية إلى توجيه عدةضربات صاروخية ضد إسرائيل، أُطلقت بعضها الفصائل الفلسطينية فيجنوب لبنان بينما تم إطلاق البعض الآخر من غزة وسوريا. ورداً على ذلك،شنت إسرائيل غارات جوية استهدفت مواقع الإطلاق. ويُعتبر خطر التصعيدكبيراً نظراً للتوترات المستمرة في جبل الهيكل/الحرم الشريف وإعلان إيران"يوم القدس" في الجمعة الأخيرة من رمضان،. وفي هذا السياق، بإمكانالولايات المتحدة وشركائها الاستفادة من التأثير الرادع وقدرات جمع المعلوماتالاستخبارية القوية للغواصة الأمريكية "يو إس إس فلوريدا" - ومن قوتهاالنارية الإضافية إذا لزم الأمر.
وتعليقا علي هذا الاعلان غير المعتاد قال فرزين نديمي المحلل المتخصصفي الشؤون الأمنية والدفاعية المتعلقة بإيران ومنطقة الخليج في معهد واشنطن انه سبق و اعترفت "البحرية الأمريكية" بنشر غواصة في المنطقة في عام . 2020، حيث عبرت الغواصة "يو إس إس جورجيا"، وهي غواصة أخرى مزودةبالصواريخ الموجهة التي تعمل بالطاقة النووية، مضيق هرمز بينما كانت تطفوعلى سطح المياه إلى جانب طرادتي صواريخ أمريكيتين. وتم هذا الانتشارخلال فترة أخرى من التوترات الشديدة التي تميزت بتطورين: الذكرى الأولىالوشيكة للضربة الأمريكية التي أدت إلى مقتل قائد "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري" الإيراني قاسم سليماني، واغتيال المسؤول النووي الإيرانيالرفيع المستوى محسن فخري زاده ، على يد إسرائيل كما يُزعم. وفي ذلكالوقت، تم نشر مجموعة حاملة الطائرات "نيميتز" أيضاً في شمال بحر العربلدعم انسحاب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان.
وجرت عملية نشر أخرى رفيعة المستوى في /أكتوبر 2022، عندما قام قائد"القيادة المركزية الأمريكية" الجنرال مايكل كوريلا بجولة في الغواصة المزودةبصواريخ باليستية "يو إس إس ويست فيرجينيا" في بحر العرب. وتعتبر هذهالغواصات أسلحة رئيسية للردع الاستراتيجي وجزءاً من الثالوث النوويللولايات المتحدة، لكنها لا تقوم غالباً بدوريات في الشرق الأوسط. وتم تفسيرهذه الخطوة على أنها رسالة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (الذي هدّدمؤخراً باستخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا) ولإيران (التي تقوم بتزويدموسكو بطائرات مسيّرة انتحارية لاستخدامها في أوكرانيا، وربما بصواريخباليستية قصيرة المدى أيضاً).واضاف نديمي انه في هذا السياق ياتي الاعلان الاخير عن نشر الغواصة "يو إس إس فلوريدا "، حيث تعد غواصاتالصواريخ المرنة والخفية الموجهة التابعة لـ "البحرية الأمريكية" بديلاً ممتازاًلنشر حاملات الطائرات عند الحاجة، مما يوفر وسيلة لتعزيز الردع ضد طهرانووكلائها من خلال الإبقاء على وجود سري مستمر. والجدير بالذكر أنه منالمرتقب سحب جميع شبكات الغواصات المزودة بالصواريخ الموجهة التي تعملبالطاقة النووية الأربعة من الخدمة بين عامي 2026 و 2028، مع عدم وجودبديل في الأفق. ومع ذلك، فحتى ذلك الحين، فإن احتمال تسبب 154 صاروخ"توماهوك" بأضرار جسيمة داخل إيران يمكن أن يبعث برسالة قوية، بما أنالنظام الإيراني هو بطبيعة الحال أكثر حساسية بكثير تجاه الضربات المحتملةعلى أراضيه مقارنةً بتلك التي تستهدف مناطق بعيدة في سوريا.