الدكتوراه الفخرية للنمنم ..الشاهد الجريء علي " وليمة الارهاب الديني "

الثلاثاء 09/مايو/2023 - 01:40 م
طباعة الدكتوراه الفخرية روبير الفارس
 
تواكب حصول  المفكر والباحث الكبير" حلمي النمنم  "وزير الثقافة الاسبق علي شهاده الدكتوراه الفخرية من  جامعة الآداب والعلوم والتكنولوجيا بلبنان ، بمبادرة من الجامعة، وحلقة الحوار الثقافي في لبنان ومنتدي الحوار الثقافي العربي وملتقي الثقافة الشعبية في مصر. مع رحيل الاديب السوري الكبير "حيدر حيدر " وبين تكريم النمنم بالدكتوراه .ورحيل حيدر خيط رفيع ومهم وهو يكشف عن الدور الخطير  الذى يقوم به وزير الثقافة الاسبق حيث عمل بحرفية عالية علي توثيق الحملة الجنونية التى قامت بمصر علي الطبعة الشعبية في كتابه "وليمة للارهاب الدينى " والذى اصبح بذلك المرجع الثمين لهذه المعركة الضارية .الامر الذى يؤكد " من خلال صدفة قدرية " احقية النمنم في هذا التكريم .بل وينتظر ان يحصل علي الكثير من التكريمات لدوره الفكري المميز في تاريخ مصر الحديث . وخاصة في محاربة الفكر الاصولي .
يذكر أن حلمي النمنم، باحث ومؤرخ مهتم بالقضايا التاريخية، وله العديد من الكتب والإصدارات السياسية منها «سيد قطب..سيرة وتحولات» والذى قدم  فيه النمنم صورة كاملة عن سيد قطب وتحولاته العديدة، وتقلباته في حياته، كما أنه من بين مؤلفاته «حسن البنا الذي لا يعرفه أحد»، و«الأزهر الشيخ والمشيخة»، «الحسبة وحرية التعبير»،«سيد قطب وثورة يوليو»، وغيرها العديد من المؤلفات الشاهدة علي حيوية مصر ومناهضتها للجمود الفكري وقد اصبحت  مراجعا لاغني عنها للمهتمين بتأريخ "عقل مصر " الحديث
وتولى حلمى النمنم وزارة الثقافة في الفترة بين عامي 2015 و2018 وقبلها كان يشغل منصب رئيس دار الكتب والوثائق، والقائم بتسيير أعمال الهيئة المصرية العامة للكتاب. وقبل ذلك شغل النمنم العديد من المناصب القيادية داخل وزارة الثقافة، وخارجها، من بينها أنه كان نائبا لرئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2009م، كما شغل منصب مدير تحرير مجلة المصور، الصادرة عن دار الهلال.
بحث النمنم  في التاريخ الإسلامي، وقدم فيه قراءته المتفردة الامر الذى  جعل البعض يضعه في  عداوة  لجماعات الإسلام السياسي والوهابيين، ومن خلال كتبه نتعرف على فكره، فقد نقد سيد قطب وحسن البنا، كما دافع عن نشر رواية "وليمة لأعشاب البحر" للكاتب السوري حيدر حيدر، حيث قامت الدنيا ضد وزارة الثقافة والوزير فاروق حسني، فنشر حلمي النمنم كتابه الشهير “وليمة للإرهاب الديني”. والذى اصبح المرجع الوحيد عن هذه الازمة
 الوليمة
صدر كتاب النمنم عام 2000عن سلسلة كتاب الحرية ويقع في اكثر من 280 صفحة من الحجم المتوسط   ..ووثق  النمنم  لما حدث بعد نشر رواية (وليمة لأعشاب البحر) للأديب السورى الكبير حيدر حيدر، التى أصدرتها الهيئة العامة لقصورالثقافة  فى شهرنوفمبر1999، حيث  تمّ اتهامه بالكفر والدعارة إلى آخر قاموس الهجاء الذى يستخدمه البعض، حتى الذين لم يقرأوا العمل الأدبى، وإنما اعتمدوا على ما قرأوه من كتابات عنها، وطالب البعض بمصادرة نسخ الرواية رغم أنّ الرواية صدرتْ طبعتها الأولى عام 1983، والي جانب التوثيق الدقيق الذى قدمه النمنم في جنبات كتابه للازمة نشر ايضا تعليقات موجعه لما حدث من ذلك ما جاء علي لسان الكاتب العراقي  الكبير(عبد الكريم الركابى) أنّ مصرخسرتْ كثيرًا عندما صادرتْ الرواية ((واهتزتْ سمعتها الثقافية، وفسّرالبعض– بتعسف– أنّ الأزمة تفرض إعادة النظرفى مسألة مركزية الثقافة العربية وريادتها فى القاهرة)) وذكرما كتبه الناقد الكبيرالمرحوم فاروق عبد القادرفى كتابه (أوراق من الرماد والجمر- كتاب الهلال- ديسمبر88) حيث رأى أنّ الرواية ((موجعة وجارحة، كما أنّ الحقيقة فى العالم العربى– مشرقه ومغربه وما بينهما، موجعة وجارحة، فهى تــُمزّق الحـُجب والأقنعة دون أدنى محاولة لخداع الذات أوالآخر)) وفى كتاب حلمى النمنم شهادات كثيرين من النقاد والمُبدعين المصريين والعرب عن أهمية هذه الرواية. وتفاصيل عن الذين هاجموها (من ص 45- 152) ووصل الأمر لدرجة أنّ الذين لا علاقة لهم بالإبداع (فى مصر) طالبوا بالتحقيق مع المسئولين بهيئة قصور الثقافة التي أصدرتْ الرواية. وثق  النمنم في جراءة  ودقة ما حدث وقد راي الكاتب الراحل طلعت رضوان في كتاب " الارهاب الدينى "مرجعا مهما لقراءة العقول الاصولي  فالكتاب يؤكد  أنّ الهجوم على الكاتب وعلى روايته (وليمة لأعشاب البحر) بدأه أحد الروائيين المصريين (حسن نور) الذى كتب مقالا فى جريدة (الأسبوع 28/2/2000) بعنوان (تجديف وفـُحش فى رواية وليمة لأعشاب البحر) فكتب ((تعمّد الكاتب التجديف فى حق الله- سبحانه وتعالى- تعمدًا صريحًا ومفتعلا. وليس ذلك فقط بل لجأ أيضًا إلى السخرية من بعض المعتقدات الدينية ، هذا بالاضافة إلى الجنس الفاضح والألفاظ التى يُندى لها الجبين والتى لم ترد فى عمل إبداعى من قبل ولا حتى التى سبق رفض نشرها مثل (الخبز الحاف) وقد أخطأ (حسن نور) فى عنوان الرواية ، فاسمها (الخبز الحافى) وليس (الخبز الحاف) كما تعمّد تجاهل اسم مؤلفها (محمد شكرى) الكاتب المغربى الذى نال شهرة عالمية وتـُرجمتْ روايته إلى 38 لغة أجنبية. ورغم أنها نـُشرتْ عام 1972، فإنها لم تـُنشر فى بعض الدول العربية إلاّ فى عام 83.
بعد مقال حسن نور بأسبوع نشرتْ ذات الجريدة مقالا للروائى المصرى الكبير (خيرى شلبى) قال فيه إنّ ما كتبه حسن نور ليس مقالا بل بلاغ ضد الإبداع ((وأنه لشىء عجيب أنْ يتطوع من يقبل أنْ يكون مخلب قط للقوى الظلامية. ويجعل من نفسه مخبرًا ومعاونـًا ومرشدًا كأنه مفتش مباحثهم ، يحرص على تأدية عمله بدقة فيُعين أرقام الصفحات ويُحدّد السطور التى تحتوى من وجهة نظره على الفـُحش والتجديف ، بل ويُحدّد أسماء المسئولين عن نشر الرواية (فى هيئة قصور الثقافة) وعناوينهم ليستحث النيابة العامة على إصدار أمر بضبط وإحضار هؤلاء المجرمين الأشرار)) وركز المرحوم خيرى شلبى على أنّ حسن نور تعمّد اقتطاف جمل من سياقها واتخاذها كأدلة اتهام ، رغم أنّ ((جميع الكتب السماوية لن تنجو من الاتهام))
ولأنّ صاحب الجريدة من الأصوليين الإسلاميين والعروبيين، لذلك تعمّد أنْ ينشر مقالا بعنوان (عدم مهاجمة الفحش هو الذى يجعلنا فى نصف هدومنا) بجوار مقال خيرى شلبى. ولأنّ المقال بدون توقيع لذلك فهويحمل وجهة نظر الصحيفة وجاء به ((هناك فرق بين إبلاغ المباحث عن كاتب وإبلاغ المجتمع بحقيقة موجعة – ضمن تيار جارف– يستهدف قيمه ودينه)) وفى رده على خيرى شلبى قال كاتب الصحيفة ((كنا نقاوم الفـُحش ولم نقصد التحريض صراحة أو ضمنـًا على كاتب أو على المسئولين عن إصدار الرواية. إذْ ظننا أننا نقاوم طوفانـًا من الانحلال الأخلاقى والجرأة على الذات الإلهية وكتاب الإسلام القرآن)) وطبقــًا لما كتبه مجدى شندى (جريدة الأسبوع 8/5/2000) فإنّ د. محمد عباس الكاتب بجريدة الشعب اتصل بمحمود بكرى (نائب رئيس تحرير الأسبوع وشقيق مصطفى بكرى رئيس التحرير) وتناقشا حول ما نشرته الجريدة وطلب نسخة من الرواية. وبعد نصف ساعة أرسل محمود إليه النسخة. وفى عدد 28 إبريل2000خرجتْ جريدة الشعب وعلى صفحتها الأولى مانشيت تحريضى (وزارة الثقافة أصدرتْ رواية تسب الرسول وتهاجم الذات الإلهية) وتلك العناوين مأخوذة من مقال د. محمد عباس بالصفحة الأخيرة. والمقال ترديد لما كتبه حسن نور. وما أضافه د. عباس هو حالة من التدليس الصريح كما كتب أ. حلمى النمنم ((انتزع عباس كلمة من فقرة وحذف النقطة التي بين الفقرة وما بعدها وبدلا من أنْ تعود الكلمة على الفقرة التي تنتقد التجربة الجزائرية فى الاشتراكية جعلها تعود على القرآن)) (وليمة للإرهاب الدينى- دار الحرية للنشر- عام 2000- من ص48- 55) والاضافة الثانية فى مقال عباس وصف الرواية بأنها ((كتاب داعر. والكلمات الفاسقة الكافرة التى أوردها كاتب فاسق داعر فاجر، نشرته هيئة لابد أنْ تكون فاسقة داعرة كافرة تحت رئاسة مسئول لابد أنْ يكون داعرًا فاسقــًا كافرًا)) ووزارة الثقافة كافرة (رغم أنها شخصية اعتبارية) ولشدة غيرته على الإسلام كتب أنه يود أنْ يصعد فوق منبر الأزهر ويُنادى ((من يبايعنى على الموت؟)) أى أنّ دعوته تحريض على إراقة الدماء. كما وجّه حديثه إلى رئيس الدولة (مبارك) وتوجه إلى رؤساء الدول الإسلامية وطلب منهم التحدث مع مبارك لاتخاذ موقف ضد وزارة الثقافة.
وهكذا  علينا ان نفخر بكتابات النمنم التى هدمت بقوة في جدار الاصولية الارهابية ونقدم له التحية والتقدير ونبارك "الدكتوراه الفخرية " ونرثي " الاديب الكبير "حيدر حيدر " ونقرا  وليمته  بنهم .

شارك