الاخوان في السودان.. السعي إلى السلطة على جماجم الشعب
الأحد 14/مايو/2023 - 04:02 ص
طباعة
حسام الحداد
محاولات جماعة الإخوان الإرهابية لا تنتهي في سبيل الوصول إلى السلطة ولو على جماجم الشعوب، شاهدنا تأثيرهم في سوريا واليمن وليبيا وغيرها من البلاد العربية التي تحاول جاهدة أن تحكمها أو تدمرها بحروب أهلية عملا بالقول الذي وجهوه للمصريين من أعلى منصة رابعة "يا نحكمكم يا نقتلكم".. هذا هو الوضع في السودان الأن حيث تحاول الجماعة بكل ما تمتلك من قوة مادية واعلامية وعسكرية اطالة مدى الحرب في السودان بين الأطراف المتنازعة وعرقلة اي فكرة للوصول الى طاولة التفاوض.
ورغم تعقيدات المشهد السوداني تحاول الجماعة المشهد من خلال تصوير أنفسهم أنّهم القوة الوحيدة أو الأكثر حماساً لدعم الجيش في هذه الحرب، وبحسب "الشرق الأوسط"، فإنّ الحركة الإسلامية السودانية حركة سياسية بامتياز، وليست دعوية بالمعنى المتعارف عليه، فقد برعت في اللعب على التناقضات، ونجحت دائماً من خلال سياسة الصوت العالي في تصوير نفسها بحجم أكبر من حجمها الحقيقي في الشارع السوداني، وداخل مؤسسات الدولة بما في ذلك الجيش، وتحاول بالتعاون مع قوى الإسلام السياسي "التيار العريض" سكب المزيد من البنزين على النيران المشتعلة بين الجيش وقوات الدعم السريع، لتمديد عمر الصراع إلى أقصى درجة، ونسف أي سبل للتفاهمات السياسية من شأنها أن تعيق مخططات التنظيم.
يقول الباحث السوداني، رئيس منصة الدراسات الأمنية وأبحاث السلام إبراهيم ناصر: في تصريحات لسكاي نيوز: ظهور المجموعات المؤدلجة، خاصة تيارات الإسلام السياسي، ومحاولتها تنفيذ أجندة مصالح خاصة في ضوء مشهد الصراع الراهن في السودان، يعدان أمرا غاية في الخطورة، وتعيق تحركات الإسلاميين في السودان جهود التهدئة ووقف الصراع بين الطرفين.
ويضيف: الإخوان يحاولون تأجيج الصراع وتفكيك المؤسسة العسكرية بإحداث انقسامات جذرية داخل الجيش، تيارات الإسلام السياسي تحاول في الوقت الراهن تحويل الصراع بين قوتين، إلى صراع أيديولوجي عميق، وهو ما يعقد أزمة السودان.
وبحسب قراءة عدد من الخبراء للمشهد السوداني فإن عودة الحركة الإسلامية لتصدر المشهد من جديد في السودان كانت مع انقلاب 25 أكتوبر 2021، حيث سمح قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، بممارسة النشاط السياسي للحركة الإسلامية، لذلك انعقد مؤتمر الحركة الإسلامية، وكان منطلقا لعودة الإسلاميين إلى عدة مناصب داخل الدولة، هذه العودة تعد أحد الأسباب المحورية للحرب الدائرة اليوم في السودان، حيث تم تمكينهم من جديد وإعادتهم للواجهة، وهم الآن من يديرون الحرب في الصفوف الأولى، حتى البيانات التي تصدر اليوم بخصوص الصراع الدائر يطفو عليها أسلوب جماعة الإخوان.
عمل الجماعة على الأرض:
تعمل الجماعة على الأرض من خلال منصاتها الإلكترونية وعدد كبير من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي حيث تحاول بمسمّياتها المختلفة، متوحدة أو مبعثرة، العودة إلى الساحة السياسية بأسرع ما يُمكن، وتُبدي دعمها للجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان، رغم أنّه لا يرغب في أي تقارب من الجماعة قد يضر بتحالفاته داخلياً وخارجياً، وحيناً تحاول نشر الإشاعات لإظهار قوات الدعم السريع بمظهر الضعف ظناً منها أنّ ذلك سيعيدها إلى المشاركة في المرحلة القادمة، أو الانقلاب عليها بالتحالف مع العسكر، فيما الجميع يبتعدون عنها لجهة أنّها قد تضرّ بمستقبلهم السياسي في قادم الانتخابات فيعمل على سبيل المثال علي كرتي، القيادي الإسلامي على ضخ بعض النبض في قلب الحركة المتوقفه منذ إطاحته عن الحكم عبر ثورة شعبية عارمة في ديسمبر 2019، فلا يكفّ عن التصريح بذلك إلى أجهزة الإعلام، فيما يسخَر كثير من السودانيين من هذه المثابرة ودأبه على تمثُله لحُلمه الشخصي، وعلى سبيل المثال كانت أخر تغريداته على موقع التغريدات القصيرة تويتر 12 مايو الجاري " أنا لم أفقد الأمل على الإطلاق ولم أغير رأيي أبدًا بأن هذه الحركة المباركة هي في حمى الرحمن ،طالما كانت تحتوي على هذا الكم الهائل من المخلصين الذين يربطون الليل بالنهار ويعملون جادين ومجتهدين في كل الأوضاع وكل فترات الحكم التي تعاقبت على حكم السودان.. الحركة موجودة وكانت في دأبها المعروف وسعيها بالمجتمع وفي كل مكان يوجد فيه السودانيون إن كانت في سلطة أوغير سلطة وأملنا كبير في الله"
ويذهب مراقبون إلى أنّ هنالك شبه إجماع شعبي بأنّ أجزاء ومكونات جماعة الإخوان المسلمين بالسودان فقدت مشروعيتها السياسية والأخلاقية التي تؤهلها للمنافسة في أي سياق ديمقراطي قادم.
من جهة أخرى، أفتى الإخواني عبد الحي يوسف، على شاشة قناة تبث من تركيا، بقتل السياسيين المنتمين لما سمّاه "الأحزاب العميلة" التي وقّعت الاتفاق الإطاري، وحاولت فرضه على الشعب، على حدّ قوله.
الصحفية السودانية داليا الطاهر قالت على صفحتها الرسمية عبر موقع التواصل الاجتماعي (تويتر): "بعد فتواه بقتل ثلثي الشعب، الإرهابي عبد الحي يوسف يُفتي بقتل السياسيين من قوى الحرية والتغيير، ومن وضعوا الاتفاق الإطاري". وتابعت: "هذه الفتوى، في هذا الوقت بالذات، تحمل دلالات خطيرة جداً، وسنحتفظ بهذا الفيديو". وأضافت: "كنت قد نوّهت من قبل أنّ على السياسيين تغيير أماكن سكنهم؛ خوفاً من الاستهداف، وقابل بعضهم هذا الحديث بالسخرية".
تجنيد عناصر لداعش:
تقوم الحركة الإسلامية وفي القلب منها “جماعة الإخوان في السودان” بتجنيد عناصرها في جماعات إرهابية أخرى، في ظل رغبتها في العودة إلى السلطة، وأصبح إقليم دارفور غربي البلاد مكاناً لعبور الإرهابيين من وإلى السودان، وهو ما يتماهى مع خطط تنظيم داعش الإرهابي، الذي يسعى تجاه تأسيس ولاية في السودان عبر خلايا نائمة، وتمرير عناصر من دول الساحل الإفريقي إلى دارفور، حيث هشاشة الأوضاع على حدود السودان؛ ممّا يسمح بتسلل العناصر الإرهابية، وصنع نقاط تجمع، وتشكيل خلايا على الحدود أو أطراف الخرطوم.
وفي هذا الصدد يقول رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب: سيناريو التنظيمات المتطرفة المعتمد على استغلال الفوضى وغياب السلطة يتكرر الآن؛ مما يعطي الفرصة لهذه الجماعات للنشاط والتحرك، “ما حدث من عمليات هروب جرى الحديث عنها من سجن كوبر، هو سيناريو متوقع، وقد تكرر في العراق عام 2012، وفي سوريا ومصر عام 2011، ولم يستفد منه سوى المتطرفين الذين خرجوا وأعادوا تنظيم صفوفهم، مستغلين الوضع الأمني، وإن كانت تحركاتهم في مصر أقل بكثير مما حدث لاحقاً في سوريا والعراق”.
من جهته، يقول إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي في ضاحية درانسي بباريس، نور الدين بن محمد طويل، في مقاله بصحيفة “مكة” الإلكترونية: إن الشريط الحدودي بين السودان وتشاد، الممتد لأكثر من ألف كيلومتر شرق البلاد، والمجاور لإقليم دارفور، سيكون بوابة الجحيم التي سيدخل منها آلاف المقاتلين، محذراً من تجربة شبيهة بتجربة تدفق المقاتلين إلى العراق من سوريا.
تتفق وجهة نظر طويل مع تحليل نشره موقع “عين أوروبية على التطرف”، الذي تطرق إلى حصار السودان بالجهاديين من مختلف الأنحاء، في ظل وجود أقوى فرع لتنظيم القاعدة في الصومال من خلال حركة الشباب، إلى جانب انتشار التنظيمات الإرهابية الأخرى؛ سواء تنظيم الدولة "داعش" في غرب إفريقيا، أو فرعها القوي في الكونغو الديمقراطية، مع وجود للتنظيم في الصحراء الكبرى.
وخلص تقرير “عين أوروبية على التطرف” إلى أن استمرار دوامة العنف مع وجود مساحات غير خاضعة للحكم؛ يمثل حوافز رهيبة للفصائل المتحاربة، للتعاون مع أي شخص يمكنه تقديم المساعدة؛ لأنه ستكون أمام الإرهابيين فرصة يمكنهم استغلالها، مما يشكل أمراً في منتهى الخطورة.
المخاطر والتحديات:
هناك عدد كبير من المخاطر التي تهدد الوضع السوداني حال عودة الإخوان للسلطة او اقتسامها مع فصيل آخر، هذه المخاطر تتمثل في تفكك السودان، "لأن الشعب السوداني بكل أطيافه السياسية والاجتماعية يرفضون عودة التنظيم باستثناء مؤيديه وأنصاره".
كذلك هناك تحديات كبيرة تواجه السودان في الفترة الحالية في ظل تمدد الصراع وبعد انتهائه، من بينها الصعوبات الاقتصادية والتوترات العرقية والدينية وعدم الاستقرار السياسي، ومن أجل مواجهة هذه التحديات، يحتاج الشعب السوداني والقادة إلى العمل معاً لبناء مجتمع أكثر شمولية وديمقراطية. سيتطلب هذا التزاما بحقوق الإنسان وسيادة القانون والشفافية في الحكومة. كما سيتطلب الحوار والتعاون بين الجماعات المختلفة، لإيجاد أرضية مشتركة وبناء مستقبل أكثر سلاماً وازدهاراً للسودان.