الباحث عبدالرحمن الحسن : دولة الملالي ورثة منهج وارهاب الدولة الصفوية

الإثنين 17/يونيو/2024 - 03:41 م
طباعة الباحث عبدالرحمن حوار: روبير الفارس
 
-    هذه هي الرسائل الناجحة لمسلسل الحشاشين
-    الحوار بين السنة والشيعة يبني علي القواعد الاتية

عبدالرحمن الحسن السقاف باحث سعودي متخصص في التشيع السياسي والعقدي، ويعمل على إخراج سلسلة كتب وثائقية تحت عنوان " الردود على الصفوية"  وصدر له عدد من الكتب منها
 1 _الرد العتيد على الأفاك العنيد (فرية اغتيال النبي صلى الله عليه واله وسلم).
 2 _خفافيش الظلام - أكذوبة التقريب بين السنة والشيعة - حقائق ووثائق. 3 مجلدات ، تقديم فضيلة الأستاذ الدكتور/ عبدالله سمك، الرئيس الأسبق بقسم الأديان والمذاهب بكلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر.
وهو في الأصل (رسالة ماجستير).
 3 _ثورة البحرين بين التقلييد والتزييف.
 4 _ البحرين ألم وأمل. . ألم الدوار وأمل الفاتح.
 5 _هذا آية الله عيسى قاسم. . فاعرفوه.
6ـ البحرين ورياح النصر.
7ـ _الإرهاب الطائفي بين الدولة الصفوية والجمهورية الإيرانية الخمينية.
8ـ آية الله عبدالله الغريفي والوجه الأخر.
و ينتظر تحت الطبع  عدد اخر من الكتب منها
 1_ ياسنة العالم استيقظوا _ لا فرق بين تشيع عربي وفارسي.
 2_ الدستور الإيراني، قراءة (شرعية وعقدية).
 3_التكفير بين السنة والشيعة.
 4_ الصلاة بين السنة والشيعة .
 5_ نقد التشيع الحوزوي.
وحول كتبه وافكاره كان لنا معه هذا الحوار
‏‪ما الدافع وراء تأليفكم لكتاب الإرهاب الطائفي بين الدولة الصفوية والجمهورية الإيرانية الخمينية.  ؟‬
إن الناظر للدولة الصفوية وتاريخها في الزمن الغابر، يجد أنها تحمل في تعاملها وسياستها الإرهاب الممنهج والطائفية البغيضة المؤدية إلى دمار الدول و الشعوب، ونشر لسبل الشر واضمحلال الخير، وهذا ما رأيناه متمثلاً كذلك في الجمهورية الإيرانية في تاريخنا المعاصر . وكأن الجمهورية الإيرانية تستنسخ لنا تجربة الدولة الصفوية وتُعيد التاريخ نفسه .
 حيث تشابهت الدولتان في المعتقد والمنهج والفكر والتعامل مع من خالفهما، والعجيب أن كلا الدولتين تدّعي الإسلام! بينما أفعالهما ناقضت الإسلام السمح الصحيح جملة وتفصيلاً.
 وحقيقة كثيرة هي الدراسات التي خرجت عن الدولة الصفوية، وكذلك عن الجمهورية الإيرانية، غير أنني لم أجد مُؤلفاً جمع بينهما في كتاب واحد حتى يقف القارئ عن قرب ويرى منهج الدولتين وفكرهما ولو بصورة مختصرة . ممّا جعلني أقف عندهما واسلط الضوء عليهما علّني أخرج ببحث جديد يجعلنا على معرفة وفهم لمرحلة تاريخية غابرة، ومرحلة تاريخية معاصرة، حتى نعرف عدونا ونحذره، مع إعداد العدة له في أي لحظة يُريد فيها النيل منا . النيل من ديننا، وكرامتنا، ومعتقدنا، ووطننا .
وأزعم أني _ بعد توفيق الله تعالى _  حاولت جاهداً في فصول هذا الكتاب أن أربط بين إجرام وإرهاب دولتين توحّدت عقيدتهما، واتفقت أفكارهما، حتى نكون على دراية وعلم، كما حرصت  أن تكون أغلب المصادر والنقولات من كتب القوم  ومن آرائهم، طلباً  للمصداقية، وإقامة للحجّة.
ما المنهج العلمي الذي اتبعته لكتابته ؟
بما أن الدراسة عن الدولة الصفوية وكذلك  الجمهورية الإيراينة، فإن الانصاف يقتضي أن تكون الدراسة محايدة بشكل كبير.كما أن المنهج العلمي عندي في الكتاب قائم على جمع المعلومات و النصوص من مصادرها الأصلية والمعتمدة قديماً وحديثاً  لا سيما المصادر الشيعية بسبب  اعتناق المذهب الشيعي لكلا الدولتان - دون اللجوء لمصادر الخصوم والأعداء - ثم المقارنة بينها والتحليل لها، مع ربط بين الأحداث لكلا الدولتان، ثم بيان الأسباب لما حصل من هذه الأحداث ، ثم يليه الاستنتاج ووضع النتائج النهائية لما توصلت إليه في كتابي هذا.
ما الفكرة الرئيسية للكتاب ؟
تقديم دراسة تاريخية واجتماعية وسياسية موثقة عن الدولة الصفوية، التي تحمل المذهب الشيعي، ومقارنتها بالجمهورية الإيرانية الحالية والتي تحمل ذات المذهب الشيعي، ويُقصد بهذه الدراسة بيان التشابه بين الدولتين رغم البون الشاسع في الحقبة الزمنية البعيدة بينهما.
كيف قدمت الدولة الصفوية بإيجاز للقارئ المعاصر؟
الدولة الصفوية من الدول التي حكمت بلاد فارس، حيث تأَسّست فِي إيران وانطلقت منها لِلتّوسُّع في الشَّرق والغرب باتجاه خراسان وأفغانستان وأذربيجان والعراق وديار بكر وبلاد الكرج فِي الشَّمال. ، وسبب تسليط الضوء عليها دون غيرها، لأن حكمها دام فوق القرنين والنصف، في إيران منذ عام 1501م وحتى عام 1763م وذلك عقب الفَتْحُ الإسْلَامِيُّ لِفَارِسَ الذي استمر لمدة سبع قرون وهي مدة زمنية طويلة الأمد بلاشك، وهِيَ دَوْلَةٌ شيعيَّةٌ على المذْهبِ الِاثْنَيِّ عُشْري مما يجعلها من أهم نقاط التحول في التاريخ الإسلامي، فكان حري بي الوقوف عليها ودراسة أمرها من ناحية تاريخية وعقائدية وسياسية وتميزها بالبطش والطائفية البغيضة والعنصرية ونشر وتفشي البدع والخرافات داخل المذهب الشيعي.
تكشف صفحات الكتاب عن خيوط تجمع بين الدولة الصفوية والجمهورية الإيرانية، ماهي أشهر هذه الخيوط ؟
رغم أنّ حكم الصفويين قد باد وانتهى، إلا أننا نجد في هذا الزمن من أعاد لنا فكرهم ومنهجهم الدموي مع أهل السُنة، وهذا النموذج والمنهج عاد لنا متمثلاً في ثورة الخميني بإعلانه للجمهورية الإيرانية عام ١٩٧٩م.وَجَدتُ في إيران أو كما تُطلق على نفسها بالجمهورية الإسلامية الإيرانية تشابهاً كبيراً بالدولة الصفوية، بل أرى أنها امتدادٌ للفكر الصفوي القمعي الدموي الشعوبي، تحت ما يُسمّى (تصدير الثورة) وما هو إلا تصدير التشيَّع الصفوي، بل إن الدولة الصفوية مصدر اعتزازٍ وفخرٍ للإيرانيين في العصر الحاضر! وهذا ما جعلني أضع رابطاً وتشابهاً بين الدولتين الصفوية والخمينية الإيرانية.يقول المؤرخ الإيراني الشيعي جعفر المهاجر: “يُعتبر قيام الدولة الصفوية أكبر حدث في تاريخ شعوب دولتهم، منذ سقوط الإمبراطورية الساسانية، فقد أعادت إلى هذه المنطقة، ذات التاريخ العريق، وحدتها السياسية بعد ما يقرب من تسعة قرون، وجاء إعلان التشيَّع الإمامي مذهباً وحيداً في الدولة الجديدة، ليضع هذه الوحدة السياسية في الإطار الروحي المناسب. وبذلك رسمت وجه (إيران) كما لا يزال مستمراً حتى اليوم”. ويقول المؤرخ الشيعي رسول جعفريان: “وقد تمكنت الدولة الصفوية – عبر القوة العسكرية الهائلة التي كانت تتمتع بها – من تكريس اتجاه جديد، شمل المناطق المركزية وسائر النواحي الإيرانية الخاضعة لنفوذها، وبذلك ظهرت إيران الشيعية للوجود”.
وبنظرة سريعة أستطيع أن ألخّص نقاط التشابه بين الدولة الصفوية والدولة الخمينية الإيرانية بالآتي:
1ـ المذهب الشيعي هو المذهب الرسمي للدولة الصفوية، وكذلك  للدولة الخمينية الإيرانية.
2ـ الدموية والبطش لكل مَن خالفهما: فالدولة الصفوية نَكّلت بكل مخالف لها، فقتلت الكثير من أهل السُنة لمخالفتهم لها كما مر معنا سابقاً، وكذلك الدولة الخمينية الإيرانية نكّلت بالكثير من أهل السُنة في عرب الأحواز والبلوش السنة غيرها. فهذا سفير إيراني سابق يُدعى عادل الأسدي يُصرّح ببطش وقمع جمهورية الخميني لأهل السُنة هناك، فيقول: “سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وأقول ذلك لأني كنت مسؤولاً فيها وهي سياسة قمع أهل السُنة سواء في إيران أو خارجها، فهم يُبغضون ويكرهون أهل السُنة كثيراً، ذلك النداء الذي يهتفون به (يا لثارات الحسين) يُريدون به الانتقام من أهل السُنة وفق تفسيره
3ـ التعصب للعرق والقومية .
4ـ الأطماع التوسعية عند الصفويين وذلك باحتلال أرض الجوار والاعتداء عليها بغير وجه حق كما فعل الشاه إسماعيل الصفوي في دخوله لبغداد،وكذلك ما تفعله اليوم إيران من أطماع لديها في الخليج، من استمرار احتلالها لجزر الإمارات الثلاث المحتلة .
5ـ السيادة المطلقة التعسفية: فشاه إيران يُصدر الأوامر من غير رد! وكذلك ما نراه في إيران اليوم عن طريق الولي الفقيه عندهم .
6ـ إظهار عقيدة التشيَّع وذلك بتأليف ونشر الكتب الطاعنة والمكفّرة لرموز أهل السُنة: ظهر هذا الأمر في حكم الصفويين، وكذلك في عهد الدولة الخمينية الإيرانية.
7ـ إعطاء الحرية الدينية لباقي الأديان كالمسيحية واليهودية، والتضييق على أهل السنة.
8ـ إقامة الدولة الشيعية تمهيداً لظهور المهدي الغائب المنتظر عندهم.
 9ـ الدمج والتمازج بين السياسة والدين
أشرت في ثنايا الكتاب إلى بعض الخرافات التي نتجت عن الشيعة وانحرافاتها ، حدثنا عن بعضها؟
📍التشيع و المذهب الشيعي أساس للخرافة والبدع، بداية من نشوءه في منتصف القرن الثاني الهجري ، ولا زالت البدع والخرافات الحديثة تستمر في الظهور مع كل نازلة ومناسبة عند الشيعة إلى يومنا هذا، ومن ذلك:
 1- إعطاء أئمة الشيعة صفات إلهية ، ومشاركتهم مع الله تعالى في الخلق والرزق والإحياء والإماتة وعلم الغيب والتصرف في الكون، بل ومحاسبة الخلق في الأخرة!
2ـ تقديس قبور وأضرحة أئمة الشيعة بالطواف حولها كما يُطاف حول الكعبة، بل وطلب الاستغاثة والمدد من الأموات من دون الله تعالى ! وأن الصلاة عند قبور أئمة الشيعة، أفضل من المساجد، بل وجواز استقبال قبر إمام الشيعة المعصوم في حال الصلاة مع استدبار القبلة!.
3ـ تكفير وسبّ صحابة النبي الكرام ولا سيما الخلفاء الراشدين الثلاثة (أبي بكر وعمر وعثمان)، وأم المؤمنين السيدة عائشة وأم المؤمنين السيدة حفصة رضي الله عنهم أجمعين. ، وذلك على المنابر في المساجد والحسينيات وفي الشوارع والأسواق!..
 4- الاحتفال سنوياً بذكرى مقتل الحسين رضوان الله عليه، وممارسة التطبير بضرب الرؤوس بالسكاكين الحادة، واللطم على الوجوه والصدور، وضرب الظهور بالجنازير، والتوغل في الطين، وارتداء الثياب السوداء، وإنشاد أشعار البكائيات.. وذلك طوال شهر المحرّم،.. كما حرّموا الزواج في هذا الشهر!..
 5- إدخال الشهادة الثالثة على الأذان: (أشهد أنّ عليّاً وليّ الله)!..
 6- ابتداع السجود على التربة الحسينية (قطعة من طين كربلاء)!..
7- تفرّد رجال الدين الشيعة من المعممين بالاستحواذ على الأموال ، وهي مستحدَثات مأخوذة عن الفُرس، وذلك تأسيساً لما يُسمى عند الشيعة اليوم بـ الخُمس.
8ـ إبدال أوقات الصلاة الخمس في اليوم والليلة إلى ثلاثة أوقات وذلك بجمع صلاتي الظهر مع العصر في وقت واحد، وجمع صلاتي المغرب والعشاء في وقت واحد، مخالفين بذلك سيرة وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
9ـ امتهان كرامة المرأة الشيعية بتحليل زواج المتعة للمرأة، وذلك بعقد زواج  خاص بوقت ومدة معينة مقابل مبلغ مالي بين الرجل والمرأة بدون شهود أو إشهار.
 أثار مسلسل الحشاشين ضجة مؤخراً ، كيف ترى الآثار التي ما زالت قائمة من أفكارهذا المذهب حتى الأن؟ وما تقييمكم لرسالة المسلسل؟
تتشابه الخيوط بين فرقة الحشاشين وبين المذهب الشيعي الاثنا عشري الامامي ليومنا هذا، وذلك من خلال الأتي :
1ـ أن فرقة الحشاشين خرجت من رحم التشيع الاثنا عشري، فالحشاشين يتبعون المذهب الإسماعيلي والذي انبثق تاريخياً وعقائدياً من المذهب الشيعي الامامي، فمؤسس فرقة الحشاشين (الحسن بن الصباح) كان شيعيًا اثنا عشريًا وبعدها تحول إلى المذهب الإسماعيلي في سن السابعة عشر.
كما تلتقي الاسماعيلية النزارية والامامية الاثني عشرية في تقديس واتّباع علي بن ابي طالب رضي الله عنه وباقي أئمة الشيعة إلى الإمام جعفر الصادق، ومنه تم الافتراق  إلى فرقتين:
ـ شيعة إمامية، اتبعوا ابنه موسى بن جعفر.
ـ شيعة اسماعيلية، اتبعوا ابنه إسماعيل بن جعفر .
2ـ المذهب الشيعي، والحشاشون الاسماعيلية النزارية يرون أن حكمهم وسلطتهم، هي سلطة إلهية لا بشرية محضة، من حيث أنهم يتلقون تعاليم دينهم بالوحي والغيب والشهود عن طريق أئمتهم.
وهذا أمر ما زال يعتقد به الشيعة الامامية إلى يومنا هذا، من أن هناك إمام غائب معصوم يُحيط بهم، ويتصرف في الكون ويُؤيدهم ويُسددهم، وهذا الأمر متمثل في محمد بن الحسن، والذي يُلقبونه بالمهدي الغائب، وهذا ما تُؤمن به إيران الحالية بأن الولي الفقيه عندهم نائب عام عن مهديهم الغائب بل و مُكمّل لمشروع مهديهم التوسعي العقائدي والسياسي ، وأن الولي الفقيه مُسدد من المهدي الغائب.
وكذلك متوفر عند الحشاشين النزارية التي تُؤمن بغياب الإمام نزار بن المستنصر، والذي ادّعى حسن بن الصباح مؤسس فرقة الحشاشين بأن جعل نفسه نائباً للإمام المستور نزار ومن جاء من ولد نزار.
3ـ سياسة الاغتيالات المتوافق عليها بين الشيعة الامامية، وفرقة الحشاشين.
وتمثلت هذه الإستراتيجية في الاغتيال الانتقائي للشخصيات البارزة في دول الخصوم. بدلاً من الخوض في المعارك التقليدية التي تُؤدي إلى إيقاع آلاف القتلى من الجانبين. وفي راي
إن مسلسل الحشاشين قدم عدة رسائل متنوعة، سواء كانت رسائل سياسية أم دينية شرعية، أم فكرية، أم اجتماعية أسرية، وفي ظني أنه نجح في إيصال هذه الرسائل للمشاهد، ومنها :
1ـ عدم تقديس الأشخاص أصحاب الأفكار المنحرفة، ووزن أفعالهم وافكارهم وأقوالهم بميزان الشرع الحنيف القائم على القرآن  الكريم والسنة النبوية المطهرة.
2ـ يجب محاربة الفكر المنحرف ودفعه بالفكر النير الصحيح الموافق للشرع الإسلامي الحنيف، وهذا ما وضح لنا جلياً بين المنحرف حسن بن الصباح، وبين الإمام أبي حامد الغزالي الذي حارب فكر الحشاشين المنحرف بالعلم وبيان الحق من نصوص الشريعة الإسلامية الغراء.
3ـ عدم الغلو في الانتماء الديني ويتجلى هذا الغلو بالانحياز لفكرة خاطئة أو جماعة دينية أو سياسية منحرفة.
4ـ إنّ الفرق والجماعات المنحرفة تجعل هدفها الدائم النيل من الدولة وكيانها ومؤسساتها، بقصد زعزعة أمنها، وتوهين قوتها، ونشر الفتنة والفوضى فيها بقصد إسقاط نظام الحكم بعد ذلك.
5ـ أن الفكر المنحرف يستغل دائماً تواجده وانتشاره بين أوساط العوام الجهلة و البسطاء من الناس لاستحالة دفعهم هذا الأفكار أو ردها لعدم تسلحهم بالعلم الشرعي .
6ـ مجاهدة أصحاب الفكر المنحرف لآخر رمق، بل وفضح أصحاب الأفكار المشبوهة والمنحرفة ولو كانوا من أولي القربي.
7ـ عدم استغلال الدين لمصالح ومآرب شخصية فوق مصلحة الدين  والوطن.
هل عقيدة تصدير الثورة ما زالت محور أساسي في الجمهورية وما أهم أشكالها الحالية وكيف يمكن مواجهتها؟
إن تصدير الثورة عند إيران عبارة عن عقيدة دينية، وعقيدة سياسية.وهذا ما دعا له الخميني وشدد عليه في وصيته قبل وفاته، حيث قال : (إنّنا نريد أن نصدّر ثورتنا السياسية والثقافية إلى جميع الأقطار الإسلامية، ولو تمّ تصدير هذه الثورة المباركة فإنّها ستحل المشاكل في أية منطقة تصلها).
وتصدير الثورة عبارة عن فكرة أيدلوجية يُقصد بها في إيران الحالية تصدير تعاليم الثورة الإيرانية عام 1979 التي جاء بها مؤسسها الخميني عبر نشر التشيع والجماعات المسلحة الشيعية المدعومة إيرانيًا مثل حزب الله اللبناني وحزب الله البحريني وحزب الله الكويتي والحوثيين في اليمن وكتائب حزب الله والحشد الشعبي في العراق؛ كي تكون إيران زعيمة العالم الإسلامي وقطب رحاه وقبلته السياسية، وهذا ما صرّح  به الكاتب والمفكر الإيراني محمد جواد لاريجاني في كتابه: (مقولات في الاستراتيجية الوطنية: شرح نظرية أمِّ القُرى الشيعية)  ولُبُّ الموضوع في نظرية أمِّ القُرى الإيرانيّة: "إنَّ إيران الإسلامية ليست إحدى الدول الإسلامية فحسب، فالواقع أنَّ إيران هي (أمُّ القُرى/دار الإسلام). وإنَّ انتصار أو هزيمة إيران هما انتصار وهزيمة للإسلام. "و"دولة أمُّ القُرى ستصبح العالم الإسلامي التي لها القيادة، وهي في الحقيقة اللائقة لقيادة كُلِّ الأُمة الإسلامية".
أما عن كيفية مواجهة تصدير الثورة  الايرانية، فيتلخص الأمر إلى حلول وطرق سياسية واقتصادية وإعلامية وثقافية ومنها :
ـ تقوية أواصر دول مجلس التعاون الخليج العربي مع بعضها البعض، والتوحيد والتحالف من أجل إنشاء تحالف عسكري يُساعد على موازنة القوة، ويُوفر الحماية لمياه الخليج من أي تهديدات إيرانية.
ـ إنشاء مراكز أبحاث هدفها دراسة ورصد السياسات التوسعية الإيرانية تجاه المنطقة، وتقديم الاقتراحات بشأن سبل معالجتها أو مواجهتها, والاهتمام برعاية باحثين وإعلاميين عرب، ودفعهم إلى إتقان اللغة الفارسية لما لها من أهمية في تناول ونقل وتحليل ونقد وكشف الأخبار والوثائق الإيرانية المكتوبة بالفارسية التي يستعصي على كثيرين منَّا فهمها أو ترجمتها.
ـ فضح العلاقة بين التنظيمات الإرهابية وإيران، كالعلاقة الوثيقة التي تجمع  بين إيران وتنظيم القاعدة الذي يقطن عدد من قياداته في إيران.
ـ كشف أدوات إيران ووسائل اختراقها للمنطقة وذلك من الناحية البشرية والمادية والمذهبية والاجتماعية, وتحديد حلفاء إيران في البلدان العربية، وتحديد طرق وأساليب التعامل معهم من خلال إثارة نقاشات فكرية علمية لنقل الصورة الحقيقية عن إيران وعن سلبية التبعية لها.
ـ فضح التلاعب الإيراني: وذلك بالتركيز على التناقضات الإيرانية في المواقف ونفاقها في مختلف الملفات الإقليمية وعرضها في إطار مشروعها له أهمية كبيرة في مواجهة الخداع الإيراني لشعوب المنطقة، فإيران ذات وجهين, ولا يقتصر تناقضها على توزُّعِهِ بشكل متعمد وماكر بين ما يُسمى إصلاحيين ومحافظين بل تعداه ليصبح تناقضًا داخل كل واحد منهما، وإليك هذين المثالين:
1 -  اشتهر الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد بتصريحاته عن ضرورة إزالة إسرائيل عن الخريطة و تدميرها, ثمَّ أطلق تصريحه الشهير الآخر في 26 -آعسطس – 2006 بمناسبة افتتاح مصنع إنتاج الماء الثقيل في “آراك” قائلًا: “إيران لا تشكّل خطرًا على الغرب ولا حتى على إسرائيل”، فهذه التصريحات توضح السياق الإعلامي الذي تندرج تحته تصريحات إيران ضد الغرب وإسرائيل.
2- أعاد الإيرانيون تطمين الغرب في 11 – فبراير– 2007, فقال لاريجاني: (برنامج إيران النووي لا يُمثل تهديدًا لإسرائيل, وبلاده مستعدة لتسوية جميع الأمور العالقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال ثلاثة أسابيع…، وكل ما يرد بشأن رغبة إيران في تهديد إسرائيل هو كلام خاطئ).
ـ ضرورة مواجهة الدعاية التي تقوم إيران بترويجها الآن وهي اتهامها كل من يُعارض مشاريعها التدميرية بالعمالة للمشروع الأمريكي الصهيوني، بينما يُؤكد الواقع على حقيقةِ تكامل المشروع الإيراني مع المشروعين الأمريكي والإسرائيلي، واتفاقهما في الوسائل والأهداف.
ـ تشكيل نظام عربي إقليمي فاعل، ليشكل رادعا قويا لتمدد إيران وثورتها في المنطقة العربية.
ـ قطع أي تعامل تجاري مع إيران، فإن انتعاش الاقتصاد الايراني يُؤدي إلى زيادة دعم إيران لمليشياتها المجرمة المخربة في العراق ولبنان والخليج، فالمال عصب الحياة ومحركها الرئيسي.
ـ مساندة الشعب الأحوازي في قضيته ضد النظام الإيراني الغاصب لأرضه والسالب لحقوقهم.
 ـ الضرورة الملحة لوجود قنوات إعلامية (تلفزيون، صحافة، مواقع على الانترنت) لفضح المشروع الإيراني، وكذلك إنشاء قنوات إعلامية للشيعة العرب الرافضين للمشروع الإيراني .
ـ  ضرورة وأهمية التأسيس لکتاب ومفکرين من أوساط الشيعة العرب المناهضين للمشروع الإيراني لکي يدحضوا الأفکار السامة التي تضخها القنوات التابعة لإيران بهذا الخصوص لتسميم أفکار الشيعة العرب.
ـ ضرورة تبني التيارات الوطنية المعتدلة للشيعة العرب من المناهضين والرافضين للمشروع الإيراني والداعين إلى مواجهته ودعمهم بصورة واسعة النطاق .
ـ إقامة مشروع عربي نهضوي  يستجمع طاقات الأمة ويُوحدها في أطر عملية وأشكال واقعية ويمكّنها ذاتياً من مواجهة تحديات المشروع الإيراني.
-توضيحُ أُسُسِ الخلافِ الحقيقي بين السُّنَّة والشِّيعة من أنه خلاف عقدي قبل أن يكون خلافاً سياسياً أو قومياً.
لماذا تحتل التقية مكانة خاصة في المذهب الشيعي؟
المذهب الشيعي مذهب باطني يحتوي على تعاليم وطقوس سرية مخالفة للدين الإسلامي ونصوصه المقدسة.كما أن المذهب الشيعي يُعاني من الصعوبة من التواجد والقبول داخل أوساط أهل السنة، لدموية نصوصه، وتناقض تعاليمه، والغلو في أقواله وأفعاله، لذا حرص المذهب الشيعي على كتمان تعاليمه عملاً بقول إمامهم المعصوم عندهم جعفر الصادق : (إنكم على دين من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله).لذا اخترع  الشيعة عقيدة التقية، وهي إظهار الشيعي خلاف ما لا يُبطنه، فتراه في الظاهر يُظهر الإسلام في أقواله وأفعاله، كما يُظهر التودد والمحبة لأهل السنة، بينما في باطنه يُظهر الحقد والبغضاء وتحيّن الفرصة للنيل والانتقام من أهل السنة متى ما سنحت له الفرصة.
كما نرى الشيعي يستخدم التقية للتوغل والاختراق داخل أوساط أهل السنة لنشر التشيع بينهم بصورة هادئة ولامعة.
لذا اعتبر الشيعة التقية من أهم العقائد التي يعتقدونها، وهذا ما صرّح  به  شيخهم وعالمهم محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي والملقب عندهم بالصدوق، حين قال : (التقية فريضة واجبة علينا في دولة الظالمين، فمن تركها فقد خالف دين الإمامية وفارقه)
لذا حفلت كتب الشيعة بأحاديث كثيرة عن أهمية التقية والالتزام بها، وأذكر بعضاً منها على سبيل المثال لا الحصر :
1ـ عن الإمام جعفر الصادق قال : ( إن تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمن لا تقية له)
2ـ عن الإمام جعفر الصادق قال: (خالطوا الناس بالبرانية ـ أي بالتقية ـ، وخالفوهم بالجوانية)
3ـ عن الإمام محمد الباقر قال : (التقية من ديني ودين آبائي ، ولا إيمان لمن لا تقية له).
4ـ عن الإمام جعفر الصادق قال  : ( إذا عملت بالتقية لم يقدروا في ذلك على حيلة ، وهو الحصن الحصين وصار بينك وبين أعداء الله سداً لا يستطيعون له نقباً ).
 5ـ عن علي بن أبي طالب قال : ( التقية من أفضل أعمال المؤمن ـ أي الشيعي ـ يصون بها نفسه واخوانه عن الفاجرين )
بل وصل الأمر عند الشيعة إلى أن ساوو بين تارك التقية وتارك الصلاة بحيث جعلوهما في نفس المرتبة والحكم!
 قال الإمام علي الهادي : ( يا داود، لو قلت إن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقاً ).
كيف ترى مستقبل الحوار بين السنة والشيعة؟
الحوار بين السنة والشيعة ليس وليد اللحظة، بل هو ناشيء من قديم، وتقريباً من القرن الرابع الهجري على يد شيخهم وعالمهم محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الملقب بالصدوق، وربما أقدم من ذلك أيضاً.
كما أن الحوار بين السنة والشيعة متشعب، فهناك الحوار العقائدي، وهناك الحوار القومي، كما أن هناك الحوار السياسي، ولكل عنوان وتخصص أبجدياته وطرقه وقوانينه وفنه.
غير أن الذهن ينصرف بالدرجة الأولى للحوار العقائدي بين السنة والشيعة.
أما عن الحوار، فهو أمر مطلوب وقد حثّ عليه القرآن الكريم بين الأديان والفرق ذات العقائد المختلفة. فقال تعالى: ﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾
غير أن نجاح مستقبل الحوار بين السنة والشيعة، يكون مرهوناً على عدة أمور، منها :
التجرد من الهوى وحظوظ النفس.
الإنصات إلى الخصم وحسن الإصغاء إلى حججه.
الانطلاق من النقاط المتفق عليها في المحاورة
قصد التوصل إلى النتائج المرجوة من الحوار.
تجنب إطلاق الأحكام الجاهزة، فانعدام روح الحوار هو الذي أدى إلى خيار القتل في حوار ابني آدم عليه السلام.
محاولة استثمار كل نقطة من نقاط الحوار للخروج منها إلى التي تلي وبالتالي الخروج من الحوار ببعض الفوائد.
ترك ساحة الحوار إذا انتقل إلى ساحة الجدال والمراء وأدرك أنه لا يؤدي إلا إلى خصومة، ففي الحديث الذي ترويه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ»([7]).
النظر إلى المقول لا إلى القائل واتباع الحق ولو ظهر على ألسنة الخصم، إذ المطلوب كشف الحقيقة وإزاحة الموانع.

التمييز بين المسائل الجوهرية والثانوية ومحاولة الانتقال مباشرة إلى الموضوع، وضرورة تحديد موضوع الحوار، فإبراهيم عليه السلام يضع النقاط على الحروف في حواره مع قومه: ( وَحَـآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ...)[80: الأنعام].
عدم إسقاط الخصم أو النيل من شخصه أو من معتقداته، ولعل في النهي عن سب آلهة الكفار ما يحقق هذا المقصد، قال سبحانه: (وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْم..) [108: الأنعام].
العمل على إيجاد المناخ الإيجابي والجو الهادئ المناسب لإجراء الحوار.
المكاشفة في نصوص عقيدة كل فرقة، وعدم ممارسة التقية أو الخداع أو اللف والدوران أو الحيدة والهروب عن الجواب، مع وضوح ألفاظ الحوار وتجنب المبهمات، وهذا واضح في حوار الأنبياء مع أقوامهم بل هو السمة البارزة في حوارهم، حيث وضوح العبارات وسهولة الألفاظ.

شارك