تقرير حقوقي: تصاعد القمع في أفغانستان تحت حكم طالبان

الخميس 16/يناير/2025 - 06:01 م
طباعة تقرير حقوقي: تصاعد محمد شعت
 
نشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريرها السنوي الذي كشفت فيه عن تدهور وضع حقوق الإنسان في أفغانستان خلال عام 2024، نتيجة القمع المتزايد الذي تمارسه حركة طالبان ضد النساء والفتيات والأقليات، ودعت المنظمة الحكومات إلى اتخاذ خطوات حازمة للضغط على طالبان.

وأوضحت "هيومن رايتس ووتش"في تقريرها والذي تناول حالة حقوق الإنسان في نحو 100 دولة، أن الوضع الحقوقي في أفغانستان أصبح أكثر قتامة.
وصرحت "فريشتي عباسي"، الباحثة في قسم أفغانستان بالمنظمة: "بعد ثلاث سنوات من حكم طالبان، تصاعد القمع ضد الحقوق والحريات. يتعين على الحكومات العمل على إنهاء العنف الممنهج ضد النساء والفتيات، ودعم إنشاء آلية مساءلة شاملة تحت مظلة الأمم المتحدة."
منذ سيطرة طالبان على أفغانستان، فرضت الحركة قيودًا صارمة على حقوق النساء والفتيات، حيث حُرمن من العمل، التعليم، والتنقل بحرية. وأشارت المنظمة إلى أن قانون "النهي عن المنكر" الذي أقرته طالبان يمنع النساء من السفر أو استخدام وسائل النقل العام دون مرافقة ولي أمر ذكر، كما يحظر عليهن الغناء أو إسماع أصواتهن في الأماكن العامة. علاوة على ذلك، تعرضت بعض النساء للاعتقال والسجن بسبب ارتداء ملابس لا تتوافق مع معايير طالبان.

كما وثقت المنظمة اعتقال طالبان لصحفيين ومنتقدين آخرين بشكل تعسفي وتعذيبهم خلال عام 2024.
وأشار التقرير أيضًا إلى تصاعد هجمات تنظيم "داعش-خراسان" ضد المدنيين، وخاصة ضد الأقليات العرقية والدينية مثل "الهزارة" ونفذ التنظيم عدة هجمات، منها اعتداءات في ولاية بغلان أسفرت عن أكثر من 10 قتلى، بالإضافة إلى استهداف خليل الرحمن حقاني، وزير اللاجئين والعائدين في حكومة طالبان المؤقتة.

أما على الصعيد الاقتصادي، فقد أشار التقرير إلى تفاقم الأزمة في أفغانستان، حيث يحتاج أكثر من نصف السكان (23.7 مليون شخص) إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بينما يعيش 2.9 مليون شخص في مستويات الجوع الطارئ. وأكدت المنظمة على ضرورة أن تكون المساعدات المالية موجهة بشكل مباشر لدعم المحتاجين وإيجاد حلول مستدامة للأزمة الاقتصادية.

صرّحت منظمة **هيومن رايتس ووتش** بأن قضية حرمان الفتيات الأفغانيات من التعليم الثانوي أثارت جدلاً واسعاً على المستوى الدولي، إلا أن الحكومات والمؤسسات العالمية لم تبادر بعد باتخاذ إجراءات فعّالة لإنهاء الحظر الذي تفرضه حركة طالبان.
وكانت المنظمة قد أعلنت فقد وقت سابق أن طالبان، بحرمانها الفتيات من التعليم، تهاجم بشكل منهجي حقوق المرأة وتلحق أضراراً طويلة الأمد بالنظام التعليمي في أفغانستان وشعبها.
وأكدت أن الحظر المفروض على تعليم الفتيات فوق الصف السادس يعد هجوماً مباشراً على المساواة بين الجنسين ويؤسس لعدم الإنصاف بشكل مؤسسي داخل النظام التعليمي الأفغاني.
وأضاف البيان أن لهذا الحظر تداعيات خطيرة على كافة جوانب الحياة في أفغانستان، بما في ذلك العواقب الاجتماعية، والتنموية، والاقتصادية. ومع استمرار الحظر يومًا بعد يوم، تتفاقم هذه الآثار السلبية بشكل متزايد.

وشددت المنظمة على أن منع الفتيات من التعليم سيؤدي إلى نقص حاد في الكوادر المؤهلة مثل الأطباء، والممرضات، والمعلمات، والمهنيات في المستقبل. وأشارت إلى أن مرحلة التعليم المتوسط تُعتبر حيوية لنمو الأطفال وتعزيز قدراتهم العاطفية والنفسية، مما يعني أن الحظر المفروض على الفتيات يقوض آمالهن ويؤثر سلباً على تطورهن الشخصي.

ووفقاً لتقديرات هيومن رايتس ووتش، فإن الحظر التمييزي الذي تطبقه طالبان يحرم ما لا يقل عن 1.4 مليون فتاة من حقهن الأساسي في التعليم. وأضافت أن طالبان تضيّع سنوات ثمينة من حياة الفتيات في أهم مراحل النمو الشخصي والأكاديمي، تماماً كما حدث خلال فترة حكمها السابقة من عام 1996 إلى عام 2001، وهي سنوات تركت آثاراً دائمة لم يتم معالجتها.

وأشارت المنظمة إلى أن الفتيات اللواتي أُجبرن على ترك الدراسة في تلك الفترة لم يتمكنَّ غالباً من استعادة مسارهن التعليمي بالكامل. واليوم، تواجه الفتيات المحرومات من التعليم مصيراً مشابهاً قد يؤثر على حياتهن بشكل دائم.

وطالبت هيومن رايتس ووتش حركة طالبان بإنهاء الحظر المفروض على التعليم الثانوي للفتيات فوراً، وضمان توفير بيئة تعليمية آمنة وعالية الجودة للجميع. كما دعت المجتمع الدولي إلى زيادة الضغط على طالبان لرفع الحظر والالتزام بتعهداتها السابقة بفتح المدارس أمام الفتيات.

وأوصت المنظمة الدول المانحة بدعم المجتمعات المحلية التي تسعى لحماية حق الفتيات في التعليم، بالإضافة إلى تمويل المبادرات التعليمية عبر الإنترنت أو السرية التي تديرها النساء.

واختتمت المنظمة بيانها بالإشارة إلى أن وعود طالبان السابقة بالسماح للمرأة بالتعليم حتى مستوى الدكتوراه تناقضت مع الواقع بعد سيطرتها على أفغانستان عام 2021، حيث أغلقت أبواب المدارس والجامعات أمام الفتيات.



شارك