أ- قبل 25يناير "كارهين للمنهج محبين للبنا "
لم يكن الدعاة السلفيون بعيدين عن حركة الإخوان المسلمين فكريًا ولا تنظيميًا، إذ نشأ بعضهم في بيوت إخوانية، كالشيخ ياسر برهامي الذي اعتقل والده وعمه من بين من اعتقلوا من الإخوان خلال الحقبة الناصرية بينما عمل البعض الآخر بين صفوف الحركة في أول حياته لكنهم جميعا اتفقوا على رفض الانضمام إلى الجماعة، وقد تزعم هذا الرفض محمد إسماعيل المقدم الذي أصر على الاستمرار في دعوته التي كان قد بدأها قبل ذلك وتأثر بشيوخ جمعية أنصار السنة وشيوخ السعودية أثناء سفره،.
وتمثل ذلك بشكل رسمى وصريح برفضهم إعطاء البيعة لمرشد الإخوان مستندين وقتها إلى أن المرشد العام الأستاذ "عمر التلمساني" الذي جمع صفوف الحركة بعد رحيل المستشار حسن الهضيبي كان مجهولاً أي غير معلن عنه في ذلك الوقت، وقد رفض السلفيون إعطاء البيعة لشخص مجهول. وإزاء هذا الموقف احتج السلفيون بأنهم كانوا قد دعوا التلمساني لإلقاء محاضرة في إطار النشاط الطلابي بمدرج كلية الطب بالجامعة إلا أن بعض قيادات الإخوان أنكروا عليهم دعوته باعتباره لا يمثل الإخوان المسلمين، بينما أعلن عليهم فيما بعد أنه المرشد العام للجماعة.
هذا التلاعب من الاخوان ادى الى وقوع بعض الصدامات بين الطلاب السلفيين والإخوان المسلمين داخل جامعة الإسكندرية (عام 1980)، وكان طلاب الإخوان ما زالوا يعملون باسم الجماعة الإسلامية التى كان يتزعمها الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح وكرم زهدى وناجح ابراهيم في خليط غريب وغير مفهوم وهو مانتج عنه فيما بعد أجنحة الجماعات الاسلامية المتشددة ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية الان يتحدث عن هذه الفترة قائلا "كنا نوزع أوراقا ونعمل محاضرات في ساحة الكلية ونسميها ندوة، ونتكلم فيها عن قضية التوحيد وقضايا الإيمان"، فخطط الإخوان لمنع هذا اللقاء، ومنع خروج الطلاب للمشاركة فيه، فحصل الصدام الذي لم يكن السلفيون على استعداد له بينما كان الإخوان بعد خروجهم من معتقلات الحقبة الناصرية "مرتبين أمورهم"، حتى ظهر ارتباك شديد لدى السلفيين، التقوا على أثره واتفقوا على العمل بطريقة مرتبة، فجرى ما يشبه الاتحاد من أجل الدعوة بين هؤلاء الطلاب الذين يعرفون الآن بشيوخ الدعوة السلفية ورموزها، وتم الاتفاق بينهم على أن يتولى محمد عبد الفتاح أبو إدريس (قيِّم) المدرسة السلفية، أي مسئولها الأول".
وبالرغم من هذه البداية التي شهدت ما يشبه الصراع بين السلفيين والإخوان إلا أن الباحث المدقق في الموقف السلفي يلحظ بسهولة هذه المساحة الكبيرة التي يراها السلفيون مشتركة بينهم وبين جماعة الإخوان المسلمين. بل وتنم كتابات عدد كبير من رموز الدعوة السلفية عن تقدير عال لتاريخ وجهود مؤسس حركة الإخوان الإمام حسن البنا، إذ لا يكاد يذكره أحدهم في ندوة أو خطبة أو مقال إلا ويتبع ذلك بالترحم عليه والدعاء له بالقول "رزقه الله منازل الشهداء".
الشيخ عبدالمنعم الشحات المتحدث الرسمى للدعوة السلفية يقول عن البنا " ان هناك تشويهًا متعمدًا لتاريخ مؤسس جماعتهم، وهو أمر يقتضي أن نرد على تلك الحملة الشاملة على دين الله، كما يقتضي الذب عن عِرض أحد أبرز رموز الدعوة في العصر الحديث الأستاذ "حسن البنا" -رحمه الله"
ثم ينقل قول العلامة المحدث ناصر الدين الألباني -رحمه الله- ما معناه: "إن كانت للأستاذ "حسن البنا" أخطاء فهي مغمورة في بحر حسناته، ولو لم يكن لـ"حسن البنا" إلا تجديد شباب الدعوة لكفاه ذلك".
وقال سيد عبد الهادي القيادي السلفي "إن حملات الوقيعة بيْن جماعة "الإخوان المسلمين" و"التيار السلفي" تتزايد حدتها؛ لضرب الصحوة الإسلامية ككل، فتسقط في أعين الناس، ويكون المستفيدون هم أعداء الإسلام". وأضاف "للأسف.. انزلق بعض الأفاضل في هذا الأمر، وتوالت الاتهامات بين أكبر فصيلين في الدعوة الإسلامية، لا أقول في مصر فقط بل في العالم الإسلامي كله بدون مبالغة ولكن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا".
وتابع "لا يصح بحال مِن الأحوال أن يصدق السلفيون أن الإخوان سوف يقضون عليهم إذا تمكنوا، وأنهم سيكونون أشد عليهم من الظالمين؛ فإننا نعتقد أن إخواننا في جماعة الإخوان المسلمين عندهم مِن الدين والورع ما يجعلهم لا يفكرون في ذلك؛ فضلاً عن تنفيذه".
ب - بعد 30يونيو "صدام بلا رجعة وحرب بلاهوادة "
دخلت الدعوة السلفية في صراع مباشر مع الاخوان عقب مرحلة من التحالف الجزئى بعد ثورة 25يناير في مجلس الشعب المنحل واللجنة التأسيسة للدستور الذى انتج دستور 2012المشوه
ومع صول المعزول محمد مرسى الى الحكم وقيامه وجماعته بحنث كل وعودهم مع الدعوة في أقتسام الغيمة الكبرى "مصر" بل والعمل على تفكيك كيان الدعوة وذرعها السياسى "حزب النور" الذى رصد كافة تجاوزاتهم في تقريرًا يمكن وصفه بكشف الحساب مع ،جماعة الاخوان حول مواقفها السياسية معه منذ اندلاع ثورة 25 يناير، ووضع دستور 2012، مرورا بثورة 30 يونيو، والإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسى، والمشاركة فى لجنة الخمسين لتعديل الدستور.
التقرير تضمن عدة عناصر رئيسية هى شهادة للدعوة السلفية عن حليفتها السابقة جماعة الإخوان، واستعرض مواقفها بعد إقرار دستور 2012حيث قررالاخوان التعامل مع المعارضين بسياسة حافة الهاوية، والتى تسببت فى إراقة الدماء من الجانبين، كما لوحت لهم بخطاب التكفير والعنف، وأبدت صلابة فى غير موضعها مع مؤسسات الدولة
الدعوة السلفية لم تنكر مواقفها السابقة لثورة يناير من عدم الرغبة في المشاركة السياسية، لسبيين
الأول :يتم فيه الإقرار بباطل وهو محرم
الثانى :لا يتم فيه الإقرار بباطل ، وهو خاضع للمصالح والمفاسد، وان كانت تنتقد القوانين المخالفة للشريعة وهوالاتجاه الذى يتبناه حزب النور والدعوة السلفية حاليا
ومع ثورة يناير بدأ بعض العلمانيين «يتحرشون بالمادة الثانية فى الدستور»، ،ما بين مطالب بإلغائها أو بإدخال تعديل عليها يسقط حجيتها بالكلية، لذلك نظمت حملة للدفاع عنها ثم تشكلت لجنة تعديل الدستور برئاسة المستشار طارق البشرى، وهاجم العلمانيون اللجنة لأنها لم تستجب لمطالبهم بتعديل المادة الثانية ودافع عنها الإسلاميون من أجل حفاظها عليها، وبعد الاستفتاء على الدستور بـ«نعم» كان قرار المشاركة السياسية
واستطاع السلفيون انتزاع مبدأ ظل راسخا حت الان من السلطة الحاكمة "مجلس عسكرى – اخوان – قوى مدنية " وهى فى حالة كتابة دستور يمنع البشر من سن قوانين تخالف شرع الله ومن الجائز مشاركة السلطة التشريعية أو التنفيذية بغرض الإصلاح
وتطور الامر عند السلفيين ونشأت الحاجة إلى إنشاء حزب سياسى يعبر عن هذا التوجه، هو «النور»، الذى اشترك فى العمل السياسى بقوة بداية من استفتاء 19 مارس 2011 والذى كانت ميزته الأساسية هى عدم المساس بالمادة الثانية، وكانت أهدافه العامة فى الدستور هى
1- تقرير دستور موافق للشريعة أو على الأقل خال من المخالفات الفجة المستعصية على التأويل بحيث يمكن بعد ذلك المشاركة السياسية فى ظله أو القسم عليه،
2- إيجاد الأثر القانونى الذى يلزم أجهزة الدولة بعدم مخالفة الشريعة، ويلزم المحكمة الدستورية بإبطال هذه المخالفات متى عرضت اليها،
3- إسناد أمر الشريعة إلى المؤسسة الدينية
ولكن سرعان مابرز الصدام بعد انتخاب المعزول محمد مرسى بالإعلان دستورى فى 19 نوفمبر 2012، اعتبره السلفيون خيانة له وقالوا عنه «فى حركة مفاجئة أصدر مرسى إعلانا دستوريا لم يُعلم حتى الآن من الذى شاركه فيه، فقد تبرأ منه المستشاران محمود مكى، نائب رئيس الجمهورية وقتها، وشقيقه (أحمد)، وزير العدل حينها، وكذلك جميع المستشارين ومكتب إرشاد جماعة الإخوان»، ونظم معارضو مرسى مليونية مطالبين بإسقاطه
ولكنهم شاركوا في دعم الاعلان الدستورى بمليونية «الشرعية والشريعة» التى مثل السلفيون نحو 75% من الحضور فيها رغم اعتراضهم على أكثر من مادة من الإعلان الدستورى تحت دعوى قناعتهم بضرورة وجود حشد شعبى مؤيد للرئيس المعزول لا سيما أنه لم يأخذ فرصة للعمل.
ولكن يبدو أن الإخوان اعتبرو مشاركتهم الجارفة تمثل حقا مكتسبا لهم في أن يستدعو الشسلفيين دونما مشاورة وبالتلفون
وهنا أ جاءت فى مواقف اعتبرت الدعوة السلفية وحزب النور ان بها مظنة المواجهات الدموية حيث كانت هناك أعمال شغب فى محيط قصر الاتحادية، واتسع الخلاف بيننا رغم أننا دعمنا مرسى فى انتخابات الرئاسة بجولة الإعادة.
وتأكد السافيون أن الإخوان بعد إقرار الدستور قرروا التعامل مع المعارضين بسياسة حافة الهاوية والتى تسببت فى إراقة الدماء من الجانبين كما أنهم رغم ما اشتهروا به من مرونة فى قضايا منهجية لا تقبل ذلك أبدوا صلابة فى غير موضعها مع المعارضين ومع مؤسسات الدولة، ورغم النصح المعلن وغيرالمعلن، والموقف المعلن كان لابد ان يتركهم النور والدعوة السلفية حتى لا يحمل الناس أخطاء هذه المرحلة للتيار الإسلامى ككل أو للإسلام ذاته
وبدأ النور والدعوة السلفية بالترويج لترك الاخوان من خلال نموذج النصيحة للحاكم وروج له الإسلاميون عامة والإخوان خاصة بنماذج صارخة مثل «أصابت امرأة وأخطأ عمر»
وتسأل السلف كيف نأتى عند التطبيق وفى أخطاء يراها الناس ويشتكون منها وينقلونها إلينا كشريك للإخوان ولا نقوم ببيانها. وتساءل: «هل كان يسعنا تقديم دعم شعبى لمرسى مضاد لحركة 30 يونيو؟»،
وكان رد الاخوان عنيف عليهم بتخصيص كثيرا من القنوات الإسلامية فى نقد الدعوة السلفية واعتبار أن عدم المشاركة فى أحداث الاتحادية خيانة أو الاعتراض على قانون السلطة القضائية (الذى كان له أكبر الأثر فيما آل إليه حال مرسى) خيانة، وبدأت تتبلور معالم سياسة الإخوان ضد الحركة الرافضة لها، وهى: التلويح بخطاب التكفير والعنف، وإظهار الصلابة بعدم الاستجابة لأى مطالب بل المضى قدما وعمل حركة تغيير محافظين قبل 30 يونيو الماضى بأيام معدودة
الدعوة طالبت الإخوان بأن يمنعوا خطاب التكفير والعنف لكى تتمكن من دعمهم جماهيريا فقالوا: «إنهم لا يوافقون على هذا الخطاب، لكنهم لا يستطيعون منع الرموز التى تقوله من حضور فعالياتهم
وهنا يطرح السلفيون السؤال الاهم وفيما يشبه النقد الذاتى هل ساهمنا فى عزل مرسى بالظهور فى مشهد 3 يوليو الماضى؟، ليردوا على انفسهم «للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نسأل» متى عُزل مرسى؟، وفق إجابة الرئيس المعزول فإنه عزل يوم 2 يوليو الماضى، وهذا كان واضحا لنا من خلال تردد الدكتور محمد سعد الكتاتنى، رئيس حزب الحرية والعدالة، التابع لـ«الإخوان» حتى أخر لحظة حضور اجتماع 3 يوليو، ووفق إجابة المستشار أحمد مكى فإنه لم يتسلم السلطة استلاما حقيقيا من الأساس، وهذا كلام له رصيد من الواقع، لكننا نرى أنه على الأقل فقد الجزء اليسير من السلطة الذى تسلمه منذ بيان الجيش الأول، ولم يكن أمامه إلا خيارات محدودة.
ليتابعوا سياسة جلد الذات بطريقة برجماتية بحتة «كنا نتمنى نجاح مرسى بينما لم نكن نستطيع الدفاع عن أخطاء حكمه لا سيما أن طريقة الدفاع التى اختارها التحالف المؤيد له كانت هى أكبر الأخطاء على الإطلاق، فهل تمكن الوضع الجديد أم لا؟ إنه حينما تجد أن الجيش والشرطة والقضاء وقطاعا واسعا من الشعب اتفقوا على موقف، فهل من الحكمة مواجهة كل هؤلاء؟ وهل يستطيع مرسى أو غيره أن يحكم من خلال هذه المؤسسات لو افترضنا أنه عاد؟ ولماذا لم يتخذ الإخوان أو غيرهم سياسة مواجهة الشرطة بصدور عارية أيام الرئيس الأسبق مبارك؟ وأين هذا فى دين الله عز وجل؟ ولو افترضنا أن الأمر نجح، فهل يمكن للإسلاميين ممن يرفعون شعار (نحمل الخير لمصر) أن يدخلوا مواجهة حتى لو استندت على حق لكنها ستؤدى إلى تمزق الجيش الوحيد المتماسك فى المنطقة؟ علما بأنه هو الجيش الذى بالغ مرسى فى الثناء عليه قبل 48 من عزله.
ليحسم السلفيون موقفهم حول إمكانية اتخاذ موقف المقاطعة فى أحداث 30 يونيو، «إن خيار المقاطعة مطروح حينما يكون مفاسد المشاركة أكبر من مصالحها، أما المقاطعة كنوع من رفض السلطة القائمة فالداعى إليها لم يلتزم بها بل تعامل معها بصفتها سلطة واقع فى كثير من التعاملات الشخصية والعامة، ويعلق على عمل لجنة تعديل الدستور وهذا موقف تلقائى نابع من شعورهم بأنهم سيحكمون بهذه القوانين شاءوا أم أبوا وكذلك الدستور.
وعن الدافع وراء مشاركتهم فى دستور 2013، قال: «رغم ضعف تمثيلنا فى لجنة الخمسين فإننا رأينا إمكانية إحداث توازن مستمد من رغبة الشارع فى الحفاظ على الشريعة، وبوسعك أن تقول نعم أو لا أو تقاطع الاستفتاء بناء على المنتج النهائى، وفى ظل الإمكانيات المتاحة حققنا قدرا كبيرا جدا من المصالح، منها أن يكتب دستور يحافظ على الشريعة بأيدى لجنة لا يمثل فيها التيار الإسلامى إلا نسبة لا تكاد تذكر، كما أن ممثلى الأزهر بذلوا جهدا فى الحفاظ على الهوية وفق رؤيتهم، وكثير من المحسوبين على التيار العلمانى انحازوا لرؤيتنا أو لرؤية الأزهر بعد الحوار.
ليحسم حزب النور والدعوة السلفية الصراع مع الاخوان بلا رجعة وتبدأ حرب بلاهوادة ضدهم من الجماعة الاخوانية ستستمر مادام السلفيون اصبحوا البديل البرجماتى للتيار الاسلامى
موقفهم من جماعة أنصار السنة المحمدية"اتفاق في المنهج أختلاف في الاسلوب
يؤكد السلفيون دائما على الأثر الكبير الذي كان لجماعة "أنصار السنة المحمدية" في نشأة دعوتهم تاريخيا، خاصة وان كثير من السلفيين عقدوا العديد من القاءات والمجالسات مع شيوخ أنصار السنة على منهج أهل السنة والجماعة وعلى رأسهم الشيوخ محمد حامد الفقي، وعبد الرزاق عفيفي، وعبد الرحمن الوكيل، ومحمد علي عبد الرحيم
ولكن هناك سؤال يطرح نفسه وبقوة لماذا اختار السلفيون العمل خارج هذه الجماعة، التي كانت قائمة بالفعل وعلى منهج يلتزم الكتاب والسنة؟ وقد عملوا ضمن إطارها في كثير من البلاد.
يرد على ذلك الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية قائلا " أن مسألة عمل السلفيين ضمن جماعة أنصار السنة كانت تتوقف على شخصيات القائمين على الجماعة في المناطق المختلفة، ففي الإسكندرية كانت هناك طائفة لا تستوعب الشباب ولا طاقاتهم"، بل تكاد تحصر نفسها في قضايا شرعية بعينها "تتشدد جدا فيها وتهمل غيرها رغم أن الحق غالبا ما يكون في خلافها"، مثل قضية (الاقتصار على الصحيحين في الاستدلال)، ومثل قضية (إخراج القيمة في زكاة الفطر)، ومثل قضية (إنكار المهدي)
وتابع "لقد كان الوضع في الإسكندرية لا يحتمل أي تطوير للعمل من خلال الأوضاع القائمة آنذاك. في حين كان التعاون التام للسلفيين في وجود الشيخ محمد صفوت نور الدين وقبل أن يتولى رئاسة الجماعة، الذي كان يحضر لقاءات السلفيين في المحافظات المختلفة.
ليختتم حديثه بقوله "الظروف التي حالت دون بقاء السلفيين ضمن إطار "أنصار السنة" بأنها "خارجة عنا كدعوة سلفية "
ولكن المتابع لمنهج الجماعتين ووسائل دعوتهما ومساحة الحركة يمكن أن يحدد عدد الأسباب للانفصال على رأسها
1- ضيق المساحة المتاحة للعمل أمام السلفيين ضمن "أنصار السنة"
2- أنصار السنة كانت جمعية معترف بها قانونا، وتشرف عليها رسميا وزارة الشؤون الاجتماعية، وتتلقى مساعدات من الدولة، وهو ما لم يكون متوفرا للدعوة السلفية انذاك
3- المسائل الخلافية حول طريقة تدريس المنهج وأساليب العمل الدعوى بين مشايخ الدعوتين
4- رغبة السلفيين من أبناء الدعوة في مساحة أكبر للعمل والحركة دون قيود من جمعية أنصار السنة .
موقفهم من جماعة التكفير والهجرة" فتنة اتاحة لهم الحركة والنمو "
بينما كان السلفيون يضعون اللبنات الأولى لدعوتهم ظهرت جماعة التكفير والهجرة على يد شكري مصطفى، الذي استطاع أن يضم إليه عددا كبيرا من الشباب، اللذين نفذوا فيما بعد حادثة قتل وزير الأوقاف الأسبق الشيخ الذهبي، وقعت الحادثة بينما كان السلفيون بأحد معسكراتهم الإسلامية في إستاد جامعة الإسكندرية صيف عام 1977، وكانت لها أصداء داخل المجتمع المصري، ولذلك وصفها الشيخ أحمد فريد عضو مجلس ادارة الدعوة السلفية بأنها "كانت فتنة بالفعل"
حرص السلفيون على منذ البداية على نفي هذه الواقعة عن أنفسهم والتأكيد على عدم تبنيهم لهذا الفكر، وقال الشيخ احمد فريد في مذكراته "خرجنا إلى المواصلات العامة ونحن نرتدي (فانلة) مكتوبا عليها "الجماعة الإسلامية.. ندعو الله عز وجل، ونتبرأ من جماعة التكفير وقتل الذهبي"؛ وذلك حتى لا تستغل الفرصة لضرب الصحوة الناشئة.
ليدخل الشيخ محمد إسماعيل المقدم مؤسس الدعوة السلفية على الخط ويدرس علنا لابناء الدعوة السلفية في معسكرتها رسالة شرعية في الرد على جماعة التكفير والهجرة
وبعد هذه الحادثة تبلور ت أفكار الدعوة السلفية وعملها الحركى بعيدا عن التكفير مع أتاحة الفرصة لهم بالتواجد في هذه الفترة وسط الشباب داخل الجامعات، ضمن إطار "الجماعة الإسلامية"، حتى صار لهم وجودا واضحا ينافس وجود الجماعات الأخرى العاملة قبلهم.
وشهدت الجامعات نشاطا مكثفا لهم في مواجهة الجماعات التكفيرية تمثل في إقامة المعسكرات السنوية، حيث جرى تنظيم أكثر من معسكر بمبنى اتحاد الجامعة، وأمام كلية الهندسة، إلى جانب الخروج لرحلات العمرة التي يتفق عليها اتحاد الجامعة من خلال اشتراكات الطلاب، وكذا عمل الأيام الإسلامية واعتكافات رمضان، وطبع الكتيبات والمطويات الإسلامية بل ظهر مايسمى "قوافل الدعوة" التي تسير على طريقة جماعة (التبليغ) داخل الجامعةوقد جرى تنظيم عدد من المعسكرات الصيفية في الأعوام 77، 78، 79 كلها كانت ذات منهج سلفي، كان يوزع فيها كتاب (الأصول العلمية للدعوة السلفية)، وكان يدرس فيها كتاب (تطهير الجنان والأركان عن درن الشرك والكفران)، بالاضافة الى كتب (تمام المنة بالرد على أعداء السنة )
و(النصيحة في الأذكار والأدعية الصحيحة)و(الحياء خلق الإسلام )و(تذكرة الأبرار بالجنة والنار)و(أعمال القلوب )وكلها كانت ذات صبغة سلفية.
كل ذلك كان يتم باسم تيار "الجماعة الإسلامية" و"اتحاد الطلاب"، ولم يكن في الجامعات حرس جامعي يضيق على الطلاب أنشطتهم