لم تكن القارة الافريقية بعيدة عن الموجات الإرهابية التي اجتاحت العالم في العقود الأخيرة فقد عانى الشمال الافريقي عقودا طويلة من الارهاب خصوصا في مصر والجزائر وتونس وغيرها، وكما يعلم القارئ ان هذه الموجات الارهابية قد انحسرت في الشمال الافريقي لاسباب عدة منها هزيمة الجماعة الأم "الإخوان المسلمين" في مصر وكذلك خسارتها الانتخابات في الجزائر وموروتانيا، وان كانت تحتفظ بموضع قدم في تونس أو المغرب إلا أن موجات العمليات الإرهابية تكاد تكون منعدمة في الأونة الأخيرة، كما تسارع السودان الزمن بعد الاطاحة بحكومة البشير في التخلص من كل ماهو إخواني، إلا أن الجماعة مازالت تنشط في عدد من الدول الافريقية مثل السنغال والنيجر ونيجيريا ومالي والصومال وتشاد، وتمتد الشبكات الإرهابية الأخرى من أقصى الساحل الأفريقي بالغرب إلى أقصى الساحل الأفريقي في الشرق، حيث انتشار التنظيمات الإرهابية في الصومال ومنطقة القرن الأفريقي، والتي كانت أولى المناطق التي شهدت تدخلات خارجية ودولية لمكافحة الإرهاب في القارة الأفريقية.
أعد الملف
حسام الحداد
فاطمة عبد الغني – علي رجب – روبير الفارس – أميرة
الشريف – هند الضوي – هاني دانيال
تستحوذ جماعة نصرة الاسلام والمسلمين على أحداث العنف من
شمال مالي إلى جنوب شرق بوركينا فاسو، بسنبة 64 في المئة، لتستحوذ الجماعات الإرهابية
المتبقة على 36 في المئة من مجمل هذه الأحداث المتطرّفة في منطقة الساحل منذ العام
2017، وفق تقرير أعده دانيل ازينغا نُشر في المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية. وكانت جبهة تحرير ماكينا هي إلى حد بعيد أنشط المجموعات
المكونة لـ"جبهة تحرير كوسوفو"، حيث تعمل من معقلها في وسط مالي وتوسعت إلى
شمال بوركينا فاسو وأجزاء أخرى من بوركينا فاسو.
جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التي كان ائتلافها يتكوّن
في الأصل من 4 مجموعات إرهابية مسلحة مرتبطة بالقاعدة في منطقة الساحل الأفريقي، وهي
أنصار الدين، وحركة تحرير السودان، والمرابطون، وإمارة الصحراء التابعة لتنظيم القاعدة
في بلاد المغرب الإسلامي، تعطي الإنطباع أنّها موجودة في كلّ مكان وتوسّع نطاقها بلا
هوادة، ليحجب ذلك الحقائق المحلية التي غذّت النشاط الإسلامي المتشدد في منطقة الساحل.
ومع ذلك، فإنّ ما يقرب من ثلثي العنف في منطقة الساحل المنسوبة إلى جماعة نصرة الإسلام
والمسلمين.
لكن الواقع يقول غير ذلك، فلكل مجموعة من هذه المجموعات السابقة
الذكر مصالحها المتغيرة ونفوذها الإقليمي ودوافعها. في الوقت الحاضر، يتم تمثيل
"جبهة النصرة" بشكل فعال من قبل قادة إثنين فقط من المجموعات الأصلية، إياد
آغ غالي من أنصار الدين وأمادو كوفا من حركة تحرير السودان، وفرع أقل نشاطاً من حركة
تحرير الأقليات، كاتيبا سيرما، بقيادة أبو جليل الفولاني.
ويعتبر إياد آغ غالي زعيم جبهة العمل المشتركة، وهو أسس أنصار
الدين في العام 2011 عندما رفضت حركة انفصالية من الطوارق مقرها في شمال مالي، تعيينه
رئيساً لها. أمّا أمادو كوفا فقد قاتل أصلاً في صفوف أنصار الدين في العامين 2012 و2013،
لكن بعد تشتت أنصار الدين، شرع كوفا بـ"التبشير" بالتطرف في كلّ أنحاء وسط
مالي. وقد شنّ كوفا بوصفه زعيماً لحركة التحرير ، أكثر أعمال التمرّد فتكاً بأيّ جماعة
تابعة لـ "جبهة النصرة"، محاولاً الإطاحة بالسلطات التقليدية القائمة ونشر
وجهة نظره بشأن الشريعة الإسلامية في وسط مالي. وامتدت أنشطة الحركة ونفوذها إلى شمال
بوركينا فاسو من خلال صلاتها بجماعة أنصار الإسلام، وهي جماعة إسلامية متشددة من بوركينا
فاسو بدأها إبراهيم ديكو، أحد أنصار كوفا.
في العام 2017، نشرت مجموعات من المقاتلين الإسلاميين المتشدّدين
عملياتهم على طول الحدود بين بوركينا فاسو والنيجر مستغلين الشبكات الإجرامية القائمة.
وقد أعيد دمج فلول أخرى من جماعة أنصار الإسلام مع حركة تحرير السودان عندما توغلت
في الجنوب من وسط مالي إلى شمال بوركينا فاسو ووسطها. ومع تزايد العنف، أحرزت تقدماً
في المناطق المكتظة بالسكان، إذ استقطبت مجموعة أكبر وتكّمنت من توسيع الإيرادات. ويعتقد
الخبراء أنّ الجماعات التابعة لـ "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" تكسب معاً
ما بين 18 و35 مليون دولار سنوياً، عن طريق ابتزاز طرق العبور الخاضعة لسيطرتها، والمجتمعات
المحلية وكذلك عن طريق عمليات الخطف للحصول على فدية.
إلّا أنّ تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لم يُطوّر
أبداً قاعدة كبيرة من الدعم المحلي في منطقة الساحل، وعلاوة على ذلك، فإنّ نفوذه الإقليمي،
حتى في الجزائر آخذ في التضاؤل. ومن المرجح أن يؤدي مقتل الزعماء المرتبطين بالقاعدة
عبد المالك دروكدال (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي)، وجمال أوكاشة وعلي ماشو (القاعدة
في بلاد المغرب الإسلامي في الصحراء)، ومحمد ولد النويني (المرابطون)، إلى التعجيل
بتآكل أيّ تأثير مباشر يمكن لشبكة القاعدة العالمية أنّ تدعيه على المقاتلين التابعين
لـ"جبهة النصرة".
وهم التماسك
تحالف كوفا وأغ غالي دفع الطموحات الفردية للزعيمين، وساعد
على درء الصراع بين المجموعتين من خلال تحديد مناطق نفوذهما ومجتمعاتهما، غير أنّ أهداف
المجموعتين تختلف. وفي حين تبدو أهداف آغ غالي سياسية في الدرجة الأولى، إلّا أنّ أهداف
كوفا ترتبط بوضوح بالعنف لناحية تفسيره للإسلام، ومن خلاله التغيير الاجتماعي.
وبدءاً من العام 2019، كانت هناك موجة من الأنشطة العنيفة
نسبت إلى "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" في شرق بوركينا فاسو على طول الحدود
مع النيجر، وامتدت إلى مناطق قريبة من الحدود مع بنين وتوجو. وتقع هذه الهجمات خارج
مناطق العمليات التاريخية التابعة لحركة تحرير الحركة الشعبية لتحرير السودان أو حركة
أنصار الدين. وبدلاً من أن تكون دوافع هذه الأحداث أيديولوجية أو سياسية، يبدو أنّها
تهدف إلى السيطرة على تعدين الذهب الحرفي والطرق التجارية. وتشير التقديرات إلى أن
المواقع الحرفية في المناطق المتضررة من عنف الإسلاميين المتشددين لديها القدرة على
إنتاج ما يزيد على 725 كيلوغراما من الذهب، تقدر قيمتها بمبلغ 34 مليون دولار سنوياً.
وتتميز منطقة الحدود الثلاثية بين بوركينا فاسو ومالي وكوت
ديفوار بالتهريب غير المشروع والاتجار بالأسلحة الصغيرة التي ترافق البضائع المنقولة
عبر كوت ديفوار إلى مراكز تجارية في مالي وبوركينا فاسو.
كما تتطور هذه المنطقة لتصبح مركزاً جديداً لتعدين الذهب
الحرفي. وقد أدّت سلسلة من الهجمات التي شنّتها حركة تحرير السودان بدءاً من عام
2020، إلى جانب احتمالات استغلال الذهب، إلى زيادة خطر انعدام الأمن في هذه المنطقة.
وكما هو الحال في شرق بوركينا فاسو، قد يسعى مقاتلو الحركة إلى إقامة وجود في جنوب
غرب بوركينا فاسو للإستيلاء على بعض الأموال غير المشروعة التي تتولّد من هذه الأنشطة.
نصرة الإسلام والمسلمين
يشير تقرير المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية إلى أنّ
هيكل الإئتلاف في جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، يوفّر جملة من المزايا التي تدلّ على
ضعفه، لافتاً إلى أنّ عدم تحديد الهجمات التي تتجاوز الكيان العام لجماعة نصرة الإسلام
والمسلمين، يؤدّي إلى خفض الملامح الدولية والإقليمية لكلّ مجموعة، وهذا الغموض يقلل
من التدقيق الذي يُعطى لكل مجموعة من المكونات، ما يصعّب أكثر عملية تتبع عمليات مجموعات
محددة وأساليبها.
فهذه الجماعة ليست الفاعل الوحيد الذي يعمل في كلّ أنحاء
المنطقة، ويشير تيار العنف المستمر الذي يتجاوز مكانة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين
الفعلية، إلى أنّه من الصعب إسناد المسؤولية عن الهجمات إلى جماعات محددة، وبالتالي
الرد على النحو المناسب.
ويضيف التقرير: وفي حين أنّ آغ غالي وكوفا هما الرئيسان الوحيدان
للتحالف، إلّا أنّه من غير الواضح مدى تأثيرهما الفعلي على مختلف عناصر جماعة نصرة
الإسلام والمسلمين المنتشرة في المنطقة. كما أنّه من المرجح أيضاً أنّهما غير قادرين
على السيطرة على العصابات المتمردة أو حتى منعهم من الإنشقاق والتوجه إلى جماعات متنافسة.
ويلفت التقرير إلى أنّ التوترات والإقتتال الداخلي بين الجماعات الإرهابية ليست جديدة
في كل أنحاء الساحل، وربما أدّت النزاعات حول الأراضي والموارد إلى تجدّد التوترات
بين جماعات الجماعة الإسلامية في الصحراء الكبرى.
حسب نشرة "مؤشر الارهاب العالمي" التي نشرت في
نوفمبر 2020، نقل تنظيم الدولة الاسلامية "مركز ثقله" من منطقة الشرق الاوسط
إلى القارة الأفريقية وإلى جنوب القارة الاسيوية بدرجة اقل، حيث شهدت منطقة الساحل
هذا العام زيادة في اعمال القتل بنسبة 67 في المئة مقارنة بالعام الفائت.
وجاء في النشرة "إن نمو الجماعات المرتبطة بتنظيم الدولة
"داعش" في منطقة الساحل أدى الى تصاعد وتيرة الاعمال الإرهابية في العديد
من بلدان المنطقة" وتقع سبع دول من الدول العشر التي شهدت تصاعدا في الاعمال الارهابية
في جنوب الصحراء الكبرى وهي بوركينا فاسو وموزمبيق وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومالي
والنيجر والكاميرون واثيوبيا.
ولفتت النشرة الى أنه في عام 2019 شهدت دول جنوب الصحراء
الكبرى اكبر زيادة في عمليات القتل التي تنسب للجماعات المرتبطة بتنظيم الدولة الاسلامية
والتي بلغ مجموعها 982 حالة قتل وهو ما يمثل 41 في المئة من اجمالي أعمال القتل.
ويؤكد منسق محاربة الارهاب في وزارة الخارجية الأمريكية السفير
ناتان سلز أن القاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية نقلا مركز ثقلهما من منطقة عملهما التقليدية
في سوريا والعراق الى الجماعات المرتبطة بهما في غرب وشرق القارة الافريقية والى افغانستان.
ويرجح سلز أن تكون ساحة المعركة الاساسية القادمة ضد الجماعات
الارهابية هي القارة الأفريقية. لكن المعركة لن تكون فقط بين حكومات المنطقة من طرف
والجماعات الجهادية من طرف آخر بل سنشهد طراعا داميا بين القاعدة والدولة الاسلامية
بسبب المنافسة بينهما.
وهذه المنافسة تحتدم أكثر فأكثر حسب رأي الخبير في شؤون الجماعات
الجهادية اوليفيه جييتا من مؤسسة جلوبال سترات للمخاطر الأمنية الاستشارية، "أفريقيا
ستكون ساحة الجهاد العالمية خلال السنوات العشرين المقبلة بدلا من الشرق الاوسط"
حسب رأي جييتا.
ورغم أن الجماعتين تشتركان في كراهية حكام المنطقة المدعومين
من الغرب وتتهمانهم بالكفـر، لكن هناك فروقات جوهرية في مقاربة وأفكار كلتا الجماعتين.
فتنظيم الدولة "داعش" معروف عنه أنه لا يتورع عن استخدام أشد أساليب العنف
والفظاعة في عملياته، مثل عمليات قطع الرؤوس ونشرها عبر شرئط مصورة.
ورغم انه ينجح في استقطاب المنحرفين والمجرمين إلى صفوفه
عبر هذه الاساليب لكن ذلك يثير حفيظة وكراهية الغالبية العظمى من المسلمين.
بينما القاعدة تلجأ الى أساليب أكثر براجماتية مثل كسب ولاء
ابناء المنطقة الذين لا يثقون بحكوماتهم وبقوات الأمن الحكومية، واستغلال المظالم الاقليمية
والعرقية.
ويرى السفير سلز أن منطقة غرب أفريقيا تمثل البيئة المثالية
لنشاط الجماعات الجهادية بسبب "فشل الحكومات في السيطرة على أراضيها وارتكاب القوات
الحكومية انتهاكات ضد السكان وسهولة عبور الحدود بين هذه الدول".
والجماعة الجهادية المهيمنة في المنطقة هي "جماعة نصرة
الاسلام والمسلمين" الموالية للقاعدة وهي تتنافس مع جماعة "الدولة الاسلامية
في الصحراء الكبرى" الموالية للدولة الإسلامية وقد وقعت عدة معارك بين الجماعتين
خلال العام الماضي 2020، لكنها لم تتحول الى مواجهات واسعة.
وكانت نيجيريا الدولة التي عانت اكثر من غيرها من عنف الجماعات
المتطرفة حيث تواجه القوات الحكومية مصاعب في السيطرة على المناطق الشمالية من البلاد
وهي المناطق التي تنشط فيها جماعة بوكو حرام.
وحسب "مؤشر الارهاب العالمي" فإن بوكو حرام مسؤولة
عن سقوط 37500 قتيل واكثر من 19 الف حالة قتل بسبب اعمال ارهابية منذ عام 2011 في نيجيريا
بشكل اساسي وفي الدول المجاورة.
في عام 2015 بايع فرع من بوكو حرام تنظيم الدولة "داعش"
واطلق الفرع على نفسه بعد ذلك اسم "ولاية غرب افريقيا للدولة الاسلامية"
ونجح مسلحوه في عبور الحدود والسيطرة على قاعدة لقوات متعددة الجنسيات على ضفاف بحيرة
تشاد عام 2018 ومنذ ذلك الحين تقوم الدولة الاسلامية بالدعاية لهذا الفرع بشدة.
كما لا يزال بوكو حرام يقوم بعمليات مروعة في شمالي البلاد
حيث تبنت اوائل ديسمبر 2020، عملية قتل عشرات الفلاحين في ولاية بورنو بحجة تعاونهم
مع قوات الأمن.
وتتردد القوى الغربية في تقديم الدعم العسكري والاستخباري
الواسع للقوات الحكومية النيجيرية بسبب الفساد المستشري وسجل الجيش النيجيري السيء
في مجال حقوق الانسان حسب الدبلوماسيين الغربيين.
وهذا الوضع ساعد كثيراً جماعة بوكو حرام وغيرها من الجماعات
الجهادية في كسب المزيد من المؤيدين والأنصار في شمالي البلاد.
بينما انطلقت القاعدة في شمال افريقيا من الجزائر وبالتالي
لا غرابة أن يكون الزعيم الجديد للقاعدة في "المغرب الإسلامي" جزائرياً،
حيث حل أبو عبيدة العنابي البالغ من العمر 51 عاماً وصاحب اللحية البيضاء محل الزعيم
السابق عبد المالك دوركدال الذي قتل في عملية للقوات الفرنسية في شهر يونيو 2020، في
مالي.
واظهر تعيين زعيم جديد للقاعدة في المغرب الخلاف بين القاعدة
والدولة الاسلامية، فبينما رحب بذلك انصار القاعدة اثار انصار الدولة الإسلامية الشكوك
في تاريخه الجهادي.
في المقابل يمثل الجيب الذي أقامه تنظيم الدولة الاسلامية
في مقاطعة كابو دلغادو والذي يحمل اسم " إمارة وسط افريقيا في الدولة الاسلامية"
تجسيداً فعليا لمثال التمرد الشامل على الدولة واقامة جيب منفصل عبر وسيلة الانترنت
حصراً.
ويعتقد مسؤولي مكافحة الارهاب أن المسلحين الذين ينشطون في
المنطقة الغنية بالغاز من موزمبيق قد انخرطوا في صفوف هذا التنظيم بفضل الدعاية عبر
الانترنت وبمساعدة متطرفين في تنزانيا المجاورة ودون أن توفد الدولة الاسلامية عناصر
من سوريا أو العراق للقيام بهذه المهمة.
وراجت مؤخراً تقارير متضاربة عن بعض اعمال العنف المروعة
التي وقعت في إقليم كابو دلغادو وأخرها المجزرة التي راح ضحيتها 50 قروياً جرى اعدامهم
في ملعب لكرة القدم.
ويبدو ان المسلحين الاسلاميين الموالية للدولة الاسلامية
في موزمبيق قد باتت لهم اليد العليا في مواجهة القوات الحكومية و "يتحركون بحرية
في البلاد دون أن يواجهوا مقاومة".
الفدية مقابل الرهائن
في عام 2013 وقع زعماء مجموعة السبعة في قمتهم تعهداً التزموا
بموجبه بعدم دفع الفدية للجماعات المصنفة في خانة المنظمات الإرهابية.
وبعد سبع سنوات من التوقيع على ذلك التعهد تم إطلاق سراح
الرهائن الأوروبييين المختطفين لدى الجماعات الارهابية مقابل دفع مبالغ مالية كبيرة
لا أحد يعلم مقدارها بينما جرى إعدام المواطنين الأمريكيين والبريطانيين بسبب رفض الحكومتين
التفاوض مع الخاطفين.
فقد جرى مؤخراً اطلاق سراح عدد من الرهائن الفرنسيين المحتجزين
من قبل الجماعات الارهابية في منطقة جنوب الصحراء الكبرى مقابل إطلاق سراح عدد كبير
من الجهاديين الخطرين الذين كانوا يقبعون في سجون مالي.
ويقدر الخبراء اجمالي المبلغ الذي تم دفعه للجهاديين خلال
السنوات الماضية مقابل إطلاق سراح الرهائن الغربيين بنحو 120 مليون دولار.
ويستخدم المتطرفون هذه الأموال في شراء المزيد من الاسلحة
والمتفجرات والسيارات وأجهزة الرؤية الليلية واجهزة الاتصال وتجنيد المزيد من الأفراد
ورشوة المسؤولين.
لم تكتف تركيا بمساعيها الخبيثة نحو منطقة الشرق الأوسط ،
بل تمددت لتصل نحو القارة السمراء بهدف فرض مشروعها الإخواني في بقاع قارة أفريقيا،
عبر حيل القوة الناعمة المتمثلة في مؤسسات غير حكومية ظاهرها خيري وباطنها الفساد ،
فضلا عن سعيها لبناء شراكات متعددة وتحقيق أهدافها الاستراتيجية حول إيجاد موطئ قدم
في هذا الجزء الاستراتيجي من القارة الإفريقية والمساهمة في إعادة هندسة المعادلة الإقليمية
في الساحل والصحراء.
ويمثل الانخراط التركي في الصومال النمو الأضخم لسياسة الانفتاح
على أفريقيا الطموحة التي أطلقتها أنقرة في العام 2005 وهدفت إلى تعزيز الحضور الدبلوماسي
والتجاري التركي في أرجاء القارّة.
وشملت المبادرة افتتاح عشرات السفارات الجديدة ورحلات للخطوط
الجوية التركية ومؤتمرات قمة تركية أفريقية اعتيادية.
وتضاعَف عدد السفارات التركية في أفريقيا إلى 4 أضعاف خلال
العقدين الماضيين، ليصل إلى حوالي 43 سفارة و54 وجهة سفر الآن.
وقد افتتحت أنقرة خلال الفترة الأخيرة سفارتين جديدتين لها
في كل من توغو وغينيا الاستوائية، وذلك بهدف تعزيز العلاقات والحضور التركي في المنطقة.
وللسودان أيضا تاريخ من النفوذ العثماني وقد خضعت هذه البلاد،
حتّى أبريل 2019، لحكومة إسلامية إسمياً (وقمعية بلا شك) ذات صلات تاريخية بجماعة الإخوان
المسلمين، و كانت علاقة السودان بالولايات المتحدة متقلقلة، ممّا يجعلها تابعاً جذاباً
لأردوغان، الذي سعى إلى جعل تركيا نموذجاً للعالم المسلم وبديلاً للعالم الغربي الذي
تخلّى عن سلطته الأخلاقية.
وفيما شكل الصومال والسودان الهدفَين الأكثر طبيعية للتعاون
التركي، تعتبر أثيوبيا القوة الصاعدة في المنطقة.
ويعد تُولي أنقرة للدائرة الأفريقية في المجال الأمني أهمية كبيرة، حيث أصبحت السياسة التركية أكثر عسكرة
منذ عام 2015 بُغية توسيع نفوذها الجيوسياسي في المنطقة والقارة، وهو ما برز في اتفاقات
التعاون الأمني التي أبرمتها أنقرة مع معظم دول المنطقة مثل موريتانيا وغامبيا وكوت
ديفوار وتشاد والسودان وغينيا ونيجيريا وبنين، وآخرها التوصل إلى اتفاق أمني مع النيجر
في يوليو 2020 بهدف إيجاد موطئ قدم علني في منطقة الساحل والصحراء.
ومن الناحية الاقتصادية أقيمت أول قمة لتركيا مع أفريقيا
عام 2008 في إسطنبول، والتي شاركت فيها 49 دولة أفريقية، وفي العام نفسه أعلن الاتحاد
الأفريقي أن تركيا شريك إستراتيجي للقارة، وفي أواخر عام 2014 عقدت القمة الاقتصادية
الثانية بين الطرفين في غينيا الاستوائية.
وتشير تقارير إعلامية
إلى سعي أنقرة إلى إنشاء قاعدة عسكرية في غرب أفريقيا، خاصة في النيجر قرب الحدود
مع ليبيا، وهو ما يمنحها موطئ قدم علني في دولة أفريقية ثالثة بعد الصومال وليبيا.
وكان البرلمان التركي قد وافق في نوفمبر 2014 على المشاركة
في عمليات حفظ السلام الدولية في كلٍّ من مالي وأفريقيا الوسطى.
كما تقوم مؤسسة
"صادات" التركية بإجراء برامج تدريبية عسكرية للعديد من القوات والجيوش الأفريقية،
وتبحث عن فُرصٍ للاستفادة من الصفقات العسكرية في القارة الأفريقية.
ومن أبرز المشروعات التي نفذتها الشركات التركية في أفريقيا،
إنشاء وإدارة مطار دولي في كل من ساحل العاج وتونس، وإنشاء مصنع للإسمنت في كل من الغابون
وساحل العاج، ومصنع للحديد في الجزائر، ومجموعة من الفنادق الكبيرة في الجزائر والغابون
ورواندا، ومجموعة من الطرق السريعة في السنغال، ومحطات توليد الطاقة في ليبيا، ومحطات
تحلية المياه في الغابون.
ويحاول النظام التركي تجنيد قبائل الطوارق في منطقة الساحل
للترويج لسياساته في الساحل وغرب وشمال أفريقيا؛ فقد زار 10 من شيوخ وقادة الطوارق
تركيا في أبريل 2020، وتسعى أنقرة إلى استمالة الطوارق واستغلالهم من أجل تعزيز سياساتها
الحالية والطموحات الشخصية للرئيس التركي، تحت غطاء مساعدة الطوارق في توسيع دائرة
الإسلام في أفريقيا.
ويعد التدخل التركي في منطقة الساحل وغرب أفريقيا خطوةً على
طريق التوجهات التركية المضادة للمصالح الفرنسية والأوروبية في المنطقة.
وقد امتد الصراع
بين فرنسا وتركيا من ليبيا وشرق المتوسط إلى منطقة الساحل والصحراء وغرب أفريقيا، خاصة
في ظل المساعي التركية لتحجيم النفوذ الفرنسي وتعزيز موقعها، بما يضر بالمصالح الاستراتيجية
الفرنسية في المنطقة التي تعد ساحة تقليدية للنفوذ الفرنسي.
وتسعي تركيا إلي دعم حركات الإسلام السياسي في المنطقة وفي
الشمال الأفريقي، والبحث عن حلفاء جدد بعد سقوط جماعة الإخوان في عدة دول إفريقية وخاصة
السودان، حيث إن لدى تركيا مشروعاً توسعياً تُمثِّل فيه ليبيا نقطة انطلاق نحو منطقة
الساحل والصحراء وغرب أفريقيا.
كما تسعى أنقرة إلى التعاون مع بعض قوى الإسلام السياسي في
المنطقة، بهدف تغيير موازين القوى عبر التنظيمات المتطرفة التي ترغب أنقرة في نسج خيوط
الارتباط بينها في ليبيا.
وتشير تقارير إعلامية إلى وجود اتفاق بين أنقرة وجماعة بوكو
حرام لنقل بعض عناصرها إلى الجنوب الليبي الخاضع لسيطرة الجيش الوطني الليبي.
وتهدف تركيا من التوسع في القارة السمراء إلي تقوية شوكة
التنظيمات المتطرفة والإرهابية في منطقة الساحل وغرب أفريقيا على حساب الجيوش الأفريقية
في ظل استمرار الدعم العسكري واللوجستي من أنقرة والدوحة لتلك التنظيمات، وخلق بيئة
جديدة حاضنة للإرهاب، ونقل المزيد من العناصر الإرهابية إلى المنطقة بأكملها.
«تبقى قوات حرس الثورة الإسلامية التي تأسست في
الأيام الأولى لانتصار هذه الثورة، راسخةً ثابتةً من أجل أداء دورها في حراسة الثورة
ومكاسبها»، المادة (150) من الدستور الإيراني
والتي تعطي الذريعة والشرعية للتدخل الايراني في أي بقعة بالعالم، وهو ما كان
واضحا من وصول الحرس الثوري الى افريقيا تحت لافتات مختلفة، سواء على شكل تعاون اقتصادي
او اجتماعي أو ثقافي او عسكري ، وغيرها من الادوات المختلفة التي يتسلل بها الحرس الثوري
وايران داخل القارة السمراء والتي تعد ذات أهمية استراتيجية كبيرة في المخططات الايرانية.
أفريقيا كقارة بكر وغنية بالموارد وأيضا دولة صراعات أهلية
لا تنتهي، كانت بيئة مغرية لتواجد إيران فيها وبناء شبكة ميليشيات وخلايا للحرس الثوري
تؤمن مصالح طهران في القارة السمراء وتشكل ورقة في صراع السلطة والمال والنفوذ وبناء
القوة.
وفي طريق التغلغل الايراني، استفاد عوامل عدة ساهمت في نجاح مشروع «آيات الله» في أفريقيا، عبر الحضور
الشيعي العربي في إفريقيا، بالإضافة الي السعي عبر تجنيد مواطنين
من دول القارة واعداهم كنموذج وقادة يسيرون
وفقا للنهج الايراني.
كما كان تنظيم الاخوان احد ابرز الادوات التي ساعدت على مرور
ايران الى القارة السمراء، في الشمال والشرق وغرب أفريقيا، وجد الرئيس الإيراني الراحل
علي أكبر هاشمي رفسنجاني الفرصة في انقلاب عمر البشير (نظام الإنقاذ الإسلامي
1989-2018) والإطاحة بحكومة الصادق المهدي في السودان، لتكون تدشين مرحلة جديدة للحضور
الإيراني في القارة السمراء، ونقطة انطلاق يشمل دولًا إفريقية أخرى مثل جنوب إفريقيا
وكينيا وتنزانيا وزيمبابوي وأوغندا ونَيجِيريا والنيجر والكاميرون والسنغال وجزر القمر
والصومال وجيبوتي وغانا.
وسريعا عملت ايران على تأسيس جماعات وميليشيات شيعية مدينة
بالولاء للمرشد الإيراني كان الهدف الأول للقائمين على استراتيجية التغلغل الإيراني
في أفريقيا، وهو ما شكل من خلال عدة أدوات
قامت عليها هذه الاستراتيجية في الصول الى جماعات شيعية متعددة منها ما هو مسلح أو
غير مسلح.
ولدى ايران وحزب الله اللبناني، حلفاء وميليشيات في افريقيا
داعمه لهم، في مقدمتها الحركة الاسلامية في نيجيريا بغرب افريقيا وهي تحت قيادة ابراهيم
الزكزاكي المعروف اعلاميا بحسن نصرالله نيجيريا.
وأيضا تمتد علاقتها مع الجماعات المتمردة في القارة السمراء
في مقدمتها حركة «تحرير دلتا النيجر» في شمال نيجيريا، وحركة «القوات الديموقراطية
في كازاماس» التي تنشط في مناطق التمرد في السنغال وجنوب جامبيا، وجماعة «سيليكا» في
جمهورية أفريقيا الوسطى، وكذلك تنظيم الاخوان في تونس والجزائر والسودان وليبيا والصومال،
بالإضافة الى الجماعات الارهابية الاخرى كتنظيم القاعدة.
كذلك تشكل إفريقيا أهمية خاصة في الاستراتيجية العسكرية الإيرانية،
سواء كانت مراكز تدريب لميليشياتها، وتجارة وتهريب السلاح والمخدرات، وأيضا قاعدة استهداف
مصالح أعدائها، و يأتي استهداف أعدائها سواء عبر عمليات الوحدة«400» وفليق القدس الأفريقي،
أو عبر الميليشيات المذهبية الموالية لها كنشاط حزب الله، أو عبر ميليشيات محلية تدعمها إيران، وكشف «مركز بحوث تسليح الصراع» كشف
نحو 14 حالة تهريب أسلحة إيرانية إلى العديد من الجماعات الانفصالية فى دول مثل نيجيريا.
وتشكل فيلق القدس في إفريقيا، وهو فيلق خاص بعمل الحرس الثوري
في القارة السمراء، حيث نشط في عدد من البلدان الأفريقية مثل السودان، وتشاد، وغانا،
والنيجر، وغامبيا وأفريقيا الوسطى، ويعمل نظام الملالي على إنشاء بنية تحتية إرهابية
جديدة في إفريقيا لمهاجمة الأهداف الغربية، في إطار محاولات إيران توسيع عملياتها الإرهابية
في جميع أنحاء العالم.
وسياسيا، أصبح لإيران أكثر من 40 سفارة في أفريقيا، كذلك
نُظِّم "المؤتمر السنوي الأول للعلاقات الثقافية والحضارية الإيرانية الأفريقية"،
في مايو 2001، إيران في مارس 2003، "منتدى التعاون الإيراني الأفريقي" بمشاركة
18 دولة أفريقية، وممثلين عن الاتحاد الأفريقي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وشكّلت دول
القرن الأفريقي ثلث الدول المشاركة، وبعد ذلك أنشأت "المجلس التنفيذي الإيراني
- الأفريقي"، بوصفه آلية لتنفيذ المشروعات المشتركة بين الطرفين، وأُنشِئ
"صندوق تنمية إيران – أفريقيا"، و"بنك إيران – أفريقيا"، عقدت
القمة الأفريقية الإيرانية في طهران في منتصف 2010 بمشاركة ممثلين عن 40 دولة أفريقية، كما استضافت
مدينة قم الإيرانية في مايو مؤتمراً دينياً لطلاب 30 دولة أفريقية، ليعد واحداً من
أبرز مشاريع إيران لزرع أيديولوجيتها المذهبية في القارة السمراء، تكون ابرز الادوات
لتغلغل في افريقيا.
كما يسير لعاب ايران على الموراد التي تمتلكها القارة الافريقية،
ووفقاً لدراسة أجريت مؤخراً من قبل مركزين للبحوث، وهما « Africa
Investor-أفريقيا للاستثمار» و« Africa
Group مجموعة أفريقيا»، تقدر الثروة الطبيعية في أفريقيا
بأكثر من 13.5 تريليون دولار وأكثر من 1.7 تريليون دولار في قطاعات أخرى مثل المياه
والزراعة والسياحة.
ومن أهم المؤسسات الإيرانية التي تعمل على تنفيذ السياسة
الإيرانية في إفريقيا، الشركة الإيرانية للنفط و الغاز، ومؤسسات المستضعفين، ومؤسسة
الشهيد، ومؤسسة الإمام الرضان وجامعة أم المصطفي، ومؤسسة الـ 15 خرداد، وشركة خودرو
للسيارات .
كل ذلك يوضح مدى التغلغل الإيراني داخل القارة السمراء، والاستراتيجية
الايرانية في الوصول الى كل منطقة في افريقيا واستغلال الصراعات الاهلية لبناء شبكة
معقدة من العملاء والأذرع التي تسخدمهم ايران في اي مواجهات مع القوى الكبرى كـ«حرب
بالوكالة».
وسط تنامي وتيرة الهجمات الإرهابية والواقع الإنساني الجديد
الذي أفرزه الانتشار الواسع لفيروس كورونا، تتصاعد المخاوف وتتجدد التحذيرات من أن
تتحول منطقة الساحل إلى ملاذ أمن لنشاط جماعة الإخوان الإرهابية، واقع قد تعجز معه
دول القارة السمراء منفردة عن مواجهته وفق ما يؤكده مراقبون على الرغم من جهودها الرامية
للتنسيق في مواجهة نشاط إرهابي أخذ في الاتساع.
ولا يبدو أن نشاط
جماعة "الإخوان" الحاضنة الأم لكل جماعات الإسلام السياسي، والجماعات
الإرهابية ببعيد عن القارة السمراء، حيث تنتشر الجماعة –بمستويات مختلفة- في أكثر من
70 دولة حول العالم، ويصنف فرعاها في الأردن وتركيا كأقوى فرعين للجماعة حاليًا، رغم
مواجهة الأول ضغوطًا متزايدة منذ تصنيف الجماعة إرهابية من قبل السعودية والإمارات
ثم مصر في العام 2013.
خريطة انتشار وتوزيع جماعة الإخوان في أفريقيا
انتشرت فروع جماعة الإخوان في العديد من الدول الأفريقية،
كما ذاعت أفكارها –لاسيما منذ الستينيات وتصاعد أفكار سيد قطب وأبو الأعلى المودودي-
في الكثير من الدول حتى في ظل غموض تنظيمي ملحوظ. وقد وجدت تنظيمات وتيارات فكرية تابعة
للجماعة –خارج منطقة شمال أفريقيا- في دول مثل إريتريا والسودان وموريتانيا وغرب أفريقيا،
كما وجدت في أقصى جنوب القارة في جنوب أفريقيا وإن كان في شكل تيار فكري أكثر منه تنظيمًا
حركيًا.
ويبدو أن التعرف على أماكن الجماعة وأسماء حركاتها المرتبطة
فكريًا أو تنظيميًا، يبدو كحقل ألغام، وهناك تحفظات كثيرة على إعلان تواجدهم كتنظيم،
أثناء البحث في التواجد الإخواني حول العالم.
محمد سودان، المسؤول البارز بجماعة الإخوان (موجود بلندن)،
قال: إن جماعة الإخوان المسلمين تتواجد في 85 دولة حول العالم، بين حركات ومؤسسات مرتبطة
فقط بالفكرة أو التنظيم، وفق روابط تتبع الجماعة في تلك الدول.
ففي مصر تأسست الجماعة عام 1928 على يد حسن البنا، تحت اسم
"جماعة الإخوان المسلمين"، وتم حلها ثلاث مرات في 1948 و1954 و2013، وفي
ديسمبر2013، اعتبرتها السلطات المصرية "جماعة إرهابية"، بعد أحداث تفجير
مديرية أمن الدقهلية، في ديسمبر فيما رفضت الجماعة القرار واعتبرته "مسيسًا".
وفي الجزائر تأسست الجماعة عام 1976 كتنظيم يسمى "الموحدون"، وتعتبر حركة "مجتمع
السلم"، التي تأسست عام 1990، أكثر الأحزاب الجزائرية تأثرا بالإخوان، وهي المعبرة
عن الجماعة الآن بعد أن شهدت انشقاقات داخلية.
أما في ليبيا نشأت منذ الستينات، لكنها كانت محظورة حتى سقوط
الرئيس السابق معمر القذافي، وأعيد تشكيل حزب "العدالة والبناء" عقب سقوط
الأخير، كذراع سياسية للجماعة التي تحمل اسم "الإخوان المسلمين في ليبيا".
وفي تونس تأسست عام 1972، تحت اسم "الجماعة الإسلامية"،
ثم تحولت عام 1981 إلى "حركة الاتجاه الإسلامي"، ثم حولت اسمها إلى حركة
"النهضة" سنة 1988، وعادت للمشهد السياسي بعد ثورة تونس التي أطاحت بالرئيس
زين العابدين بن علي، وتؤكد دائمًا عدم تبعيتها تنظيميا للإخوان.
وفي السودان وفق موقع جماعة الإخوان الرسمي بالسودان، تأسست
الجماعة في الخمسينات، وتوالى عليها قيادات عدة وآخرهم علي جاويش. يعرف من تاريخ الجماعة
بالسودان، أنها تعرضت لانشقاقات واختلافات فكرية عديدة.
وفي موريتانيا تأسست عام 1978، تحت اسم "الجماعة الإسلامية"،
وهي معترف بها، إلاّ أن السلطات الرسمية رفضت طلب تأسيس حزب سياسي للجماعة في 1991، وفي العام 2005 تمت الموافقة على حزب التجمع الوطني
للإصلاح والتنمية (تواصل)، وهو محسوب فكريا على جماعة الإخوان، واتخذت موريتانيا إجراءات
ضد أنشطة جماعة الإخوان داخل أراضيها، وحلت عددا من الجمعيات التابعة للإخوان، حيث
حظرت جمعية المستقبل، إحدى أكبر الجمعيات الدينية في موريتانيا، في مارس 2020.
وفي المغرب نشأت في الستينيات على يد الرمز الإسلامي، عبدالكريم
الخطيب، ثم كان حضورها السياسي عبر حزب "العدالة والتنمية" في 1998، الذي
شكل الحكومة عام 2012، وينفي الحزب علاقته تنظيميًا بجماعة الإخوان.
وفي الصومال تأسست حركة الإصلاح، ذراع الإخوان السياسية عام
1978، وشهدت عدة انشقاقات، وهي موجودة حتى الآن.
وفي جيبوتي تأسست عام 1932، تحت اسم "الإخوان المسلمين"،
و شكّلت الجماعة كأفراد وبالتعاون مع أحزاب معارضة أخرى "التجمع الوطني".
وفي جزر القمر لم يتشكل فيها أي تنظيم معلن للإخوان، رغم
تواجدها فيها، وفق تصريحات نقلها يوسف ندا، مفوض العلاقات الخارجية السابق بجماعة الإخوان.
وفي نيجيريا بدأت علاقات بين نيجيريين وجماعة الإخوان في
الأربعينات، وتعد جماعة "تعاون مسلمي نيجيريا" هي الأقرب للإخوان المسلمين،
التي نشأت في مدينة إيوو، عام 1994.
وفي السنغال تأسست جماعة "عباد الرحمن" على نهج
الإخوان عام 1978.
وفي جنوب أفريقيا يتواجد فيها الإخوان كتيار فكري، وزارها
مؤخرا قيادات بارزة من الإخوان، منهم محمود حسين، ويحيي حامد.
كما يتواجد الإخوان في كل من غانا وكينيا، كتيارات فكرية
ودعوية وخيرية، مع تحفظات من المصادر عن باقي تواجد الإخوان في الدول الأفريقية.
تلعب فرنسا دورا مهما فى مكافحة الارهاب بالقرن الافريقي
ودول غرب القارة السمراء، وتعمل على منع تدفق الارهابيين والمقاتلين عبر المتوسط إلى
أراضيها ، وهى المهمة التى تراها باريس خطوة مهمة نحو مواجهة الارهاب الدولى، وخلص
حالة من الحصار للتنظميات الارهابية والممولين للعمليات الإرهابية.
وترى السلطات الفرنسية أن منطقة الساحل الافريقي بداية من
السنغال وصولًا إلى جيبوتي، تواجه تنامي التهديد
الإرهابي والجريمة المنظمة. وبروح من المسؤولية المشتركة تعمل فرنسا بمعية بلدان المنطقة
وشركائها الدوليين على التصدّي لهذه التهديدات وتلبية احتياجات السكان، لذا فهى تقدم
ردًا شاملًا ينطوي على التصدي للأزمة الأمنية وعلى أنشطة إنمائية من خلال مجموعة من
المبادرات التكميلية.
وهناك جماعات إرهابية
تابعة لتنظيم القاعدة تجتمع تحت راية جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وأخرى تابعة لتنظيم
داعش على غرار الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى تقوم بتنفيذ الكثير من الهجمات ضد
القوات المسلّحة في منطقة الساحل والقوات الدولية التي تدعمها والتي تضم بعثة الأمم
المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي المكلّفة بدعم تنفيذ
اتفاق السلام المنبثق عن عملية الجزائر العاصمة ودعم جهود إرساء الاستقرار التي تبذلها
السلطات المالية في وسط البلاد، وتمثل مختلف أوجه الاتجار، كالاتجار بالمخدرات والأسلحة
والبشر وتهريب المهاجرين على وجه الخصوص، فضلًا عن التوترات الطائفية وتداعيات الاحترار
العالمي على الانتفاع بالموارد عوامل تؤدّي إلى زعزعة الاستقرار.
وحسب تقاريرللخارجية الفرنسية، تمت الاشارة إلى التزام باريس
التزامًا حازمًا من أجل كبح جماح التهديد الإرهابي، ففى يناير 2013، تدخّلت في شمال
مالي عبر عملية سيرفال بهدف منع الجماعات الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة من السيطرة
على البلاد، كما توحدت العمليات الفرنسية التي تضم 4500 جندي تحت اسم عملية "برخان"،
كما تعمل القوات الفرنسية في هذا الإطار على نحو وثيق مع القوات المسلّحة في منطقة
الساحل.
كما نشرت باريس بداية من يناير 2020 قواتها الخاصة إلى جانب
القوات الخاصة لدى الشركاء الأوروبيين في مالي بقيادة عملية "برخان"، في
إطار وحدة مشتركة تُدعى تاكوبا، بغية مواكبة القوات المسلّحة المالية.
نوه التقرير إلى أن القوة المشتركة التابعة للمجموعة الخماسية
لمنطقة الساحل التي استهلها رؤساء بلدان المجموعة عام 2017 في باماكو تظهر عزيمة بلدان
المنطقة على تولي زمام أمنهما وتنسيق إجراءاتهما في المناطق العابرة للحدود، حيث تشمل
مهام القوة المشتركة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود والاتجار بالبشر
في الأراضي التابعة لبلدان المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل، وتُعدُّ الإنجازات التي
حققتها هذه القوة المشتركة منذ إنشائها إنجازات هامة ولا سيّما بفضل الدعم الدولي.
ونُفّذت عدّة عمليات وجرى تنسيق بعضها مع عملية بارخان التي تزوّدها بالدعم الضروري.
وكان هناك تعاون بين كم من باريس وبرلين من أجل تعزيز الجهود
الأوروبية لمواجهة مخاطر الجماعات الارهابية فى افريقيا، حيث سبق وأعلن رئيس الجمهورية
الفرنسية والمستشارة الألمانية أنجلا ميركل بمعية رئيس بوركينا فاسو السيد روش كابوريه
وهو الرئيس الحالي للمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل، إبّان مؤتمر قمة مجموعة الدول
السبع في بياريتز، إنشاء الشراكة من أجل الأمن والاستقرار في منطقة الساحل، وتهدف هذه
الشراكة مع بلدان المنطقة إلى تعزيز فعالية الجهود المبذولة في مجالَي الدفاع والأمن
الداخلي، وإلى تحسين سُبل تنسيق الدعم الدولي وإلى دعم الإصلاحات الضرورية في هذين
المجالَين. وتمثّل ضرورة المساءلة مقومًا جوهريًا من مقوّمات هذه الشراكة.
تعتمد الشراكة على بلدان المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل
وعلى الآليات العابرة للحدود المتوافرة حاليًا، مثل القوة المشتركة التابعة للمجموعة
الخماسية لمنطقة الساحل، ومبادرة أكرا، ومكافحة جميع أوجه الاتجار في منطقة الساحل،
بالتكامل مع الشراكة من أجل الأمن والاستقرار في منطقة الساحل.
يري مراقبون أن التحالف من أجل منطقة الساحل، الذى تأسيس
فى يوليو 2017 بناءً على مبادرةٍ فرنسيةٍ ألمانيةٍ، يكشف آلية تنسيق بين الشركاء التقنيين
والتمويليين الذين يبلغ عددهم اليوم 18 شريكًا والذين قرروا تعزيز اتساق المساعدات
الإنمائية ونجاعتها، بالتعاون الوثيق مع البلدان الأعضاء في المجموعة الخماسية لمنطقة
الساحل، حيث يركز نشاطه القصير الأجل على دعم الهيكليات القريبة من السكان، على غرار
السلطات المحلية والإقليمية والقطاع الخاص والمنظمات الريفية والبلدية والمنظمات غير
الحكومية بغية الإسراع في تحسين الظروف المعيشية في المناطق الأكثر هشاشةً، ومساعدة
السكان على الاستفادة بسرعة من الإنجازات الهامة في القطاعات الستة فى عدة مجالات، منها توظيف الشباب والتعليم والتدريب
الزراعة والتنمية الريفية والأمن الغذائي، الطاقة والمناخ،
الحوكمة، اللامركزية ودعم توفير الخدمات الأساسية
وحسب أرقام وزارة الخارجية الفرنسية تستفيد أنشطة التحالف
من أجل منطقة الساحل من مبلغ قدره 11،6 مليارات يورو تقريبًا تُخصص لتنفيذ أكثر من
800 مشروعٍ، وأتاح التحالف على سبيل المثال تقديم مساعدة دولية منسّقة للعديد من المشاريع
التي صنّفتها البلدان المستفيدة في غاية الإلحاح، وتستهدف هذه المشاريع الانتفاع بمياه
الشرب وبشبكات الصرف الصحي، والأمن الغذائي، والتماسك الاجتماعي.
إلى جانب المشاريع الإنمائية، تنفذ فرنسا أنشطة إنسانية وأنشطة
أخرى ترمي إلى إرساء الاستقرار بغية تلبية الاحتياجات الطارئة للسكان على وجه السرعة
وترسيخ حضور الدولة وتوفير الخدمات الأساسية وتعزيز التماسك الاجتماعي وتحقيق المصالحة.
كما تشارك فرنسا في منطقة الساحل إلى جانب شركاء دوليين آخرين
من أجل منع تفشي الجماعات الارهابية قبل أن تصبح هذه المنطقة بؤرة دائمة يسودها عدم
الاستقرار حيث يُمكن أن تستوطنها الجماعات الإرهابية وتُجرى فيها مختلف أوجه الاتجار،
كالاتجار بالمخدرات والأسلحة والبشر وتهريب المهاجرين على وجه الخصوص وكلها عوامل قد
تُهدّد أمن هذه المنطقة.
وحسب الأرقام والاحصائيات بخصوص الدعم العسكري الذي تقدّمه
فرنسا في منطقة الساحل، تم نشر 5100 جنديِ فرنسي، 75 متعاوناً، كما جري تدريب أكثر
من 7000 جندي تابعين للمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل، وتنفيذ زهاء 750 نشاطا مخصصاً
للتدريب أو للدعم القتالي
إذا كان العام الماضي شهد تصاعدًا في النشاط الإرهابيّ، وخاصةً
في جنوب موزمبيق؛ فقد أشار مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2020م إلى أنه في عام 2019م،
انخفض عدد الوفيات الناجمة عن الإرهاب على مستوى العالم للعام الخامس على التوالي إلى
13,826، أي: بانخفاض 15 في المئة عن عام 2018م.
هجمات ووفيات:
صنفت الدول الأفريقية
إلى ثلاث مجموعات أُطلِق عليها "دول البؤرة" (ليبيا والصومال ونيجيريا
ومالي)؛ "دول الانتشار" (بوركينا فاسو والكاميرون وتشاد، وإثيوبيا وكينيا،
وموريتانيا والنيجر وتونس)؛ و"الدول المعرَّضة للخطر" (جمهورية إفريقيا الوسطى
والسنغال، وتنزانيا وأوغندا، والمغرب والسودان).
وعلى أساس التصنيف السابق, أشار التقرير إلى أن العدد الإجمالي
للوفيات والهجمات الإرهابية في إفريقيا بين عامي 2007 و2019م كالتالي:
- "دول البؤرة"
34,073 ضحية، و9945 هجومًا.
- "دول الانتشار" 6598 ضحية، و1815 هجومًا.
- "البلدان
المعرضة للخطر" 3911 ضحية، و1265 هجومًا.
- بقية إفريقيا
5874 ضحية، و3072 هجومًا.
وهذه الأرقام تؤكد أن غالبية النشاطات والحوادث المتعلقة
بالإرهاب حدثت في بلدان "مركز البؤرة" التي عانت من 62 في المائة من مجموع
الهجمات، و68 في المئة من مجموع الوفيات في إفريقيا.
خسائر اقتصادية:
ذكر التقرير تباين حجم الخسائر الاقتصادية نتيجة الإرهاب
بين المناطق المختلفة, وقُدِّرت الخسائر الاقتصادية للإرهاب في إفريقيا على مدى العقد
الماضي بنحو 171.7 مليار دولار, وهو تقدير غير شاملٍ لتكاليف الاستثمار التجاري والسياحة
الضائعة، وخسائر النشاط الاقتصادي غير الرسمي والإنفاق الأمني الإضافي الذي شمل مكافحة
الإرهاب واللاجئين أو المشردين داخليًّا.
ففي عام 2019م, بلغت الخسائر الاقتصادية على مستوى العالم
16.4 مليار دولار أمريكي، وهو انخفاض بحوالي 25 في المائة عن عام 2018م.
وعلى مستوى إفريقيا بلغت 13 مليار دولار, وهو زيادة بتسعة
أضعاف منذ عام 2007م, وزيادة في الحصة الإفريقية من الإجمالي العالمي من 3.1 في المئة
في عام 2007م إلى 49.2 في المائة.
إضافة إلى أن إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا والشرق
الأوسط وشمال إفريقيا تكبّدت 86 في المئة من الخسائر الاقتصادية الناتجة عن العمليات
الإرهابية المسجلة في عام 2019م, وكان نصيب إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى منها 12.5
مليار دولار.
وقد شهدت نيجيريا أكبر انخفاض في الخسائر الاقتصادية في المنطقة
بحوالي -9 في المئة, بينما شهدت بوركينا فاسو ومالي ارتفاعًا ملحوظًا بحوالي 552 في
المئة و31 في المئة على التوالي.
وهذا يتوافق مع ما شهدته منطقة الساحل من زيادة في انتشار
النشاطات الإرهابية على مدى السنوات الخمس الماضية؛ حيث انخفض عدد الوفيات في نيجيريا،
بينما ارتفع في بلدان أخرى بما فيها دول منطقة الساحل.
من جانب آخر, كانت "دول البؤرة" و"دول الانتشار"
و"الدول المعرّضة للخطر" مسؤولة عن غالبية الخسائر الاقتصادية الناتجة عن
العمليات الإرهابية في إفريقيا. وهذا يتوافق مع تباين المستويات للنشاط الإرهابي في
البلدان الـ18 مقارنة ببقية إفريقيا.
وقد بلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية للاجئين والنازحين بين
عامي 2007م و2019م ما قيمته 451 مليار دولار في جميع البلدان الإفريقية الـ18 التي
ركَّز عليها هذا التقرير.
وشملت هذه القيمة خسائر الإنتاج والاستهلاك والاستثمار في
بلد المنشأ والإنفاق السنوي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين, إضافة إلى أن اللاجئين
والنازحين داخليًّا في نيجيريا والسودان تكبّدوا أكبر خسائر اقتصادية بقيمة 14.7 مليار
دولار و12.9 مليار دولار على التوالي.