خلية الكويت.. العلاقات الخليجية الإيرانية بين التصعيد والاستقرار
الثلاثاء 18/أغسطس/2015 - 03:27 م
طباعة
دخلت العلاقات الخليجية الإيرانية، مرحلة خطيرة في إطار اتهامات مستمرة للعواصم الخليجية لإيران بالتدخل في الشئون الداخلية، ومحاولة زعزعة الاستقرار وسط تحركات إيرانية مريبة تجاه الأمن العربي بشكل عام، وأمن الخليج بشكل خاص، يأتي ذلك بعد نجاح إيران في التوقيع على الاتفاق النووي مع الغرب، ويبدو أن طهران تشعر بأنه قد آن لها الأوان لتحقيق أطماعها التوسعية في الخليج العربي، والتي أعلنها وصرَّح عنها مراراً وتكراراً العديد من قادتها العسكريين والدينيين على مدى سنوات طويلة.
استدعاء السفراء
وكشفت مصادر ديبلوماسية أن دول مجلس التعاون الخليجي العربية تدرس استدعاء سفرائها من طهران وبيروت احتجاجًا على تدخلات إيران وحزب الله اللبناني في شئون دول المجلس الداخلية؛ خصوصًا بعد الأحداث الأمنية الأخيرة التي شهدتها الكويت والبحرين ودول "التعاون".
وذكرت المصادر لـ "السياسة الكويتية" أن دول المجلس ستقدم مذكرات احتجاج رسمية، وتستدعي السفراء من البلدين لتوجيه رسالة واضحة تؤكد رفض تدخلات إيران، ومحاولاتها تقويض الأمن والاستقرار في المنطقة.
تخفيض العلاقات الاقتصادية
والإجراءات الخليجية لن تتوقف عند استدعاء سفراء دول مجلس التعاون الخليجي من طهران، بل هناك خطوات لتقنين العلاقات التجارية والاقتصادية والاستثمارية إلى اضيق الحدود، بحسب صحيفة السياسة الكويتية.
وتستحوذ الإمارات على 80% من التبادلات التجارية بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، فيما تعد طهران رابع شريك تجاري للإمارات.
وقال وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان المنصوري في يونيو: إن التجارة مع إيران ارتفعت إلى 17 مليار دولار العام الماضي، إلا أنها تبقى أدنى من المستوى القياسي الذي سجلته العام 2011 قبل بدء العقوبات الأخيرة حين بلغ التبادل 23 مليار دولار.
في أواخر العام 2014 أعلن رئيس الغرف التجارية العراقية أن حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران بلغ نحو 12 بليون دولار.
ترحيل اللبنانيين
الإجراءات الخليجية لن تتوقف عند استدعاء السفراء، وتقنين العلاقات الاقتصادية، بل ستصل إلى ا ترحيل اللبنانيين والإيرانيين المنتمين إلى "حزب الله" أو "الحرس الثوري" والأجهزة الأمنية والعسكرية الإيرانية الرسمية والشعبية.
وأوضحت المصادر لصحيفة السياسة الكويتية، أن "عملية ترحيل اللبنانيين ستشمل جميع التجار والأفراد من أي طائفة كانوا، ممن يثبت تورطهم بدعم "حزب الله" وتمويله سواء مباشرة أو عبر تحويلات مصرفية واستثمارات ودعم لجهات وجمعيات تابعة للحزب، مشيرة إلى إعداد الأجهزة الأمنية الخليجية قوائم بأسماء المنتمين إلى الحزب ومموليه، وتبادل تلك القوائم بين دول المجلس لوقف تعاملاتهم وملفاتهم في جميع دول الخليجي”. وربطت المصادر بين تلك التوجهات الخليجية.
واعتبر قائد شرطة دبي السابق ضاحي خلفان أن "أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله مهمته اليوم إرهاب دول الخليج وزرع ترسانات أسلحة فيها لتكون بأيدي أفراد حزبه ليواجهوا بها الحكومات، مشيرا إلى أن "جيش حزب الله يتحدى جيش الدولة".
وأضاف في سلسلة تغريدات عبر حسابه على "تويتر" أن "حسن نصر الله يجب أن يوضع في دائرة الأكثر خطورة على أمن الخليج العربي، وعلى مخابرات الخليج أن تضع كل أنصار نصر الله على لوائح الممنوعين من دخول دول الخليج العربي، مشدداً على أن "جريمة حزب الله في الكويت يجب ألا تمر من دون إنزال عقوبات خليجية جماعية على هذا التنظيم إلإرهابي"، وسائلاً: "ماذا فعلت بك الكويت يا نصر اللات حتى تمارس فيها إرهابك؟"، وذلك بحسب ما نقل عنه موقع "القوات اللبنانية".
وتابع: "نصر الله لم يحترم نفسه لذلك يجب ألا يحترم أبداً فهو رجل كاره للخليج العربي بالذات، فحتى الشيعة اللبنانيين ينددون بأفعال حسن نصر اللات الغبية"، معتبراً أن "حزب الله مافيا، عصابة، يرأسها حسن، لا علاقة لها لا بدين ولا بمذهب".
زعزعة الأمن الخليجي
تأتي خطوات دول الخليج عقب ما أعلنته البحرين ودول خليجية أخرى من إلقاء القبض على عدد من العناصر الإرهابية المتورطة بارتكاب تفجير سترة ومخططات لزعزعة الأمن والاستقرار في دول المجلس والمنطقة.
وأوضحت صحيفة السياسة، أن "تصرفات إيران على أرض الواقع تعاكس وتناقض تصريحات مسئوليها الذين يعلنون رغبتهم في الحوار واحترامهم لسيادة واستقلال تلك الدول، ويتغنون بشعارات حسن الجوار، فيما فيالق الحرس الثوري تعيث تخريبًا في العراق وسوريا واليمن، وتحاول اختراق دول الخليج".
وأضاف قائد شرطة دبي السابق ضاحي خلفان، أن "الحرس الثوري درّب عشرات الآلاف من الخليجيين الشيعة على القتال، وأعادهم خلايا نائمة، قائلاً: إن "رأس الشر نصر اللات"، ومشيراً إلى أن "الحكومة اللبنانية يجب أن تقيم جداراً عازلاً للجنوب، طالما أن حزب الله ونصر اللات لا سلطان للقانون اللبناني عليه".
خلية الكويت
في وقت سابق أمس الأحد، أصدر النائب العام الكويتي «ضرار العسعوسي»، قرارًا بمنع نشر أي أخبار أو بيانات حول قيام مجموعة من المواطنين الكويتيين بحيازة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمتفجرات، وارتباطهم بإحدى التنظيمات الإرهابية.
والسبت الماضي، قال مصدر أمني كويتي: إن الخلية الإرهابية التي تم ضبطها في البلاد، الخميس الماضي، وبحوزتها كميات ضخمة من الأسلحة والمتفجرات، اعترفت بانتمائها إلى «حزب الله» اللبناني، لافتًا إلى أن تحقيقات جارية حاليًا مع 9 مواطنين إيرانيين ولبنانيين يشتبه في علاقتهم بالخلية، التي تعد «الأخطر» في تاريخ البلاد، وفق وصف وسائل إعلام كويتية.
يأتي ذلك بينما نقلت صحيفة «الحياة» اللندنية عن مصادر وصفتها «متطابقة»، دون أن تسميها، أن عدم إعلان الكويت رسميا الاتهام لـ«حزب الله»، حتى الآن، يعود إلى «الدبلوماسية التي تنتهجها الكويت في مثل هذه الأحداث».
من جانبها، أعلنت دول الخليج مساندتها الكاملة للكويت في إجراءاتها ضد الإرهاب، وأشاد أمين العام «مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، «عبداللطيف الزياني»، بجهود الأجهزة الأمنية في الكويت «التي تمكنت من إلقاء القبض على الخلية الإرهابية، التي كانت تنوي استخدامها في زعزعة أمن البلاد واستقرارها».
وشددت صحيفة السياسة الكويتية، على "ضرورة تغيير دول الخليجي لسياساتها تجاه طهران والتعامل معها بحزم وصرامة ومواجهتها بالدلائل التي تثبت تورط أجهزتها وأحزابها في دول المجلس للحد من تدخلاتها واعمالها العدائية واستفزازاتها لشعوب ودول المنطقة".
كان لافتًا منذ البداية مدى تورط حزب الله في إثارة العنف في البحرين من جهة واستخدامه وسائل متطوّرة للتغطية على نشاطاته من جهة أخرى.
وأوضحت مصادر بحرينية أن هذه الوسائل شملت زرع خلايا للحزب في البحرين تحت أسماء للبنانيين مسيحيين، وذلك على غرار ما حصل في مصر حيث كانت العناصر القيادية في حزب الله تنسّق مع الإخوان المسلمين مستخدمة أسماء عائلات سنّية معروفة في لبنان.
وفي مايو من العام 1985، تعرّض أمير الكويت وقتذاك، الشيخ جابر الأحمد لمحاولة اغتيال نفّذها مصطفى بدرالدين، الذي كان على رأس مجموعة إرهابية من الحزب وكان يحمل جوازًا لبنانيًّا باسم إلياس صعب.
وجاءت تلك المحاولة، التي نجا منها الأمير، في سياق الهجمة الإيرانية على الكويت التي كانت تدعم العراق في حربه مع إيران.
وهناك عمليات أخرى نفّذها الحزب في الكويت في ثمانينيات القرن الماضي، ومن بين هذه العمليات التعرّض لسفارات غربية وخطف طائرة تابعة للخطوط الكويتية، في ما سميّ بعملية "الجابرية"، وهو الاسم الذي كانت تحمله الطائرة.
فكرة الحوار
وسط إجراءات التصعيد المتوقعة من العواصم الخليجية ضد طهران، كشف مسئول خليجي كبير لـ«الشرق الأوسط»، تفاصيل عن الحوار الخليجي- الإيراني الذي أعلنت طهران أنه سينطلق في الثاني والعشرين من سبتمبر المقبل، مشيرًا إلى أن الفكرة قطرية، ووجدت ترحيبًا حارًا، من إيران وسلطنة عمان فيما تحفظت 3 دول خليجية. وتتوقع إيران أن يعقد اللقاء في إحدى دول المنطقة أو دولة محايدة.
وقال المسئول الخليجي: إن وزير الخارجية القطري خالد العطية هو صاحب فكرة الحوار، وأطلقها خلال اجتماع عقد مؤخرًا لوزراء الخارجية الخليجيين في العاصمة السعودية الرياض، على أن يعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في سبتمبر.
وبحسب المسئول فإن سلطنة عمان استجابت للمقترح القطري (دون تردد)، مشيرة إلى أهمية وجود حوار بين دول مجلس التعاون الخليجي مع إيران يقرب من وجهات نظر الطرفين في الكثير من القضايا العالقة في المنطقة، فيما لم تسجل الكويت موقفًا رافضًا للحوار، وبدا أنها لا تمانع من إجرائه، أما السعودية والإمارات والبحرين فكانت لديهم تحفظات عميقة على إقامة مثل هذا الحوار في وقت لا تزال طهران تواصل مساعيها في التدخل في الشئون الداخلية للدول الخليجية، بالإضافة إلى استمرار سياستها العدوانية ضد جيرانها.
وأعلن حسين عبد اللهيان مساعد وزير الخارجية الإيراني أن بلاده ستجري حوارًا مع دول الخليج العربية (G7)، وأن المفاوضات مع «ممثلي» الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية ستشمل الأوضاع في سوريا واليمن، وتم تحديد سبتمبر، موعدًا للقاء، على أن يعقد في واحدة من دول المنطقة أو مكان محايد.
وبحسب المسئول الخليجي الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»؛ شريطة عدم ذكر هويته، فإن المسئولين الإيرانيين «مستميتون على عقد هذا الحوار، وذلك لإيقاف خسائرهم المتتالية في اليمن، وأيضًا بعد فضح أجندتهم في البحرين والكويت كما أعلن هذا الأسبوع»، مضيفًا: «الحوار مع إيران في ظل سياستها العدوانية هو مضيعة للوقت وتشتيت للجهود وإضعاف لموقف الحزم الذي اتخذته دول الخليج (باستثناء عمان) بقيادة السعودية في اليمن».
واستبعد المسئول الخليجي عقد اجتماع خليجي- إيراني «في المنظور القريب»، مشيرًا إلى أن الموقف السعودي الإماراتي البحريني غير متقبل للفكرة تمامًا، خصوصًا وأن الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية لا يزال بين شد وجذب بين الإدارة الأمريكية والكونغرس.
كما استبعد المسئول الخليجي عقد الاجتماع تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي في الفترة الراهنة، مشيرًا إلى أن الموقف المتشدد الذي تتخذه السعودية والإمارات والبحرين ضد السياسة الإيرانية، يقف حائلاً أمام تنفيذ الفكرة، موضحًا أن الأمانة العامة لمجلس التعاون غائبة حتى الآن عن الحوار المزعوم.
المشهد الخليجي
موقف الخليج من إيران غير موحد، ولكن بشكل في حالة استمرار نهج إيران في زعزعة استقرار الخليج، فإن موقف دول مجلس التعاون سوف يتغير إلى موقف جماعي ضد طهران، وهو ما يشير إلى استمرار التوتر خلال المرحلة المقبلة، والتصعيد المتبادل، ولكن تبقى طاولة الحوار المنفذ إلى الاستقرار وجود علاقات قوية بين الجانبين، وخاصة لأهميتها دول الخليج وإيران كدولة مصدرة للنفط، وهو ما يشير إلى أن التصعيد والتوتر يؤثر علي دول العالم، وخاصة في مجالات الطاقة والاقتصاد.