حزب الله اللبناني..من المقاومة..الى الطائفية
الأربعاء 14/سبتمبر/2022 - 12:15 م
طباعة
علي رجب
مدخل:
تصاعد دور حزب الله في منطقة الشام، وخاصة مع اندلاع الصراع المسلح علي الأراضي السورية، وظهور تشكيلات وتنظيمات سنية، ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد، ودخول حزب الله للأراضي السورية للدفاع عن عن نظام بشار الاسد، ما أدى إلى تشابك وتعقيد المشهد السياسي في سوريا والمنطقة، وتراجع حزب الله بين الدول العربية، وقد كان محط دعم عربي بمختلف طوائفه ومذاهبه، باعتباره أحد أهم التنظيمات المقاومة للوجود الإسرائيلي، وانتصاره في حرب الـ33 يومًا، والتي أدت إلى الانسحاب من الجنوب اللبناني في مايو2006.
النشأة:
نشأ حزب الله من مجموعات إسلامية متفرقة وليدة انتماءات وتيارات مختلفة، بعضها ممن انقلب على حركة أمل الشيعية وبعضها ممن مشى في خط الإمام موسى الصدر، وبعضها تأثر بنجاح الثورة الإسلامية في إيران وبعضها الرابع من نشاطات في أحياء ومساجد.
يرى البعض أن النشأة الأولى لحزب الله تعود لخمسينيات القرن الماضي، حيث تأسيس حزب الدعوة العراقي، وعقد اجتماع للقيادات الدينية الشيعية في العراق لتأسيس حزب الدعوة في صيف عام 1959م على يدي محمد باقر الصدر
تبع ذلك اجتماع في عام 1969م ، ضم العديد من أقطاب شيعة العراق في منزل محمد باقر الصدر في مدينة النجف العراقية، وتدارسوا فيه الخطط والمشاريع التنظيمية السرية وتوجهات الشيعة في البلاد العربية، خاصة العراق ولبنان، تحت مظلة المرجعية الدينية الإيرانية ، وتمخض عنه وضع حجر الأساس التنظيمي والأيديولوجي لحزب الله كفكرة وأهداف ، لكن دون الإعلان عنه وإشهاره ودون تحديد اسمه ، على أن يتم ذلك بعد عودة الزعماء الشيعة اللبنانيين المشاركين في هذا الاجتماع إلى لبنان لاحقاً ، وكان من أقطاب شيعة العراق محسن الحكيم ومحمد باقر الصدر وأبي القاسم الخوئي، إضافة للمشاركين من شيعة لبنان ، وهم صبحي الطفيلي وحسن الكوراني وحسن مَلـَك .
وكان المرجع الشيعي موسى الصدر الإيراني الاصل من ضمن الحضور، وعقب عودته إلى لبنان عمل علي تجميع الشباب الشيعي تأسيس كيان شيعي قوي، الذي أنشأ المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى1967، وتأسيس حركة أمل، ثم حزب الله.
وكان لموسى الصدر الفضل في وضع اللبنة الأولى للعلاقات الخاصة بين طهران ودمشق وحركة أمل، فهو لبناني الأصل، لكنه ولد وتعلم وعاش في قم بإيران لسنوات طويلة قبل أن يعود إلى لبنان، وهو مسقط رأس عائلته، وبالإضافة لكل هذا تربطه بقائد الثورة الإيرانية آية الله الخميني صلة نسب، حيث إن أحمد الخميني متزوج من بنت أخت موسى الصدر وابن الصدر متزوج من حفيدة الخميني، توجه الصدر إلى لبنان عام 1958 وأقام فيها وحصل على الجنسية اللبنانية بقرار من الرئيس اللبناني فؤاد شهاب بعد فترة قصيرة من وجوده هناك، وخلال هذه السنوات، كوّن الصدر علاقات وثيقة مع أنصار الخميني الذين فروا من إيران أواخر سنوات الشاه واستقروا في لبنان لمواصلة التحضير للثورة الإيرانية، في عام 1969 اختير الصدر رئيسًا للمجلس الشيعي الأعلى الذي أسسته الحكومة اللبنانية استجابة لطلبات الشيعة، وأدى إنشاء المجلس الأعلى للشيعة إلى فصلهم عن السنة لأول مرة، فصار الشيعة طائفة مستقلة مثلهم مثل الموارنة والسنة. كذلك قام الصدر بإنشاء المدارس والنوادي الشيعية، وفي عام 1974 أنشأ "حركة المحرومين"، لتكون تجسيدًا للكيان السياسي لشيعة لبنان، ثم أنشأ عام 1975 أفواج المقاومة الإسلامية التي عُرفت اختصارًا باسم (أمل) لتكون الذراع العسكري لـ"حركة المحرومين"، لم تكن «حركة المحرومين» و«أمل» لبنانيتين فقط، إذ انضم إليهما إيرانيون أيضا من بينهم مصطفى جمران، وهو ناشط إيراني عاش في لبنان قبل الثورة الإيرانية، وكان من كبار مساعدي موسى الصدر، كما كان يتولى الإشراف على فروع حركة أمل العسكرية قبل نشوب الثورة الإيرانية، وبعد نجاح ثورة الخميني عُين جمران أول وزير دفاع في الحكومة الإيرانية، عبر حركة أمل وموسى الصدر ورفاقه الإيرانيين تعرف نظام الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد على الخميني وأفكاره قبل الثورة الإيرانية، حتى أن عددا من الناشطين الإيرانيين في "أمل" كانت معهم جوازات سفر دبلوماسية سورية للتخفي والتمويه.
وإزاء اختفاء الصدر خلال زيارته إلى ليبيا عام 1978، حل محله حسين الحسيني في قيادة حركة أمل، ثم نبيه بري في زعامة الحركة.
عندما غيب موسى الصدر وعندما شعر الكثيرون بصعوبة بناء "مشروع سياسي ديني حزبي" داخل أمل، فكروا في بديل تحت عنوان «حزب الله»، ودعم هذا أن قيادات من داخل حركة أمل مثل السيد عباس الموسوي والشيخ صبحي الطفيلي ورجال الدين داخل الحركة وناشطين كانوا على علاقة بحزب الدعوة العراقي، الذي نشأ برعاية إيران مالوا مع المد الإيراني ورأوا ضرورة انشاء مشروع حزبي ديني سياسي وحتى مسلح. ويقول فحص موضحا: «لقد بدا بعد الثورة وحتى الاجتياح الإسرائيلي والاحتلال عام 1982، وكأن حركة أمل هي مشروع إيران الشيعي في لبنان. ولكنه مشروع معقد ويحتاج إلى صبر وجدل طويل بفعل التكوين القريب من النهج الليبرالي الذي رعاه الإمام الصدر، وأكد عليه في حركة أمل، من دون أن يمنع من نمو تيار ديني من دون مشروع سياسي ديني في حركة أمل بسبب انتباه الإمام الصدر.
ولكن هذا التيار مع الثورة الإيرانية وغياب الإمام الصدر، أصبح أكثر قناعة بالمشروع السياسي الديني، وعندما لم يجد في حركة أمل مجالًا لتنفيذ رؤيته، شرع في توثيق علاقته بإيران والتفاهم العميق معها على علاقة عفوية، وقد تجلى ذلك في حركة سفر إلى طهران وبيروت، وفي سعي إيران إلى احتضان الحوزات الدينية التي نشأت في لبنان بعد زعزعة النجف، وبدعم من المرجع الإيراني السيد الكلبياكاني والسيد الخوئي، وقد تم لإيران ذلك بعد جهد كبير وتحول السيد عباس الموسوي والشيخ صبحي الطفيلي ورفاقهما من المشايخ في حركة أمل والمستقلين، خاصة من كان منهم على علاقة بحزب الدعوة إلى السياق الإيراني، وإن بقي عدد منهم فاعلين في تنظيم حركة أمل كالشيخ نعيم قاسم.
وكما ان علاقات إيران مع أمل تأثرت بسبب اختلاف الضرورات السياسية لدى كل منهما، وهو ما فتح الباب لإنشاء حزب الله، فإن نفس سوء التفاهم حدث بين إيران الثورة وحركة فتح، إذ ظهرت تدريجيا تباينات بين الثورة الفلسطينية ودولة الثورة في إيران التي كانت ترى الثورة الفلسطينية وفتح ورقة في مشروعها النضالي ضد الغرب، بينما كانت حركة فتح تنظر لعلاقاتها مع إيران كطريقة لتعزيز قوتها في نضالها القومي من أجل استعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة. وكما أدت التباينات بين طهران وأمل إلى ولادة حزب الله، أدت التباينات بين طهران وفتح إلى ولادة حماس والجهاد الإسلامي لاحقا.
وعلى هامش 'المؤتمر الأول للمستضعفين' اجتمع المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الخميني بعدد من علماء ودعاة الشيعة الذين شاركوا في هذا المؤتمر، وكان من بينهم: محمد حسين فضل الله، صبحي الطفيلي، وممثل حركة أمل في طهران إبراهيم أمين، وتدارس معهم الخطوات الأولى اللازمة من أجل إنشاء هذا الحزب الجديد.
المؤتمر الأول جاء غداة الاجتياح الإسرائيلي للبنان في 3 يونيه حزيران 1982، فبلغت انباء الاجتياح الإسرائيلي للجنوب مسامع الحاضرين وعلى الأثر أُطلقت مبادرة إيرانية خلال انعقاد المؤتمر قضت بإرسال وفد إلى سورية لمناقشة المسؤولين السوريين في سبيل تقديم الدعم للبنانيين في مواجهة الاجتياح، وعاد الوفد الإيراني بموافقة سورية على السماح لوحدات من الحرس الثوري الإيراني بعبور الأراضي السورية إلى لبنان والمشاركة في المواجهة.
في هذه الأثناء تجمع تسع من قيادات المجموعات الإسلامية في هيئة تأسيسية ستكون نواة إنشاء (حزب الله)، وكان في صفوفها الشيخ صبحي الطفيلي (الأمين العام الأول للحزب)، السيد عباس الموسوي (الأمين العام الثاني) والسيد حسن نصرالله (الأمين العام الحالي)، والشيخ محمد يزبك (عضو شورى الحزب حاليًا) والسيد إبراهيم أمين السيد، شكلوا قاعدة لكوادر إسلامية ستنشأ لاحقًا وعملت تلك الهيئة التأسيسية على وضع الأفكار الأساسية التي تشكل الأسس المبدئية لإطلاق العمل المقاوم والتيار الإسلامي، وكان اجتماعها الأول بعد أسبوعين من الاجتياح الإسرائيلي، في وقت كان أعضاؤها يتداولون خطتهم قبل وصول (الحرس الثوري) إلى لبنان.
لم تستمر الهيئة التأسيسية من الاعضاء التسعة طويلا، فحلت محلها لجنة من خمسة اشخاص سميت شورى لبنان بدأت اجتماعاتها بداية 1983 بمباركة إيرانية. وهكذا اضحت شورى لبنان مرجع الاسلاميين إلى ان قررت في ايار 1984 اعتماد تسمية ثابتة للحزب " حزب الله "، وترافق ذلك مع ارتفاع عدد اعضاء الشورى إلى سبعة.
في 16 فبراير 1985 وبمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الشيخ راغب حرب ومع بدء الانسحاب الإسرائيلي من قسم كبير من جنوب لبنان، أُعلن عن تنظيم “حزب الله” وذلك من خلال مؤتمر صحافي في حسينية الشياح تحدث فيه الناطق الرسمي باسم الحزب العلامة السيد ابراهيم الأمين (أصبح لاحقاً رئيس الكتلة النيابية وتم الكشف عن اسمه الصحيح ابراهيم أمين السيد) وأعلن فيه وثيقة الحزب السياسية باسم “الرسالة المفتوحة”.
وشكل هذا الإعلان البداية العلنية للحزب وقد تضمنت الرسالة المفتوحة أهم المبادئ التي يؤمن بها الحزب، ومما جاء في هذه الرسالة "نحن في لبنان لسنا حزباً تنظيمياً مغلقاً ولسنا إطاراً سياسياً ضيقاً، بل نحن أمة ترتبط مع المسلمين في أنحاء العالم برباط عقائدي وسياسي متين هو الاسلام”…و"إن الحد الأدنى الذي يمكن أن نقبل به على طريق تحقيق هذا الطموح هو إنقاذ لبنان من التبعية للغرب أو للشرق وطرد الاحتلال الصهيوني من أراضيه نهائياً. واعتماد نظام يقرره الشعب بمحض اختياراته وحريته"… وعلى المستوى التنظيمي تم تشكيل شورى (قيادة) تتولى قيادة العمل السياسي والتنظيمي إضافة لعمليات المقاومة وبدأ الحزب يعلن عن قيادييه ومسئوليه علنا، بعد أن كان يعتمد الجانب السري.
معظم أفراد الحزب هم من اللبنانيين الشيعة المرتبطين مذهبياً بإيران، حيث يعتبرون آية الله علي خامنئي مرشد الثورة الإيرانية واحداً من أكبر المراجع الدينية العليا لهم، ويعتبر الشيخ حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله الوكيل الشرعي لآية الله علي خامنئي في لبنان. هذا الارتباط الأيدولوجي والفقهي بإيران سرعان ما وجد ترجمته المباشرة في الدعم السريع والمباشر من الجمهورية الإسلامية وعبر حرسها الثوري للحزب الناشئ.
وكانت أولى العمليات الناجحة التي قام بها الحزب وأكسبته شهرة مبكرة في العالم العربي، قيامه بنسف مقر القوات الأميركية والفرنسية في أكتوبر عام 1983، وقد أسفرت تلك العملية عن مقتل 300 جندي أميركي وفرنسي.
وعقب التأسيس في 1985تصاعد دور “حزب الله” السياسي والشعبي والعسكري، مما أدى لحصول بعض الصدامات بينه وبين قوى حزبية لبنانية وخصوصاً الحزب الشيوعي اللبناني والحزب القومي السوري الاجتماعي ولكن الصدام الأكبر كان مع حركة “أمل”.
أهداف وتوجهات الحزب:
تم تحديد أهداف الحزب الأربعة، وهي:
1ـ أن تخرج إسرائيل من لبنان كمقدمة لإزالتها من الوجود، وتحرير القدس من براثن الاحتلال.
2- أن تخرج أمريكا وفرنسا وحلفاؤها من لبنان، وينتهي أي نفوذ لأي دولة استعمارية في البلاد.
3- أن يرضخ الكتائبيون للحكم العادل ويحاكموا جميعا علي الجرائم التي ارتكبوها بحق المسلمين والمسيحيين بتشجيع من امريكا وإسرائيل.
4- أن يتحاح لجميع أبناء الشعب تقرير مصيرهم ويختاروا بكامل حريتهم شكل نظام الحكم الذي يريدونه، علما بأننا لا نخفي التزامنا بحكم الإسلام. وندعو الجميع إلى اختيار النظام الإسلامي الذي يكفل وحده العدل والكرامة للجميع.
يهتم الحزب ـ كما يقول حسن نصر الله- بمصير ومستقبل لبنان، ويساهم مع بقية القوى السياسية اللبنانية في إقامة مجتمع أكثر عدالة وحرية، ويهدف إلى إقامة دولة إسلامية في لبنان. ويهتم بالقضايا العربية والإسلامية وبخاصة القضية الفلسطينية.
يميز حزب الله في تحركاته السياسية على الساحة اللبنانية بين الفكر والبرنامج السياسي، فيرى أن الفكرة السياسية لا تسقط إذا كان الواقع السياسي غير موات لتطبيقها، كما هو الحال بالنسبة لفكرة إقامة دولة إسلامية في لبنان. يقول حسن نصر الله "نحن لا نطرح فكرة الدولة الإسلامية في لبنان على طريقة الطالبان في أفغانستان، ففكرة الدولة الإسلامية في لبنان حاضرة على مستوى الفكر السياسي، أما على مستوى البرنامج السياسي فإن خصوصيات الواقع اللبناني لا يساعد على تحقيق هذه الفكرة، فالدولة الإسلامية المنشودة ينبغي أن تكون نابعة من إرادة شعبية عارمة، ونحن لا نستطيع إقامتها الآن لحاجتها إلى حماية".
وتأتي نيته الأيديولوجية والسياسية والتنظيمية تؤكد على التزامه عقائدياً بالفكر الشيعي الإمامي، وبالمرجعية العقائدية والسياسية والمذهبية بالمذهب الإثني عشري، الذي تتخذه جمهورية إيران بقيادة الولي الفقيه الإمام الخميني ومَن خلفـه الإمام الخامنئي، مذهباً رسمياً للدولة، ويندرج هذا المنهج على حزب الله اللبناني المرتبط ارتباطاً عضوياً وثيقاً بإيران، ويتبعها اتباعاً مطلقاً، "حيث يلتزم الحزب بأوامر وقيادة واحدة حكيمة وعادلة تتمثل بالولي الفقيه الجامع للشرائط، وتتجسد حاضراً بالإمام المسدد آية الله العظمى روح الله الموسوي الخميني، مفجر ثورة المسلمين، وباعث نهضتهم المجيد".
واعترف حسن نصر الله الأمين العام الرابع لحزب الله، بلسانه في خطابه يوم 26مايو2008م، فيما أطلق عليه عيد المقاومة، وفيما يراه أنه انتصر فيه على الكيان الإسرائيلي، فقال: أنا أفتخر أن أكون فرداً في حزب ولاية الفقيه، الفقيه العادل، الفقيه العالم، الفقيه الحكيم، ... الفقيه المخلص، وأقول لهؤلاء: ولاية الفقيه تقول لنا نحن حزب.
يتأسس "حزب الله" اذا كبنية عقائدية علي مرجعية الاسلام من خلال نظرية ولاية الفقيه لذلك فهو حزب شيعي يؤمن بالجمهورية الإسلامية وفق النموذج الإيراني، معتمدا الجهاد مرجعية فكرية وفقهي وتروبية والتكليف الشرعي منهجا وسلوكا واطار ضابطا للافراد والجماعة.
البناء التنظيمي:
رغم عامل السرية الذي يحرص الحزب عليه في أغلب نشاطاته، فقد أجريت عليها عدة تعديلات لتنسجم مع متطلبات «حزب الله»، إلى ان استقرت بوجود خمسة مجالس هي: المجلس الجهادي، المجلس السياسي، المجلس التنفيذي، مجلس العمل النيابي، المجلس القضائي، على أن يرأس كل مجلس عضو من أعضاء الشورى.
والمجلس السياسي: يهتم بتقديم التحليل السياسي للشورى ويتابع التواصل وبناء العلاقات مع القوى السياسية والحزبية المختلفة. وهو يضم مسؤولي الملفات السياسية وأعضاء لجنة التحليل السياسي. ويتولى كل من أعضاء المجلس أحد الملفات السياسية الآتية:
1- الأحزاب الإسلامية 2- الأحزاب الوطنية 3- الأحزاب المسيحية 4- المنظمات الفلسطينية 5- العلاقات الاعلامية 6- الاذاعة والتلفزيون 7- وحدة النقابات والعمال 8- وحدة المهن الحرة 9- وحدة العلاقات الخارجية ولاحقا تم استحداث وحدة العلاقات العربية ووحدة العلاقات الدولية.
المجلس الجهادي: مهمته وضع السياسة العامة لـ»المقاومة الإسلامية»، تحت إشراف الأمين العام للحزب وهو يضم المسؤولين عن متابعة العمليات العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي وكل ما يرتبط بها إعداداً وتدريباً وتجهيزاً وحماية وغير ذلك. أما أعضاء المجلس فهم: 1- رئيس المجلس التنفيذي 2- المسؤول العسكري 3- مسؤول الأمن 4- ممثل خاص من شورى القرار
المجلس التنفيذي: هو المسؤول عن الأنشطة والأعمال الإجرائية المرتبطة بتركيبة الحزب، وعن مؤسساته المختلفة ذات مجالس الادارة. ويضم مسؤولي الوحدات الثقافية والاجتماعية والتربوية والنقابية والمهن الحرة وغيرها، إضافة إلى مسؤولي المناطق. وللمجلس التنفيذي رئيس ونائب للرئيس ومسؤول مكتب، وهو يتألف من الفروع التإلىة: 1- الأمور المإلىة 2- الأمور الادارية (الكوادر والأعضاء) 3- الخدمات الاجتماعية 4- الاعلام 5- القضايا الثقافية 6- القضايا التربوية
كما أن المسؤول العسكري والمسؤول الأمني والمسؤول التنظيمي ومسؤول التفتيش ومسؤولي المناطق الثلاثة هم ضمناً أعضاء المجلس التنفيذي. ويعد هذا المجلس «قلب» الهيكلية التنظيمية للحزب، وهو يلعب دوراً بارزاً بين مجالس الحزب التنظيمية.
المجلس القضائي: هو أصغر مجالس «حزب الله»، رئيسه قاض يتولى في الوقت نفسه مسؤولية محكمة الاستئناف. ولهذا المجلس نائب رئيس ومسؤول مكتب. ويضم المسؤولين القضائيين في المناطق الذين يتابعون العمل مع أفراد «حزب الله» لفصل النزاعات، والحكم في تجاوز الحدود الشرعية، وإرجاع الحقوق إلى أصحابها كما يتولى هذا المجلس في مخالفات الأعضاء الحزبية والتنظيمية.
مجلس التخطيط: يتألف من رئيس ونائب رئيس ومسؤول الأمانة العامة، وأعضاؤه هم: 1- مسؤول مركز الدراسات في «حزب الله»
2- مسؤول الأمور التنظيمية 3- خمسة أعضاء يختارهم شورى القيادة ولاحقا تم إلغاء مجلس التخطيط واعتماد أطر جديدة للتخطيط والدراسات.
مجلس العمل البرلماني والحكومي: مؤلف من نواب ووزراء «حزب الله» السابقين والحإلىين في المجلس النيابي اللبناني والحكومة. وهو يتابع شؤون «كتلة الوفاء للمقاومة» ويهتم بدراسة مشاريع واقتراحات القوانين المعروضة على مجلس النواب، كما يهتم بمتابعة شؤون المناطق والمواطنين والعلاقة مع المسؤولين في الدولة وأجهزتها المختلفة، ويواكب الموقف السياسي للحزب، حيث يعبر عنه النواب في المجلس النيابي وفي لقاءاتهم وتصريحاتهم، ومهمته التنسيق بين نواب الحزب في المجلس النيابي في ما يخص اللوائح ومشاريع القوانين واتخاذ المواقف المناسبة من جميع المسائل والقضايا المطروحة في المجلس. ويتولى هذا المجلس نائب الأمين العام للحزب.
يعتبر كل عضو من أعضاء المجالس بمثابة مسؤول وحدة، يشرف على لجنة من مسؤولي الأقسام لمتابعة المهام الموكلة إلىهم، ثم تترابط الهيكلية التنظيمية عبر الفروع والدوائر إلى العنصر المجاهد المنظم وعنصر التعبئة والأنصار.
أمناء الحزب:
يعتبر الشيخ محمد حسين فضل الله المؤسس الحقيقي لحزب الله، حيث كان لنشاطه الدعوي الكبير وسط صفوف الشيعة في الجنوب أكبر الأثر في سرعة تعاطفهم مع الحزب الذي ظهر إلى الوجود عام 1982 وأعلن عنه رسمياً في عام 1985.
أما الأمين العام الأول لحزب الله فهو الشيخ صبحي الطفيلي الذي تولى هذا المنصب في الفترة من عام 1989 حتى عام 1991، ثم أجبر على الاستقالة بعد إعلانه من جانب واحد العصيان المدني على الحكومة اللبنانية الأمر الذي رفضه الحزب، وتولى منصب الأمين العام الشيخ عباس الموسوي خلفاً له، لكنه لم يستمر أكثر من تسعة أشهر، فقد اغتالته إسرائيل في عام 1992 ليقود الحزب من بعده الشيخ حسن نصر الله الذي لايزال يشغل هذا المنصب حتى الآن.
أزمة الطفيلي:
وواجه “حزب الله” في 1997، أحد أكبر التحديات الداخلية، فالشيخ صبحي الطفيلي أول أمين عام له، وبعد تنحيته في العام 1991، ورغم بقائه عضواً في شورى القرار حتى 1993، رفع بالتدريج لواء المعارضة لسياسات الحزب ومن بينها المشاركة في الانتخابات النيابية، متهماً قادة الحزب بالمساومة، ومنتقداً تعاونهم مع النظام السياسي اللبناني “الفاسد”.
بدأ الطفيلي تحركه في 4 ماي 1997، وأعلن قيام حركته التي أطلق عليها اسم “ثورة الجياع”، وهدفها إسقاط النظام السياسي اللبناني عبر ثورة شعبية شكلت من خلال مواقفها ونزولها للشارع تحدياً واقعياً لـ”حزب الله”، وتداعى إلى الأذهان احتمال حدوث انقسام داخل الحزب.
وفي يوم القدس العالمي في رمضان 1998 الذي اعتاد حزب الله على إحيائه في مدينة بعلبك ـ ساحة رأس العين بمراسم خاصة، أعلن الطفيلي عن إقامة المراسيم نفسها في المكان ذاته. فكان الإعلان كافياً للتعبير عن خروجه من الحزب، ما دفع قيادة الحزب إلى اتخاذ قرار بفصله بتاريخ 24 يناير 1998، وإلى إصدار بيان حول مواقفه وممارساته التي تكشف حسبما جاء في البيان “أن ما يقوم به ليس حركة مطلبية، بل سعيا إلى تقسيم الساحة وفرزها وفرض نفسه عليها بكل الوسائل المتوفرة لديه أياً تكن الخسائر والأضرار...”.
كانت حركة الطفيلي في الواقع موجهة ضد قادة “حزب الله” قبل أن تكون موجهة ضد الحكومة اللبنانية، ورغم تأييد حزب الله لمطالب الطفيلي الاجتماعية، فإن قادة الحزب، لم يؤيدوا حركته، كما تفادوا الصدام معه. وسعوا إضافة إلى ذلك، عن طريق شخصيات شيعية مدنية ودينية إلى إزالة التوتر بينهم وبين الطفيلي، لكن هذا الأخير أصر على شعاراته، وكانت هذه الحركة بالنسبة إلىه أهم مناسبة لاستعادة سلطته التي كان قد خسرها.
ويوم عيد الفطر في 1999، أعلن الطفيلي إقامة مهرجان في حوزة “الإمام المنتظر” العلمية في مدينة بعلبك، وخلال المهرجان قامت عناصر من الحزب بمحاصرة الحوزة كما حاصر الجيش اللبناني الحوزة وجرت بين الفريقين صدامات عنيفة أدت إلى مقتل أحد ضباط الجيش اللبناني والشيخ خضر طليس، وغادر الطفيلي وأنصاره الحوزة بعد وقوع عدد من القتلى بين الفريقين، وهكذا فشلت حركة الطفيلي بعد أقل من عشرة أشهر من ولادتها.
مصادر تمويل «حزب الله»
يبدو جليا ان اكبر مصادر تمويل حزب الله تأتي من إيران فالخدمات المتنوعة التي قدمها «حزب الله» إلى الشعب اللبناني توضح قوة التمويلات المإلىة للحزب بالمقارنة بالحركات والاحزاب الأخرى اللبنانية.
وتعتبر المساعدات المإلىة الإيرانية في صدر هذه المصادر، ويتلقى «حزب الله» مساعدات مإلىة من إيران سنوياً من طريقين: أولاً: مساعدات مإلىة تقدمها المؤسسات التي يشرف عليها آية الله السيد علي خامنئي، ولها ميزانية مستقلة عن الحكومة الإيرانية. وثانياً: المساعدات التي تقدمها الحكومة الإيرانية والمؤسسات الرسمية. هذه المساعدات الإيرانية تضاءلت ميزانيتها إلى حد كبير في السنوات الأخيرة لأسباب مختلفة، من بينها الاكتفاء الذاتي النسبي لـ«حزب الله».
وتشير التقديرات تشير إلى أن «حزب الله» يتلقى ما بين 100 مليون و 200 مليون دولار سنوياً من إيران ومصادر إضافية من سوريا.
ومن المصادر الاخري جمع مساعدات نقدية وعينية من داخل لبنان، فقد عمد «حزب الله» بإنشائه تنظيما موسعا باسم «هيئة دعم المقاومة الإسلامية»، وكذلك جمعية «الامداد» إلى جمع إعانات ومساعدات نقدية وعينية، في مختلف المناطق اللبنانية. وقد وضعت هاتان المؤسستان صناديق لجمع التبرعات النقدية. وتشبه صناديق مؤسسة «الإمداد» من حيث الشكل واللون كلياً الصناديق التي وضعتها المؤسسة الأم في إيران. أما صناديق «هيئة دعم المقاومة» فصممت على شكل المسجد الأقصى في فلسطين. وتجمع هاتان المؤسستان الأموال في مناسبات مختلفة، وبخاصة في شهر رمضان حيث تقيم مراسم متنوعة ومآدب إفطار، تدعو إلىها الناس والمتمولين والشخصيات العامة، وتبادر فيها إلى جمع الأموال.
ويأتي الاعتماد علي مساعدات التجار اللبنانيين في المهجر كجزء من مصادر تمويل الحزب، فعدد المهاجرين اللبنانيين في الخارج كبير جداً، ويعمل معظمهم في التجارة وهم منتشرون في أميركا الشمإلىة وأميركا اللاتينية وأوروبا وأفريقيا وآسيا وأسترليا، وتشكل مساعدات هؤلاء المهاجرين مصدراً أساسياً من مصادر تمويل «حزب الله».
ومن المصادر التي يعتمد عليها الحزب الحقوق الشرعية، ف«الحقوق الشرعية» التي تجمع من شيعة لبنان بناء على إجازة من مراجع التقليد. لذلك عين آية الله الخامنئي الشيخ محمد يزبك عضو شورى القرار في «حزب الله»، وكذلك السيد حسن نصر الله الأمين العام، وكيلين شرعيين له في لبنان، فتمكن «حزب الله» بذلك من استيفاء «الحقوق الشرعية» وصرفها في القضايا التي ترفع الحرمان عن المحتاجين من وجهة نظر شرعية.
ومن اهم مصادر التمويل ايضا مشاريع حزب الله الاقتصادية والاستثمارية، ففي السنوات الأخيرة شكل «حزب الله» قسماً اقتصادياً نفذ مشاريع اقتصادية، تجارية ومإلىة في المناطق الشيعية. وقد استطاع هذا الفرع ان يؤسس متاجر كبيرة ذات فروع، وأن يساهم في حقل البناء، وفي استيراد البضائع من سائر البلدان. فأمن بذلك مصدراً مإلىاً مهماً للحزب.
وفي ظل غياب الدولة, لجأ حزب الله إلى إنشاء عشرات المشاريع الخيرية من مدارس ومستشفيات وحفر آبار... وإنشاء مؤسسات تتبع هيئات إيرانية كمؤسسة الشهيد, وإنشاء وسائل إعلام مثل تلفزيون المنار, ومركز دراسات وتوثيق, كما اهتم الحزب بإنشاء المدارس الدينية والحوزات, الأمر الذي يثير التساؤل عن موارد الحزب خاصة إذا أضيف لها كلفة الجهاز الأمني والعسكري للحزب, لذلك فالدعم الإيراني أكثر من حيوي, وقد عيّن مرشد الثورة الإيرانية خامنئي اثنين من قادة الحزب هما حسن نصر الله و محمد يزبك وكيلين له في لبنان لاستلام أموال الخمس وغيرها. وقدّر دخل الحزب عام 1993 بـ 160 مليون دولار
مؤسسات حزب الله
بناء «ايديولوجية» يقوم عليها «حزب الله» لم تكن عبر الدعم المإلى من إيران او سوريا، كان لابد من بناء مؤسسات تتبع للحزب الجديد الناشئ. لم تكن الفكرة ان تعمل هذه المؤسسات للدعم المإلى والعسكري والثقافي فقط. هذه المؤسسات كانت مؤسسات ترويج «ايديولوجي» ايضا. فعبرها ومن خلالها سواء كانت مدارس او مؤسسات اقتصادية او عسكرية او قنوات تلفزيونية او صحفا، اصبح «حزب الله» صاحب النفوذ الأكبر وسط شيعة لبنان.
وفي هناك وسائل اعلام خاصة بـ«حزب الله» مقدمة هذه المؤسسات الاعلامية واهما جريدة «العهد»: كانت الجريدة السياسية الاسبوعية الناطقة باسم الحزب منذ تأسيسه، ثم حصل على ترخيص باسم مجلة «الانتقاد» السياسية التي صدرت لفترة طويلة ولكن أوقفها عن الصدور مؤخرا وحوّلها إلى جريدة الكترونية، كما تحولت «العهد» إلى موقع اخباري .
ومنا الاذرع الاعلامية ايضا إذاعة «النور»: تأسست عام 1987 وتطورت كثيراً ونالت ترخيصا رسميا بعد إعادة تنظيم الاعلام في لبنان، فيما يعد تلفزيون «المنار» من اهم المؤسسات الاعلامية لـ"حزب الله": أنشئ في اوائل التسعينيات بمبادرة من عدد من رجال الاعمال ثم تولى الحزب الاشراف عليه ونال ترخيصا رسميا ويتميز ببث أخبار المقاومة وهو الآن من المؤسسات الاعلامية الناجحة.
ومن الاذرع الاعلامية ايضا مجلة «بقية الله»: وهي مجلة ثقافية شهرية توزع على كوادر وعناصر «حزب الله». ولدى الحزب قسم إعلامي باسم «وحدة العلاقات الاعلامية» وهي تتولى ادارة العمل الاعلامي والتواصل مع الاعلاميين وتغطية نشاطات الحزب وقياداته، إضافة لوحدة «الانشطة الفنية» وتتولى الجوانب الفنية والاحتفالات، وهناك جمعية معنية بالفنون هي «الجمعية اللبنانية للفنون» وعمد الحزب إلى تأسيس «متحف مليتا» في منطقة اقليم التفاح ويضم معرضا ضخما عن المقاومة الإسلامية.
ولعبت مؤسسات أخرى دورا كبيرا في تعزيز وجود «حزب الله» السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي، وفي مقدمتها مؤسسة «الشهيد» اللبنانية فقد أنشئت على نفس نسق مؤسس الشهيد الإيرانية. ومنذ بداية عملها عام 1982، تمكنت مؤسسة «الشهيد» من سد احتياجات نحو 3000 أسرة لبنانية سقط لها قتل أو أكثر، وهى مؤسسة تجسد فكرة الاكتفاء الذاتي؛ حيث إن لها مدارسها ومستشفياتها ومؤسساتها الاقتصادية والثقافية، حتي عام 2002 فتم اسناد الملف التعليمي إلى مؤسسة الإمام المهدي، ففي جنوب لبنان إلىوم مدارس خاصة لـ«حزب الله»، تسير على النظام التربوي في إيران، ومن هذه المدارس (مدارس الامام الخميني) و(مدارس الامام المهدي) و(مدارس شاهد).
أما «منظمة النية الحسنة الخيرية»، فهي مكتب لجمع الأموال انشئت من قبل مؤسسة «الشهيد» في ديبورن ـ مشيغان بالولايات المتحدة الاميركية، فيما تقول وزارة الخزانة الاميركية أن مؤسسة «القرض الحسن» تعمل كغطاء لإدارة النشاطات المإلىة لحزب الله.
وبحسب مسؤولين أميركيين فإن «القرض الحسن» وتأسست سنة 1982 بهدف تقديم القروض غير الربوية للمحتاجين يريدها احمد الشامي، وهو قائد بارز في «حزب الله» وقد خدم كعضو في مجلس شورى «حزب الله» وكرئيس لمنظمات عدة يسيطر عليها «حزب الله».
وهناك جمعية (الإمداد الخيرية الإسلامية) وتأسست سنة 1987 وتعمل على مساعدة الأسر على الاكتفاء ذاتياً، ورعاية الأيتام والعجزة والأرامل.
اما مؤسسة «جهاد البناء»، تأسست سنة 1988 وتضم العديد من المهندسين والفنيين والعمال وتتخصص في حفر الآبار وإعداد الدورات التدريبية في مجال الزراعة والبيطرة وهي تهتم الآن خاصة بإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006 وقد قطعت شوطا كبيرا في ذلك، وعلاقة جهاد البناء بحزب الله واضحة، فإلى جانب التمويل، دائما على رأسها أعضاء في مجلس شورى «حزب الله».
وقد فرضت وزارة الخزانة الاميركية عقوبات في يوليو 2007 على قاسم عليق، وهو مدير «جهاد البناء» ومسؤول بارز في «حزب الله».
كما الهيئة (الصحية الإسلامية) ولها فروع عدة بلغت 47 فرعاً تنتشر في البقاع والجنوب بالإضافة إلى بيروت، وهناك معاهد تمريضية ومهنية كلها بدعم من إيران، ومستشفيات خاصة، حتى الادوية ادوية إيرانية.
وهيئة (دعم المقاومة الإسلامية) التي تجمع التبرعات للمقاومة وتعقد الندوات وتقيم المعارض لزيادة الوعي بأهمية المقاومة، فضلا عن شرطة «حزب الله» او ما يسمى بانضباط، وهي شرطة مكلفة من قبل «حزب الله» بحفظ النظام والاداب في الشارع. فضلا عن شبكة السلكي، وبنوك خاصة، بالاضافة إلى سلاح «حزب الله». كل هذه المظاهر، هي مظاهر اختلاف وربما استقلال، سياسي واقتصادي، لكن اساسا والاهم ثقافي.
ولدى الحزب ايضا عدة مؤسسات لها مهمات متخصصة ومنها على سبيل المثال: جمعية المعارف الثقافية وتعنى بالعمل الثقافي وتشرف على المراكز الثقافية وتهتم بالاعداد الثقافي، والمركز الاستشاري للدراسات والبحوث ويهتم بالابحاث والدراسات المتخصصة، وهيئة دعم المقاومة الإسلامية ومهمتها جمع التبرعات المإلىة وإقامة الانشطة الداعمة للمقاومة، وجمعية «مودة» وجمعية «قيم» وهما جمعيتان متخصصتان تهتمان بالقضايا الاسرية والاجتماعية ومعالجة المشاكل الاجتماعية، والتجمعات العلمائية وهي تضم عددا كبيرا من علماء الدين الذين يعملون لدعم مواقف «حزب الله» السياسية والاهتمام بأمور التبليغ الديني ومنها تجمع علماء جبل عامل واللقاء العلمائي وتجمع علماء البقاع، والحوزات والمدارس الدينية وتتولى إعداد علماء الدين وهي منتشرة في معظم الاراضي اللبنانية.
كما عمد الحزب إلى إنشاء مؤسسة خاصة تعنى ببناء المساجد والحسينيات وهو يشرف على العديد من الجمعيات والمراكز الدينية وتضم مراكز متخصصة ومتنوعة ثقافية واجتماعية وطبية.
وعلى صعيد العمل النقابي والمهن الحرة والانشطة التربوية، اهتم «حزب الله» باستيعاب أصحاب المهن الحرة وبالعمل النقابي والعمال وعمد إلى تأسيس وحدات خاصة تعنى بالعمل النقابي والمهن الحرة وبالطلاب والمعلمين، ومن ابرز المؤسسات والهيئات التي تتابع هذا القطاع، إضافة للوحدات المركزية: التعبئة التربوية وتعنى بالقطاعات الطلابية على مختلف المستويات، وهيئة التعليم العإلى وتعنى بأوضاع الجامعات والعلاقة مع اساتذة الجامعات، وتجمع المهندسين المسلمين ويشرف على عمل المهندسين وكل ما يتعلق بنقابة المهندسين، وتجمع الاطباء المسلمين، التجمع الاسلامي لأطباء الاسنان، وتجمع المحامين، والهيئات النسائية الإسلامية وتعنى بالقطاع النسائي والعلاقة مع المجلس النسائي اللبناني، واتحاد الوفاء لنقابات العمال ويهتم بقضايا العمال، والمؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم وتعنى بإقامة المدارس. والمؤسسات التربوية في مختلف المناطق، وتجمع المعلمين المسلمين ويعنى بقضايا المعلمين، ومؤسسات متخصصة.
الإمكانيات والقدرات العسكرية لحزب الله
وهذا كله ثبت توافره لأسلحة حزب الله باختيار السلاح المناسب والملائم لظروفه وطبيعة أرضه وقدرات عدوه، فكانت الصواريخ بمدياتها هي سلاح الحسم، وتوفر المصدر الدائم للإمداد من إيران وسورية هو ضمان الدوام، إضافة إلى التصنيع المحلي للبعض منها، مثل الطائرات الموجهة من دون طيار.
المدفعية الصاروخية:
يمتلك الحزب ما بين 10 – 15 ألف صاروخ تلقاها من سورية وإيران، منها: صواريخ كاتيوشا، والتي تعد السلاح التقليدي لحزب الله، وقد أدخل عليها تطويرات عديدة منذ استخدامها في قصف شمال إسرائيل لأول مرة، عام 1996، عقب مجزرة قانا وعملية عناقيد الغضب، وكان وزن الرأس المدمرة لها وقتها 22 كجم. ويوجد منها حإلىاً نوعان عيار 107 مم، بمدى أكثر من 10 كم، وعيار 122 مم، القادر على حمل رأس مدمرة زنة 100 كجم، بمدى 30 كم.
كما يمتلك صواريخ إيرانية، من نوع فجر 2، 3، 4، 5، والتي يُرجح أن يصل مداها من 50 – 70 كم. ويرجح أن هذه الصواريخ صٌنعت بجهد مشترك بين إيران والصين وكوريا الشمإلىة، ويكون إطلاقها من منصات متحركة، ويُقدر مدى الصواريخ فجرـ3 بـ40 كم، ويحمل رأساً متفجرة زنة 200 رطلاً، ويراوح مدى الصاروخ فجر ـ5 ما بين 60 – 70 كم، ويحمل رأساً متفجرة زنة 385 رطلاً.
ويمتلك كذلك مجموعة صواريخ، من نوع رعد 2، 3، 4، وهي مماثلة للصاروخ الإيراني شاهين ـ2 من عيار 333 مم.
وهناك أيضاً صواريخ زلزال 1، 2، والتي يبلغ مداها 200 كم، ويمكنها الوصول إلى تل أبيب، وهي مزودة بنظام توجيه ومصممة لقصف المدن، ويحمل الصاروخ رأسا متفجرة تصل حتى 100 - 150 كجم.
كما يمتلك صواريخ أرض/ سطح من نوع س – 208، ويصل مداه إلى 100 كم، وهو أحد أكثر الصواريخ المتطورة، وهو من النوع الذي أطلق على البارجة الإسرائيلية يوم 16 يوليه 2006.
ولديه مقذوفات موجهة مضادة للدبابات، الصاروخ إيه تي – 4 سباريجوت، روسي الصنع، بمدى 2000 م، والصاروخ ساجر، من نوع إيه تي – 3، روسي الصنع، موجه بالسلك، والصاروخ تاو، الأمريكي الصنع، بمدى 3500 م، والصاروخ كورنيت آي، روسي الصنع، الموجه بالليزر، ويصل مداه إلى خمسة كم، وقذائف البتروفا والـR.P.G، بمدى 500 م، وصواريخ مضادة للطائرات (أرض/ جو) مقلدة عن الصاروخ سام – 7، التي تُطلق من على الكتف.
وامتازت الأسلحة المضادة للدبابات بالقدرة العإلىة على الاختراق (وصلت إلى 900 مم في الصلب المتجانس) من مديات (500 – 3000 م)، وذلك لحصول الحزب على المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات من نوع (كورنيت) الروسي الصنع، الذي يصل مداه إلى 5.5 كم ويحقق اختراق يصل إلى 1000 – 1200 مم.
كمنا يمتلك طائرات موجهة من دون طيار من نوع مرصاد – 1، وكان قد أطلقها عام 2004، بهدف جمع المعلومات عن شمال إسرائيل. ويرجح استخدامها في قذف البارجة الإسرائيلية، يوم 16 يوليه 2006، أمام السواحل اللبنانية.
القوة البشرية لمقاتلي حزب الله، وهي تتلقي تدريب وتأهيل المقاتلين تحت إشراف قائد الجناح العسكري وبمساعدة عناصر من الحرس الثوري الإيراني، ويجري التدريب على استخدام جميع أنواع الأسلحة والتعامل مع المفرقعات، وقد تم تدريب عدة آلاف فرد من حزب الله في دورات تدريبية خاصة في إيران خلال السنوات القليلة الماضية. ولم تنقطع الدورات التدريبية لشباب الحزب، سواء في إيران أو لبنان، منذ قيام الحزب، وقد يزيد عدد الذين حصلوا على هذه الدورات حتى الآن عن 100 ألف (يصل عدد المشتركين في الدورة إلى 300 مقاتل) فيما يقدر القوة المقاتلة ب20 ألف مقاتل،
أبرز العمليات العسكرية للحزب:
تميز حزب الله عن غيره من الأحزاب السياسية في الساحة اللبنانية بعملياته المسلحة ضد إسرائيل،والتي جعلته يخرج بمنطلقاته السياسية والعقائدية التنظيرية إلى حيز التطبيق العملي، وأكسبته شرعية وشعبية لدى الشارع اللبناني بل وحتى لدى العرب والمسلمين أيضاً. ويعتبر الحزب أن تلك العمليات بالإضافة إلى كونها "عامل قلق أمني للإسرائيليين"، فإنها تمثل كذلك وكما يقول حسن نصر الله "رداً عملياً على المشروع السلمي للتطبيع مع العدو الإسرائيلي الذي يتبناه بعض المثقفين العرب" حسب قوله.
وفي 1992 لغت موازنة الجهاز الأمنى 70 مليون دولار, وقد تم إنشاء هذا الجهاز بمساعدة حرس الثوري الإيراني، الذين وفدوا إلى لبنان سنة 1982.
وسمح للحزب بامتلاك الآلة العسكرية والإعلامية والدينية والأمنية واستطاع أن يفرض نفسه على الساحة عسكرياً ثم سياسياً, واحتفظ بسلاحه في حين تخلت الأحزاب والميليشيات الأخرى عن سلاحها أو جردت منها
وتشير مصادر حزب الله إلى أن متوسط العمليات العسكرية التي نفذها خلال الفترة من 1989 حتى 1991 بلغت 292 عملية.
أ. في الفترة بين عامي 1992 و1994، بلغت 465 عملية.
ب. في الفترة بين عامي 1995 و1997، بلغت 936 عملية.
ج. كان من نصيب الجناح العسكري للحزب 736 عملية.
أما المصادر الإسرائيلية فتشير إلى أن إسرائيل فقدت عام 1988 وحده، 36 جندياً، وجرح لها 64 آخرون، وخُطف منها جنديان. وفى الإجمإلى كانت حصيلة القتلى الإسرائيليين على مدى 18 عاماً، حوإلى 1200 قتيل.
وقد بدأت إسرائيل خطواتها الأولى للانسحاب بسبب هذه العمليات الفدائية، كالآتي: الانسحاب الأول الكبير، عام 1985. تلاه انسحابات لاحقة، كان أبرزها الانسحاب من منطقة "جزين" اللبنانية. وظهر داخل المجتمع الإسرائيلي تيار شعبي قوي يطالب بالانسحاب من المستنقع اللبناني.
اتسمت الأعمال العسكرية بالدقة والمفاجأة، وكانت أشهر عمليات الحزب وأنجحها هي معركة "أنصارية"، عام 1997، عندما استدرجت طائرة عمودية إسرائيلية على متنها 16 مقاتلاً وأبادتهم جميعاً.
عملية الوعد الصادق:
في 12 يوليه 2006، تسللت عناصر مقاتلة من حزب الله إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، بهدف أسر عدد من الجنود الإسرائيليين لمبادلتهم بأسرى لبنانيين في السجون الإسرائيلية. ونجحت العملية، وأدت إلى أسر جنديين إسرائيليين ومقتل ثمانية وجرح 21 آخرين.
ردت إسرائيل باجتياح الحدود اللبنانية ومحاولة التوغل في جنوب لبنان، واستمر القتال لمدة 33 يوماً. وكان من أهم أهداف التوغل الإسرائيلي، سحق حزب الله والقضاء على ترسانته العسكرية، واستعادة الجنديين الأسيرين بالقوة من دون تفاوض، إلا أنها فشلت في تحقيق أي من هذه الأهداف.
كانت النتيجة المترتبة على ذلك، تراجع حزب اللـه عن فكرة "الحرب المفتوحة" والمعارك المستمرة مع إسرائيل كأداة لتحقيق النصر، وقبل بالحل الدبلوماسي للحرب، والذي عبر عنه قرارالاممي 1701، وتخلى عن سياسة المسارين المتوازيين، وقبل بانتشار الجيش اللبناني في مناطق نفوذه في الجنوب، حيث لم يمتد تأثير خطاب نصر اللـه عن "الحرب المفتوحة"، إلى سياسات الحزب الفعلية، سواء فيما يتعلق بنوعية الهجمات التي نفذها حزب اللـه، أو فيما يتعلق برؤيته لكيفية انتهاء الحرب وتعريفه للنصر في الحرب.
(3) عملية تصفية الحساب، عام 1993.
(4) عملية عناقيد الغضب عام 1996.
و.ثم كانت أطول العمليات وأكثرها فشلاً وتكلفة لإسرائيل، تلك التي دارت على مدى 33 يوماً، بدأت في يوليه عام 2006. ويطلق حزب الله نظريته الجديدة (تبادل الرعب)، بعدما أذاق الإسرائيليين من جنس عملهم رعباً برعب، وخاصة بصواريخه في قصفات هادفة بمراحل مخططة كالآتي:
(1) المرحلة الأولى: من 12 – 15 يوليه 2006: فيها قصف المنطقة من الحدود حتى شمال حيفا.
(2) المرحلة الثانية من 16 – 17 يوليه 2006: قصف مدينة حيفا (ثالث أكبر المدن الإسرائيلية كثافة بالسكان) بصواريخ رعد 2، رعد 3 البالسيتية (الإيرانية الصنع).
(3) المرحلة الثالثة: من 28 – 31 يوليه 2006: قصف مدينة عفولة (50 كم جنوب الحدود اللبنانية)، باستخدام صواريخ خيبر1.
(4) المرحلة الرابعة: من 1 أغسطس حتى إلىوم الثاني والعشرين قتال: قصف المنطقة جنوب حيفا، وفيها استهدف مدينة بيسان (70 كم جنوب الحدود)، ومدينة الخضيرة (80 كم جنوب الحدود)، وتبعد 40 كم شمال تل أبيب، وكذا مدينة زخرون.
العمليات البحرية:
(1) في 11 يوليه 2006، قُصف زورق إسرائيلي من نوع ديفورا، يحمل 12 فرداً.
(2) في 14 يوليه 2006، قصف الحزب سفينة حربية إسرائيلية، بعد شروعها في قصف بيروت واعتراف إسرائيل بإصابتها.
(3) في 31 يوليه 2006، إصابة السفينة الإسرائيلية الثانية بصواريخ الحزب.
حزب الله في لبنان:
مثِّل عدة أشياء: فـ «حزب الله» أحد الأحزاب السياسية المهيمنة في لبنان، فضلاً عن كونه حركة اجتماعية ودينية، حيث يتولى بصفة أساسية تلبية احتياجات ومتطلبات المجتمع الشيعي في لبنان. كما أن الجماعة هي أكبر ميليشيات لبنان. فبعد اتفاقات الطائف في عام 1989، التي أنهت الحرب الأهلية، أُعيد تقديم الجماعة على أنها تمثل نوعاً من المقاومة الإسلامية.
وتنقسم القوى السياسية اللبنانية بين حلفين أساسيين، هما 14 آذار و8 آذار، وتعود التسمية إلى تاريخ الحدث المؤسس لكل حلف، حيث أقام تحالف 8 أذر مظاهرة كبرى في ذلك التاريخ عام 2005، لـ"شكر سوريا" بعد صدور دعوات تطالبها بالخروج من لبنان، بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، فرد تحالف 14 بتظاهرة مضادة.
وضم تحالف "14 آذار" قوى سنية ودرزية ومسيحية، أبرزها "تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية" و"حزب الكتائب" و"التيار الوطني الحر" و"الحزب التقدمي الاشتراكي." في حين ضم تحالف "8 آذار" قوى شيعية، مع أحزاب درزية وسنية صغيرة، أبرزها "حزب الله" و"حركة أمل" و"الحزب السوري القومي الاجتماعي" و"الحزب الديمقراطي."
صراع حزب الله- حركة امل:
بدا التنافس واضحاً وظهر الصراع جلياً بين جناحي التكتل الشيعي على الساحة اللبنانية، حزب الله كتيار شيعي جديد وقوة مدعومة إيرانياً وسورياً، يقود الشيعة ويمثلهم سياسياً ودينياً وعسكرياً، وحركة أمل بزعامة نبيه بري التي تحرص على الاحتفاظ بمكاسبها ومواقعها، الصراع الذي استمر ما يقرب من 10 سنوات انتهت لصالح حزب الله فقد تمكن الحزب جراء الصدام العسكري مع حركة أمل من طردها من منطقة البقاع ومن مناطق أخرى، وأدى ذلك إلى انحسار قوة ودور حركة أمل، وانضمام كثير من كوادرها لحزب الله بتشجيع النظام الأسدي وإيران
وفي عام 1988 دخل الحزب صراع دموي مع حركة أمل، حيث قتل نحو 500 شخص من الجانبين فيما عرف بحرب الضاحية بين أمل وحزب الله، والتي توقفت بناءً على تدخل سوريا. وفي الأغلب، كانت نتيجة الحروب مع القوى السياسية الدينية والعلمانية الأخرى هي امتداد نفوذ حزب الله خارج مناطق نفوذه التقليدية في الجنوب والبقاع.
شدد الحزب هجماته ضد إسرائيل وحلفائها في جنوب لبنان، دخلت امل الحكومة بينما اكد الحزب على الحاجة إلى اسقاط النظام السياسي اللبناني، وشدد على ضرورة تأسيس النظام الاسلامي في لبنان . والاكثر اهمية من هذا اثبت الحزب مهاراته المتطورة في اجرائاته التعبوية وحملاته الدعائية اكثر من حركة امل.
وحزب الله صار منذ عام 2005 الممثل السياسي والأيديولوجي والعسكري والاجتماعي الشرعي والوحيد للطائفة الشيعية اللبنانية (الطائفة الأكبر عددياً). وفي ذلك يقول نواف الموسوي: "يجب أن يعمل حزب الله بحيث يشعر شيعة لبنان انهم بحاجة إلىه، ونحن يجب أن نستخدم كامل قدراتنا وإمكاناتنا لنصبح أقوى وأكثر تجذراً في طائفتنا، وحين تلتحم مصالح الشيعة بنا فإن ضعفنا سينعكس عليهم، لذلك سيدعموننا، يجب أن يستقر حزب الله في اطار الطائفة الشيعية، لأن وجوده في خارجها سيسهل ضربه.
لم يكن الحزب يحتاج إلى تقديم نموذج اسلامي بديل كما هي حال حماس في غزة، ولا نموذج معارضة ديمقراطية حيوية كما هي حال الأحزاب الإسلامية في تركيا ومصر وتونس والمغرب... الخ. وما عاد الحزب يمثل مقاومة وطنية ضد الاحتلال بعد عام 2000، وبالتحديد أكثر بعد حرب يوليو 2006 والقرار 1701. كما انه لم يعد يمثل معارضة شعبية من خارج الحكم بعد عام 2005، وبالتحديد أكثر بعد حركة 7 مايو 2008 المسلحة والاستيلاء على بيروت، واتفاق الدوحة الذي تلاها، بل صار الحزب فعلياً يمثل الطائفة الشيعية اللبنانية وهي في قمة صعودها وحيويتها وبحثها عن الحفاظ على مكتسباتها عبر تطوير قوتها.
اتفاقية الطائف:
وما بين العامين 1989 – 1991 شهد لبنان تطورات هامة ابرزها توقيع اتفاق الطائف وانتخاب إلىاس الهراوي رئيسا للجمهورية، ومن ثم إنهاء الحالة الاعتراضية التي كان يتزعمها العماد ميشال عون بعد حرب الخليج الثانية وطرد الجيش العراقي من الكويت، وقد كان لهذه التطورات تأثير مباشر على وضع “حزب الله”.
وأنهى اتفاق الطائف الحرب الاهلية في لبنان (1975-1990)، وأصبح جزءا من الدستور اللبناني ينص على تقاسم السلطة مناصفة بين المسيحيين والمسلمين وعلى التعايش بين الطوائف اللبنانية .
وقبلَ «حزب الله» الطائف من زاوية حماية المقاومة وخاض الانتخابات النيابية على هذا الأساس وشارك في أول حكومة ميقاتية، كما في آخر حكومة ميقاتية، على هذا الأساس، ومن هنا يسارع أحد قادة الحزب للقول ان الاهتمام بالشأن الداخلي ينطلق من مسؤولية شرعية وأخلاقية ووطنية تجاه جمهور أعطى ويعطي المقاومة ومسؤوليتنا لا بل واجبنا أن نهتم بشؤونه وقضاياه، كجزء من مهمة تحصين مجتمع المقاومة.
ومع ارتفاع الاصوات المطالبة بالغاء اتفاق الطائف، أكد النائب محمد رعد رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الله اللبناني ببيروت تمسك الحزب باتفاق الطائف باعتباره ميثاق توافق عليه اللبنانيون، مشددا في الوقت نفسه على أن اتفاق الدوحة ليس بديلا عنه.
وقال رعد ، إن حزب الله "لا يريد تعديل ميثاق الطائف لاننا نعتبره ميثاقا توافق عليه اللبنانيون، ونحن لا نعتبر اتفاق الدوحة بديلا عنه" مضيفا أن "ليس هناك سعي لإلغاء الفريق الآخر"، مشددا على الحرص على "الاستقرار وتداول السلطة في لبنان وترسيم خط وطني واضح فيه".
مشاركة حزب الله في الانتخابات:
شكل العام 1992 مفصلا مهما في وضع “حزب الله” بسبب استشهاد أمينه العام الثاني السيد عباس الموسوي في 16فبراير 1992 بعد أن قامت المروحيات الإسرائيلية بإطلاق الصواريخ على موكب الموسوي فقتلته مع زوجته أم ياسر ونجله الصغير حسين، فتم اختيار حسن نصر الله أمينا عاما ثالثا للحزب.
وعندما قررت الحكومة اللبنانية إجراء الانتخابات النيابية في شهراغسطس 1992، حصل نقاش موسع داخل قيادة الحزب بين المشاركة وعدمها، وكان الشيخ صبحي الطفيلي الامية العام العام للحزب ضد هذه المشاركة، فيما كان معظم قياديي الحزب موافقين عليها وجرى الحصول على فتوى شرعية من ولي الفقيه السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإيرانية، الذي أجاز المشاركة في الانتخابات.
وأدت الانتخابات إلى فوز مرشحي الحزب في البقاع والجنوب وبيروت وجبل لبنان وأصبح لدى الحزب كتلة نيابية من 12 نائبا ترأسها السيد ابراهيم أمين السيد، وبدأت مرحلة جديدة من عمل الحزب على الصعيد السياسي والاجتماعي والداخلي، كما خاض الحزب الانتخابات اللاحقة سنة 1996 وحصل على 12 مقاعد في ائتلاف انتخابي.
ومع إجراء الانتخابات البلدية في صيف العام 1998، بعد ثلاثة عقود على آخر انتخابات بلدية، وقد أبدى “حزب الله” اهتماماً خاصاً بهذه الانتخابات، لأن فوزه في المجالس البلدية سيوفر له الفرصة الأولى للمشاركة في السلطة التنفيذية في البلاد، وحقق فوزا لافتاً للانتباه. فقد فازت لائحته كاملة في مجلس بلدية “الغبيري”، التي تعد البلدية الثانية في لبنان من حيث المساحة والامكانيات المإلىة، ولم يفز أي مرشح من لائحة “أمل” في هذه المنطقة. واستطاع “حزب الله” كذلك في الجنوب، أن يخترق للمرة الأولى منطقة نفوذ نبيه بري التقليدية، وفاز بأكثرية الأصوات في المجلس البلدي لمدينة النبطية، كما فاز في منطقة البقاع أيضاً في مدينة الهرمل ومعظم المدن والقرى؛ لكن في بعلبك، لم ينجح سوى مرشحين في لائحته في بيروت الغربية، حيث حددت حصة الشيعة بعضوين.
انتخابات 2000:
ابرز ما يمز انتخابات عام 2000 انها جاءت بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب بشكل احادي، زشكل هذا الانسحاب عامل دفع قوية ومهمة لحزب الله والذي اعتبره انتصار له وللمقاومة، مما شكل له ارضية كبيرة له في الشارع اللبناني علي أعتبار انه يرفع راية المقاومة، مما اعطي له ثقل انتخابي كبير، وفر له حصادا انتخابيا قويا.
وساعد قانون الانتخابات الذي اقر من مجلس الوزراء اللبناني، وهو يعتبر تعديلا لقانون الانتخابات الذي اقر في 1996، جاءت التعديلات علي حجم الدوائر، لتقلل من فوز حزب الله وتفيد قائمة حركة امل والقوات اللبنانية.
واستطاع قائمة حزب الله في انتخابات عام 2000 علي الفوز بخمس مقاعد في البرلمان كما مانت عليه الاوضاع في 1992، منها 5 مقاعد في الجنوب، وو5 مقاعد في البقاع.
ونجح الرئيس رفيق الحريري في العودة إلى الحكم بعد أن أُقصي عام 1998 وبدأت تبرز الخلافات بين الحريري والرئيس أميل لحود، خصوصا مع اقتراب نهاية عهد لحود عام 2004 وبدء الحديث عن تمديد ولايته والتحضير للانتخابات النيابية في العام 2005. وبدأت تتشكل أطر جديدة للمعارضة (للتمديد) ضمت “لقاء قرنة شهوان” مع شخصيات إسلامية تحت اسم “لقاء البريستول” لكن السوريين اتخذوا القرار بالتمديد للحود واضطر الحريري للقبول به، فيما عارضه وليد جنبلاط وشخصيات أخرى، وصدر القرار الدولي الرقم 1559 الذي يدعو للانسحاب السوري وحل الميليشيات المسلحة ورفض التمديد للحود. وقد بدأت معركة سياسية جديدة ووقف “حزب الله” إلى جانب لحود وسوريا.
ودخل “حزب الله” ولبنان في أجواء سياسية مشحونة وصراعات داخلية، وكانت العلاقة بين “حزب الله” والرئيس رفيق الحريري قد شهدت أجواء إيجابية وكان هناك لقاءات خاصة بين الحريري والسيد حسن نصر الله للتنسيق لمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية في صيف العام 2005. لكن الامور اتخذت مسارا جديدا عبر عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 فبراير 2005 وبدء الصراع السياسي الجديد وانقسام لبنان إلى معسكرين ما بين 8 و14 آذار.
ما بعد الانسحاب السوري:
أدت خطوة الانسحاب العسكري والأمني السوري من لبنان بعد اغتيال الحريري إلى تغيير رؤية وإستراتيجية “حزب الله”، فبعد أن كان الحزب يحرص على إعطاء الأولوية للمقاومة، فإن الانسحاب السوري دفعه للاندفاع نحو الداخل والمشاركة للمرة الأولى في الحكومة اللبنانية التي تشكلت برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي بعد استقالة الرئيس عمر كرامي وتمثل الحزب بالوزير الدكتور طراد حماده.
وكانت مهمة هذه الحكومة التحضير للانتخابات النيابية، إذ عُقد ما يسمى “التحالف الرباعي” بين “حزب الله” وحركة “أمل” وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، وتم خوض الانتخابات على هذا الأساس في مواجهة التيار العوني.
وشارك حزب الله في الحكومة الجديدة برئاسة فؤاد السنيورة في صيف 2005 عبر وزير حزبي هو محمد فنيش، إضافة إلى الوزير طراد حماده. لكن بدأت تبرز الخلافات بين الحزب وحركة أمل من جهة، وتيار المستقبل وحلفائه من جهة أخرى حول قضية المحكمة الدولية وبعض القضايا الداخلية، مما أدى إلى التوقف عن المشاركة في جلسات الحكومة، ثم حصل الحوار الوطني الداخلي وعاد الوزراء الشيعة للمشاركة في حكومة السنيورة، لكن الخلافات السياسية بقيت قائمة إلى ان حصل عدوان يوليوز 2006 بعد قيام حزب الله بخطف عدد من الجنود الإسرائيليين خلف ما يسمى “الخط الأزرق”.
وبدأت تبرز الخلافات مجددا بعد أن اتخذ حزب الله قرارا بالحصول على “الثلث الضامن” في الحكومة. وبدأت التحركات والاعتصامات وتصاعد الأجواء السياسية الداخلية والتي توجت بأحداث 7 ماي2008 و”اتفاق الدوحة”، وتشكيل حكومة جديدة أعطي فيها لحزب الله وحلفائه ثلث أعضاء الحكومة، وبذلك يصبح شريكا في القرار السياسي.
أما الحدث المهم الآخر في مسيرة الحزب في هذه الفترة فكان اغتيال قائده العسكري والأمني الحاج عماد مغنية في دمشق في 12 فبراير 2008، واتهم الحزب الموساد الإسرائيلي باغتياله واعدا بالرد لاحقا.
وكان حزب الله وحلفاؤه يعولون على الانتخابات النيابية في 2009 للحصول على الأغلبية النيابية وتشكيل حكومة جديدة، لكن نتائج الانتخابات جاءت مفاجئة للتوقعات وحصلت قوى 14 مارس على 71 مقعدا نيابيا وتم تكليف زعيم تيار المستقبل سعد الحريري بتشكيل الحكومة، فأراد تشكيل حكومة وحدة وطنية بشرط عدم إعطاء “الثلث الضامن” لحزب الله وحلفائه، لكن تم التوصل إلى حل عبر ما يسمى “الوزير الملك” وهو الوزير الدكتور عدنان السيد حسين الذي اعتبر من حصة رئيس الجمهورية لكنه اختير بموافقة حزب الله وحركة أمل. وكان المفروض أن تنجح هذه الحكومة في معالجة الأوضاع الداخلية لكن الخلافات برزت مجددا خصوصا حول المحكمة الدولية والقرار الظني وشهود الزور. وبدأت تبرز معطيات جديدة داخليا بعد تغير مواقف وليد جنبلاط واقترابه من سوريا وحزب الله وأمل.
وكان التطور الأخطر استقالة وزراء أمل والتيار العوني وحزب الله والوزير عدنان السيد حسين من الحكومة في فبراير 2011 بالتزامن مع دخول سعد الحريري إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما، مما أدى إلى سقوط حكومة سعد الحريري وتكليف الرئيس ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة أُعلن عنها في 20 يونيه 2011، وبذلك وصل الحزب إلى أقوى موقع سياسي وشعبي منذ تأسيسه في 1982.
وثمة مقاربة تفصيلية حزبية من الوضع الحكومي إلى اللجان النيابية والعلاقة بين اطراف الاكثرية الجديدة وصولا إلى المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وملف التعيينات الادارية وغير ذلك من القرارات الحكومية حيث تم وضع إلىات للمتابعة تشارك فيها جميع اجهزة الحزب وصولا لاتخاذ القرار المناسب.
انتخابات 2009:
جرت هذه الانتخابات في جو من الانقسام السياسي الحاد بين قوي 14أذر وقوته الأبرز الممثلة بتيار المستقبل وقاعدته السنية الضخمة، يقابلها في تحالف 8أذر "حزب الله" وقاعدته الشيعية المنظمة والمتماسكة. وبقي الحزب حرصا علي حلفه مع "حركة امل" وهو في هذا التحالف ضمن الاقتسام المتوازي للتتمثل الشيعي في البرلمان.
وكان “حزب الله” وحلفاؤه يعولون على الانتخابات النيابية في العام 2009 للحصول على الأغلبية النيابية وتشكيل حكومة جديدة، لكن نتائج الانتخابات جاءت مفاجئة للتوقعات وحصلت قوى 14 آذار على 71 مقعدا نيابيا وتم تكليف زعيم تيار المستقبل سعد الحريري تشكيل الحكومة، فأراد تشكيل حكومة وحدة وطنية بشرط عدم إعطاء “الثلث الضامن” لـ”حزب الله” وحلفائه، لكن تم التوصل إلى حل عبر ما يسمى “الوزير الملك” وهو الوزير الدكتور عدنان السيد حسين الذي اعتبر من حصة رئيس الجمهورية لكنه اختير بموافقة “حزب الله” وحركة “أمل”. وكان المفروض أن تنجح هذه الحكومة في معالجة الأوضاع الداخلية لكن الخلافات برزت مجددا وخصوصا حول المحكمة الدولية والقرار الظني وشهود الزور. وبدأت تبرز معطيات جديدة داخليا بعد تغير مواقف وليد جنبلاط واقترابه من سوريا و”حزب الله” و”أمل”.
وكان التطور الاخطر قيام وزراء “أمل” والتيار العوني و”حزب الله” والوزير عدنان السيد حسين بالاستقالة من الحكومة في فبراير 2011 بالتزامن مع دخول سعد الحريري إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما وسقوط مسعى “السين سين”، مما أدى إلى سقوط حكومة سعد الحريري وتكليف الرئيس ميقاتي تشكيل حكومة جديدة أُعلن عنها في 20 يونيه2011، وبذلك وصل الحزب إلى أقوى موقع سياسي وشعبي منذ تأسيسه في العام 1982.
حزب الله و14 اذر واغتيال الحريري:
تحالف 14 اذر اسسه رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري، مطلع العقد التاسع من القرن الماضي، ويقوده حإلىاً نجله سعد الدين، رئيس تيار المستقبل، يرتبط تيار المستقبل بشبكة علاقات وطيدة مع الدول العربية المصنفة في خانة "الاعتدال"، وفي مقدمتها السعودية ومصر، إلى جانب دول غربية بينها فرنسا والولايات المتحدة. وقد ساءت علاقته كثيراً بكل من سوريا وإيران بعد اغتيال الحريري.
واختلفت العلاقات بين الحزب و14 اذر من الهدوء والتوتر، وتاتي عملية اغتيال الحرير لصنع فجوة كبيرة بين حزب الله وقوي 14 اذر وخاصة تيار المستقبل
فعملية اغتيال الحرير وضعت الحزب امام اتهامات عدة، وأتهمت المحكمة الدولية المكلفة النظر في قضية أغتيال الرئيس رفيق الحريري حزب الله في التورط والضلوع في اغتيال الرئيس الحريري وذلك بالتنسيق مع بعض قادة الجيش السوري، وأصدرت المحكمة الخاصة بلبنان مذكرات توقيف غيابية بحق أربعة عناصر من حزب الله لتورطهم في اغتيال الحريري، وهم مصطفى بدر الدين (52 عاماً) وسليم عياش(50 عاما) وحسين عنسي (39 عاماً) وأسعد صبرا (37 عاماً).
ويعتبر مصطفى بدر الدين هو شقيق زوجة (القيادي في حزب الله) عماد مغنية (الذي اغتيل في 2008 في دمشق)، وعضو المجلس الجهادي وقائد العمليات الخارجية في الحزب. وبحسب المذكرة، هو من خطط واشرف على تنفيذ العملية التي استهدفت رفيق الحريري".
سليم العياش "هو أحد كوادر حزب الله، وبحسب مذكرة التوقيف هو مسؤول الخلية المنفذة للاغتيال ومشارك في التنفيذ". اما اسد صبرا وحسين عنيسي (من موإلىد 1974)، فمتهمان ب"التواصل مع أبو عدس واخفائه في مرحلة لاحقة". واحمد أبو عدس هو من اتصل بقناة "الجزيرة" بعد اغتيال الحريري في عملية تفجير في 14 فبراير 2005 لتبني العملية.
وفي 16 يناير 2014 بدأت محكمة دولية خاصة في لاهاي محاكمة أربعة أشخاص بتهمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. وقال القاضي ديفيد ري، رئيس المحكمة "نعقد الجلسة إلىوم للاستماع إلى البيانات الافتتاحية للادعاء." وتحاكم المحكمة أربعة يعتقد أنهم أعضاء في حزب الله اللبناني غيابيا لتعذر القبض عليهم.
وينفي حزب الله بشدة أي دور له في اغتيال الحريري. ويعتبر الحزب، في بياناته الرسمية، الحادث عملية إرهابية، مطالبا بمحاسبة ما يسميهم القتلة الحقيقيين.
كان الحريري و22 آخرين قتلوا في تفجير هائل بسيارة مفخخة بوسط العاصمة اللبنانية بيروت في 14 فبرير عام 2005. وأدت العملية إلى حالة استقطاب حاد في لبنان وساهم في انسحاب الجيش السوري من لبنان.
وقال المدعي العام للمحكمة الدولية نورمان فايل إن " بدر الدين وعياش متهمان بمراقبة الحريري قبل يوم التفجيرفي عيد العشاق بينما العنسي وصبرا ضللوا مجرى العدالة. وشكلت المحكمة الخاصة للبنان في عام 2009 بناء على دعوات حكومات غربية والحكومة اللبنانية.
وشهد لبنان بعد مقتل الحريري سلسة من الاغتيالات السياسية وأعمال عنف، وكان آخرها قتل محمد شطح مستشار رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الدين الحريري في 27 ديسمبر 2013. ويعد شطح من إحدى الشخصيات المناهضة للنظام السوري.
ولكن مع مرور الوقت وفي ظل علاقات حزب الله المتشعبة الداخلية والخارجية استطاع حزب الله ان يخرج من ازمة اتهامات باغتيال حزب الله فحتي الأن لم يتم توقيف أي من المتهمين ال4 من عناصر حزب الله، فيما يخوض الحزب حرب خارجية عليالاراضي السورية وداخلية ضد جبهة النصر ة بالإضافة إلى تراجع شعبية الحزب بين الشعب اللبناني، مع استمرار ازمة الشغور الرئاسي، ومحاولا التمديد للمجلس النيابي "البرلمان".
فالحزب يقرأ تداعيات المحكمة باعتبارها موجهة للمقاومة وللطائفة الشيعية ذاتها؛ ولذا فإن تفاعلات حزب الله السياسية تكون على القدر ذاته الذي يتصور الحزب أنه يمس وضعه في الجنوب اللبناني وسلاحه.
ورفض السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله، كل ما يصدر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والناظرة في جريمة اغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني السابق واصفا هذه المحكمة بأنها أمريكية - إسرائيلية " .
واعتبر نصر الله، أن كل ما يصدر عن المحكمة الدولية من اتهامات باطلة او احكام باطلة نعتبرها عدوانا علينا وعلى مقاومينا وعلى شرفاء هذه الامة ولم نسمح لها بإضعافنا والنيل من إرادتنا وكرامتنا ".
وقال "لن نسمح للمحكمة بإضعافنا ولا بالنيل من كرامتنا ولن نسمح لها أن تجرنا إلى الفتنة السنية - الشيعية او إلى حرب أهلية" معتبرا ان "المظلوم معنا هو العدالة والحقيقة ورفيق الحريري".
وفي الاسابيع الاخير شهدت العلاقات بين تيار المستقبل، الممثّل الأساسي لفريق 14 آذار، وخصمه "حزب الله" القائد الأساسي لفريق 8 آذار، هبوطاً مفاجئاً خلال نهاية الأسبوع الماضي، بعد أن ألقى الوزير الممثل لتيار المستقبل في الحكومة والمعروف نسبياً بمواقفه المعتدلة، بخطاب صدامي على نحو مفاجئ، وذلك في الذكرى السنوية الثانية لاغتيال رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي وسام الحسن، التي صادفت السبت 18 اكتوبر.
فقدهاجم وزير الداخلية نهاد المشنوق، أحد المسؤولين الخمسة من تيار المستقبل الذين دخلوا في تحالف غير مستقر مع "حزب الله" في الحكومة التي تشكّلت في شباط 2014، الحزب الإسلامي الشيعي الذي بنى معه مؤخراً علاقات أوثق، متهماً إياه بالتمتّع بـ"حصانة من محازبيه"، في الوقت نفسه الذي يستخدم فيه نفوذه على الجيش والقوى الأمنية للسيطرة بشكل محكم على خصومه المسلمين السنّة. وشبّه المشنوق كذلك لبنان بالعراق، حيث عمّق التحيّز المزعوم للمؤسسات والموجّه ضد الطائفة السنية، الانقسامات الطائفية، واعتُبر السبب الرئيس لتسهيل استيلاء جهاديي داعش على المنطقة الشمإلىة الغربية من البلد.
"لن نقبل تحويلنا إلى قادة صحوة لبنانيين، على غرار الصحوات العراقية، متخصصين في فرض الأمن على جزء من اللبنانيين، في حين يتمتّع الجزء الآخر بـ"حصانة من محازبيه""، قال المشنوق، مستخدماً تعبيراً استُخدم للقوات السنية التي حاربت مقاتلي القاعدة بنجاح في غرب العراق بعد الألفين. وأضاف أنّ سلوك حزب الله "يزيد مشاعر الظلم والإحباط، والتي بدورها تزيد التطرّف".
وسارع "حزب الله" إلى الرد، حيث قال وزير الدولة للشؤون النيابية محمد فنيش إنّ المناطق التي يتمتع فيها الحزب بدعم أعفيت لأنه لم يكن فيها "تكفيريون ومجموعات إرهابية".
وأدّت الحرب الكلامية هذه إلى التكهن ببدء مرحلة جديدة من الخلاف بين الخصوم من فريقي 14 و8 آذار، حيث نشرت صحيفة "الأخبار" الموإلىة لـ"حزب الله" مقالة، الإثنين، بعنوان "خطاب المشنوق: أول غيث التصعيد المستقبلي".
ولذك تبقي العلاقات بين حزب الله وقوي 14 اذار هي علاقات في اغلبها متوتر او غير هادئ نظرا لطبيعة الايدلوجية القائمة عليها الحزب، وفي ظل ارتباطاته الخارجية مع إيران وسوريا، والتي يوصف محور المقاومة فيما تعتبر قوي 14 اذر محسوبة علي محور الاعتدال والمنافسة لمحور المقاومة.
حزب الله وازمة "عرسال" والشغور الرئاسي:
يلعب حزب الله دورا كبيرا في تصاعد ازمة اختطاف عسكريين من الجيش اللبناني – المعروفة اعلاميا بأزمة عرسال- من قبل جماعات متشدد و"جبهة النصرة" الارهابية وبدت أزمة عرسال وكأنها أخذت اللبنانيين على حين غرة، فقد استنفرت الحكومة مجتمعة بدعم كامل من كل القوى السياسية المشاركة فيها من أجل الوقوف إلى جانب الجيش اللبناني وتقديم الدعم الكامل له في المواجهة مع المسلحين السوريين.
فما يجري في عرسال حإلىاً ليس أمراً طارئاً على الساحة اللبنانية، بل هو نتيجة مسار أمني وسياسي على امتداد سنوات الأزمة السورية تورط فيه «حزب الله» وباقي حلفاء سوريا في لبنان بحجة حماية لبنان واللبنانيين من خطر «الجماعات الإرهابية والتكفيرية» التي تقاتل النظام السوري.
وهذا يعني بصراحة ان الحكومة اللبنانية إن لم تحسن قراءة ما يجري بدقة فإنها بتبنيها الحل الأمني والعسكري فقط لما يجري في عرسال ولما قد يجري لا سمح الله في مناطق لبنانية أخرى تكون مسهمة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في خراب لبنان.
وما يجري في عرسال كما يعرف الجميع له أسباب وخلفيات محلية وإقليمية، وهذا ما يجعل كل الحلول السياسية والعسكرية قاصرة وغير ذي جدوى، حتى لو سيطر الجيش اللبناني على عرسال.
فعرسال مفتوحة على الحدود مع سوريا، والمعركة هناك مفتوحة على جبهة تصل إلى الموصل، ما يعني ان الوضع سوف يبقى مشتعلاً وان لبنان سيدخل في الأتون الإقليمي المتفجر في المنطقة. لذا إن أي معالجة سياسية وأمنية يجب أن تأخذ هذا الأمر في الاعتبار بعيداً عن شعارات الدعم للجيش اللبناني الذي هو محل اجماع اللبنانيين.
وهناك أكثر من مليون من السوريين في لبنان غالبيتهم العظمى تعتبر حزب الله عدواً لكنهم مضطرون للبقاء في لبنان لعدم وجود بديل، وهذا الاحتقان بين الطرفين يهدد الوضع بالانفجار في أي لحظة،الامور تشير إلى ان الوضع الاقليمي الذي ازداد تعقيدا بسبب هذه الحرب المجهولة الاهداف حتى الآن، يحمل وجهين متناقضين: وجه الصراع الاستراتيجي بين رافضي الحرب وبين مؤيديها، ووجه التقارب الحاصل بين إيران من جهة والسعودية ودول الغرب من جهة اخرى.
ياتي ذلك في ظل الشغور الرئاسي في لبنان وعدم انتخاب البرلمان اللبناني رئيس للجمهورية، وهو الدور الذي يلعبه قوي 8 اذر بقيادة حزب الله والتي تفضل ان يكون " ميشيل عون" مرشحا رئاسيا او تبقي لبنان بدون رئيس.
ياتي ذلك مع استمرار تطبيق الجيش اللبناني القرار السياسي لمجلس الوزراء بفصل عرسال عن المرتفعات، بينما يتمسك المسلحون بإبقاء الممرات مفتوحة، مع العلم أن هؤلاء يسيطرون على المؤن والوقود من أجل أعمالهم العسكرية على حساب اللاجئين وأهإلى عرسال. وقد تنتهي هذه الاجراءات بتجريد عملية عسكرية واسعة داخل عرسال لتحريرها من قبضة المسلحين، وهذا لا يتم من دون التنسيق العسكري مع السلطات السورية التي تضغط عسكريا ايضا على المسلحين من الجرود المتاخمة لحدودها مع لبنان».
وتعول أكثر من جهة لبنانية على امكان حصول تقارب جدي "إيراني – سعودي"، لحل الخلافات المتراكمة في أكثر من ملف من العراق إلى إلىمن، وصولا إلى لبنان. وتتوقع مصادر وسطية أن يبقى الوضع السوري مفتوحا على المجهول وذلك تبعا لقدرة السلطات السورية على تثبيت مواقعها اكثر عسكريا وسياسيا أو لقدرة المعارضة على استثمار التدخل الخارجي ضد النظام وهو أمر يبدو أنه صار صعب المنال.
حزب الله وعلاقاته الخارجية
يتثمل في علاقة حزب الله بالقوي السياسية والدول الاقليمية خارج لبنان، وخاصة ما يسمي بمحور المقاومة، فيما يتبني ايدلوجية شبه عدائة لدول محور الاعتدال وخاصة المملكة العربية السعودية.
علاقة حزب الله بإيران:
العلاقة بين حزب الله وإيران يتداخل فيها البعد السياسي والديني، فبعض اللبنانيين الشيعة الذين يمثلون كوادر حزب الله تربطهم بالمرجعيات الدينية الإيرانية روابط روحية عميقة، ويعتبر مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي أكبر مرجعية دينية بالنسبة لهم. ويسمى أمين عام حزب الله حسن نصر الله "الوكيل الشرعي لآية الله خامنئي".
والدعم المادي والعسكري والسياسي والإعلامي الإيراني لحزب الله واضح لا لبس فيه، وإن كان يصعب تحديد حجمه، وهناك جهات إيرانية عديدة تعمل في حزب الله: حراس الثورة، وزارة الخارجية، مؤسسة الشهيد، وزارة الإرشاد الإسلامي، وزارة الداخلية، الأجهزة الأمنية الاستخباراتية.
وكشف تصريحات المسؤولين الإيرانيين طبيعة العلاقة وتاتي اهم هذه التصريحات ما ذكره السفير الإيراني الأسبق في سورية والأب الروحي لحزب الله علي أكبر محتشمي بور، والذي عمل سفيرا في دمشق بين 1982ـ1985 في مقابلة مع صحيفة «شرق الإيرانية» بتاريخ 3ـ8ـ2008 إن حزب الله «شارك جنبا إلى جنب مع الحرس الثوري الإيراني في الحرب الإيرانية ـ العراقية.. وقال محتشمي ما نصّه: «جزء من خبرة حزب الله يعود إلى التجارب المكتسبة في القتال وجزء آخر من التدريب.. إن حزب الله اكتسب خبرة قتإلىة عإلىة خلال الحرب الإيرانية ـ العراقية، بحيث كان رجال الحزب يقاتلون ضمن صفوف قواتنا أو بشكل مباشر». وقال في المقابلة أيضا: «بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، تراجع الإمام الخميني عن فكرة إيفاد قوات ضخمة إلى لبنان وسورية، بعبارة أخرى بعد أن حطت الطائرة الإيرانية الخامسة في دمشق التي نقلت وحدات من الحرس والبسيج ولواء ذو الفقار الخاص (الخالدون في عهد الشاه)، عارض الإمام الخميني إرسال مزيد من القوات، وكنت وقتذاك سفيرا في سورية، وأعيش قلقا حقيقيا حيال مصير لبنان وسورية، ولهذا ذهبت إلى طهران وقابلت الإمام الخميني، فيما كنت متأثرا ومتحمسا لفكرة إرسال القوات إلى سورية ولبنان، بدأت بالحديث عن مسؤولياتنا وما يدور في لبنان، إلا أن الإمام هدأني، وقال إن القوات التي قد ترسلها إلى سورية ولبنان لا بد أن يكون لها دعم لوجيستي كبير، والمشكلة أن طرق الإسناد والدعم تم عبر العراق وتركيا، والأول في حرب شرسة معنا، والثاني عضو في الناتو ومتحالف مع أميركا.... إن الطريق الوحيد هو تدريب الشبّان الشيعة هناك، وهكذا ولد حزب الله». ووفقا لمحتشمي، فإن أكثر من 100 ألف شاب تلقوا تدريبات قتإلىة منذ تأسيس حزب الله في لبنان، بحيث كانت كل دورة تدريب تشمل 300 مقاتل).
تصريحات الدبلوماسيين الإيرانيين توضح علاقة حزب الله بإيران منذ التأسيس وحتي الان، فطهران عمدت دائما إلى تقديم الدعم العسكري واللوجستي، والمخابراتي من اجل تقوية وتمكين الحزب في إيران من اجل المقاومة والتي ظل كثيرا حتي نشوب الأزمة السورية وبداية الصراع المسلحة في سوريا.
ويقول هاشمي رفسنجاني الرئيس الإيراني السابق ورئيس مجمع تشخيص النظام والرجل القوي في إيران: تعتقد إيران أن مساعدتها لحزب الله في لبنان "واجب مذهبي وثوري" وأنها سوف تستمر في دعمه طالما ظلت أراضيه محتلة أو "مهددة" وأنها مع تقديرها للمواقف الشجاعة لشعب لبنان وحكومته في دعم جبهة المقاومة أمام محاولات التوسع للنظام الصهيوني تؤكد استمرار دعم إيران للمقاومة الشعبية في لبنان.
و قامت إيران بالتكفّل بجميع احتياجات الحزب المإلىة و التي بلغت عام 1990 بثلاثة ملايين دولار ونصف المليون حسب بعض التقديرات, وخمسين مليون عام 1991، وقُدِّرت بمائة وعشرين مليوناً في 1992، ومائة وستين في عام 1993, وتشير بعض المصادر إلى ارتفاع ميزانية '''حزب الله'' في عهد الرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني إلى 280 مليون دولار. هذه الميزانيّة الكبيرة جعلت الحزب يهتم فقط بالاوامر التي تملى عليه دون التّدخل في نزاعات داخلية ضيّقة و ساعدته على توسيع قاعدته المقاتلة و الشعبية فاشترى ولاء الناس و حاجتهم و ضمن ولاؤهم و اخلاصهم له فهم منه و هو منهم.
فـعقـب تولي رفسنجاني رئاسة الجمهورية عبَّر عن رفضه فرض الثورة على المسلمين خارج إيران، بـيـنـما طالب الحركات الإسلامية خارج إيران باتخاذ الثورة الإيرانية قدوة ومثالاً لها، وبالـسـعـي لإيــصــــال صوت الثورة إلى الناس؛ وأضاف أن إيران ستصدر أفكارها في القوانين الدولية.
والـواقـــــع أن التحول نحو السياسة البراجماتية داخلياً وخارجياً قد ارتبط ـ في جزء من دوافعه ـ بانتهــاء الحرب مع العراق والإحساس بالاختناق الاقتصادي وبالحاجة للانفتاح على العالم، خاصة اجتذاب استثمارات الغرب وتكنولوجيته لإعادة تعمير إيران مما تطلَّب اعتدالاً في السياسة الخارجية.
ومنذ عام 1986م كانت إيران قد بدأت تمارس ضغوطاً على التنظيمات المسلحة الموالية لها في لبنان للإفراج عن الرهائن الغربيين مقابل تحقيق مصالح وأهداف "للثورة الأم" في إيران.
ومارست إيران ضغوطاً على حزب الله لضبط النفس عقب اختطاف "إسرائيل" في 29-7-1989م للشيخ عـبـد الـكـريـم عبيد، أحد قياديي حزب الله في الجنوب اللبناني، وعدم الإصرار على استبداله برهائن غـربـيـيـن خــــلال صفقات لاحقة بين إيران والدول الغربية، وكذلك الشيء نفسه بعد اغتيال "إسرائيل" للشيخ عباس الموسوي زعيم حزب الله في هجوم بالهليكوبتر في فبراير 1992م ـ فأين الانـتـقــــام للشهداء؟! كما ساهمت إيران في إقناع حزب الله بالانضمام للهجوم الشامل ـ بالتعاون مــع سورية ـ ضد العماد ميشيل عون في بيروت الشرقية في 14-8-1989م.
وتشير التقديرات تشير إلى أن «حزب الله» يتلقى ما بين 100 مليون و 200 مليون دولار سنوياً من إيران ومصادر إضافية من سوريا.
ويمكن لحــــزب الله أن يظل أحد مصادر التأثير السياسي لإيران، وهذا هو أحد الأسباب التي جعلت طـهـــــران تشجعه على التفكير في أدائه المستقبلي. وبغض النظر عن الجانب الأيديولوجي والترابــط العـضـوي؛ فإن حزب الله اللبناني يمثل حالياً رافعة هامة لسوريا التي تعد أحد أهم اللاعبين الرئـيـسـيـين في منطقة الشرق الأوسط، والتي تعد إيران بحكم التعريف الجغرافي ليست جزءاً منها.
ولهذا فقد كان التحول إلى وجه آخر وتبديل السياسات أمر لا مفر منه لحزب الله(.
إن الاتـجــاه الأكبر داخل حزب الله مدرك للحاجة إلى التكيف مع وقائع التسوية الممكنة بين "إسرائيل" وكل من سورية ولبنان، ولقيود السعي لبسط الحكم ذي النمط الذي يدعو إليه في البلد الأكــثـر تـنـوعـــاً من حيث الطوائف والأديان في المنطقة. وقد انعكس هذا في استعداد حزب الله للمشاركة فـي الــنـظــــام السياسي اللبناني، بالإضافة إلى إظهار رغبة الحزب بالالتزام بقوانين النظام السياسي اللبناني المنبعث مجدداً ونقل نشاطاته السرية إلى مجال غير موجه ضد الدولة بحد ذاتها.
إن نقـلــة من هذا النوع في سياسة "حزب الله" وموقفه تعتمد كثيراً على توازن الآراء ضمن الحركة والـمـوقــف النهائي الذي تتخذه إيران، إضافة إلى موقف حزب الله مع سورية.
وتتمتع القيادة الرسـمـيـــة لحزب الله، بما فيها الأمين العام الحالي الشيخ حسن نصر الله بعلاقات جيدة مع كل مــن سورية وإيران، ومن المرجح أن تستجيب لمتطلبات وحساسيات الأولى بقدر استجابتها لمتطلبات وحساسيات الأخيرة.
علاقة حزب الله وسوريا:
بدون «ممر سورية» لم يكن من الممكن لإيران تحويل «حزب الله» من مجرد فكرة إلى كيان سياسي وعسكري واقتصادي وثقافي مستقل بذاته، هذه تلخص بشكل قوي علاقة حزب الله بسوريا، فدمشق كانت الحجر الاساسي الذي اسس حزب الله، وليس من المبالغة القول ان كل المشاريع بين حزب الله وإيران كانت تنطلق عبر دمشق وجعل له مكانته القوية، والتي لعب الرئيس السوري السابق حافظ الاسد دورا في تأسيسيه ودعمه عبر استقبال المسؤولين الإيرانيين وتوصيل السلاح والتدريب للحزب في لبنان، وهو ما جعل الحزب يقف بكل قوته وراء بشار الاسد في الصراع المسلح الذي اندلع عقب تظاهرات رافضه في 2011.
وقد سعت سوريا للاهتمام بحزب الله اهتماما خاصّا و هيأت له جميع المتطلّبات لاحتكاره العمل العسكري و استثنته من تطبيق بند اتّفاق الطائف القاضي بحل المليشيات العسكرية و سحب سلاحها و أمّنت له الدعم السياسي و الغطاء الاقليمي و ساهمت في تدريب العديد من عناصره. و اعتبر هذا الدور امتداد للتحالف السوري الإيراني, حيث رأت سوريا في إيران حليفا استراتيجيا خاصّة اثر العداء المستحكم بين البعث السوري و البعث العراقي
فمثلا عندما أرادت إيران ان تدعم مطالب حزب الله لبناء محطة المنار الفضائية، لم تتدخل بشكل مباشر بل عبر دمشق. ويروي عبد الحليم خدام المسؤول السابق ملف لبنان في دمشق طوال سنوات عمله كنائب للرئيس السوري حافظ الأسد، القصة بقوله «كان هناك اتفاق بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة رفيق الحريري رحمه الله على اعطاء عدد من الرخص لانشاء محطات تلفزيونية، محطة لنبيه بري، ومحطة لرفيق الحريري، محطة ال بي سي، ومحطة للدولة اللبنانية، اي 4 او 5 محطات، وتم الاتفاق بينهم على أن لا يعطوا حزب الله محطة تلفزيونية، فتم اتصال من الرئيس الإيراني انذاك هاشمي رفسنجاني مباشرة بالرئيس حافظ الأسد وطلب انشاء محطة لحزب الله، وبالتإلى طلبت سورية من رفيق الحريري الموافقة على اعطاء حزب الله الترخيص وتسهيل الموضوع.. بناء المنار كان واحدة من الخطوات التي عززت استقلإلىة حزب الله على الساحة للبنانية».
لم يكن هناك من يراهن على موقف مختلف لحزب الله اللبناني تجاه الأحداث الجارية في سوريا، فالعلاقة الوثيقة بين الحزب ونظام بشار الأسد تجعل مساحة المناورة أمامه معدودة، حيث شكلت دمشق –دومًا- ممرًّا لعبور أسلحة وتجهيزات الحزب القادمة من إيران، كما أن الدعم السياسي الذي يوفِّره نظام الأسد، الأب ثم الابن، يعد ركيزة أساسيَّة لنفوذ "حزب الله" على الساحة اللبنانيَّة، حيث ما زال السوريون اللاعب الأبرز هناك، رغم انسحاب قواتهم عقب اغتيال الحريري.
بيْد أن كل ذلك انقلب رأساً على عقِب مع الانخراط الشامل للحزب في الحرب السورية. في البداية، أقنع الحزب جمهوره بأنه ذهب إلى سوريا لحماية القُرى الشيعية ذات الأصل اللبناني فيها. ثم زاد على هذا المبرِّر، مسألة حماية مقام السيدة زينب في دمشق وبقية المقامات الدينية الشيعية فيها، قبل أن يُعلِن السيد حسن نصر الله بصريح العبارة في عام 2013، وعقب لقاء مفاجئ مع مرشد الثورة الإسلامية في إيران آية الله خامنئي، أنه قرّر خوْض المعركة بشكلٍ علني وشامل، دعماً لنظام الرئيس بشار الأسد. ولم يكتفِ نصر الله بذلك، بل أرفقه بتقديم وعْد إلى قاعدته الشعبية بـ "تحقيق النصر هناك" في وقت قريب.
بيْد أن الحزب كان يعلَم أو كان يجب أن يعلَم، أنه دخل نفَقاً بِدَهإلىز تكادُ لا تنتهي وبأن الكلفة ستكون باهظة، يُقال أنها تخطّت آلاف القتلى والجرحى (حتى الآن) في صفوف مقاتليه. كان التصوّر أن زجّ قوات الحزب بأرقام غير معروفة تتراوح بين 5 آلاف إلى 20 ألف مقاتل ومسلّح وإداري في الأتون السوري، سيقتصر على توفير الحماية للنظام السوري في جبهة الحدود مع لبنان، يستأنف بعدها الحزب العمل كالمعتاد كحركة مقاومة ودرع رادع لجبهة الممانعة الإيرانية – العراقية - السورية.
لكن يتّضح الآن مدى الخطأ الإستراتيجي لهذا التقدير. فالنظام السوري، وعلى رغم الدّعم الإيراني الهائل له مإلىاً (20 مليار دولار سنوياً على ما يقال، تتضمّن كل رواتب موظفي الدولة السورية)، وعسكرياً (عشرات آلاف المقاتلين الشيعة من لبنان والعراق وإيران وباكستان وأفغانستان.. إلخ)، فقَـدَ أكثر من نِصف الأراضي لصالح المعارضة المسلحة ومعها كل الحدود السيادية مع تركيا والعراق والأردن، ما عدا لبنان، واتّضح عجزه الإستراتيجي الواضح عن فرض حلوله الأمنية.
علاقة "حماس" و"حزب الله":
جاء تأسيس حزب الله وحركة حماس تقريبا في وقت واحد، فقد تأسس حزب الله رسميا في 1985، رغم انه كام هناك العديد من العمليات والظهور الاعلامي باسم زب الله كان في 1982، فيما اعلن الشيخ أحمد ياسين بعد حادث الشاحنة الصهيونية في 6 ديسمبر1987م، تأسيس حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وهو ما أمر يلفت النظر في توقيت تأسيس التنظيمي، ومرت العلاقات بين الجانبين بثلاث مراحل.
المرحلة الاولي بدأ العلاقات مع بداية تأسيس حكرة حماس وحتي 2011، وهي التي شهدت تنسيق كامل بين حزب الله وحركة حماس، باعتبار الطرفين يخوضان حربا مقاومة ضد العدو الإسرائيلي، وكانت العلاقات بين الجانبين قوية جدا، وعى مدار سنوات عديدة، أقامت “حماس″ علاقات قوية ومتينة مع حزب الله، ضمن ما كان يعرف قبيل اندلاع ثورات الربيع العربي، بـ “محور الممانعة” الذي كان يضم إيران وسوريا وحزب الله اللبناني وحركة حماس، في مقابل “محور الاعتدال” الذي كان يضم مصر (في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك 2011)، والسعودية والإمارات، والأردن.
ف«حزب الله» وحماس وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، كانت حلقة في محور ما سمي حينها بمحور الممانعة العربي، بقيادة إيران الخمينية، وخدمات النظام الأسدي «الممانع» في سوريا. وتجلى هذا الاندماج في كون مقرات حركة حماس في دمشق، وتضافر حماس والجهاد الإسلامي مع «حزب الله» والدعاية الإيرانية في كل المحطات، وكانت دعاية الممانعين السلبية مصوبة ضد ما سمي بمحور الاعتدال، وفي مقدمه مصر والسعودية والأردن والمغرب
ولكن عقب اندلاع التظاهرات ضد الرئيس السوري بشار الاسد، وبدأ الصراع المسلح بين الفصائل السورية المقاتلة، والجيش العربي السوري، في عام 2011، ورفض “حماس″ تأييد نظام بشار الأسد، وتّر العلاقات بينهم، إلى أن وصلت لقطيعة تامة بين “حماس″ وسوريا، وشبه قطيعة بينها “حزب الله” اللبناني وإيران.
وتأتي المرحلة الثانية والتي بدات مع القطعية بين الجانبين حتي العدوان الإسرائيلي علي غزة في صيف 2014، وهي الفترة التي كانت متوترة بين الجانبين فقد كانت الايدلوجية هي الفصيل العمل بين حزب الله وحماس حيث ان حزب الله بتكوين الشيعي كان إلى جانب الرئيس السوري بشار الاسد باعتباره حليف استراتيجي وعضو مهم في محور الممانعة، فيما حماس ايد نظام الرئيس المصري السابق عضو جماعة الاخوان المسلمين محمد مرسي، والذي اعلن الجهاد ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد، وهو ماادي إلى تراجع العلاقات بين الجانبين لادني مستوياتها،
وعلى الرغم من أن الجماعة حاولت الحفاظ على مظهر الحياد إلا أن كبار قادة الحركة كانوا يحاولون الكشف عن مواقفهم الحقيقية. ففي فبراير 2012، ألقى رئيس حكومة حماس في غزة اسماعيل هنية، خطاباً عاطفياً في الأزهر الشريف في القاهرة، حيث أثنى على «الشعب السوري البطل الذي يناضل من أجل الحرية، والديمقراطية، والإصلاح» في الوقت الذي كان الحضور يصرخون بشعارات تقول «لا لحزب الله ولا لإيران».
لكن حزب الله الذي كان يحاول تجنب القطع العلني للعلاقات مع حماس، رفض ان يستنكر قرار الحركة بمغادرة سورية وأصدر قراراً داخلياً يمنع المتحدثين باسم الحزب من انتقاد نظرائهم الفلسطينيين. ولكن الحزب بدأ يصور الانتفاضة السورية باعتبارها مؤامرة تم التخطيط لها من قوى خارجية تهدف إلى اضعاف المقاومة لإسرائيل.
وسارع الامين العام لحزب الله حسن نصرالله، إلى تذكير الفلسطينيين بأنه خلال حرب إسرائيل على لبنان عام 2006 وعملية الرصاص المصهور في (2008-2009) زودت سورية المنظمتين بالسلاح في الوقت الذي رفضت أي دولة عربية القيام بذلك. ومع ذلك ازدادت العلاقة توتراً بين الطرفين خصوصاً بعد دخول الحزب إلى بلدة القصير من أجل إخراج المعارضين منها. واتهم الحزب حركة حماس بأنها تشارك المقاتلين السنة في القتال ضد الحزب والنظام السوري.
وعقب العدوان الإسرائيلي، في صيف2014 بدأ مرحلة ذوبان الجليد بين الجانبين، ومع سقوط نظام جماعة الاخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي، عقب ثورة 30 يونيه، بدأت "حماس" الاستدارة والعودة في علاقتها مع "حزب الله" وهو ما بدأ واضحا عقب عدوان صيف 2014.
مرحلة ما بعد صيف 2014، وهو المرحلة التي شهدت تقاربا بين حركة حماس وعددا من قيادات أن وفود عدّة من حماس على مستوى قيادي عإلى، زارت بيروت في أواسط يونيه الماضي. وقد ضمّت عدداً من أعضاء القيادة السياسيّة وعلى رأسهم الدكتور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي، والتقت بقيادات بارزة في حزب الله برئاسة عضو المجلس السياسي في الحزب حسن حب الله.
حزب الله والسعودية:
اغلب السنوات التي شهدت ولادة حزب الله منذ منتصف الثمنينات وحتي الأن لم تشهد العلاقة بين الحزب والمملكة العربية السعودية حالة من التوافق، وذلك للاختلاف الايدلوجي والعقائدي بين المملكة العربية السعودية وحزب الله والتي تاثر هذه العلاقة بطيبةع العلاقات بين طهران ودمشق"محور المقاومة" من جانب والرياض "محور الاعتدال" من جانب اخر.
ودائما ما يشن الأمين العام لـحزب الله حسن نصر الله في خطاباته هجوما على السعودية، في احدي خطابته، قال :"ما زالت غاضبة جداً، لأنه لم يمشِ الحال في سوريا هي الآن تسعى إلى تعطيل أي حوار سياسي، وتسعى إلى تعطيل جنيف 2، وتأجيله".
ورغم أن بعض الانفراجات طرأت على العلاقة بين السعودية وحزب الله بعد حرب يوليو 2006 وترجمت في أكثر من مفصل لبناني داخلي أبرزها الاتفاق السعودي السوري لحل الأزمة اللبنانية في ما عُرف حينها بالـ"سين سين"، لكن العلاقات عادت وأخذت منحى تنازليا وصل إلى حد القطيعة مع بدء الأزمة السورية وتورط الحزب في معركة القصير.
ومع وضع مجلس التعاون الخليجي الحزب على لائحته للمنظمات الإرهابية، وهدد بطرد مناصريه الذين يعملون داخل دوله الس، ولكن حتى حينها هاجم مسؤولون وقياديون بالحزب بينهم نائب الأمين العام نعيم قاسم السعودية دون تسميتها، فما الذي دفع نصر الله إلى تسميتها هذه المرة.
ودعا مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ساسة وعلماء العالم إلى اتخاذ خطوات "تردع" عدوان حزب الله اللبناني في سوريا،.
وقال مفتي السعودي -وهو أعلى سلطة دينية في المملكة- في بيان له الخميس "إن هذا الحزب انكشف بما لا يدع مجالا للشك أنه حزب عميل لا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة"، في إشارة إلى حزب الله اللبناني، مضيفا أن "المملكة منذ تأسيسها كانت ولا زالت مناصرة لقضايا المسلمين وللقضايا العادلة في كل مكان، وهي في ذلك لا تستند إلى حسابات سياسية ضيقة، ولكنها تنطلق من العقيدة الإسلامية التي تأمر بالعدل وتنهى عن الجور والظلم".
وحتي الان تشهد العلاقات بين السعودية وحزب الله توترا كبيرا، وهو ما اثر علي الاوضاع الامنية والسياسية والاقتصادية في لبنان، ورغم الدعم الطبير من جانب الرياض للجيش اللبناني، الا ان الموقف من "حزب الله" سيبقي طويلا في ظل امتداد الحرب من صنعاء إلى البحرين والعراق وسوريه ولبنان بين الرياض وحلفائها وطهران وحلفائها وفي مقدمتها حزب الله.
حزب الله وأمريكا:
موقف حزب الله من الولايات المتحدة الامريكية، هوموقف مرتبط بالايدلوجية الإيرانية، فالحزب دائما يهاجم ادارة البيت الابيض، فيما قامت واشنطن بتنصف الحزب كمنظكمة ارهابيو، كما فعلت العديد ممن الدول الاوربية والدول العربية حزب الله كمنظمة ارهابية، في يوليو 2013، صنّف الاتحاد الأوروبي رسمياً ' الجناح العسكري ' لـ «حزب الله» على أنه منظمة إرهابية.
وعلى مدى عقود كان هناك شعور لدى «حزب الله» بأنه يتمتع بقدر من الحصانة. فقد وقفت أوروبا موقف المتردد أمام تحميله مسؤولية أفعاله بسبب وضعه السياسي داخل النظام السياسي اللبناني ذي التوازن الحساس. إلا أن سقف تجنب مواجهة «حزب الله» لم يتحمل ثقل الأدلة التي تشير إلى أنشطة الحزب على الأراضي الأوروبية - ليس أقلها التفجير الذي خلّف خمسة ضحايا إسرائيليين وسائقهم البلغاري في بورغاس في عام 2012 - الأمر الذي أوضح أن تجنب المواجهة مع «حزب الله» هو موضوع لا يمكن الدفاع عنه.
لقد استند قرار الاتحاد الأوروبي بوضع «حزب الله» على القائمة السوداء جزئياً على المعلومات التي ظهرت في مارس عندما أدانت محكمة قبرصية عميل «حزب الله» - المواطن يحمل جنسيتين سويدية ولبنانية حسام يعقوب - وحكمت عليه بالسجن لمدة أربع سنوات. وقد أدين يعقوب بتهمة الاشتراك في مجموعة للجريمة المنظمة والتحضير لعمل إجرامي إضافة إلى اتهامات أخرى. وكان قرار رئيس هيئة المحكمة المكونة من ثلاثة قضاة كالتإلى: ' لقد ثبت أن «حزب الله» منظمة تعمل تحت غطاء من السرية التامة. ليس هناك أدنى شك في أن هذه الجماعة تضم عدة أعضاء وتضطلع بأنشطة مختلفة من بينها التدريب العسكري لأعضائها. لذلك، قررت المحكمة تصنيف «حزب الله» على أنه منظمة إجرامية .
وصنّفت الحكومة الأمريكية «حزب الله» على أنه منظمة إرهابية في عام 1997؛ ووضع على قائمة وزارة الخارجية الأمريكية لـ "المنظمات الإرهابية الأجنبية" وعلى قائمة وزارة الخزانة للكيانات الإرهابية العالمية. وقبل بضعة أشهر أعادت وزارة الخزانة إدراجه ضمن قائمتها السوداء بسبب دعمه لنظام الأسد وزعزعته للأمن والاستقرار في سوريا. وعندما أعلنت وزارة الخارجية ذلك التصنيف وقامت بنشره، فقد شمل -- وهو ما تفعلاه دائماً وزارتي الخارجية والخزانة الأمريكيتين في هذه الإعلانات الصحفية -- بعض المعلومات الاستخباراتية التي أُزيلت عنها صفة السرية. ومن بين المعلومات القليلة التي لم يلتفت إلىها أحد أن الشخص المسؤول عن الإشراف على أنشطة «حزب الله» في سوريا هو حسن نصر الله نفسه، الذي يتزعم الجماعة منذ فترة طويلة.
انتقادات لـ حزب الله:
فعل القوة العسكرية التي يمتلكها حزب الله في لبنان، بل امتلاكه السلاح وحده دون بقية التنظيمات السياسية، إضافة إلى المال الذي تغدقه عليه إيران، فرض الحزب سياسة الأمر الواقع على لبنان، وأصبح لا يتورع من استخدام السلاح ضد معارضيه خلافاً لادعاءاته من أن سلاحه هو للمقاومة فقط، وحماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية.
وكلنا يتذكر -على سبيل المثال- ما قام به الحزب في 7 مايو 2008، عندما اجتاح بيروت، ووجّه سلاحه إلى معارضيه من اللبنانيين، واستمرت الاشتباكات أياما عدة، وتوسعت إلى مناطق أخرى في جبل لبنان والشمال مودية بحياة أكثر من 65 شخصا. وفي تلك الأحداث اعتدت قوات حزب الله على المؤسسات التابعة لمعارضيه، فأحرقت قناة المستقبل الفضائية وصحيفة المستقبل التابعتين لخصمه (السني) سعد الحريري، زعيم تيار المستقبل.
وفي الذكرى الأولى للاجتياح، ظهر حسن نصر الله مفتخرا بما صنعه الحزب في بيروت، واعتبره بأنه "يوم مجيد" من أيام المقاومة في لبنان، معتبرا أن عُدوان الحزب على بيروت واللبنانيين أخرج لبنان من أزمته السياسية، وسهّل انتخاب رئيس جديد للبلاد، وتشكيل حكومة وحدة وطني
كما وجهة عددا من رجال المذهب الشيعي انتقادات واسعة علي البنية التي اسس عليها حزب الله وه ولاية الفقية، معتبرين ان ولاية الفقية ليست معترف بها في عددا من المرجعيات والحوزات الدينية.
فقد راي رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الامام محمد مهدي شمس الدين، خطورة كبيرة تكمن في الاسم نفسه" حزب الله" والذي يستبطن عقلية تكفيرية حين يقسم الناس الي فسطاطين ( تمام مثل بن لادن وقبله كثير): حزب الله في مقابل حزب الشيطان، فيكون كل من ليس في حزب اله عدوا كافرا ينبغي هدايته او كسبه او الغاءه ، ورغم ان رؤية الحزب وخطابه المعلن قد تطورا في السنوات الثمانية التي سبقت وفاة الامام شمس الدين في عام 2000م، والذي ظل يكرر في السر والعلن ، انه لايجوز لاحد، كائنا من كان، ان يحمل حزب الله عز وجل، او ان يتسلط علي الناس باسمه تعالي.
وصرح شمس الدين ، في مؤتمر فقهي شيعي، انعقد في لندن عام 1990: "ان وحدة الامة هي الثابت المقدس"، وان وحدة الامامة تتبع وحدة الامة ، فان يكون لها امام واحد وهي ليست امة واحدة؟.
وراي شمس الدين ان المشكلة تكمن في اطروحة حزب الله التي يتمظهر فيها الدين الالهي باعتبارها مشروعا دولتيا( اي انشاء الدولة) ومشروعا تنظيميا ومشروعا حزبيا، فالدين 0اي دين) والمذهب( اي مذهب) لا يجوز ولا يمكن ان يتمظهر في حزب، اما من حيث ادعاء "حزب الله" حمله مشروعا اسلاميا فقد كان راي شمس الدين واضحا وقاطعا من انه"لا مكان في لبنان لاي مشروع اسلامي بالمعني التنظيمي، والحزب كمؤسسه ثقافية مقبوله(اي من حيث كونه سيعلم الناس الصلاة والقران والعقائد) انا من الناحية السياسية فحزب الله تعبير عن مجموعة من الناس، من حقهم ان يعبروا عن انفسهم باعتبارهم مجموعة سياسية تستعمل الخطاب السياسي والاسلوب السياسي، واكثر من هذا فلا نوافق عليه علي الاطلاق".
كما انتقد العلامة السيّد علي الأمين، ولاية الفقية القائمة عليها حزب الله، قائلا:" منذ الثمانينات وقفنا مع مشروع قيام الدولة اللبنانية وصعود الجيش اللبناني إلى الجنوب لبسط سلطة الدولة ورفضنا النفوذ الإيراني في الجنوب تحت شعار دعم المقاومة ضد الإحتلال الإسرائيلي وكنا وما زلنا نطالب بالحفاظ على العيش المشترك بين كل الطوائف اللبنانية وبعدم وجود سلاح خارج سيطرة الدولة اللبنانية وطالبنا وما زلنا بقيام أفضل العلاقات بين لبنان وأشقائه العرب ورفضنا أن يكون للشيعة اللبنانيين والعرب مشاريع خاصة بهم بل عليهم الإندماج في مشاريع البناء لأوطانهم مع شعوبهم العربية ودولهم وأنّ إيران ليس لها ولاية سياسية ولا دينيّة على الشيعة العرب وأن ولاية الفقيه هي مسألة سياسية تخصّ الشعب الإيراني وحده وليست ولاية عابرة للحدود والشعوب والأوطان وأنّ علاقة الشيعة العرب بإيران يجب أن تكون من خلال دولهم وليس من خلال أحزاب وجمعيات وأن روابط المذاهب والأديان لا يجوز أن تكون على حساب الأوطان".
ورفض العلامة الأمين، مشاركة الحزب في الصراع السوري، قائلا :" نرفض وقوف حزب الله إلى جانب النظام السوري في سياسة القمع والإعتماد على الحلول العسكرية والأمنية في مواجهة حركة الشعب السوري المطالبة بالإصلاح وهذه السياسة التي يعتمدها حزب الله ستكون لها انعكاسات سلبية على الداخل اللبناني وعلى علاقات اللبنانيين بعضهم بالبعض الآخر ولذلك نحن نطالبه بتغيير هذه السياسة التي تضر به وباللبنانيين عموماً في الداخل والخارج خصوصاً وأنه شريك أساسي و الفريق الأكثر تأثيراً في الحكومة اللبنانية التي ترفع شعار النأي بالنفس عن الأحداث السورية".
حزب الله اليوم:
إن حزب الله إلىوم هو بالتأكيد كيان يختلف جذرياً عنه عند ولادته قبل ما يزيد عن عقدين من الزمن. فعلى المستوى السياسي، لم يعد مطروحا من قبل الحزب –على الأقل في المدى المنظور— هدف إقامة الدولة الإسلامية في لبنان القائمة على نظام الولي الفقيه، أو رفض الدستور واعتبار كل من يعارض في ظل النظام السائد أعداء، كما لم يعد مطروحاً هدف إزالة إسرائيل من الوجود، أو حتى رفض عقد أي اتفاق للهدنة أو لوقف إطلاق النار معها.
ومع دخول الحزب الصراع السياسي والعسكري في سوريا، اصبح في وضع غير جيد في الداخل اللبناني والخارج فقد تحول من حزب مقاومة للعدو الصهيوني، إلى شريك في حرب اصبحت تصنف بانها حرب مذهبية"سنية- شيعية" وهو ما ادي تراجع مكانته في لبنان والمنطقة العربية.
سفينة حزب الله إذن، دخلت في مضائق خطِرة للغاية. وما لم تُغيِّـر قيادات الحزب سياسيته الحالية والتي انخرط في صراع اهلي تن فان الحزب سخسر تاريخه المقاوم، ويصبح احد التنظيمات الطائفيةالتي تحارب علي المذهب والعقيدة وليس كقومة مقاومة وهو ما قد يخسر تواجده علي الساحة الداخلية اللبنانية او الخارجية، ونشهد معها غياب الحزب عن الساحة اللبنانية بصورة دراماتيكية في ظل التغيرات الاقليمية والعالمية,.
أبرز قيادات حزب الله
حسن نصر الله
وُلد حسن نصر الله عبد الكريم نصر الله في بلدة البازورية في الجنوب اللبناني عام 1960
تعليمه
تم دراسته الابتدائية في مدرسة حي "النجاح"، ثم درس في مدرسة سن الفيل الرسمية، ومع اندلاع الحرب الأهلية في لبنان رجع مع عائلته إلى بلدته البازورية في الجنوب، وهناك تابع دراسته الثانوية في مدرسة ثانوية صور الرسمية للبنين.
عندما بلغ السادسة عشرة سافر إلى مدينة النجف في العراق مركز المؤسسة الدينية الشيعية (الحوزة) ليبدأ مرحلة الدراسة الدينية، وتعرف على عباس الموسوي البقاعي زعيم حزب الله آنذاك والذي أصبح أستاذه وملهمه.
في مدينة صور تعرّف نصر الله إلى محمد الغروي الذي كان يقوم بتدريس العلوم الإسلامية في إحدى مساجد المدينة باسم الإمام الصدر، وبعد مدة من لقائهم طلب نصر الله من الغروي مساعدته في الذهاب إلى مدينة النجف العراقية إحدى أهم مدن الشيعة والتي تتلمذ فيها كبار علماء الدين الشيعة، وبالفعل غادر أواخر العام 1976 إلى النجف بالعراق للالتحاق بحوزتها العلمية، وهناك تعرف إلى القيادي الشيعي، عباس الموسوي، من منطقة البقاع بلبنان، الذي أصبح أستاذه وملهمه، وعندما التقى به خاطبه نصر الله بالعربية الفصحى ظنا منه أنه عراقي لكنه فوجئ بأن الموسوي لبناني من بلدة النبي شيث البقاعية، وهذا اللقاء كان محور تغير هام في حياة نصر الله، وابتداءً من هذه اللحظة فإن صداقة قوية ومتينة ستقوم بين الرجلين .
اتجه نصر الله إلى العراق عام 1978 وواصل دراسته في الحوزة الدينية، التي أسسها الموسوي في بعلبك، وعاود نشاطه السياسي والتنظيمي في حركة أمل بمنطقة البقاع، حيث تم تعيينه في عام 1979 مسؤولاً سياسياً للبقاع، وعضواً في المكتب السياسي للحركة.
في هذه الفترة كان المناخ السياسي العراقي قد بدأ بالتغير بشكل عام حيث أخذ نظام البعث الحاكم بالتضييق على الطلبة الدينيين من مختلف الجنسيات، ويبدو أن وضع الطلبة اللبنانيين كان أسوأ من غيرهم حيث بدأت التهم تلاحقهم يمينًا وشمالًا تارةً بالانتماء إلى حزب الدعوة وتارةً أخرى بالانتماء إلى حركة أمل وأيضًا بتهم الولاء إلى نظام البعث السوري الحاكم في سوريا والذي كان في عداوة مطلقة مع نظام البعث العراقي.
في أحد تلك الأيام اقتحم رجال الأمن العراقي الحوزة التي كان يدرس بها نصر الله بهدف إلقاء القبض على عباس الموسوي الذي كان حينها مغادرا ً إلى لبنان فلم يجدوا سوى عائلته فأخبروها بمنعه من العودة مجددا ً للعراق. ومن حسن حظ نصر الله أنه لم يكن موجودا ًفي الحوزة حينها حيث تم اعتقال رفاقه الباقين، وهنا أدرك أنه لم يعد هناك مجالاً للبقاء بالعراق فغادر عائداً على وجه السرعة إلى لبنان قبل أن تتمكن السلطات العراقية من إلقاء القبض عليه.
في التنظيم
خلال وجوده في البازورية التحق حسن نصر الله بصفوف حركة أمل الشيعية التي أسسها رجل الدين الشيعي الإمام موسى الصدر، وعقب الثورة الاسلامية في ايران 1979 أدت الي افراز واقع جديد في أوساط الشيعة في لبنان، وشهدت حركة أمل تحديدا اتساعا في الفجوة بين خطين كانت تحتضنهما سواء بسواء، احدهما يرعاه نبيه بري رئيس الحركة حاليا ، والآخر مرتبط بإيران، ما أدى إلى تأسيس حزب الله.
في عام 1982 كان عاما مفصليا في حياة نصر الله ففي هذا العام وقع الاجتياح الإسرائيلي للبنان وبوقوعه حصلت أزمة في صفوف أمل بين تيارين متقابلين، تيار يقوده نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني وكان يطالب بالانضمام إلى "جبهة الإنقاذ الوطني"، وتيار أخر أصولي متدين كان نصر الله والموسوي أحد أعضائه وكان يعارض هذا الأمر، وبتفاقم النزاع انشق التيار المتدين عن تيار نبيه بري لكونهم قد سجلوا عليه مآخذ كثيرة بسبب الاختلاف في تفسير الإرشاد الذي خلّفه موسى الصدر.
الجدير بالذكر أن التيار المتدين كان يعارض الانضمام إلى جبهة الإنقاذ الوطني بسبب وجود بشير الجميل فيها وكانوا يعتبرونها تهدف إلى إيصال هذا الأخير إلى رئاسة الجمهورية. والجميل هذا كان خطًا أحمر لدى تيار المتدينين بسبب موالاته لإسرائيل. وهنا كانت البداية الأولى لظهور حزب الله اللبناني، حيث بدأ هؤلاء الشباب بالاتصال برفقائهم الحركيين في مختلف المناطق اللبنانية بهدف تحريضهم على ترك تيار برّي والانضمام إلى حزب الله. عندما وصل حسن نصر الله إلى لبنان، كان أستاذه الموسوي قد أسس حوزة الإمام المنتظر في مدينة بعلبك
فالتحق نصر الله بها معلماً ومتعلماً، إضافةً إلى ممارسته العمل السياسي ضمن صفوف حركة أمل، وبفضل قوة شخصيته وإخلاصه للحركة فإن ذلك الشاب الذي كان بالكاد قد بلغ العشرين من عمره استطاع الوصول إلى منصب مندوب الحركة في البقاع، وأن يكون عضوا في المكتب السياسي للحركة.
وفي سنة 1982، انسحب حسن نصر الله، مع مجموعة من الأعضاء، من حركة أمل اعتراضا على سياسات زعيمها - آنذاك- نبيه بري، وأسس هؤلاء الأعضاء في البداية "حركة أمل الإسلامية" التي لم تمكث طويلا، لتتحول، مع بعض المجموعات الشيعية الأخرى، إلى "حزب الله"، وبهذا تحول نصر الله من فكر حزب الدعوة العراقي إلى فكر ولاية الفقيه الذي دعا له الخميني (كما سيأتي بيانه).
ومما يثير الاستغراب أن هذه المجموعة من الشيعة الأكثر اعتناقا لفكر ولاية الفقيه، والتي انسحبت من حركة أمل لتؤسس حزب الله، عادت لتتحالف مع الحركة.
عند ولادة حزب الله لم يكن نصر الله عضوًا في القيادة فهو لم يكن حينها قد تجاوز ال22 عاما وكانت مسؤولياته الأولى تنحصر بتعبئة المقاومين وإنشاء الخلايا العسكرية. بعد فترة تسلم نصر الله منصب نائب مسؤول منطقة بيروت الذي كان يشغله إبراهيم أمين السيد أحد نواب حزب الله السابقين في البرلمان اللبناني واستمر نصر الله بالصعود داخل سلم المسؤولية في حزب الله فتولى لاحقا مسئولية منطقة بيروت ثم استُحدث بعد ذلك منصب المسؤول التنفيذي العام المكلّف بتطبيق قرارات "مجلس الشورى"، فشغله نصر الله.
غادر في عام 1989 إلى مدينة "قم" بإيران، لإكمال دراسته الدينية، وقيل يومها إنه نأى بنفسه عن سجالات حامية داخل حزب الله بشأن سياسته الإقليمية والمحلية، إلا أن آخرين يقولون إنه مر بفترة تحضير نسج أثناءها علاقات وثيقة مع إيران وسوريا ساهمت فيها شخصيته الجادة وتجربته الحزبية رغم صغر عمره التي لم يكن آنذاك قد تجاوز الثلاثين. فقد كان يرى أن علاقة إيرانية سورية متينة ستوفر لحزب الله أفضل الظروف للعمل.
ولكن حسن نصر الله، وبعد مدة غادر بيروت متجها ً نحو إيران وتحديدا ً إلى مدينة قم لمتابعة دروسه الدينية هناك ولكن التطورات الحاصلة على الساحة اللبنانية خصوصا ً لجهة النزاعات المسلحة بين حزب الله وحركة أمل اضطرته للعودة مجددا ً للبنان. بعودته لم يكن لنصر الله مسؤولية محددة فمنصبه كمسئول تنفيذي عام كان قد سـُلـِم لنعيم قاسم وهكذا بقي نصر الله من دون منصب حتى انتخاب عباس الموسوي أمينا ً عاما ً فعين قاسم نائباً له وعاد حسن نصر الله لمسئوليته السابقة.
في عام 1992 اغتالت إسرائيل أمين عام حزب الله عباس الموسوي فتم الاتجاه إلى انتخاب حسن نصر الله أمينًا عامًا للحزب بالرغم من أن سنه كان صغير على تولي هذه المسؤولية ولكن يبدو أن صفات نصر الله القيادية وتأثيره الكبير على صفوف وأوساط قواعد حزب الله قد لعبت دورا ً مؤثرا ً في هذا الاتجاه، وبالفعل فإن انتخابه كان له الأثر الأبرز في تثبيت وحدة الحزب بقوة بعد الضربة القاسية التي تلقاها لتوّه. وفي ذلك العام وبعد أشهر قليلة من اغتيال الأمين العام السابق الموسوي فإن حزب الله اختار الدخول إلى قلب المعترك السياسي اللبناني فشارك في الانتخابات النيابية التي جرت في ذلك العام وحصد عدداً من المقاعد النيابية عن محافظتي الجنوب والبقاع وهذه الكتلة كبرت وازدادت عدداً في الانتخابات النيابية اللاحقة أعوام 1996 و 2000 و 2005 وهي تعرف باسم " كتلة الوفاء للمقاومة ".
في عهده أيضاً، خاضت قوات حزب الله، أو ما يطلق عليها اسم "المقاومة الإسلامية"، وهي الذراع العسكرية للحزب، مواجهات مع القوات الإسرائيلية، التي كانت تحتل جنوب لبنان، أبرزها تلك التي جرت خلال عملية "عناقيد الغضب" في إبريل 1996، والتي تمخصت عن توقيع "تفاهم نيسان"، الذي اعترف بحق المقاومة اللبنانية (ممثلة بحزب الله) في الرد على الاعتداءات الإسرائيلية.
وفي عام 1997 فقد نصر الله ابنه البكر هادي في مواجهات دارت بين مقاتلي الحزب وجيش العدو الإسرائيلي في منطقة الجبل الرفيع جنوب لبنان.وقد تأثر بهذا الحدث أيما تأثير لمكانته الكبيرة لديه، لكن ذلك لم يؤثر عليه حتى نجحت المقاومة اللبنانية في تحرير معظم جنوب لبنان عام 2000 ولا تزال المواجهة مستمر.
أشرف نصر الله شخصياً على صفقة تبادل الأسرى والجثامين بين حزب الله وإسرائيل، عبر المفاوضات غير المباشرة والسرية التي رعتها ألمانيا، والتي قادت إلى الإفراج عام 2004 عن 24 أسيراً لبنانياً وعربياً، و400 أسير فلسطيني.
يصف نصر الله بأنه شخصية كاريزمية، رغم شخصيته الدينية، فإن كثيراً من المحللين والمراقبين يعتبرونه سياسياً محنكاً، فضلاً عن أنه يحظى باحترام وتقدير قطاع واسع من اللبنانيين والعرب، وينظرون إليه بوصفه "رمز المقاومة".
انتقادات لحسن نصرالله
وبفعل القوة العسكرية التي يمتلكها حزب الله في لبنان، بل امتلاكه السلاح وحده دون بقية التنظيمات السياسية، إضافة إلى المال الذي تغدقه عليه إيران، فرض الحزب سياسة الأمر الواقع على لبنان، وأصبح لا يتورع من استخدام السلاح ضد معارضيه خلافاً لادعاءاته من أن سلاحه هو للمقاومة فقط، وحماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية.
وكلنا يتذكر -على سبيل المثال- ما قام به الحزب في 7 مايو 2008، عندما اجتاح بيروت، ووجّه سلاحه إلى معارضيه من اللبنانيين، واستمرت الاشتباكات أياما عدة، وتوسعت إلى مناطق أخرى في جبل لبنان والشمال مودية بحياة أكثر من 65 شخصا. وفي تلك الأحداث اعتدت قوات حزب الله على المؤسسات التابعة لمعارضيه، فأحرقت قناة المستقبل الفضائية وصحيفة المستقبل التابعتين لخصمه (السني) سعد الحريري، زعيم تيار المستقبل.
وفي الذكرى الأولى للاجتياح، ظهر حسن نصر الله مفتخرا بما صنعه الحزب في بيروت، واعتبره بأنه "يوم مجيد" من أيام المقاومة في لبنان، معتبرا أن عُدوان الحزب على بيروت واللبنانيين أخرج لبنان من أزمته السياسية، وسهّل انتخاب رئيس جديد للبلاد، وتشكيل حكومة وحدة وطنية
ومن المؤسف أن نصر الله الذي يرفع شعار فلسطين، لم نسمع منه إدانة صريحة لما تعرض له الفلسطينيون من قتل وتنكيل وتشريد في أكثر من مكان، لا لشيء إلا لأن المجرم في بعض الحالات هو شيعي من نفس مذهبه، بل وأحيانا يدين بولاية الفقيه الإيراني مثله تماما. حدث ذلك في العراق على يد الميليشيات الشيعية المرتبطة في إيران، وفي مخيم اليرموك في دمشق، الذي قام النظام السوري العلوي بدكّه، وتهجير أهله من الفلسطينيين، تماما كما هجرتهم إسرائيل من ديارهم من قبل.
وفيما يتعلق بالعراق، فإن سكوت حسن نصر الله لم يقتصر على المذابح التي تعرض لها الفلسطينيون هناك، إنما على احتلال العراق بحد ذاته على يد الأمريكان، والسبب في ذلك معروف، وهو أن الاحتلال تم بمساعدة القوى الشيعية، ومِن ورائها إيران، التي صرّح أكثر من مسؤول فيها بأنه "لولا إيران لما سقطت العراق وأفغانستان".
وشكلت الثورة السورية التي اندلعت على حكم آل الأسد في مارس 2011 القشة التي قصمت ظهر البعير، فحسن نصر الله الذي طالما ارتبطت صورته عند المسلمين بالمقاومة والعمل على تحرير لبنان (بل وفلسطين) والوقوف إلى جانب الشعوب المسلمة، يظهر وجهه الطائفي بأوضح ما يكون خلال الثورة السورية، حيث اصطف نصر الله مع الحكم السوري افي مواجهة الشعب السوري، الذي صمّم -كغيره من الشعوب العربية- على اختيار طريق الحرية والكرامة.
تصدر من حسن نصر الله –كعادة الشيعة- إساءات لبعض الصحابة، خاصة خلال خطاباته في ذكرى عاشوراء، الذي أصبحت عند الشيعة مناسبة للشحن الطائفي، والإساءة للصحابة، فقد اتهم في إحداها أبا سفيان بالنفاق، وبأن مشروعه كان يتمثل بالقضاء على دين محمد صلى الله عليه وسلم، كما طالت إساءاته ابنه معاوية رضي الله عنه.
وظل حسن نصر الله يصمت على إساءات الشيعة الآخرين للصحابة وأمهات المؤمنين، ومنهم الكويتي ياسر الحبيب، الذي جاوز كل الحدود في ذلك، إلى انتفض أهل السنة في وجه الحبيب والشيعة عندما تطاول على أم المؤمنين عائشة، وهنا يصدر المرشد خامنئي فتوى متأخرة يقول فيها إنه يحرم الإساءة إلى رموز أهل السنة، فيرددها نصر الله من وراء مرشده.
حياته الاجتماعية
متزوج وله خمسة أبناء، أكبرهم محمد هادي، الذي قُضى عليه في مواجهة مع القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان عام 1997.
عماد مغنية
ولد عماد فايز مغنية 7 ديسمبر 1962 ببلدة طيردبا الجنوبية، شارك في حركة فتح الفلسطينية، وحركة أمل، وحزب الله اللبناني.
انتقلت عائلته التي تتكون من والدته ووالده وأخويه جهاد وفؤاد لاحقا، إلى الضاحية في جنوب بيروت،
تعليمه
تعلم عماد مغنية في مدارس لبنانية خلال المرحلة الإعدادية والثانوية.
الحرب الأهلية
في 13 أبريل من عام 1975 اندلعت شرارة الحرب الأهلية في لبنان من ساحة «البريد» في عين الرمانه، على بعد 50 متراً من مطعم أبيه، وحينها بدأت حياته العسكرية. تحوّل طريق «صيدا القديمة»، الفاصل بين الشياح وعين الرمانة، إلى جبهة ساخنة كثرت فيها السواتر الترابية والكتل الخرسانية والمتاريس. في عين الرمانة كان مقاتلو الكتائب والأحرار، وفي الجانب الآخر مقاتلو الحركة الوطنية والفصائل الفلسطينية. هناك تسنّى لعماد وهو بعمر الرابعة عشرة الاختلاط والتعرف إلى اليسار بفصائله وأفكاره المتنوعة.
صادق الشيوعيين وقرأ أفكارهم، وكان لافتاً اهتمامه بتروتسكي. واختلط بالقوميين السوريين الاجتماعيين فأعجبَهُ عمقهم وانضباطهم. لكن كل ذلك لم يدفعه للانتماء إلى أي من الأحزاب اللبنانية.
ففي يونيو من عام 1984 شيّعت عائلته اخوه جهاد الذي استشهد في قصف مدفعي استهدف منزل المرجع الديني محمد حسين فضل الله في بئر العبد. وبعد عقد من الزمن شيعت الحاجة آمنة والحاج فايز ابنهما الأوسط فؤاد، الذي كان ضمن تشكيل المقاومة، وقد اغتالته الاستخبارات الإسرائيلية بعبوة ناسفة في منطقة الصفير بالضاحية الجنوبية. كذلك لم تدرك الوالدة ما خبأته لها الأقدار بشهادة ثالث أبنائها، بكرها الحاج عماد، عام 2008.
في حركة فتح
تشبّع أكثر بأفكار الثورة الفلسطينية ووجد نفسه أقرب إلى أكبر فصائلها في حينه، حركة فتح. وسرعان ما أتيحت له فرصة التدريب العسكري في مخيمات عدة، في بيروت وخارجها. وتأهّل عسكرياً ليكون في موقع آمر فصيل. لكن الدورة المفصليّة كانت في معسكر الزهراني «معسكر أبو لؤي»، المعسكر الذي تلقّت فيه الشهيدة دلال المغربي تدريباتها.
في مركزية فتح في الشياح، كان يقيم أبو حسن خضر سلامة (الشهيد علي ديب الذي اغتالته إسرائيل عام 1999)، وكان يعرف أيضاً بـ«أبو حسن البلاتين»، نسبةً إلى قضبان البلاتين المزروعة في أنحاء عدة من جسده نتيجة الإصابات المتكررة. أعجب الشاب اللبناني بعماد، ووجد فيه شاباً مناسباً للعمل المتطور. وفي وقت قصير، قرر أبو حسن تعيين عماد نائباً له.
بقي ضمن التشكيل حتى عام 1981. وسبب الخروج، عدم التزام عماد قرارات الحركة. ذلك أن الشاب المتديّن، تأثّر كثيراً بخطف الإمام موسي الصدر. وعندما تعرّض العلّامة فضل الله لمحاولة اغتيال على يد الاستخبارات العراقية في عام 1979، كوّن عماد وبعض رفاقه درعاً أمنية للسيّد محمد حسين فضل الله حيث سهروا على حمايته وإجراءاته الأمنية، ثم رافقه في رحلة إلى الحج في عام 1980، ومن حينها صار يعرف باسم «الحاج عماد».
وجاء استشهاد السيّد محمد باقر الصدر في العراق في نيسان 1980 منعطفاً في توجهاته. وجد نفسه أمام مسؤولية الوقوف في وجه البعث الخاضع لسلطة العراق. ويومها اتهم البعث باستهداف علماء الدين وقياديين في حركة أمل وما كان يعرف في ذلك الوقت باللجان الإسلامية. انخرط الحاج عماد في مواجهات مسلّحة مع البعثيين، ما أدى إلى انفصاله كلياً عن حركة فتح في النصف الأول من عام 1981.
وقد ساهم مغنية في عملية نقل سلاح فتح إلى المقاومة اللبنانية، ممثلة بـحركة أمل وحزب الله بعد أن اضطرت حركة «فتح» إلى مغادرة بيروت، اثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982. ومنذ سفره الأول إلى إيران أوائل الثمانينات في القرن الماضي، وهو شاب لا يتجاوز عمره 20 عاما اظهر مؤهلاته وكفاءات قتالية عالية، جعلته يتفوق على أقرانه، واتهم من قبل وكالة المخابرات الأمريكية بأنه كان أحد الحراس الشخصيين لياسر عرفات.
العمليات
وفي عام 1982، قاد عماد مغنية ثلاث عمليات، جعلته في صدارة قائمة المطلوبين من قبل الولايات المتحدة وفرنسا. والعمليات كانت: تفجير السفارة الاميركية في بيروت في أبريل (نيسان) 1983 والتي اسفرت عن مقتل 63 اميركيا، وتفجير مقر قوات المارينز الاميركية في بيروت، الذي أودى بحياة 241 أميركيا، وتفجير معسكر الجنود الفرنسيين في الجناح، والذي اسفر عن مقتل 58 فرنسيا.
واتهم بتفجير السفارة العراقية في بيروت. وفي العام 1985 اتهم في حادثة اختطاف طائرة تي دبليو أي الرحلة 847 التي كان ضحيتها أحد ضباط البحرية الأمريكية روبرت شيتم بالاشتراك مع اثنين آخرين هما حسن عز الدين وعلي عطيوي، لا يعرف الكثير عن عماد فايز مغنية ولكن المخابرات الأمريكية تعتقد أنه مسؤول أمني رفيع في حزب الله وأنه قاد عمليات «حزب الله» في جنوب لبنان، الذي كان يعرف جغرافيته ككف يده.
صور عماد مغنية المتداولة قليلة جدا، لكن ليست هناك فائدة من نشر المباحث الفيدرالية الأميركية اف.بي.آي لها، فمغنية أجرى، عملية تغيير ملامح للوجه مرتين على الاقل، آخرهما عام 1997.
وتصف المصادر الأميركية مغنية، الذي ينتقل بين إيران والعراق ولبنان ومناطق أخرى، بأنه أكبر شخص على كوكب الأرض قتل أميركيين.
في حزب الله
عندما غادر القادة الفلسطينيون وفصائل الثورة الفلسطينية بيروت، تسنّى للحاج عماد معرفة مخازن أسلحة كثيرة. يومها، كوّن الحاج عماد مع رفاقه النواة الأولى لما بات يعرف لاحقاً بالمقاومة الإسلامية، وألّفت مجموعات للمقاومة في بيروت والبقاع الغربي والجنوب، بدأوا بشن سلسلة عمليات على دوريات للعدو، ونصب الكمائن وقنص الجنود وقصف التجمعات بالصواريخ.. إلى أن كانت باكورة العمليات النوعية للمقاومة الإسلامية بتاريخ 11/11/1982 حيث دمّر مقرّ الحاكم العسكري في مدينة صور في جنوب لبنان في عملية للاستشهادي أحمد قصير.
وعندما وقعت اشتباكات بين عدد من المخيمات الفلسطينية وحركة أمل، كان للحاج عماد دور يُشهد له في فض الاشتباكات وحل الإشكالات للحؤول دون تفاقم الأوضاع. وكثيراً ما تعرّض للمخاطر أثناء معالجة بعض الحالات الإنسانية الصعبة.
عام 1984 شهد أيضاً انفصال الحاج علي ديب (أبو حسن الحاج خضر سلامة) رفيق درب الحاج عماد عن حركة فتح، فانضمّ هو وتشكيلاته إلى المقاومة الإسلامية وكان سنداً للحاج عماد وذراعه اليمنى. تميّز أبو حسن بقلّة اهتمامه بالمناصب والمواقع التنظيمية. كان مشغولاً بالمهمات العملانية. وهو استمر كذلك حتى استشهاده في عام 1999 بتفجير العدو عبوة استهدفت سيارته في منطقة عبرا شرقي صيدا، بعد محاولات عدة فاشلة لاغتياله.
وقد عمل مغنية لفترة مسؤولا عن الأمن الشخصي للزعيم الروحي لـحزب الله محمد حسين فضل الله، إلا أنه لاحقا، وبسبب المهارات غير العادية، التي يتمتع بها في التخطيط الميداني والقيادة، بات مسؤولا عن العمليات الخاصة لـحزب الله.
أختفى مغنية تماما عن الانظار في لبنان لمدة عامين، إلى ان اتهم بظهوره في قمرة طائرة «تى.دبليو.ايه» الاميركية المخطوفة بمطار بيروت، حيث قتل أحد الركاب، الذي كان عسكريا في قوات المارينز الأمريكية.
تدرج الحاج مغنية في حزب الله بالتوازي مع السيد حسن نصر الله، الذي أصبح أمينا عاما للحزب، الواجهة السياسية، بينما وصل الحاج مغنية إلى قيادة المقاومة الإسلامية، الذراع العسكرية لـ«حزب الله». وهو يعتبر «محظوظا» لبقائه على قيد الحياة حتى يوم اغتياله. فقد تمكن من الإفلات من أكثر من محاولة خطف واغتيال، وفي إحداها فصلت بينه وبين الموت دقائق فقط. وهناك جائزة لمن يدل عليه والتي ارتفعت من 5 مليون دولار إلى 25 مليون دولار بعد أحداث سبتمبر 2001، عندما كان اسمه على رأس قائمة من 22 اسم وزعتها الولايات المتحدة، وهذه الجائزة دعت إيران لترحيله من الأراضي الإيرانية خوف الانتقام الأمريكي في حينها بعد تفجيرات نيويورك وواشنطن.
وبعد اغتياله، أعلن رئيس بلدية طيردبا حسين سعد، أن مغنية هو "أعلى قائد عسكري في حزب الله"، وأشار إلى أن شقيقين له قتلا في السابق أيضا في عمليتي تفجير، وهما فؤاد وجهاد في 1984 .
ومن الجدير بالذكر أن عماد على لائحة المطلوبين للعدالة في دول الإتحاد الأوروبي[2]. كما كان ملاحقاً من قبل الانتربول، للاشتباه بمشاركته في الهجوم على مركز يهودي في بوينس ايرس عاصمة الأرجنتين أوقع 85 قتيلا ونحو 300 جريح في يوليو 1994 ويقول الإسرائيليون إنه متورط أيضا في خطف جنديين إسرائيليين في يوليو 2006 .
حملته المخابرات العسكرية الأمريكية CIA مسؤولية اختطاف الطائرة الكويتية ((الجابرية)) في الثمانينات ، في ظل حملات التحريض ضد الحركات المقاومة في فلسطين ولبنان ، وتشويه صورتها في الأوساط العربية والإسلامية .
اغتياله
في الثاني عشر من شباط 2008 أغتيل عماد مغنية في حادث تفجير سيارة في دمشق، حي كفرسوسة، في اليوم الموالي لانفجار أعلن حزب الله في بيان له بثه تلفزيون المنار عن اغتياله ويتهم فيه إسرائيل بالوقوف وراء العملية.
أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت بيانا ينفي فيه ضلوعه في العملية قائلا "إسرائيل ترفض أي محاولة من الجماعات الإرهابية إلصاق أي مشاركة لها بالحادث" وأضاف البيان" ليس لدينا ما نضيفه بعد ذلك. نقلت العربية نت عن وكالة أنباء "معا" الفلسطينية خبر ظهور أولمرت في الكنيست ليتلقى تهاني أعضاء البرلمان.
محمد حسين فضل الله
لمعرفة المزيد حول محمد حسين فضل الله اضغط هنا