هل تطيح ثروة الغنوشي بمكتسبات حركة النهضة السياسية في تونس؟
الأربعاء 20/مايو/2020 - 03:58 ص
طباعة
حسام الحداد
منذ أن تولى راشد الغنوشي رئاسة البرلمان التونسي وتحاصره الاتهامات التي يطلقها عليه الشعب التونسي نتيجة ممارسات الغنوشي في الاستحواز على السلطة وفي مطلع مايو الجاري لفت انتباه الشعب التونسي تضخم ثروة الغنوشي مما أدى بالشعب إلى اتخاذ اجراءات للضغط على الحكومة في سبيل التحرك لكشف لغز ثروة رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة وفتح ملفه المالي المشبوه، بعدما تحول من مجرد مدرّس إلى واحد من أبرز أغنياء تونس، وأصبح يتمتع في أقل من عقد بثروة كبيرة، كان لها دور كبير في سيطرة حزب النهضة على الحكم في تونس بعد ثورة 2011.
وفي هذا السياق، وجد التونسيون في عريضة إلكترونية عنوانها" من أين لك هذا؟"، تطالب بالتحقيق في مصادر ثروة الغنوشي، فرصة لمحاصرته والبحث عن أجوبة للتساؤلات والتخمينات الكثيرة، في علاقة بأمواله الضخمة وطريقة حياته الباذخة دون وجود أنشطة مهنية واقتصادية فعلية له في تونس، وانتمائه لعائلة متواضعة تعمل في مجال الزراعة.
وكشف الناشط السياسي وصاحب هذه المبادرة أنيس منصوري في تصريح لـ"العربية.نت"، وجود التفاف كبير من التونسيين حول هذه العريضة وإقبال الآلاف على التوقيع عليها من بينهم شخصيات منشقة عن حزب حركة النهضة ومؤرخون وعلماء اجتماع وفنانون وإعلاميون، مشددا على أن مبادرته مستقلة عن كل الأحزاب والنقابات وبعيدة عن التجاذبات والصراعات السياسية الحالية.
وأضاف منصوري، أنه كان من الضروري القيام بهذه المبادرة، خاصة أن الغنوشي منذ عودته إلى تونس تسارع نسق ثرائه و ثراء حزبه، معبرا عن أمله في أن تتحول هذه المبادرة الإلكترونية إلى مشروع جادّ يحقق أهدافها.
ويفسر تفاعل التونسيين مع هذه المبادرة التي تدعو للكشف عن مصادر ثورة الغنوشي تزايد الغضب وانعدام الثقة تجاه هذا الرجل الذي تعددت زلاّته في الفترة الأخيرة وخاصة منذ توليه منصب رئاسة البرلمان، حيث باتت الاتهامات تحاصره من كل الجبهات، بعضها ارتبط بالإرهاب وبعضها الآخر بالتخابر مع جهات أجنبية.
رد حركة النهضة
وقد ردّت حركة ”النهضة“ الإسلامية في تونس الثلاثاء 19 مايو 2020، على هذه الاتهامات الموجهة للغنوشي بتضخّم ثروته و بالثراء غير المشروع وسط مطالبات له بالكشف عن مصدر ثروته.
واستنكرت الحركة الإسلاميّة، في بيان لها ما سمتها ”حملة التشويه والتحريض“ التي قالت إن عددا من قياداتها في صدارتهم رئيسها راشد الغنوشي يتعرض لها، مؤكدة أنها ستقوم بالملاحقة القضائيّة ضد كل الأطراف المتورطة في هذه الحملة.
و تعليقا على ما يروّج حول ثروة رئيسها راشد الغنوشي، اعتبرت الحركة ذلك إشاعات، قائلة إن ”الغنوشي قام بالتصريح على ممتلكاته ومصالحه مرّتين لدى الهيئة المستقلة لمكافحة الفساد بصفته رئيسا للحركة ونائبا ورئيسا لمجلس النوّاب“.
وأعربت الحركة في البيان الذي نشرته على صفحتها بموقع فيسبوك، عن ”أسفها للمدى الذي بلغته هذه الحملة“، واصفة الاتهامات الموجهة لرئيسها بأنها ”إسفاف وأكاذيب لا تمتّ إلى الواقع بصلة“، وفق تعبيرها.
وتعليقا على ذلك، يرى المحلل السياسي بسام حمدي، في تصريح لـ"العربية.نت"، أن "مظاهر الثراء الفاحش على رئيس حركة النهضة فجّر شكوكا وتساؤلات كثيرة حول مصادر هذه الثروة ومدى شرعيتها لا سيما وأنه يترأس حزبا إسلاميا تربطه علاقات مع دول خارجية داعمة له على غرار قطر و تركيا".
وأضاف أن تقرير محكمة المحاسبات الذي أشار إلى أن النهضة تلقت تمويلات مشبوهة خلال الانتخابات المحلية، أثار شكوك التونسيين حول سبل كسب الحركة وزعمائها لثروات طائلة وجعل معاملاتهم المالية تدخل طائلة جرائم الفساد، مضيفا أن معطيات أخرى تزيد من شدة التشكيك في طريقة كسب الغنوشي لسياراته ومنازله الفارهة، وهي أنه لم يتقلد سابقا مناصب عليا في الدولة و في لا مؤسسات كبرى و هو موظف تدريس ولا يمكنه توفير مكاسبه براتب لا يفوق 2000 دينار (700 دولار ).
وأشار حمدي إلى أن الشبهات التي حامت حول إمكانية تلاعب صهره رفيق عبد السلام عندما كان على رأس وزارة الخارجية بهبة منحتها الصين لتونس وتحويلها إلى حسابه البنكي الخاص، قد فاقمت فقدان الثقة في الغنوشي وعائلته والمقربين منه، وما زاد الطين بلة هو ما ورد في نص استقالة رئيس مكتب الغنوشي، زبير الشهودي من منصبه، عندما أقسم بكونه لم يتورط في أي شبهات مالية ولم يتلّق أي رشوة طيلة فترة انتمائه للنهضة، وهو ما أوحى للكثيرين بوجود شبهة فساد مالي داخل النهضة واستحواذ الغنوشي وبعض الشخصيات المقربة منه على الموارد المالية للحركة وطريقة صرفها.
ومنذ انتخابات 2011، تلاحق حركة النهضة شبهات كبيرة حول تلقيها أموالا طائلة من الخارج وبالأخص من دولتي تركيا وقطر، وهو أمر يتعارض مع القانون التونسي الذي يمنع تلقي الأموال الخارجية ويجبر الأحزاب والجمعيات على كشف حساباتها المالية ومصادر تمويلها، كما يحيط الغموض بمصدر ثروات قيادييها الكبار وطرق الحصول عليها وهويّة الجهة المانحة.