مبادرة الجيش الليبي.. باب جديد يفتح أمام مخططات أردوغان في طرابلس
الأربعاء 20/مايو/2020 - 05:07 ص
طباعة
أميرة الشريف
في ظل الحرب المستمرة التي تشهدها ليبيا، بين الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر، وقوات الوفاق بقيادة فايز السراج، والتي تواليها تركيا بالمرتزقة والسلاح، أعلن المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، أحمد المسماري، أن الجيش الوطني قرر وقف إطلاق النار من جانب واحد لتجنب إراقة الدماء في نهاية شهر رمضان.
وقررت قوات الجيش الابتعاد عن طرابلس لمسافة 2 إلى 3 كيلومترات على جميع محاور القتال للسماح للمواطنين في المدينة بالتحرك بحرية في نهاية شهر رمضان وخلال عيد الفطر.
وقال المسماري إن الجيش الوطني الليبي سيبدأ في تحريك القوات من مواقعها في المدينة بحلول منتصف نهار الأربعاء.
كما أضاف أن إعلان وقف إطلاق النار مبادرة تنتظر رد حكومة الوفاق قبل تنفيذها.
وتمكنت قوات حكومة الوفاق، الاثنين، من دخول قاعدة الوطية الجوية التي كان الجيش الليبي يستغلها في شن هجماته على مواقع الميليشيات المسلّحة بالعاصمة طرابلس وبمدن الغرب الليبي ويستخدمها لتعزيز خطوط الإمدادات نحو قواته هناك، وذلك بعد دعم عسكري سخيّ من تركيا.
يذكر أن الجيش الوطني الليبي كان أعلن في وقت سابق الثلاثاء أنه لا صحة للأنباء التي تتداولها بعض وسائل الإعلام عن انسحاب لقواته من محاور طرابلس، مشيراً إلى أن ما يجري هو مجرد إعادة تمركز بحسب الموقف العسكري.
وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة التابع للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية في صفحته على فيسبوك إنه "لا صحة لما يتردد في قنوات الإخوان وما تبثه من سموم وأكاذيب حول انسحاب الجيش من طرابلس".
إلى ذلك تابع: "ننوه أن ما سيتم هو فقط إعادة تمركزات وبما يتلاءم مع مستجدات الموقف العسكري دون ترك المدن والمناطق المسيطر عليها أو التراجع عنها".
وشدد على أن "تحرير ليبيا قضية لا يمكن التنازل عنها والقضاء على الإرهاب والميليشيات هو أساس إقامة دولة المؤسسات فلا يمكن أن تقام دولة عدالة ومدنية في وجود ميليشيات التهريب والسرقة والفساد والخيانة والعمالة التي أحضرت الغزو التركي وتخدم أجندة الإخوان".
وفي سياق متصل، أكد المسماري، أن الجيش سيعود إلى قاعدة الوطية الجوية، موضحا أن هذا الانسحاب كان تكتيكيا ومبرمجا له منذ أشهر.
كما أضاف، أن القائد العام للجيش خليفة حفتر أصدر أمرا بسحب قوات الجيش بكافة معداتها من القاعدة، بناء على ما قدمه آمر عمليات المنطقة الغربية حول الأوضاع العسكرية في محيط القاعدة، مشيراً إلى أن عملية الانسحاب بدأت منذ 3 أشهر بسحب الطائرات الحربية والذخائر الخاصة بها، وكذلك الشؤون الفنية والإدارية والمعدات الثقيلة، ثم سحب الأفراد أول أمس، وتأمين خروج الأفراد وغرف العمليات والآليات الصالحة للعمل والمعدات لنقطة التجمع الجديدة.
ويري مراقبون في الشأن الليبي، أن يفتح إمساك قوات وميليشيات حكومة الوفاق الليبية بقاعدة الوطية الجوية، الطريق أمام تركيا لتحويلها لقاعدة عسكرية دائمة في ليبيا، بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي في منطقة شمال إفريقيا وقربها من البحر الأبيض المتوسط وأوروبا، بما يخدم أهداف الرئيس رجب طيب أردوغان ومشروعه لا سيما في المناطق التي تشرع له المجال للتنقيب عن الغاز في المتوسط.
وتعد هذه القاعدة من أهم القواعد الجوية الليبية وأكبرها، إذ تبلغ مساحتها نحو 50 كلم مربع، وتضمّ بنية عسكرية ضخمة شديدة التحصين، أقامتها الولايات المتحدة في أربعينيات القرن الماضي، وتتسم بموقع استراتيجي هام بقربها من الحدود التونسية والجزائرية وكذلك من البحر المتوسط، وتتيح تنفيذ عمليات قتالية جوية ليس بنطاق العاصمة طرابلس فقط وإنما بكامل المنطقة الغربية وحتى وسط ليبيا.
ويري محللون أن تركيا ستضع يدها على الوطية وتحولها إلى قاعدة عسكرية دائمة في ليبيا في حال لم يستعدها الجيش، لأهداف عدّة يخطط لها أردوغان، من بينها محاصرة أوروبا، ومحاولة التأثير السياسي في تونس والجزائر، خاصة أن هذه القاعدة تكمن أهميتها الاستراتيجية في كونها على الحدود في أكثر من جهة، لافتا إلى أن أردوغان باستحواذه على الوطية وعلى مدن الغرب الليبي، سيكون أمام فرصة كبيرة لفرض نفسه في خارطة غاز شرق المتوسط ، خاصة أن ممرات الغاز الليبي تسير في ذات الاتجاه الذي دخله اليوم.
وكانت تركيا وقعت اتفاقا مثيرا للجدل نهاية شهر نوفمبر الماضي مع حكومة الوفاق لترسيم الحدود البحرية، يسمح لأنقرة بالاستحواذ على مناطق بحرية والاستفادة من موارد الطاقة.