تقرير جديد لفورين بوليسي يكشف دعم إيران لحركة الشباب الصومالية
الأحد 19/يوليو/2020 - 12:14 ص
طباعة
حسام الحداد
كشفت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، السبت 18 يوليو 2020، عن أن إيران أقامت علاقات سرية مع حركة الشباب الإرهابية في الصومال والمعروفة بشن هجمات إرهابية في نيجيريا والقرن الأفريقي.
ونقلت المجلة، في تقرير لها، عن مسؤولين بالحكومة الصومالية ورجال استخبارات على اطلاع بهذا الشأن، قولهم إن طهران تستخدم عناصر حركة الشباب لشن هجمات ضد القوات الأمريكية والقوات الأجنبية الأخرى المتواجدة في البلاد.
وأشار التقرير إلى أن إيران تستخدم الإغراءات المالية كوسيلة لتجنيد الحركة، وتستخدم شبكة من العملاء لها في الصومال لدعم للمنظمات المتطرفة العنيفة لمواجهة نفوذ الولايات المتحدة بالمنطقة.
كما يستغل النظام الإيراني الصومال لنقل الأسلحة إلى مليشيا الحوثي الانقلابية في اليمن ونقل الأسلحة إلى دول أخرى مثل كينيا وتنزانيا وجنوب السودان وموزمبيق وجمهورية أفريقيا الوسطى.
وأوضح التقرير أن محاولات إيران لاختراق أفريقيا ليست بالجديدة، حيث عملت جماعات دينية إيرانية ووكالات الاستخبارات على مدى عقود لتأسيس مراكز ثقافية لنشر المذهب الشيعي في القارة الأفريقية.
ولفت التقرير إلى أن ضمن "هذه المساعي تقديم المنح الدراسية لجميع أبناء دول جنوب الصحراء الكبرى ومنطقة القرن الأفريقي".
وأضافت الصحيفة أن ”إيران استخدمت وسطاء لتقديم الدعم للمنظمات المتطرفة العنيفة لمواجهة نفوذ الولايات المتحدة ودول الخليج العربي، بما في ذلك استخدام الصومال لتوجيه الأسلحة إلى المتمردين الحوثيين في اليمن ونقل الأسلحة إلى دول أخرى مثل كينيا وتنزانيا وجنوب السودان وموزمبيق وجمهورية أفريقيا الوسطى“.
وقالت المجلة إن المشاركة الإيرانية في القارة الأفريقية ليست بجديدة، وعلى وجه الخصوص، عملت الجماعات الدينية الإيرانية ووكالات الاستخبارات على مدى عقود على تأسيس عمليات لنشر المذهب الشيعي ونفوذها على القارة الأفريقية، وتشمل هذه العمليات توفير فرص للمنح الدينية في جميع أنحاء أفريقيا وفي منطقة القرن الأفريقي التي تتنافس وتتصدى لنفوذ دول الخليج.
وفضلا عن ذلك، سمحت هذه الجهود التعليمية للأفريقيين بالدراسة في مراكز دينية شيعية مثل مدينة قم في إيران، ثم العودة إلى بلدانهم للمشاركة في نشر التشيع المباشر وغير المباشر لصالح أنشطة طهران، ما جعل العديد منهم متواطئين عن قصد أو غير مقصود مع أولئك الذين يسعون إلى تحقيق أهداف طهران الاستخباراتية في المنطقة.
وقال مسؤولون صوماليون إن ”الحرس الثوري هو المنظمة الإيرانية الرئيسية في الصومال، كما أقامت قوة القدس التابعة له علاقات مع الجماعات المتطرفة والشبكات الإجرامية“.
ويزعم مسؤولو الشرطة الصومالية ووزارة المالية أن قوة القدس تستخدم هذه الشبكات لتهريب النفط الإيراني إلى الصومال ومن ثم بيع النفط الرخيص عبر أفريقيا لتخطي العقوبات الأمريكية، وتستخدم بعض العائدات لدعم المسلحين في اليمن والصومال.
كما يؤكد المسؤولون العسكريون الصوماليون أن إيران تقوم بعمليات سرية لتقويض موقف الولايات المتحدة في الصومال، حيث توفر أسلحة متطورة وأجهزة متفجرة مرتجلة ومدافع هاون وكيميائيات تستخدم في صنع القنابل. ويزعم المسؤولون العسكريون أن إيران ووكلاءها متواطئون في هجمات حركة الشباب على الجيش الأمريكي والقوات الصومالية وبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال.
ويزعم مسؤول عسكري رفيع المستوى شارك في عمليات ضد حركة الشباب في جنوب وسط الصومال أن حركة الشباب تلقت دعما ماليا وماديا من إيران التي ربما تكون قد دفعت مكافآت للمسلحين لمهاجمة القوات الأمريكية في الصومال والمنطقة.
ووفقا لوزارة الدفاع الصومالية ومسؤولين أمنيين، قد تكون حركة الشباب قد استخدمت الأموال والأسلحة والذخائر الإيرانية في هجماتها في 2019 و2020 على القواعد العسكرية الأمريكية في الصومال وشمال كينيا، وكذلك على قافلة الاتحاد الأوروبي العسكرية في مقديشو.
واكتشفت قوات الأمن المشاركة في عمليات ضد حركة الشباب في جنوب وسط الصومال أسلحة ومواد خاصة بصنع القنابل ومواد كيميائية إيرانية. ويزعم هؤلاء المسؤولون أن هجمات حركة الشباب منذ عام 2017 أصبحت أكثر فتكا، ويعزون قدرات الجماعة المتزايدة إلى الأسلحة الأجنبية المصدر، والتي يأتي معظمها من إيران واليمن.
وفي 5 يناير، نفذت حركة الشباب هجوما قبل الفجر على مهبط مندا في معسكر سيمبا في شمال كينيا، وأسفر الهجوم عن مقتل ثلاثة أمريكيين، جندي ومقاولين اثنين، وتدمير معدات عسكرية أمريكية، بما في ذلك معدات المراقبة المستخدمة لدعم عمليات الاستخبارات في المنطقة.
وأشارت صحيفة ”فورين بوليسي“ إلى أن ”حركة الشباب هاجمت معسكر سيمبا بعد يومين من الغارة الأمريكية التي أسفرت عن مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، وأبو مهدي المهندس، السياسي العراقي البارز ونائب رئيس وحدات الحشد الشعبي العراقية.
وذكرت أنه ”على الرغم من أن الجماعة زعمت أنه لا توجد صلة بين مقتل سليماني والهجوم الذي شنته، إلا أن موعد الهجمات يشير إلى أن الحدثين كانا مرتبطين“.
وفي 30 سبتمبر 2019، نفذت حركة الشباب هجوما كبيرا بسيارة مفخخة واسلحة نارية على منشأة باليدوغلي، ما أدى إلى إصابة أحد أفراد القوات الأمريكية في القاعدة.
وذكرت المجلة أن ”قاعدة باليدوغلي التي تقع على بعد حوالي 60 ميلا شمال غرب مقديشو، تستضيف مئات الأفراد العسكريين والمدنيين الأمريكيين الذين يدعمون عمليات الحكومة الصومالية ضد حركة الشباب، وقد صدت القوات الصومالية التي دربتها الولايات المتحدة والجيش الأمريكي الهجوم المنسق وألحقت خسائر فادحة بحركة الشباب“.
وفي نفس اليوم، أصابت سيارة مفخخة تابعة لحركة الشباب قافلة عسكرية تابعة للاتحاد الأوروبي في مقديشو، وكانت القافلة العسكرية الإيطالية جزءا من بعثة التدريب التابعة للاتحاد الأوروبي في الصومال، وألحق الهجوم أضرارا بعربات القافلة، ولكنه لم يسفر عن أي إصابات.
وعلى الرغم من عمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية والصومالية، لا تزال حركة الشباب أكبر شبكة نشطة لتنظيم القاعدة في العالم، في حين يمثل الدعم المالي والمادي الذي تقدمه قوة القدس الإيرانية للحركة تصعيدا جديدا للأزمة وتهديدا كبيرا للمصالح الأمريكية والغربية في الصومال والمنطقة.
كما أنه على الرغم أيضا من أن عدد القوات الأمريكية في الصومال قد ازداد خلال السنوات الثلاث الماضية، فإنها قوبلت بزيادة مطردة في الهجمات التي تشنها حركة الشباب وداعش في جنوب وسط الصومال وأرض البنط وشمال كينيا.
وشرح الجنرال ”ستيفن تاونسند“: ”بعد سلسلة من الهجمات المعقدة التي استهدفت القواعد الصومالية والأمريكية في العام الماضي، حدد قادة حركة الشباب علنا الأمريكيين والمصالح الأمريكية في جميع أنحاء العالم كأهداف ذات أولوية، وهو موقف مماثل لإعلان أسامة بن لادن الحرب على الولايات المتحدة في عام 1996“.
وبحسب المجلة الأمريكية، فإنه بالإضافة إلى إيران، وسعت روسيا من نطاق اتصالاتها ونفوذها في الصومال، وأرسلت سفيرا للمرة الأولى منذ 30 عاما، لإقامة علاقات مع الجماعات المتطرفة في الدولة الهشة للضغط على القوات الأمريكية وحلفائها الغربيين في المنطقة واستنزافهم.
وقال مسؤولون كبار في وزارة الدفاع والأمن الوطني والإقليمي في الصومال، إن جهاز الاستخبارات الروسي ومجموعة فاغنر – وهي شركة مرتزقة شبه عسكرية لها علاقات مع الكرملين – نشطان في الصومال، وأقاما علاقات مع حركة الشباب، ويحاولان أيضا تقديم التدريب والمعدات للحكومة الصومالية والحكومات الإقليمية، دون رقابة أو مساءلة، مع تجنب عقوبات الأمم المتحدة.
وعلى مدى العامين الماضيين، أبدت روسيا وإيران اهتماما متجددا بالقرن الأفريقي، ووفقا لمسؤول عسكري صومالي رفيع المستوى، تعمل روسيا مع إيران لطرد الولايات المتحدة من الصومال، خاصة باليدوغلي، وهي قاعدة بناها الاتحاد السوفييتي وكانت سابقاً مركزاً رئيسيا لموسكو في المنطقة.
وبحسب ما قاله المسؤولون، أعرب الروس عن اهتمامهم بقاعدة باليدوغلي وميناء بربرة، ويخشى المسؤولون من أن الهجوم على باليدوغلي في عام 2019 كان متأثرا ومدعوما من قِبل وكلاء إيرانيين أو روس يسعون إلى إجبار الجيش الأمريكي على الخروج من القاعدة.
وأشارت المجلة إلى أنه ”بالنظر إلى أن إيران انخرطت في دعم الجماعات المتطرفة العنيفة في الصومال وفي جميع أنحاء المنطقة، كان من المتوقع أن تدعم طهران وعملاؤها حركة الشباب“.
وشرحت أن الحقيقة هي أن طهران تعاملت في مناسبات لا تحصى في السنوات الأخيرة مع مجموعة واسعة من العناصر الإسلامية في الصومال.
وتستخدم إيران هؤلاء الوكلاء في أفريقيا لإبراز نفوذها ونشر عقيدتها المتطرفة أينما وكيفما أمكنها ذلك.
وتواصل طهران استخدام الوكلاء والجماعات المتطرفة العنيفة في الصومال، لتقويض استراتيجية مكافحة الإرهاب التي تعتمدها الإدارة الأمريكية في الصومال والجهود الدولية لتحقيق الاستقرار في البلاد.
وقالت ”فورين بوليسي“ إنه ”لمواجهة هذا التهديد، ينبغي على الحكومة الأمريكية أن تركز أولا على الحد من وصول حركة الشباب إلى الدعم المالي والمادي من المصادر الأجنبية مثل إيران“.
وتابعت: ”يمكن تحقيق ذلك من خلال توسيع نطاق العقوبات لتستهدف الأفراد أو الجماعات التي تسهل أنشطة إيران في الصومال والمنطقة، وتحديد كيفية قيام المنظمات المتطرفة العنيفة في الصومال بشراء الأسلحة والمواد الكيميائية المستخدمة في مهاجمة المدنيين والمؤسسات الحكومية وقوات الأمن في المنطقة“.
وأضافت أنه عليها بعد ذلك أن تستخدم ”فرقة العمل المشتركة 150″ و“بعثة الاتحاد الأوروبي لبناء القدرات“ للتركيز على عرقلة تدفق الأسلحة والمواد الكيميائية إلى الصومال، ومساعدة الحكومة الاتحادية في الصومال على بناء خفر سواحل وغيرها من القدرات البحرية لحماية ثاني أطول ساحل في أفريقيا.
وأردفت أنه على الحكومة الأمريكية العمل على الحد من النفوذ الإيراني في القرن الأفريقي، لعرقلة أنشطة إيران ووكلائها، وهو أمر يمكن تحقيقه من خلال زيادة عمليات جمع المعلومات الاستخباراتية عن وكلاء طهران والهياكل الداعمة، وكذلك من خلال مراقبة التجارة الإيرانية مع دول المنطقة.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للولايات المتحدة استخدام العقوبات لاستهداف الأفراد والمنظمات الذين يتعاملون مع عناصر النظام الإيراني التي تخضع للعقوبات.
وشددت المجلة على ضرورة مواجهة الولايات المتحدة لإيران وروسيا والدول المارقة الأخرى، وقالت إنه على الحكومة الأمريكية زيادة المساعدات العسكرية والأمنية والاقتصادية للصومال، ودعم جهود الحكومة الصومالية لزيادة حجم وقدرات قوات الأمن الصومالية في الوقت الذي تشن فيه عمليات لمكافحة الإرهاب ومكافحة التمرد لطرد حركة الشباب وغيرها من الجماعات المتطرفة العنيفة من المناطق التي تسيطر عليها.
وختمت موضحة أن سعي حركة الشباب إلى مهاجمة الولايات المتحدة في المنطقة وخارجها يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي ومصالح السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وأشارت إلى أن هزيمة حركة الشباب والحد من تورط إيران وعملاء أجانب آخرين في الصومال يتطلبان من الحكومة الأمريكية استخدام جميع أدوات القوة الوطنية، بما في ذلك الأدوات الاقتصادية والعسكرية والأمنية والمالية، لإلحاق الهزيمة بأقوى شريك لتنظيم القاعدة في العالم.