تحذيرات ألمانية إلى أنقرة بوقف الاعتداءات على حقوق اليونان بالبحر المتوسط
الأربعاء 22/يوليو/2020 - 09:15 ص
طباعة
هاني دانيال
فى ظل شكاوى اليونان المتكررة من الانتهاكات التركية فى البحر المتوسط، دخلت ألمانيا على خط النزاع، وطالبت أنقرة بوقف الانتهاكات التى تقوم بها فورا، وضرورة احترام القانون الدولى والمعاهدات الدولية للحدود البحرية، وإلا سيكون هناك موقف أوروبي موحد من هذه الخروقات.
جاء ذلك خلال زيارة قام بها وزير الخارجية الألمانى هايكو ماس إلى أثينا، فى إطار جولة أوروبية يقوم بها هذا الأسبوع، واشتكت أثينا من الممارسات التركية الأخيرة، والانتهاكات التى تقوم بها، متجاهلة كل الدعوات التى تم تسجيلها مؤخرا.
من جانبه أوضح ماس بقوله " الموقف الألمانى واضح ، يجب احترام القانون الدوليوعلى أنقرة وقف الاستفزازات في شرق المتوسط".
أضاف: طالما واصلت أنقرة أنشطتها في شرق البحر الأبيض المتوسط ، فإن "فرض العقوبات سيكون أمراً لا مفر منه بالنسبة للاتحاد الأوروبي، خاصة وأن تركيا تضيف مشكلة جديدة ضمن أعمالها العدوانية ضد اليونان وضد قبرص وأخيرًا ضد الاتحاد الأوروبي ككل".
دعا ماس تركيا إلى التوقف عن التنقيب عن الموارد الطبيعية في مياه شرق البحر الأبيض المتوسط إذا كانت تريد تقدم في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.
فى حين قال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس إن الاتحاد الأوروبي لن يكون أمامه خيار سوى فرض عقوبات على تركيا إذا استمرت الأخيرة في خلق توترات في شرق البحر الأبيض المتوسط.
جاء ذلك بعد أن أعلنت تركيا عن خططها للمسح جنوب وشرق جزيرة كاستيلوريزو اليونانية والمناطق المتنازع عليها مع اليونان من 21 يوليو إلى 2 أغسطس، والتنقيب عن النفط والغاز، وهو ما اعتبرته اليونان خرقا غير مقبول لحقوقها التاريخية والمعاهدات الدولية، بالرغم من المحاولات التركية التى تستخدم الاتفاق مع حكومة الوفاق الليبية لتمرير هذه الخطوة.
ويري الاتحاد الأوروبي أن ما تقوم به أنقرة غير قانوني عن النفط والغاز قبالة سواحل قبرص بالإضافة إلى تحركات أنقرة لدعم حكومة الوفاق الليبية، والاتهامات الموجهة للحكومة التركية بتقويض الحريات والديموقراطية في تركيا، فضلا عن رفض الاتحاد ذاته قرار أنقرة تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد.
وفى وقت مبكر أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقولع" لا نخضع لإذن أحد سواء فيما يخص سفن المسح الجيولوجي أو سفن التنقيب، واتخذنا خطواتنا في إطار حقوقنا بشرقي المتوسط، ووفق متطلبات القانون البحري الدولي، وبعد ذلك سنواصل على نفس الشاكلة".
هذا التعنت من جانب أنقرة تراه الدول الأوروبية بمثابة تحدي جديد من إردوغان للمجتمع الدولي، ولذلك هناك دعوات من عدة دول أوروبية منها اليونان وقبرض وفرنسا لمعاقبة أنقرة بسبب بعض أو كل هذه الخلافات.
بينما يحاول وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل نزع فتيل التوتر عبر الحوار مع انقرة، ولكن كل المحاولات باءت بالفشل فى ظل مواصلة إردوغان على المضي قدما نحو تحقيق أهداف فى البحر المتوسط وليبيا، وهو ما يتطلب موقفا موحدا من اوروبا قبل الحديث عن أى عقوبات.
ألمانيا لديها ملاحظات آخري على الشأن التركى بخصوص تراجع الحريات والمسار الديموقراطي، إلى جانب اختلافها مع أنقرة فى الوضع بليبيا، فالتحدي الذى يقوم به إردوغان من تجاهل قرارات اجتماع برلين، واستمرار تسليح فصائل بعينها فى ليبيا، يثير غضب الحكومة والبرلمان فى ألمانيا، كما طفت معها مشكلة جديدة بعد أن قضت محكمة تركية قبل أيام بسجن الصحفي التركي الألماني دينيز يوجيل، من صحيفة "دي فيلت" الألمانية، لمدة ثلاث سنوات غيابيا، بعد إدانته بنشر "دعاية" داعمة لجماعة كردية، وسبق أن سجن يوجيل سابقًا في تركيا لمدة عام قبل أن يطلق سراحه.
الدعوات تتزايد من الداخل الألمانى لمعاقبة أنقرة بعد تحويلها أيضا متحف آيا صوفيا إلى مسجد، وتحدى المجتمع الدولى واليونسكو، وعدم الالتزام بالارث الثقافي والتاريخي للمكان، وهو ما يضع إردوغان صوب هجمات الحكومة الألمانية ونواب من داخل البرلمان " بوندستاج"ن فى ظل استمرار انقرة فى سياساتها العدوانية مع المجتمع الأوروبي.
ويري محللون أن انشغال القادة الأوروبين بمناقشة تداعيات جائحة كورونا على اوروبا وإنشاء صندوق إنمائي بقيمة 750 مليار يورو، منع القادة من اتخاذ قرار موحد بخصوص تركيا، حيث كانت الخلافات هى الأبرز على مناقشات قادة اوروبا خلال الأيام الماضية، وتبلورت بالقرارات الأخيرة بخصوص تخصيص مبلغ ضخم لخطة الانعاش الأوروبي، إلى جانب منح من الاتحاد الأوروبي وضمانات بقيمة 390 مليار يورو، مع دعم البلدان التي تضررت بشدة من جائحة كورونا، بالإضافة إلى ذلك تم اعتماد إطار ميزانية الاتحاد الأوروبي من 2021 إلى 2027 بحجم 1074 مليار يورو.
الأيام المقبلة ربما تكون أكثر وضوحا فى كيفية التعامل مع أنقرة، فى ضوء شكاوى رسمية قدمته أثينا، ومن قبل قدمت باريس شكوى رسمية ضد أنقرة، وبالتالى على القادة الأوروبيين سرعة التعامل مع الموقف حفاظا على الموقف الأوروبي الموحد من الأزمات التى تواجه دول الاتحاد، حفاظا على مصداقية القادة، وحماية للمصالح الأوروبية من تعنت أنقرة، خاصة وأن تنصل تركيا من اتفاقية اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي لا تزال مستمرة، وهو ما يعني أن خيار فرض العقوبات على أنقرة لا بديل عنها ما لم تتراجع تركيا سريعا عن سياساتها العدوانية.