بعد حصار حركة النهضة في تونس تركيا تبحث عن بوابة أخرى لدخول المرتزفة من نيجيريا

الثلاثاء 21/يوليو/2020 - 11:35 م
طباعة بعد حصار حركة النهضة حسام الحداد
 
حاصرت القوى السياسية في تونس خلال الأيام الماضية حركة النهضة، إلى أن تم طرد وزرائها من الحكومة والمطالبة تزداد في الشارع التونسي بمحاكمة راشد الغنوشي زعيم الحركة الموالية لأردوغان، وقد أدى هذا الحصار بشكل غير مباشر إلى توقف دخول المرتزقة السوريين التابعين لأردوغان من البوابة الغربية لليبيا مما جعل أردوغان ووزير خارجيته يبحثان عن بوابة بديلة لمد حكومة الوفاق الإخوانية بالمرتزقة الدواعش عن طريقها، ووقع اختيارهم على نيجيرا، وتواصل حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا انتهاج خطابها السياسي المزدوج الذي يعكس حالة التخبط والمراوغة التي تحاول من خلالها تبرير تدخلها العسكري في ليبيا، بينما يأتي القرار الذي اتخذه البرلمان المصري الاثنين 20 يوليو 2020، بتفويضه الجيش لحماية الأمن القومي المصري عبر التدخل عسكريا خارج البلاد، ليضع حدا للتصعيد الإعلامي والتهديد الذي دأب الرئيس التركي على اطلاقه عبر وسائل الإعلام في الأشهر الأخيرة.
وغير الرئيس رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو اليوم الثلاثاء نبرة التهديد والتصعيد بشأن الصراع في ليبيا دعما لحكومة الوفاق التي يسيطر عليها الإخوان والميليشيات في طرابلس، حيث إكتفى أردوغان خلال اجتماع تقييمي لأداء "حكومة النظام الرئاسي" في العامين الماضيين، بالقول هذه المرة "بإنهم لن يسمحوا بأي عمل متهور في ليبيا"، مؤكدا على مواصلة دعم حكومة الوفاق ضد الجيش الوطني الليبي.
وأضاف "نتابع بعض التطورات خلال الفترة الأخيرة، فلا يتهور أحد، لإننا لن نسمح بذلك أيضاً".
أما وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو فقد بدت تصريحاته التي أطلقها خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره النيجيري كالا أنكورو في العاصمة نيامي، مختلفة على غير العادة قائلا إن "الحل الوحيد في ليبيا سياسي، وكل من اختار الحل العسكري حتى اليوم مني بالهزيمة".
وأضاف تشاووش أوغلو أن أولئك الذين فضلوا الحل العسكري حتى الآن هزموا في ساحات القتال، ولم يتمكنوا من تحقيق النجاح، ولن يتمكنوا.
وأشار أنه تبادل مع أنكورو جملة من القضايا الإقليمية، وخاصة القضية الليبية، مشددا على أن الحل الوحيد فيها سياسي.
ولفت تشاووش أوغلو الذي تدخلت بلاده عسكريا في ليبيا في يناير الماضي، إلى أن "تركيا طالما أكدت الحل السياسي في ليبيا"، قائلا "لا طريق آخر للخروج من هذه الأزمة، وجميع السبل الأخرى لن تحقق نتائج لأحد".
وأعرب تشاووش أوغلو عن "رغبة تركيا في المساهمة بشكل أكبر في تنمية النيجر، وتطلعها للنهوض بقطاعات النقل والطاقة والزراعة هناك"، مشيرا إلى أنه "أبلغ يوسفو تحيات أردوغان الذي يرغب في زيارة نيامي".
يذكر أن تركيا تحاول أيضا التمدد في المنطقة عبر دول الساحل والصحراء عبر السعي لتأمين البوابة الجنوبية لليبيا بعد أن فشلت في استمالة تونس والجزائر التي زارها أردوغان مع بداية التدخل العسكري التركي في ليبيا، لذلك تشير تحركات تشاووش أوغلو إلى سعي تركي حثيث للاتجاه نحو نيجيريا وتشاد وذلك بالاستناد على الجماعات المتطرفة المدعومة منها ومن حليفتها قطر.
ولا يعكس خطاب وزير الخارجية التركي من نيجيريا تحركات بلاده التي رفضت أكثر من مبادرة لحل الأزمة في ليبيا عبر العودة إلى طاولة المفاوضات كان آخرها الدعوة المصرية لوقف إطلاق النار التي لاقت ترحيبا دوليا وإقليميا، لكن أنقرة دفعت حكومة الوفاق إلى رفضها مؤكدة أنها تسعى لدخول مدينة سرت الاستراتيجية والغنية بالنفط.
كما ساهمت تركيا في تأجيج الصراع في ليبيا منذ يناير الماضي حين تدخلت عسكريا وبشكل رسمي في الأراضي الليبية لدعم حكومة فائز السراج مباشرة بعد مؤتمر برلين الذي رعته الأمم المتحدة وباشرت خلاله أطراف الصراع مفاوضات للبدأ في حل الأزمة سياسيا وبالطرق السلمية حقنا للدماء.
ومنذ ذلك الحين لم تتوقف أنقرة عن إرسال السلاح والمرتزقة السوريين الموالين لها دعما لقوات الوفاق في طرابلس متحدية القوى العالمية والإقليمية الرافضة للتدخل الخارجي في ليبيا ومنتهكة حظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة على البلاد التي تشهد صراعا منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011.
وتأتي التصريحات التركية الداعية للحل السلمي بعد يوم فقط من  أعلن البرلمان المصري موافقته بإجماع نوابه، على "إرسال عناصر قتالية في مهام خارج حدود الدولة بالاتجاه الاستراتيجي الغربي للبلاد".
ولا تعكس تصريحات الخارجية التركية أهداف أنقرة الحقيقية على الأرض، حيث تحشد ميليشيات الوفاق بدعم منها حول سرت منذ أسابيع لاقتحام المدينة الغنية بالنفط والتي سبق أن حذرت القاهرة من أنها "خط أحمر".
وأشاد البرلمان الليبي بالموقف المصري الداعم لليبيا والتصدي للأخطار التي تهدد أمنها، معربا عن تطلعه كذلك لموقف جزائري داعم.
وقال المتحدث الرسمي باسم البرلمان عبد الله بليحق في تصريح صحفي إن قرار البرلمان المصري، جاء استجابةً لكلمة رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح أمام البرلمان المصري واستجابة لما طالب به مجلس النواب الليبي "الممثل الشرعي المنتخب من الشعب الليبي".
وأضاف أن القرار "جاء استجابةً لنداء اشقائهم الليبيين وممثليهم من مشايخ وأعيان وعُمد القبائل الليبية خلال لقائهم بفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي الأيام القليلة الماضية للتصدي لكافة الأخطار التي تُحدق بأمن ليبيا ومصر القومي المشترك وللتصدي للأطماع الخارجية في ليبيا من جانب تركيا الداعمة للإرهاب والتطرف والمليشيات الخارجة عن القانون التي لم تتوقف عن خرق قرارات مجلس الأمن الدولي والقرارات الدولية بحظر توريد الأسلحة عبر إرسالها المتواصل إلى يومنا هذا للسلاح والعتاد والمرتزقة لدعم المليشيات المسلحة"، على حد تعبيره.
كما عبّر عضوا البرلمان الليبي عيسى العريبي وزياد دغيم في بيان رسمي عن تطلعهما لموقف جزائري داعم لإرادة الشعب الليبي التي يمثلها مجلس النواب المنتخب ومطالبته المشروعة والشرعية لتفعيل الميثاق العربي والدفاع العربي المشترك ضد الاستعمار التركي المباشر.
وقال النائبان رداً على تصريحات الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، التي أعرب فيها عن قلقه من تطور الأوضاع الليبية: "نحن نتفهم حسابات الجغرافيا السياسية بين الجزائر وطرابلس ولكننا لا نتوقع من الليبيين والعرب استقبال الاستعمار التركي بالورود، والذي يستهدف استقرارنا وأمننا ومواردنا".

شارك