"ميركل" تنزع فتيل الحرب بين تركيا واليونان.. و"كارنباور" ترفض نفوذ انقرة فى ليبيا

الجمعة 24/يوليو/2020 - 09:52 ص
طباعة ميركل تنزع فتيل الحرب هاني دانيال
 

كشفت صحيفة "بيلد" الألمانية عن قيام المستشارة الألمانية انجيلا ميركل بنزع  فتيل الحرب بين كل من تركيا واليونان، على خلفية تواجد قطع بحرية وجوية للبلدين فى البحر المتوسط خلال الأيام القلية الماضية، نتيجة المحاولات التركية التنقيب عن الغاز فى مناطق متنازع عليها بين البلدين.

قامت ميركل بالاتصال هاتفيا بكل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس التركى رجب طيب إردوغان لتخفيف الصراع بين البلدين، وما نتج عن ذلك من تهدئة التوتر، ومنع نشوب حرب محتملة.

وقالت تقارير ألمانية أن هناك قطع بحرية تركية تواجدت الثلاثاء الماضي بالقرب من الجزر اليونانية بهدف التنقيب عن الغاز، وهو ما دعا اليونان لنشر العديد من القطع البحرية فى المناطق التى تواجدت بها القوات التركية، ثم عملت أنقرة على إرسال قوات جوية لتأمين القطع البحرية، وهو ما ردت عليه اليونان بالمثل، وربما كان هناك  معركة كانت تلوح فى الافق بين البلدين، وسط تحرشات تركية بالقوات اليونانية، حتى اضطرت المستشارة الألمانية للتدخل والاتصال الهاتفي مع الأطراف المعنية ونزع فتيل الأزمة.

ميركل تنزع فتيل الحرب

اليونان من جانبها لم تصمت على هذا الموقف، وشكت تركيا رسميا للاتحاد الأوروبي، وكذلك قبرص، وتضامن مع هذه الشكاوى فرنسا، التى تعرضت لموقف مماثل من قبل القطع البحرية التركية، حيث حاولت سفن حربية فرنسية منع وصول سفن تركية محملة بالسلاح إلى ليبيا، وتعاملت السفن التركية بنوع من القوة، وواصلت مهامها، وحذرت السفن الفرنسية من الاقتراب ، وإلا سيتم التعامل بالقوة.

ويري مراقبون أن الاتحاد الأوروبي عاجز عن اتخاذ موقف واضح من تركيا، فى ظل الاصرار التركى على تزويد حكومة الوفاق الليبية بالسلاح، بالرغم من الحظر الدولى لهذه العملية، وكذلك عدم الالتزام بقرارات اجتماع برلين، والتى كانت تركيا ممثله فيه، وهو ما يضع مصداقية الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولى فى مهب الريح، نتيجة عدم القدرة على منع الخروقات التركية فى ليبيا من جانب، والتحدي التركى فى البحر المتوسط، والتعدى على الحقوق اليونانية والقبرصية فى التنقيب عن الغاز.

ولكن لم يتوصل الاتحاد الأوروبي لموقف واضح حتى الآن فى التعامل مع الخروقات التركية،  ولم يتعدى الأمر سوي دعوات بصوت منخفض لوقف التنقيب التركى عن الغاز فى المتوسط، إلي جانب عدم القدرة على بلورة موقف موحد من التحدى التركى، الذى أصبح يهدد السلم الاجتماعى لدول الاتحاد وخاصة اليونان وقبرص، إلى جانب تهديد أمن دول شمال المتوسط، نتيجة تواجد عدد من المرتزقة والمسلحين فى ليبيا قادمين من سوريا وتونس وعدد من الدول الافارقة.   

وكشفت وزيرة الدفاع الألماني أنجريت كرامب كارنباور عن محاولات ألمانية لامتصاص التوتر بين تركيا واليونان بسبب التنقيب عن الغاز فى البحر المتوسط، والاتفاق مع البلدين على استضافة محادثات يشارك بها أطرافا من البلدين من أجل وضع النقاط على الحروف، وعدم قيام تركيا بالتعدى على الحقوق اليونانية فى البحر المتوسط، خشية اتساع الفجوة بين البلدين والوصول إلى مرحلة الصدام، فى الوقت الذى لم تعلق فيه تركيا على هذه المساعى، والمضي قدما نحو خططها المعلنة فى التنقيب عن الغاز فى الأسبوع الأول من أغسطس المقبل، وعدم الاهتمام بالتحذيرات الأوروبية فى هذا الشأن

على الصعيد الآخر حذرت كارنباور من أن احتمال انقسام ليبيا بين تركيا وروسيا لن يكون وضعا جيدا لأوروبا ولن يكون مفضلاً.

وتري وزارة الدفاع الألمانية أن الدعم التركى المستمر لحكومة الوفاق الليبية لا يخدم  الحل السلمى للأزمة الليبية،  ولا يتوافق مع الرغبة الدولية فى تعزيز الحلول السياسية للأزمة الليبية، وعدم الارتكان على الحلول العسكرية.

وأوضحت كارنباور أن ما أسفر عنه اجتماع برلين فى يناير الماضي لابد أن يكون محل التزام من الجميع، وأن تجاهل قرارات برلين لا يخدم المساعى الدولية والأوروبية فى إيجاد حلول مناسبة للوضع فى ليبيا.

شددت على ضرورة اتخاذ قرارات أكثر حدة لمنع تزويد الفصائل الليبية المتصارعة بالسلاح، وليس من الممكن الوقوف بمشهد المتفرج على ما يحدث بالأراضي الليبية، والتى أصبحت مليئة بالسلاح ، بالرغم من قرارات الأمم المتحدة بحظر تزويد الأطراف المتصارعة بالسلاح.

وكشفت كارنباور عن خطة ألمانيا فى تعزيز العملية "ايريني" المتعلقة بمهمة الاتحاد الأوروبي  فى البحر المتوسط لمنع وصول السلاح إلى ليبيا، من خلال إرسال فرقاطة بحرية  خلال الأيام القليلة القادمة، مع فرض عقوبات على أي دولة تنتهك هذه القرارات، وستكون ألمانيا أكثر حزما فى هذا الموقف من أجل إنجاح مهمة الاتحاد الأوروبي، وتطبيق القرارات الدولية، ووضع حد للتدخل التركى فى ليييا.

ربما تكشف الأيام المقبلة عن كيفية تعامل الاتحاد الأوروبي مع الموقف التركي، وهل تتفق دول الاتحاد على فرض عقوبات على أنقرة وحماية المصالح الأوروبية، أم تتزايد الفجوة بين دول الاتحاد، فى ظل توجسات من قبل الدول الأعضاء بأن الاتحاد لم يعد قادر على حماية مصالح الدول الأوروبية، وأن كل دولة على حدة عليها أن تدير مصالحاه وفقا لقوتها الاقليمية والدولية، وعدم الرهان على موقف أوروبي  موحد بشأن الأزمات الاقليمية  والتحديات التى تتعرض لها القارة العجوز. 

شارك