أدوات التدخل التركي في ليبيا وسوريا والعراق.. خبراء: هكذا يمكن وقف مخطط العثمانية الجديدة
اجمع خبراء مصريون على ضرورة التوحد العربي لمواجهة التدخل التركي الايراني في الدول العربية، مؤكدين أن تركيا لديها حلم استعادة الدولة العثمانية، والسيطرة على ثروات الشعوب العربية، مؤكدين أن التحالف التركي الاخوان ي تحالف مصالحي، يستهدف السيطرة على الدول العربية، وما تقوم بيه تركيا في ليبيا وسوريا والعراق والصومال وغيرها من الدول العربية، يجمع بين كون تركيا واجهة لمشروع دول كبرى في المنطقة، وايضا يجمع بين الغرور التركي لنظام الحاكم في أنقرة.
وخلال ندوة بعنوان "أدوات التدخل التركي في ليبيا وسوريا والعراق" نظمتها وكالة فرات للأنباء ANF بالتعاون مع مركز القاهرة للدراسات الكردية، مساء السبت 26 يوليو 2020، "المشروع التركي في المنطقة ملامح الوسائل والمواجهة"، أكد عدد من الخبراء العرب والكرد على أن مواجهة مشروع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان لاحتلال المنطقة واعادة احياء السلطنة العثمانية الزائلة، يستوجب الوحدة بين شعوب المنطقة لمواجهة الغزو العثماني، وضرورة وجود اجماع وتوافق إقليمي لمواجهة المشروع التوسعي لرئيس النظام التركي الذي يمثل أخطر المشاريع الخارجية التي تستهدف المنطقة، وتستوجب تحرك على المستوى الدولي أيضا في ظل تحركات النظام التركي إلى الاستفادة من التناقضات والصراعات بين القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا، لتحقيق مصالحه وضمان التغاضي عن جرائمه.
وقال الدكتور مختار الغباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن مواجهة المشروعات التوسعية التي تستهدف كامل المنطقة لا يمكن ان تتم بأي صورة من الصور على المستوى القطري أي من خلال جهود كل دولة عربية على حدة، بل لابد من تكامل الجهود العربية والاقليمية لتحقيق ذلك.
وتابع المتحدث الرئيس بالندوة: "عندما نتحدث عن جزء من واقع العالم العربي حري بنا ان نتحدث عن تركيا، فهناك ثلاثة قوى اقليمية او اربعة اذا اضفنا لهم اسرائيل، وقوتين دوليتين وقوة صاعدة وهي الصين تمثل تفاعلاتهم نحو المنطقة محركا للاحداث التي نشهدها حاليا."
وحول المحطات الرئيسية التي تؤرخ للمشروعات الاقليمية التوسعية في المنطقة وتعد اساس التدخلات الراهنة، لفت الغباشي إلى أن هناك بعض التواريخ المفصلية ومن بينها عام 1959 وهو تاريخ وجود ما يسمى اتفاقية الرمح الثلاثي التي جمعت تركيا وايران واسرائيل واثيوبيا، وكان ملمح خبيث ومقترح من رئيس الموساد الاسرائيلي في ذلك التوقيت، الذي اقترح على الولايات المتحدة ضرورة تكوين حلف يستطيع ان يلتف حول العالم العربي ويسيطر عليه وعلى مقدرات المنطقة".
واشار الغباشي إلى أهمية عام 1987 بدايات حلم تركيا فعليا بالدخول إلى الاتحاد الأوروبي، قبل التحول إلى حلم الهيمنة على العالم العربي، وكذا تاريخ السيطرة على لواء الاسكندرون السوري عام 1939، وهو ملمح مهم جدا لآليات السيطرة التركية على العالم العربي ويدل على ان المشروع التوسعي التركي يتجاوز ايديولوجية أردوغان التي طورت هذه النزعة التوسعية وصبغتها بالصبغة الدينية والقومية المتعصبة، مشيرا أيضا إلى التحكم التركي في مياه نهري دجلة والفرات منذ عام 1998، كما لفت إلى ما شهده العام 2017 حيث دخول قطر في حلف مع تركيا والتعبير عن الحلم التركي للسيطرة على جزيرة سواكن السودانية.
واستكمل الغباشي: "هذه التواريخ تحمل في طياتها معاني كثيرة جدا، حلم السيطرة على منطقتنا، بعدما ادركت تركيا ان دخول الاتحاد الأوروبي حلم بعيد المنال، وادراك أنقرة ان دول الاتحاد الأوروبي تقبل فقط وجود تركيا على البوابة دون دخولها او الابتعاد عنها كثيرا، ولذلك يأتي دور تركيا في حلف الناتو ويعطينا تفسير مهم لآليات السكون داخل الساحات التي تتدخل فيها تركيا سواء في سوريا او ليبيا او الوجود التركي في الخليج منذ اتفاقيات عام 2008".
واعتبر الغباشي ان تركيا تقوم بتشجيع من القوى الاخرى بالتحرك في بعض الملفات والمناطق في اطار تحالفاتها وعضويتها في حلف الناتو، مضيفا "تركيا وجدت داخل الساحة الليبية من اجل تأمين اتفاقية شرق المتوسط لمواجهة قبرص ومصر واليونان والدول الأوروبية الداعمة لمشروعات الغاز في شرق المتوسط، ولذلك مصر حددت خط سرت الجفرة من أجل منع تركيا من تحقيق مطامعها وعلى رأسها الهيمنة على منابع النفط في ليبيا حيث الهلال النفطي الذي تسعى تركيا للسيطرة عليه بكل الوسائل الممكنة، كما فشلت مساعي تركيا للهيمنة على الجزيرة السودانية سواكن لايجاد موطئ قدم على البحر الأحمر اضافي بعد التواجد في الصومال".
وتابع "خروج تركيا من الساحات التي تدخلت فيها يتطلب اجماعا عربيا إن لم يكن اقليميا ودوليا بالاضافة إلى تغير انظمة وحكومات بالمنطقة التي استغلتها تركيا كوكلاء محليين لتدخلاتها كما هو الحال مع حكومة الوفاق الليبية على سبيل المثال، وقد تجاوزتها الاحداث رغم ما يزعم بأنه شرعية دولية ممنوحة لها".
وتسائل نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية قائلا: "هي تكون مواجهة هذا الوجود قطرية أم عربية أم اقليمية أم دولية؟"، مضيفا: "العديد من الخبراء يرون انه لولا الضوء الأخضر الأمريكي لما سمح بالتدخلات التركية، الدليل ان هناك مناورة تلعبها تركيا بذكاء بين الولايات المتحدة والروس، عندما طالبت بالبترويت ورفضت واشنطن ثم سارعت موسكو إلى منحها الـ إس-400، ثم مدتها بالسوخوي 35 بعد ايقاف دورها في اف35."
وقال الغباشي "المواجهة ارتبطت على الشكل القطري او العربي واختزل منه التأييد الاقليمي والدولي من خلال لعبة المصلحة. هل يمكن للقوى الكبرى والاقليمية مواجهة تركيا في ملف معين وخسارتها في اطار صراع على المستوى الدولي تلعب فيه تركيا دور موازن بين القوتين العظمتين؟ هذا سؤال يعكس معضلة مواجهة الدور التركي على المستوى الدولي، دون موقف محدد للقوى الدولية، فلعبة التحالفات الكبيرة جعلت اطراف كبيرة نحن في أمس الحاجة إلى دعمها في معزل عن مواجهتنا مع تركيا على المستويين القطري والعربي".
واختتم الغباشي حديثه عن مواجهة المشروع التركي بالقول: "لا يمكن تحميل مصر آليات مواجهة التدخلات التركية داخل سوريا او ليبيا او حل القضية الفلسطينية."
وأعتبر الغباشي خلال حديثه الكرد ظلوا ضحية تحالفات اقليمية ودولية خلال الأزمة السورية، على الرغم من دورهم الرئيسي في استعادة الاستقرار في مساحة شاسعة من الاراضي السورية وتحريرها من سيطرة تنظيم داعش الذي اعلن دولته فيها بدعم تركي، وتابع: "القومية الكردية عنصر مهم جدا في الامن القومي العربي لأن الأمة الكردية كقومية كبيرة لديها حلم الدولة، وهو ما يؤرق النظام التركي الذي اغتصب حقوقهم ويواصل اغتصابها داخل تركيا وخارجها ويريد منع نجاح اي تجربة كردية للحكم الذاتي".
وقال الاعلامي المصري عاصم بكري إن هذا التصاعد للدورين التركي والايراني هو خصم من الادوار العربية والدور المصري بوجه خاص، ولولا تراجع هذا الدور لما صعدت تركيا وايران من دورهما في المنطقة، بالاضافة إلى الادوار الغائبة او المنتقصة لسوريا والعراق وبقية الدول العربية.
وتساءل "بكري" عن حقيقة الدور التركيـ قائلا " هل هي اوهام عثمانية ام انها مجرد ادوار وظيفية لدى القوى العظمى، وهل كان من الممكن ان يكون الدور التركي بهذا الانطلاق والسماح المطلق الا وهم يراقبون هذا الدور الى ان ينتهي بفناء محتم بعد ان يمارس دوره في تقسيم المقسم وتفتيت المفتت؟".
وتابع "بكري" هل استطاع اردوغان ان يروج للحلم وكأنه يمكن الامساك به باليد ام انه مجرد وهم يدركه الشارع التركي ويعلم انه خصم من اولوياته الاقتصادية والمعيشية. هل يستطيع العالم العربي مواجهة هذا المشروع؟
وشدد الاعلامي المصري على موقف مصر في ليبيا يؤكد ان بعض الدول العربية حاضرة وتستطيع ان تنفذ ارادتها في الوقت المناسب، ووقف المخطط التركي والمخطط لتفتيت الدول العربية، وانقاذ الوطن العربي من براثن المخطط التخريبي الذي يستهدف الدول العربية.
وشدد "بكري" على انه "ينبغي لأي أمة بهذا الحجم الانتباه الى ما يحيط بحاضرها ويرثر على مستقبلها، ومن شروط هذا الانتباه أن تعكف النخبة على دراسة ملامح التحولات والتواريخ والمراحل التي نمر بها".