لجنة أمريكية تتهم تركيا بانتهاك الحريات الدينية في سوريا.. هل يحاكم أردوغان بارتكاب جرائم حرب؟
مع تصاعد الانتهاكات التركية في سوريا ، بما يمثل جرائم حرب يحاسب عليها
رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، جاء
تقرير لجنة أمريكية ليؤكد على انتهاكات ميليشيات تركيا في سوريا، وخاصة بحق
الاقليات الدينية.
ومنذ أن احتلت تركيا مدينة عفرين السورية بتاريخ 18 مارس 2018، لم تسلم المزارات
الدينية المنتشرة في قُرى عفرين من التخريب، التدمير والنهب، سواء أكانت المزارات عائدة
للإيزيديين أو العلويين وحتى المسلمين، رغم ادعاء تركيا وفصائلها أنهم يُمثلون الإسلام!
فبات جميع تلك المزارات مُدمّرة مع تعرّضها للنهب.
وقالت أنوريما بهارجافا ونادين ماينزا من اللجنة الأمريكية الدولية للحرية الدينية،
إنه يجب على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي اتخاذ إجراءات ضد انتهاك تركيا للحقوق
وللحريات الدينية التي تستهدف اليزيديين والمسيحيين والأكراد في سوريا.
وأكدت اللجنة أنّه يجب على واشنطن أن تعترف وتفكر بوضوح في التداعيات المأساوية
للعمليات التركية عبر الحدود، والتي لا تستهدف القوات الكردية فقط، إذ أنّها تشكل خطرا
واضحا وقائما على الحرية الدينية في شمال شرق سوريا.
كما شدّدت على أنّه يتعين على الولايات المتحدة الضغط على أنقرة بشأن وضع جدول
زمني لانسحابها من البلاد، وذلك في ضوء ما يمكن أن يُشكله وجود تركيا المستمر في المنطقة
من تفاقم لعمليات الاختفاء القسري والتطهير الديني والعرقي لليزيديين والمسيحيين والأقليات
الأخرى.
وبتعرّض الإيزيديون والأقليات الضعيفة الأخرى في البلد الذي مزقته الحرب، للعنف
على أيدي الجيش التركي وفصائل الجيش الوطني السوري التي تدعمها تركيا، بعد غزوهم واحتلالهم
لمساحة واسعة من شمال سوريا في 2018 و2019، وفقاً لما كتبته بهارجافا وماينزا في مجلة
نيوزويك أمس السبت.
واتهم مدنيون المتمردين السوريين المدعومين من تركيا بارتكاب انتهاكات جسيمة
ضدّ الأقليات السورية، وذلك بعد احتلالهم لجيب عفرين الكردي شمال غرب سوريا في
2018.
وتمّ قتل المئات من الأيزيديين، واستعباد الآلاف منهم، وهم أعضاء في طائفة دينية
سكنت المنطقة منذ عصور ما قبل الإسلام، في إبادة جماعية قام بها تنظيم الدولة الإسلامية
(داعش) ابتداء من عام 2014.
ويبدو أنّ نفس الأمر بات يتكرر اليوم بإشراف الجيش التركي، حيث ذكر المقال أنّ
منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة، وثقت الانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها الأقليات
اليزيدية والمسيحية والكردية، وذلك في تقارير أكدت مقتل واغتصاب واختطاف الكثيرين من
تلك الأقليات.
ووثقت "شبكة نشطاء عفرين " تعرّض مزار "سلطان شيخ موس العنزلي"
الذي يقع في "سهل ميدانا" الواسع وتحديداً إلى الجنوب من قرية "كاوندا"
التابعة لناحية "راجو" ووسط المقبرة.
بعد نحو شهرين من الاحتلال التركي لمدينة عفرين تعرّض مزار "شيخ موس العنزلي"
للنهب والتدمير على يد مرتزقة "فيلق الشام" و"لواء أحرار الشام"
الارهابيان، بهدف البحث عن الكنوز واللقى الأثرية! دون أي اعتبار للمكانة التي يحظى
بها المزار الديني لدى أهالي القرى المجاورة.
وقام الفصيلين الارهابيين بقطع الأشجار المعمّرة والمُباركة التي تُحيط بالمزار،
إضافةً إلى الغابة الحرجية، مع العلم أن التقاليد تُحرّم قطعها. وحينها تمّ عرض مقطع
مصور يُظهر قطع الأشجار بعد نحو أسبوع.
ومنذ سيطرة القوات المسلحة التركية على منطقة عفرين بريف حلب قامت بجرف الكثير
من القبور، والمزارات الدينية، والمراكز الثقافية والمواقع الأثرية العائدة للأكراد
والإيزيديين والمسيحيين على حد سواء، ضمن مسعى طمس معالم المدينة الأصلية، ومسح ذاكرتها
الاجتماعية والتاريخية، والدينية.
كما كشفت اللجنة الأمريكية الدولية للحرية الدينية، أنّه منذ بدء التوغل التركي
شمال سوريا، قامت تركيا والفصائل التي تدعمها بقصف عشوائي لمناطق المدنيين، وقتلت الكثيرين
منهم، كما احتلت منازل ومحلات مدنية خاصة بشكل غير قانوني ونهبت ممتلكات أصحابها.
ونقل المقال أيضاً عن سارة كيالي من منظمة هيومن رايتس ووتش قولها، إنّ العديد
من عمال الإغاثة "اختفوا قسراً أثناء العمل في مناطقهم".
وتدخلت تركيا في شمال سوريا في ثلاث عمليات عسكرية مختلفة منذ صيف سنة 2016،
مما مكنها من السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي، وفتح مدارسها إلى جانب فروع لسلطاتها
الدينية العليا، رئاسة الشؤون الدينية والمعروفة باسم ديانت، إلى جانب عدد من خدمات
"التتريك" الأخرى.
ويعيش من تبقى من سكان شمال سوريا في مناطق "دراع الفرات" و"غصن
الزيتون" و"نبع السلام" ورفض التهجير، مأساة إنسانية حقيقية تحرمه من
أبسط حقوقه في الحياة، وسط صمت دولي وأممي عن انتهاكات القوات التركية التي ادّعت أنها
جاءت لتخليص المنطقة من القوات الكردية والفصائل المُتطرفة.
وقامت الفصائل السورية المدعومة من الجيش التركي، بطرد عشرات الآلاف من العوائل
من مساكنها بذريعة ارتباطهم بوحدات حماية الشعب الكردية السورية.
ويجري استخدام تلك المناطق وممتلكاتها، كوسيلة من الجانب التركي لإشغال الفصائل
التابعة له، والذين تعمدوا تنفيذ عمليات نهب جماعية وسرقة واسعة للممتلكات الخاصة والعامة
على حدّ سواء، وذلك على الرغم من نقل الآلاف من المقاتلين السوريين للعمل كمرتزقة في
ليبيا، مع استعدادات حالياً لنقل آخرين منهم لليمن لدعم حركة الإصلاح الإخوانية المؤيدة
لحزب العدالة والتنمية الإسلامي التركي الحاكم.
وأكد المركز تتزايد حالات
استهداف الإيزيديين في عفرين، في مسعى لتهجير من تبقى منهم، وقال المركز أن المليشيات
السورية الموالية لتركية تجبرهم على اعتناق الإسلام، وتفرض عليهم التوجه للمساجد الاسلامية
للصلاة، وهي منازل لهم تمت مصادرتها وتحويلها الى جوامع ورفع الآذان والاناشيد الاسلامية
فيها.
وأضاف المركز أنه ومنذ
فرض تركيا سيطرتها على منطقة عفرين، سجلت العشرات من انتهاكات حقوق الإنسان التي طالت
الإيزيديين من تدمير أماكن العبادة والمزارات المقدسة وسرقة محتوياتها، وتهجير السكان
واعتقالهم.
هذه الاعتداءات والجرائم
التي تحصل في مدينة عفرين تكون بإشراف كامل من قبل الاستخبارات التركية التي تسعى لطمس
هوية عفرين التي تتميز بالتعدّد الديني والمذهبي.
وفي وقت سابق أصدرت سبع
منظمات حقوقية في سوريا بيانا مشتكرا رصد ضحايا اعتداءات قوات الاحتلال التركية وضحايا
الانتهاكات المتعددة في سوريا، موضحا أنه :"مازلنا في المنظمات المدافعة عن حقوق
الإنسان في سورية، وفي سياق عملنا برصد ومتابعة وتوثيق ونشر جميع الانتهاكات المرتكبة
على الاراضي السورية , من القوات التركية المعتدية والمسلحين المتعاونين معها , في
مناطق الشمال السوري في ادلب وريفها وفي ريف حلب وفي عفرين وريفها, وانتشار العمليات
الإرهابية في دير الزور وريفها وريف حماه وريف حمص ودرعا وريفها, من قبل عناصر مسلحة
تابعة لما يسمى ب"تنظيم الدولة الإسلامية – داعش" ومن قبل عناصر تنتمي الى
عدة فصائل إرهابية منتشرة في مختلف المناطق , إضافة للانتهاكات المرتكبة من عدة أطراف
حكومية وغير حكومية".
واضافت المنظامات الحقوقية
السورية :"علاوة على ضحايا انفجارات الألغام المزروعة بمختلف المناطق والتفجيرات
الإرهابية وعمليات الاغتيالات والتصفيات والقصف العشوائي بحق المدنيين العزل والاختفاءات
القسرية, مما أدى الى ازدياد حالات التدمير والتخريب للعديد من المنشآت البنية التحية
والخدمية والصحية ومحطات المياه والكهرباء والمراكز الصحية وحرق وتخريب الأراضي والمنازل
والمحلات, وقد أدت هذه الاعتداءات الى سقوط العديد من القتلى والجرحى من المدنيين الأطفال
والنساء والشيوخ".