تجدد المخاوف البريطانية من غياب قانون ينظم عمل الجمعيات الخيرية
الإثنين 27/يوليو/2020 - 12:19 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
المساحات الهائلة التي حظيت بها المراكز الثقافية والاجتماعية في أوروبا، وسمحت لها بالنشاط تحت غطاء العمل الخيري والتنموي، بدأت تتقلص وتتراجع مؤخراً، إثر سقوطها في مدارات الأمن والاستخبارات الغربية؛ إذ كشفت عن دعمها المالي واللوجيستي لكيانات وأفراد، مصنّفين على قائمة التنظيمات الإرهابية، وتشكّل تهديدات أمنية في مناطق تواجدها بأوروبا أو منطقة الشرق الأوسط، فضلاً عن ولائها المباشر للأجهزة الأمنية والميلشيات العسكرية، سواء في إيران أو تركيا.
وتتخطى تلك المراكز الثقافية والاجتماعية، طبيعة الأدوار الخدمية والأنشطة المعرفية، إلى توظيف تلك المنصات، ومن ثم، تحويلها إلى أدوات أيديولوجية، لممارسة الدعاية السياسية والعقائدية لجماعات معينة، من اجل بناء شبكة واسعة وممتدة، يكون بمقدورها تشكيل عدة اصطفافات بين المهاجرين العرب والمسلمين من ناحية، وبعض الدوائر السياسية في الخارج، من ناحية أخرى، لتحقيق الهيمنة والتأثير، إضافة إلى تمرير الأهداف الإقليمية والخارجية على الساحة الدولية.
ولكن مع غياب قانون واضح ينظم عمل المراكز الثقافية والاجتماعية والجمعيات الخيرية تثور مخاوف عدة من أن بعضها قد يؤدي دورًا خفيًا في دعم حركات غير قانونية أو تنظيمات إرهابية خارج الحدود، أو حتى يتبنى خطابًا يحض على الكراهية.
يأتي هذا في الوقت الذي كشفت فيه صحيفة التايمز البريطانية في تحقيق لها عن منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي لحشمت خليفة أحد المسئولين المهمين في منظمة الإغاثة الإسلامية، تبنى فيها خطابًا يحض على الكراهية ولا يتناغم مع قيم التسامح التي تروج لها المنظمة، الأمر الذي دفع خليفة للاستقالة من المنظمة، لكن الاستقالة أثارت مجددًا التساؤلات حول ضرورة وجود قانون ينظم عمل هذه الجمعيات في بريطانيا.
ويرى المتابعون أن المشكلة الحقيقية تتجسد في أنه إذا كان هناك روابط بين منظمة الإغاثة الإسلامية وحركة حماس فهي روابط خفيفة مثل الروابط السياسية التي راد لها أن تكون سرية لأنها لو كانت علنية لمثلت خرقًا صريحًا للقواعد المعمول بها في بريطانيا والهيئة المسئولة بدأت تحقيق في هذا الشأن وستنظر في مجموعة من المعايير منها أي علاقات سياسية للمنظمة.
وبينما فتحت الهيئة المسئولة عن الإشراف على عمل الجمعيات الخيرية في بريطانيا تحقيقًا بشأن ما نشرته صحيفة التايمز تتصاعد المطالبات بتطبيق رقابة أوسع على عمل الجمعيات الخيرية، خاصة مع وجود ارتباطات معروفة لبعضها بتنظيمات سياسية ليس في بريطانيا وحدها ولكن في أوروبا كلها.
ويرى المراقبون ان هناك فجوة في النظام القانوني والمالي في بريطانيا وأوروبا بشكل عام تستفيد منها التنظيمات الإسلامية التي تحاول أن توظف هذه القوانين لتمويل جماعات سواء كانت موالية لإيران أو تركيا.
ولاشك أنه هذه مشكلة جديدة قديمة يتعين على الحكومة البريطانية أن تتعامل معها وهي تتحدث عن جهود تبذلها لمكافحة الإرهاب والتصدي لخطاب الكراهية.
ففي ذروة الأزمة السورية نشرت صحف بريطانية تقارير عن أموال تخرج من بريطانيا تحت ستار مساعدة المنكوبين من الحرب والهاربين من ويلاتها لكنها في الحقيقة كانت تصل إلى تنظيمات إرهابية في سوريا والعراق وهو أمر قالت الحكومة البريطانية وقتها أنها ستحقق فيه لكن نتائج هذا التحقيق لم تنشر حتى الآن مما يعني بحسب المراقبين أن هذه الممارسات مازالت مستمرة ولكنها فقط توجه إلى تنظيمات إرهابية في دول أخرى.