تعزيزًا لقدرات إفريقيا على التصدي للإرهاب.. تأسيس مكتب أممي في المغرب لمكافحة الإرهاب

الجمعة 09/أكتوبر/2020 - 12:43 م
طباعة تعزيزًا لقدرات إفريقيا فاطمة عبدالغني
 
وقع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، وفلاديمير فورونكوف، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب اتفاقًا لإحداث مكتب لمكافحة الإرهاب والتدريب. 
وبناء على هذه الاتفاقية التي وقعت افتراضيًا سيتم إحداث مكتب للتدريب ومكافحة الإرهاب موجه للقارة الأفريقية على أن يكون مقره في المغرب والمهمة ستنصب على تعزيز الجهود لمواجهة التهديدات الإرهابية المتزايدة في إفريقيا.
وقال وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، في كلمة له، إن هذا المكتب سيعمل على بلورة برامج في مجال مُكافحة الإرهاب، الغرض منها تعزيز قدرات الدول الأعضاء.  
ولفت إلى أن تأسيس المكتب يأتي في وقت تتنامى الأعمال الإرهابية في القارة السمراء، مؤكداً أن هذه الأعمال تزايدت بنسبة 31 % منذ 2011، لتصل إلى 4100 هجوم في النصف الأول من العام الجاري، في حين ارتفع عدد الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة 26 % في عام واحد (12507 مقابل 9944 في النصف الأول من عام 2019).
وأضاف، في منطقة الساحل، التي شهدت أكبر تجدد لأعمال العنف، تضاعفت هجمات الجماعات الإرهابية سبع مرات منذ منتصف 2017، أما بحيرة تشاد فقد تضاعف تقريبا عدد ضحايا الهجمات الإرهابية لجماعة "بوكو حرام" و"داعش" منذ يونيو 2017 ليصل إلى 964 شخصا.
وخلص بوريطة إلى أن هذه الأرقام تؤكد أن أفريقيا بحاجة إلى عمل "فوري وحازم" لتحقيق الاستقرار، وتعزيز أمنها، وتمكينها من التركيز على التنمية المستدامة.
وبدوره، قال الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف، إن الخطوة تُعد "مرحلة طبيعية" في إطار تعزيز قدرة المملكة على مكافحة الإرهاب في أفريقيا. ووصف فورونكوف افتتاح المكتب بأنها خطوة "تاريخية، ومنطقية".
وشدد على أن الأمر لا يتعلق بتأسيس حضور ميداني، وإنما يتعلق "بامتداد في المغرب" لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، معربا عن اقتناعه بأن هذا "النموذج سيكون مشجعا للعديد من البلدان في السنوات القادمة".
وأكد المتحدث، أن المكتب، وهو الأول من نوعه في أفريقيا، سيساهم بشكل كبير في مكافحة الإرهاب وحفظ الأمن على الحدود.
ولفت إلى أن المكتب سيشكل بنية "مبتكرة للغاية" من شأنها أن تساعد دول الجوار والقارة الأفريقية على تطوير قدراتها وزيادة فعالية أنشطتها في مكافحة الإرهاب.
وأشار إلى أن المكتب سيتولى أيضا تنسيق أنشطة مكافحة الإرهاب في هذه المنطقة، مشيرا إلى الأهمية الجغرافية لأفريقيا جنوب الصحراء، والتي تعد أيضا "مصدر قلق بسبب الانتشار السريع للإرهاب". 
ويأتي اختيار المغرب لاحتضان هذا المكتب قرأ فيه المتتبعون اعترافًا دوليًا بتفوق الأجهزة الأمنية المغربية وإقرارًا بنجاعة خطط المغرب الاستباقية في مواجهة مخاطر الإرهاب والتطرف.
ومن جهته أكد محمد بودن الأكاديمي والمحلل السياسي المغربي أن هذا التوقيع يمثل دليلا على ثقة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في الاستراتيجية المغربية لمكافحة الإرهاب، فضلا عن تقدير انخراط الرباط في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
ويرى بودن "أن العمل الذي يقوم به المغرب يعتبر عملا مكملا لجهود الأمم المتحدة وهو امتداد للعلاقة الاستراتيجية بينهما، إضافة إلى كون الأمم المتحدة مهتمة بالانفتاح بشكل أعمق على القارة الأفريقية وبناء نقطة اتصال لمكافحة الإرهاب ومعالجة جذوره".
ومن المقرر أن يعتمد المكتب برنامج تدريب متطورًا يواكب التعقيدات التي تنطوي عليها المهمات المطلوبة والتي ترتبط أساسًا بترصد الخطط الإرهابية وإحباطها.
ويؤكد المحلل السياسي عبد الفتاح بلعمشي، أن السياسة الأمنية المغربية في السنوات الأخيرة "تشتغل بشكل استباقي، مكّنها من كسب سمعة دولية في التعامل مع الخلايا الإرهابية".
واعتبر بلعمشي أن المغرب، أصبح يقف "سدا منيعا" أمام تمدد الخلايا الإرهابية نحو أوروبا، وهو ما يترجمه حجم الاتفاقيات الثنائية والدولية التي تبرمها الرباط في مجال الأمن، بالإضافة إلى انخراط المغرب في المنتديات العالمية لمكافحة الإرهاب.
وشدد الأكاديمي المغربي على أنه إلى جانب السياسة الاستباقية، "ينهج المغرب مقاربة شمولية في مكافحة الإرهاب، تتمثل في إصلاح الحقل الديني، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومنع الإرهابيين من الحصول على بيئة مناسبة لزرع أفكارهم وتنفيذ مخططاتهم".
وحسب مراقبين فإن النفوذ المتنامي للمغرب داخل القارة الأفريقية وجهوده الأخيرة لتعزيز نموذج التعاون بين البلدان الأفريقية، جعلا منه حليفا لا غنى عنه في استراتيجية أفريقيا في التصدي للإرهاب على المستوى الدولي.
ويتزامن إنشاء المكتب الأممي مع تفكيك المغرب، الاثنين 5 أكتوبر، خلية إرهابية تنشط في مدينة طنجة، حيث تم اعتقال 4 أشخاص وتوقيف قائد الخلية، التي بايعت تنظيم داعش الإرهابي.
ويأتي تفكيك الخلية الإرهابية بعد نحو شهر، من قيام قوات الأمن المغربية، بعملية خاصة ومتزامنة في أربع مدن، مكنت من الإطاحة بخلية إرهابية موالية لتنظيم داعش، كانت تخطط لاستهداف "شخصيات عامة ومسؤولين عسكريين ومقرات لأجهزة الأمن" في المغرب.
يذكر أن المغرب أنشأ في 2015 المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذي يوصف بـ"إف بي آي" المغرب، نظرا للعمليات الأمنية الدقيقة التي يقوم بها، خاصة في مجال مطاردة الخلايا الإرهابية. وقد تمكن المكتب من تفكيك عشرات الخلايا التي كانت تنوي تنفيذ هجمات بالمغرب.

شارك