التهجير والتغيير الديمغرافي.. ايزيدي وكرد سوريا يطالبون الامم المتحدة بفتح تحقيق دولي في جرائم تركيا

السبت 10/أكتوبر/2020 - 04:09 م
طباعة التهجير والتغيير علي رجب
 

طالب مجلس ايزديي سوريا وتيار مستقبل كردستان سوريا، للاحتلال  التركي لمناطق لاحتلال رأس العين «سرى كانيه» وتل أبيض «كرى سبي»، الأمم المتحدة بفتح تحقيق مستقل حول الانتهاكات التي ارتكبت بحقّ مدنيّي المناطق المحتلّة وتقديم الجناة إلى المحاكم الدولية المعنية بهذه الجرائم .

وشنت تركيا والموالون لها من المليشيات المسلحة هجوماً على شمال وشرق سوريا في الـ9 من أكتوبر2018 .

وقال البيان المشترك لمجلس ايزديي سوريا وتيار مستقبل كردستان سوريا «عام يمضي على شنّ تركيا وفصائلها هجماتها المسلحة على مدينة سري كانيه وصولاً إلى كري سبي وريفها ، واحتلالهما وبعمق 32 كم  بذريعة حماية الأمن القومي التركي وإقامة منطقة آمنة لإعادة وتوطين المهجّرين السوريّين المقيمين في تركيا»

وأضاف البيان المشترك  «عام يمضي على جرائم الخطف والاعتقال والتغيير الديمغّرافي والاستيلاء على الاراضي والممتلكات وقطع المياه عن  مدينة الحسكة ».

وتابع البيان المشترك  «عام يمضي وتركيا لم تكفّ عن التأكيد بانها لم تدخل الى هذه المناطق الا لإبعاد حزب (ب ك ك ) وتشكيل منطقة " امنة " لإعادة وتوطين السوريين المقيمين فيها ، في الوقت الذي قامت فيه الفصائل المسلحة بجرائمها ومنذ بدء الثورة بإفراغ سري كانيه والقرى الايزيدية من سكانها بغية انهاء المكون الايزيدي وهو ما يناقض تطلعات  سكان المنطقة في ان تكون امنة بحق وحقيقة  والّا يتم استهدافهم او استهداف ممتلكاتهم ، والسماح للهاربين من جحيّم المعارك بالعودة الى منازلهم والعيش حياة طبيعية وامنة  وقد عكست هذه الجرائم  الوجه السيّء لهذه الفصائل ، وتجسدت في المزيد من الانتهاكات وعمليات الخطف والاستيلاء، وفرض الفدية والاتاوات التي اصّبحت الحاضر الابّرز في سري كانيه وكري سبي وقراها بعيداً عن الوطنية السوريّة والعمق الانساني».

وقال مجلس ايزديي سوريا وتيار مستقبل كردستان سوريا إن « الاوهام الانفصالية هي ذريعة تستخدمها  تركيا والمجموعات المرتبطة بها لشنّ هذه الحرب الشّاملة على المناطق الكردية ، وهو التفسير لكل العمليات التي تجريها ، وبالأخص التغيير الديمغّرافي ، ومنع الاهالي من العودة الى منازلهم واحلال العناصر الاخرى مكانهم ، والتي لا تمتلك أي منظّور وطني ، وفارغة من الفكر والسياسة ، وتستمد حضورها من تبعيتها للدولة التركية» .

ودعا مجلس ايزيديي سوريا وتيّار مستقبل كردستان سوريا الأمم المتّحدة بتحمّل مسؤوليّاتها و ضمان عودة النازحيّن إلى مدنهم وقراهم ، وتعويض المتضرّرين والالّتزام بالمعاهدات الدوليّة ومواثيّق الأمم المتّحدة ومعاهدة حماية السكّان المدنيّين أثناء الحروب، والاسراع في انجازالحل  السياسي وفق القرار 2254 ، والعمل على إخراج القوات الاجنبيّة من الأراضي السوريّة ، وفتح تحقيق مستقل حول الانتهاكات التي ارتكبت بحقّ مدنيّي المناطق المحتلّة وتقديم الجناة إلى المحاكم الدولية المعنية بهذه الجرائم .

وفي مايو 2020 أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن بلاده بدأت العمل على إسكان مليون شخص في مدينتي تل أبيض ورأس العين، وذلك في حديثه أمام وزراء الشؤون الاجتماعية بمنظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول.

ورصدت تقارير حقوقية إجبار ميليشيا فصيل "سليمان شاه" المعروف بـ"العمشات"،  سكان عفرين وتل ابيض ورأس العين، على الخروج من منازلهم ووضعهم في مخيمات عشوائية.

كما استقدمت الميليشيا عناصر من عدة كتائب تابعة للفصيل، واتخذوا منازل المدنيين مقرات لهم، إضافة إلى قيام عناصر أمنية تابعة لما يعرف بـ"جيش الشرقية" الموالي لتركيا، بتهديد نحو 50 عائلة نازحة من مناطق العمليات العسكرية خلال الفترة الأخيرة ضمن محافظتي إدلب وحلب، وإجبارهم على إخلاء المنازل التي يقطنونها في مدينة جنديرس بريف عفرين شمال غرب حلب خلال مهلة محددة، وفي حال رفض الأهالي يتم طردهم بقوة السلاح، ما يهدف إلى تغيير الواقع الديموغرافي في المدينة لصالح النفوذ التركي ومقاتليه.

 

وسبق أن اتهمت جهات حقوقية ومنظمات أممية، القوات التركية والفصائل السورية التابعة لها، بالقيام بالتطهير العرقي والتغيير الديموغرافي في عدّة مناطق بسورية.

و حذرت "الإدارة الذاتية" الكردية في شمال وشرق سوريا، من أن "تركيا تعمل على تقديم مشاريع راديكالية بهدف خلق الفوضى، وكذلك العمل على تغيير هوية المناطق الأصلية عبر ممارساتها في التغيير الديمغرافي"، منتقدة صمت الأمم المتحدة.

وأشارت إلى أن تركيا "تسعى إلى تغيير هوية المناطق التي سيطرت عليها بشتى الوسائل والعمل على توطين لاجئين ممن لديها الآن والبالغ عددهم أكثر من 3 ملايين لاجئ بالتنسيق مع الأمم المتحدة، الأمر الذي ينذر بكارثة حقيقية في المنطقة".

وفي اطار المخطط  منحت تركيا هويّات تركية للكثير من اللاجئين السوريين، حيث استطاع أردوغان استخدام أصواتهم في الانتخابات، وهو يستغل اليوم قضية اللاجئين لفرض تغيير ديموغرافي في تل أبيض ورأس العين.

وكي تُفصل المنطقة التي تشمل مدن تل أبيض ورأس العين، بدأت تركيا في إنشاء أسوار خرسانية، وبات والي أورفه عبد الله أرين يتردد باستمرار على هذه المدن ويدير بشكل مباشر الأعمال الإدارية هناك، وكأنها ولاية أو مقاطعة تركية جديدة، كما قام بتعيين مسؤولين عن هذه المناطق.

وذكر مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا-منظمة غير حكومية-  تركيا فتح المزيد من الطُّرق خلال الفترة القادمة لاستقدام المزيد من عوائل فصيلي أحرار الشرقية والجبهة الشامية، إلى مدينتي سري كانيه (رأس العين) و(كري سبي) تل أبيض وقامت بالفعل بفتح معابر جديدة لتسريع وتسهيل دخولهم وتأتي هذه الخطوات ضمن مساعي حثيثة تبذلها تركيا لفرض واقع جديد في المناطق التي تسيطر عليها في شمال سوريا عموما.

و لفت مركز توثيق الانتهاكات  إلى انه بدءاً من 9 أكتوبر عام 2019، شهدت المنطقة الواقعة شرق الفرات (شمال شرق سوريا)، إلى حد كبير، تبدلات جذرية وعميقة وتغييرات عسكرية أفضت لحدوث تغييرات ديمغرافية كبرى، خلقت فوضى بعدما كانت المنطقة تعتبر الأكثر أمناً، واستقرارا على مدار السنوات الثلاث الأخيرة، تلاها عدد من التغييرات الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والسياسية والأمنية على المستوى المحلي. وفور سيطرة تركيا على المدينتين عمدت وعلى مراحل إلى نقل آلاف أسر المقاتلين في الجيش الوطني وأقربائهم من العرب والتركمان إلى منازل المدنيين الأكراد والعرب والأرمن وغيرهم في مسعى لملء الفراغ الذي أحدثه هجومها وتسبب في نزوح سكانها وتهجيرهم، ضمن خطة المنطقة الآمنة المزعومة.

وأوضح أن  طموحات تركيا في هاتين تل أبيض ورأس العين قديمة، وكانت مرتبطة بمحاولات سابقة عديدة، فهي من دعمت بداية فصائل الجيش الحر (كتائب الفاروق) الارهابية للسيطرة على مدينة تل أبيض مع انهيار قوات الحكومة السورية في محافظة الرقة وريفها في 18 سبتمبر 2012 وكانت وراء الهجوم الذي شنته فصائل الجيش الحر وجبهة النصرة بتاريخ 21 يوليو 2013 على مقرات وحدات حماية الشعب، وتهجير سكانها الأكراد كما واتهمت بالوقوف وراء أحداث رأس العين والاشتباكات التي اندلعت فيها مع مساعي تحالف (جبهة النصرة، الجيش الحر) من أجل السيطرة عليها وانتهت الاشتباكات بهزيمة جبهة النصرة.

وقال مركز توثيق الانتهاكات إن هدف تركيا الخبيثة كشفها كذلك الرئيس التركي رجب طيب أردغان في ثلاث مناسبات متتالية، الأولى حين تحدث في كلمة ألقاها بتاريخ 24 أيلول 2019 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة تناولت عزمه إقامة ما وصفها بـ (منطقة آمنة) في شمال سوريا بعمق يتجاوز 20 كم لتوطين 2 حتى 3 مليون من اللاجئين السوريين المقيمين في بلاده فيها، الرئيس التركي تحدّث بالتفصيل عن طموحاته في تلك المنطقة، كاشفاً عن خطة قد تكون بمثابة التهجير القسري لآلاف السوريين من المنطقة حيث يسكنها الأكراد مقابل توطين سوريين من المحافظات السورية فيها ضمن سياق التطهير العرقي للأكراد بداعي أنّهم خطر على أمن تركيا القومي.

الكاتب في "أحوال تركية" جتين غورر، يقول إنّ الخرائط التي تُعرض مؤخرًا في وسائل إعلام حزب العدالة والتنمية تكشف أن تركيا تمددت خارج حدودها التي كان تم ترسيمها بموجب معاهدة لوزان، وأنها توسعت بحيث تضم حلب والموصل بل وجزءًا من أراضي اليونان وبلغاريا.

ووفقًا لهذه الخرائط فإن هدف تركيا الرئيسي والأساسي ليس إقامة "منطقة آمنة مؤقتة" في روجافا، بالعكس إنه الاستيلاء على جزء معين من الأراضي السورية، وضمّه إليها. وهذا لا يقتصر على الإدارة فحسب، إذ من الوارد احتلال المنطقة من الناحية الاقتصادية والثقافية أيضًا.

فبعد طرح الزيتون وزيت الزيتون المزروع في عفرين السورية في السوق المحلي التركي وكأنه بضاعة تركية، صرّح أردوغان مراراً بأنه يريد حصة من النفط المستخرج في المنطقة، وأنه سيمول بهذه الحصة المساكن التي يريد إنشاءها في المنطقة الآمنة وعودة اللاجئين.

ولا يرغب أردوغان بتوطين اللاجئين السوريين بالمناطق التي احتلها وحسب، بل واللاجئين القادمين من دول مثل تركمانستان وأوزبكستان وطاجيكستان وأذربيجان وأفغانستان، ليحدث بذلك تغييرًا سكانيًا جذريًا في الوقت نفسه؛ وفقًا لتقرير أعدّته الاستخبارات التركية.

ومن الواضح أن السكان الأصليين، يتم ترحيلهم بشكل مُمنهج، ويجري تنفيذ مراحل مشروع تتريك المنطقة، بما في ذلك الشوارع والقرى والأحياء والمدارس، وفرض تعليم اللغة التركية في المدارس.

ومن الخطوات التي اتخذتها تركيا في المناطق التي احتلتها إنشاء المدارس، وتأسيس الجامعات، وإظهار الاحتلال وكأنه "حملة توعية" وتجميل وجهه. وبعد قرار إنشاء كلية في عفرين تابعة لجامعة غازي عنتاب، سُميت مدرسة في تل أبيض باسم "نبع السلام".

وتُعتبر بوابة التعليم الخطّة الأخطر في عملية التتريك للمناطق السورية التي تُسيطر عليها أنقرة من خلال فصائل سورية مسلحة موالية لها، وذلك نظراً لفرض اللغة والتاريخ التركيين على الطلبة السوريين بكل ما يحمله ذلك من عملية تزوير للعديد من الحقائق والوقائع التاريخية والثقافية والعلمية على حدّ سواء من وجهة نظر تركية عثمانية بحتة.

وتُقدّم مؤسسة البريد والبرق التركية خدماتها في المناطق السورية، للموظفين الأتراك والمواطنين السوريين معًا في المنطقة، حيث تلبي المؤسسة احتياجات الصيرفة والخدمات اللوجستية والشحن، وتقدم رواتب المدرسين والموظفين العاملين في وقف المعارف التركي بالمنطقة، والجنود الأتراك، فضلا عن رواتب الشرطة المحلية.

يقول تقرير حقوقي نُشر مؤخراً: أن تزور مدن جرابلس، إعزاز، الباب، وعفرين شمال سوريا، في ظل السيطرة التركية يعني أنه من الممكن أن تكون بحاجة لمترجم تركي– عربي عند تحويل النقود أو زيارة المشفى، أو الدخول إلى المدارس وما تسمى المجالس المحلية التي أمست مخافر مدنية وأوكاراً استخباراتية للدولة التركية على الأراضي السورية.

شارك