واشنطن تقرر تدمير 80 مقرا سريا لمليشيات الملالي في العراق

الثلاثاء 13/أكتوبر/2020 - 09:25 م
طباعة واشنطن تقرر تدمير روبير الفارس
 
بدون مواربة أو احتياط للسرية اعلن موقع "ميدل إيست آي" عن خطة أمريكية ستعقب قرار إغلاق السفارة في بغداد في حال اتخاذه، بسبب استهدافها المتكرر من قبل المليشيات الشيعية المرتبطة بإيران.

وذكر التقرير إن أمريكا وضعت قائمة من 80 موقعاً عراقياً قالت إنها مرتبط بمجموعات مدعومة من إيران، تسعى إلى استهدافها إن قامت بإغلاق سفارتها في بغداد.

وتشمل، المواقع والمقرات السرية والملاجئ لكل من هادي العامري وقيس الخزعلي، زعيمي منظمة بدر وعصائب أهل الحق بالإضافة للمواقع المرتبطة بكتائب حزب الله.
ولفت الموقع إلى أن كل المجموعات شيعية مسلحة، ومدعومة من طهران وهي جزء من الحشد الشعبي، تحت "السيطرة الاسمية" للحكومة العراقية.

وقال زعماء سياسيون وقادة للمجموعات المسلحة، إن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، شارك المئات من صور الأقمار الصناعية للمواقع الثمانين مع الرئيس العراقي برهم صالح، خلال مكالمة هاتفية في 20  سبتمبر الماضي
وأخبر بومبيو صالح عن خطط واشنطن لإغلاق سفارتها، ما لم تقم الحكومة العراقية باتخاذ إجراءات، لوقف الهجمات التي تستهدف المنطقة الخضراء، والقوافل التي توصل الإمدادات للقوات الأمريكية والدولية، في أماكن أخرى من العراق.
وقال سياسي شيعي بارز،  "رسالة الأمريكان كانت واضحة، إن لم تتصرفوا أنتم، فسوف نتصرف نحن.. والسماح بذلك أن يحصل يعني حربا مفتوحة في بغداد، وخروج أمريكا من بغداد يعني أن الحرب وشيكة".
ولم تنشر وزارة الخارجية الأمريكية نص المكالمة التي أجراها بومبيو مع صالح، كما تفعل في العادة عندما يتحدث وزير الخارجية مع مسؤولين أجانب.
وتسبب تهديد بومبيو بالذعر في بغداد، حيث لم يتصور أنصار حكومة مصطفى الكاظمي، أنه سيتم التخلي عن رئيس الوزراء العراقي الذي تم الترحيب به بحرارة في البيت الأبيض في أغسطس بهذه السرعة من حليفه الدولي الرئيسي.
ويخشون أن إغلاق السفارة الأمريكية، قد يؤدي إلى تداعيات من ضمنها انسحاب السفارات الأخرى، والانهيار السياسي والاقتصادي وانطلاق الطائفية والانقسامات الإثنية من عقالها.
وقال مسؤول عراقي كبير مطلع على الحوار ومتحدثا بشرط عدم ذكر اسمه: "كل المؤشرات تشير إلى أننا سائرون نحو عاصفة قوية. انسحاب الأمريكان يعني الانهيار الاقتصادي خلال أسبوعين، يتبعه انهيار سياسي خلال شهرين أو ثلاثة، ثم انهيار أمني وسقوط للحكومة".
وبحسب المسؤول فإن الأمريكيين قلقون بشأن احتمال وقوع هجوم وشيك على السفارة من مجموعة مرتبطة بإيران قبل انتخابات نوفمبر الرئاسية في أمريكا "لإحراج ترامب".
وقال: "لم يقولوا إن هناك خطة أو معلومات تؤكد هذه المخاوف. والمشكلة أنهم يطلبون ضمانات بتأمين السفارة وهذا صعب جدا في الظروف الحالية".
وبعد يوم من مكالمة بومبيو، استدعى صالح الكاظمي ومحمد الحلبوسي، رئيس البرلمان، وفائق زيدان، رئيس المجلس القضائي للمحكمة العليا لاجتماع لمناقشة رد الحكومة.
وتبع ذلك نشاط دبلوماسي محموم حيث تم إرسال وزير الخارجية فؤاد حسين إلى طهران في 26  سبتمبر لطلب المساعدة من إيران في ضبط الفصائل المسلحة بحسب زعامات سياسية ومسؤولين.

وبحسب أحمد الصحاف، المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية حمل حسين "رسالة شفوية" من الكاظمي للرئيس الإيراني حسن روحاني "ركز فيها على التطورات في المنطقة والاحتمالات المتوقعة وما يترتب عليها".

ولكن زعيم كتلة شيعية مطلع على المفاوضات قال لـ"ميدل إيست آي": "كل ما طلبه الكاظمي من إيران هو هدنة مدتها 40 يوما، ليس أكثر.. وقالوا إنهم لا يدعمون أي هجمات تستهدف بعثات دبلوماسية، وأن على الحكومة العراقية أن تتخذ الإجراءات اللازمة لمنع مثل تلك الهجمات، ولكن هل هم جادون حول تخفيف التوتر أم لا؟ هذا هو السؤال".
وشبه السياسي الشيعي الفوضى في الوضع الراهن، بالفوضى قبل عام عندما قامت القوات الأمنية والمليشيات باستخدام القوة القاتلة ضد المتظاهرين العراقيين وهو ما أدى إلى استقالة عادل عبد المهدي، ومهد الطريق أمام الكاظمي، رئيس المخابرات السابق الذي تحتفي به أمريكا ليصبح رئيسا للوزراء.

وقال: "هذه فرصة كان ينتظرها الإيرانيون لفترة طويلة.. فهم يرون أن  أكتوبر الماضي كسبته أمريكا بدعم المظاهرات والإطاحة بعبد المهدي وجاء دورهم ليكسبوا أكتوبر هذا العام". كما ذكرت صحيفة بغداد بوست

وكانت ردة فعل قيادات المليشيات الشيعية تحمل طابع التحدي، واعتبروا تهديد إغلاق السفارة مجرد ضغط، وكرروا مزاعم استقلاليتهم عن إيران ووعدوا باستمرار الهجمات على القوات الأمريكية.

وأعقبت زيارة حسين لإيران محادثات في اليوم التالي في بغداد بين محمد باقري رئيس الأركان الإيراني، وجمعة عناد وزير الدفاع العراقي، ولكن باقري لم يجتمع بأي من زعماء الأحزاب السياسية أو الفصائل المسلحة.

وقال قائد مليشيا موالية لإيران: "لم تصلنا أي إشارات أو رسائل من الإيرانيين بهذا الشأن.. لن يتدخل الإيرانيون في هذا ولن يسيطروا على الفصائل المسلحة. نحن نسمع منهم ولكن هذا لا يعني أننا نقوم بكل ما يقولون".

وأضاف: "لا نستهدف بعثات دبلوماسية، سوى الأمريكيين، لأنهم يقومون بأنشطة أمنية واستخبارية. أما بالنسبة للقوافل فهي عسكرية وتمثل الاحتلال وتشارك في مهاجمتها كل الفصائل المسلحة".
كما أن قائد فصيل آخر مدعوما إيرانيا رفض تهديد إغلاق السفارة على أنه جزء من "لعبة سياسية" تلعبها واشنطن و"حلفاؤها المحليون بمن فيهم صالح والكاظمي".

وقال القائد "بتقديرنا الأزمة مفبركة، والهدف هو وضع أكبر قدر ممكن من الضغط على القوى المعادية لأمريكا، لإعطاء واشنطن مساحة أكبر في العراق".

وأضاف: "الحديث عن إغلاق السفارة الأمريكية في العراق، مجرد كذب واضح ولا يمكن أن يصدقه أي سياسي لديه خبرة".

وقد تزايد التوتر بين الحكومة والقوى المدعومة من إيران، منذ  يونيو عندما أمر الكاظمي باعتقال مجموعة من مقاتلي كتائب حزب الله، متهمين بإطلاق هجوم صاروخي على المنطقة الخضراء، حيث توجد معظم بنايات الحكومة والبعثات الدبلوماسية.
 وأثارت تلك الاعتقالات ردة فعل غاضبة. وتم قتل حوالي 14 ناشطا مرتبطين بالكاظمي منذ ذلك الحين بينما تم اختطاف آخرين، بحسب ما قالت مصادر أمني للموقع البريطاني.
ووقع على الأقل 34 هجوما صاروخيا وبالمتفجرات المصنعة يدويا على المنطقة الخضراء، والقواعد العسكرية التي تستضيف جنودا أمريكيين وأجانب، بينما هوجمت القوافل بالمتفجرات المصنعة يدويا وبالنيران المباشرة.
وردا على مطالب أمريكا لوقف الهجمات، أصدر الكاظمي أوامره بإخلاء كل القوات المسلحة من المنطقة الخضراء وكلف الكتيبة 54 من القوات الخاصة بحفظ أمن المنطقة الخضراء كما كان الحال قبل أن يتسلم عبد المهدي رئاسة الوزراء عام 2018.
وكان الكاظمي قلقا بالنسبة للوحدات المرتبطة بأبي فدك المحمداوي، وهو قائد بارز في كتائب حزب الله ورئيس أركان الحشد الشعبي.
 وأغلق بأوامر أخرى المكاتب التي تستخدمها الوكالات الأمنية والوزارات في مطار بغداد الدولي، ما عدا تلك التابعة للمخابرات ووزارة الداخلية. 
وبالإضافة إلى إرسال حسين إلى طهران، أرسل الكاظمي رسالة إلى آية الله علي السيستاني في النجف للتحذير من تداعيات انسحاب أمريكي مفاجئ، بحسب سياسيين ومسؤولين.
وقال وزير سابق مقرب من السيستاني: "الرهان الآن على القنوات الخلفية بين رجال الدين الشيعة النجف وقم.. نحن نعلم أن بإمكان السيستاني إحداث تغيير في الأوقات الحرجة، ونعلم أيضا أن حسه بجدية التهديد، سيدفعه للحديث مع الإيرانيين ويطلب منهم التدخل".
والتقى الكاظمي بقيادات الفصائل الشيعية المسلحة، والمجموعات السياسية في محاولة لنقل مدى جدية الوضع لهم.
 وقال أحد رؤساء الكتل النيابية: "لا تزال القوى السياسية وزعماء الفصائل في حالة إنكار، ويظنون أن الأمريكان ليسوا جادين في مغادرة العراق".
وأضاف: "بالرغم من البيانات التي نشرتها بعض تلك الفصائل، والتي تشجب استهداف البعثات الدبلوماسية، إلا أن ردة فعلهم لا تزال تحت المستوى المطلوب.. ولم تتحد القوى الشيعية العراقية بعد على موقف موحد. فلو اتفقت على موقف واحد فسيضطر الإيرانيون لتغيير مواقفهم وسوف يوقفون الأكراد والسنة من التصرف بأنانية والاستمرار في تأجيج الوضع وتقديم أنفسهم على أنهم البديل المثالي للشيعة".
وقال المسؤولون إن الكاظمي وصالح وحسين وغيرهم من القيادات السياسية، تواصلوا مع ممثلي السفارات الأخرى والزعامات الدولية لطلب مساعدتهم في إقناع الحكومة الأمريكية بأن تبقي سفارتها مفتوحة.
 وقال مستشار مهم للكاظمي: "وعد الاتحاد الأوروبي وعدد من السفارات الأخرى بأنهم سيبقون ولن ينسحبوا مع الأمريكان ولكن لا نظن أنهم سيبقون طويلا".
وأضاف: "للانسحاب الدبلوماسي آثار سلبية على التعاون العسكري، والمساعدات. الوضع خطير ومقلق".

ومن ضمن الأشخاص الذين تم الاتصال بهم لنقل المخاوف العراقية إلى أمريكا، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والقيادة الإماراتية، وملك الأردن عبدالله الثاني، وعدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي.

وقال مسؤول كبير قريب من الكاظمي لـ"ميدل إيست آي" إن الحكومة توقعت منذ فترة، أنها ستجد نفسها عالقة وسط المواجهات بين واشنطن وطهران، ولكن فاجأتها شراسة ردود فعل المجموعات الشيعية المسلحة، على الاعتقالات في صفوف كتائب حزب الله وتهديد أمريكا المفاجئ بإغلاق السفارة.

 وقال إن الحكومة تأمل في أن تؤخر هذه القضية لما بعد الانتخابات الأمريكية.
وقال: "لقد قاد رئيس الوزراء حملة دبلوماسية، من خلال الاتصال بقادة الدول الذين يستطيعون التأثير على الرئيس الأمريكي، وعقد عدة اجتماعات مع السفراء الأوروبيين، ونجحت هذه الجهود في تأخير تطبيق القرار على الأقل".

شارك