مواجهة خطاب الكراهية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي مساحة للحوار.

الخميس 15/أكتوبر/2020 - 02:44 ص
طباعة  مواجهة خطاب الكراهية حسام الحداد
 
انطلق مساء أمس الثلاثاء 14 أكتوبر 2020، منتدى العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات وتحالف الشركاء الدوليين، ومندى القيم الدينية السابع لمجموعة العشرين نظمه مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز بالرياض بجلسة عامة، أتبعها بثلاث حلقات متزامنة تدور حول دور الدين في بناء السلام والمساهمة في منع وحل النزاعات، والتراث الثقافي والكرامة الإنسانية والتنمية المستدامة، والاتجار بالبشر والعبودية الحديثة، تحدث فيها عدد كبير من القيادات الدينية والباحثين والعلماء.
وأكد المشاركون والمشاركات في الحلقات النقاشية الثلاث التي عقدها منتدى القيم الدينية أمس الثلاثاء على ضرورة مواجهة خطاب الكراهية، وشددوا على التمييز بين هذه المواجهة وقيم التعبير عن الرأي، فلا مجال للرأي في هذا الخطاب له دور كبير في تحريك النزعات الإقصائية، فخطاب الكراهية تحريضي عدائي ويدعو للقطيعة والاختلاف مع الآخرين ومن سماته أنه لا يؤمن بقيمة الحوار أو المصير الواحد أو قيم المواطنة، وينافي قيم الإنسانية، وقيم الأديان.
فيما دعوا إلى تفعيل القيم الدينية في بناء السلام، والتسامح، والتعايش الدولي.
وقد ناقشت الحلقة الأولى مواجهة خطاب الكراهية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي مساحة للحوار.
وتحدث: الدكتور فينيا أرياراتني، الأمين العام لحركة سارفودايا في سيرلانكا ورأى أن التواصل وتعامل الناس كان يرتكز على الأسرة لكن حاليا مع قنوات التواصل المختلفة لدينا تواصل عالمي وقنوات عالمية وغالبا ما يساء استخدام الدين بشكل سيء لذا يجب علينا مواجهة الكراهية وأن نشرك القيادات الدينية وأن نستفيد من الدروس التي تعلمناها من التاريخ لضمان سيادة الازدهار والأمان حول العالم.
ورأى الدكتور كمال بريقع عبد السلام، عضو مركز الحوار في الأزهر الشريف ومدير مرصد الأزهر لمكافحة التطرف،بجامعة الأزهر زميل مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات (كايسيد) أن خطاب الكراهية يمثل تحديا كبيرا لدول العالم، وله دور كبير في تحريك النزعات الإقصائية ، فخطاب الكراهية تحريضي عدائي ويدعو للقطيعة والاختلاف مع الآخرين، ومن سماته أنه لا يؤمن بقيمة الحوار أو المصير الواحد أو قيم المواطنة، وينافي قيم الإنسانية، ويتنافى مع قيم الأديان، وهناك مبادئ للدولة الإسلامية: الإقرار بسنة التنوع. والتنوع سنة كونية وهو من آيات الله تعالى.
وقالت سيمونا كروشياني، مسؤولة الشؤون السياسية في مكتب الأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية ومسؤولية الحماية : نعمل عن كثب معا مع مركز كايسيد ومجلس الكنائس العالمي والمؤسسات المختلفة للحد من العنف والحد من خطاب الكراهية، وفي 2018 تم تكوين فريق عمل وضع استراتيجية عمل لمواجهة خطاب الكراهية ومنع الإبادة الجماعية وبما يتعلق بالتماشي مع حقوق الإنسان،
وثمن فضيلة المفتي الدكتور نجاد غرابوس، المفتي الأكبر للجالية الإسلامية في سلوفينيا، دور المملكة لجمعها هؤلاء المتحدثين من جميع الأديان فالعلاقة بين المجتمعات المسلمة والمجتمعات الأوربية مبنية على التفاهم، ورأى أن خطاب الكراهية يدمر البنى الأساسية في المجتمع، عندما نتحدث عن حرية التعبير عن الرأي فإن خطاب الكراهية من المجموعات المسلمة أو أي شخص من المجتمع يجب إيقافه.
وأكدت القسيسة سوزان هايوارد، كبيرة المستشارين للدين والمجتمعات الشاملة في معهد السلام الأمريكي (USIP)، على أن خطاب الكراهية يستخدم مبادئ متطرفة ولا تسمح بالمساواة بين الجنسين، وأن أفق خطاب الكراهية واسع وعلينا أن نتطرق إلى جميع جوانبه حتى نتمكن من مواجهته، وأن هذا الخطاب يستخدم العنف ضد المرأة والأقليات الطائفية وعلى المنظمات الدينية أن تتخذ اللازم لمنع هذا الخطاب.
وتحدث كبير الحاخامات ديفيد روزن، المدير الدولي للشؤون الدينية في اللجنة اليهودية الأمريكية (AJC)، عضو مجلس إدارة مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات (كايسيد)،
عن أن الكراهية تم دعمها وتسهيليها خلال التقنية خاصة كورونا وعلينا أن نستخدم أدوات التكنولوجيا لكي نستطيع مواجهة خطاب الكراهية، كما علينا أن نتأكد نحن الذين نعمل في المجال الديني أن هناك تعبيرا دينيا يمنع من خطاب الكراهية.
الكرامة الإنسانية والتنمية المستدامة
وشدَّد منتدى القيم الدينية السابع لمجموعة العشرين في محاوره الرئيسة على أهمية التراث الثقافي والقيم الدينية كمرتكزات رئيسة ومحورية؛ لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة؛ لذلك حملت حلقة النقاش الثانية، عنوان: (القيم الدينية والتراث الثقافي والكرامة الإنسانية والتنمية المستدامة)، التي أدارها البروفيسور بيتر بيتكوف، مدير برنامج الدين والقانون والعلاقات الدولية، مركز الدين والثقافة في كلية ريجنت بارك، جامعة أكسفورد، المملكة المتحدة، بمشاركة قيادات وشخصيات دولية رفيعة المستوى ذات خبرات في هذا الخصوص؛ بهدف اقتراح طرق مهمة تجعل من حماية المواقع المقدسة والتراث الثقافي آلية تساعد في زيادة المبادرات الأوسع نطاقًا للنهوض بأهداف التنمية المستدامة، مثل: سموّ الأميرة هيفاء آل مقرن، المندوبة الدائمة للمملكة العربية السعودية لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، رئيسة مجموعة عمل التنمية لمجموعة العشرين؛ والمونسنيور ديفيد ماريا أ. جايجر، قس في الرهبنة الفرنسيسكانية والمراجع السابق لمجلة رومان روتا؛ والسيدة آنا جيمنز، مستشار السياسات في تحالف الأمم المتحدة للحضارات(UNACO)؛ والبروفيسور بول موريس، رئيس كرسي اليونسكو للحوار بين أتباع الديانات والعلاقات في جامعة فيكتوريا في ويلينجتون، نيوزيلندا؛ والدكتورة توجبا تانييري إردمير، باحث مشارك غير مقيم في قسم الأنثروبولوجيا بجامعة بيتسبورغ، الولايات المتحدة الأمريكية؛ والدكتور مايكل وينر، مسؤول ملف حقوق الإنسان في مكتب المفوض السامي لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان (OHCHR).
في البداية أكدت سمو الأميرة هيفاء المقرن على أهمية الإرث الثقافي الديني الذي له بُعد ملموس، واعتبرت كل مكان من أصل خمسة أماكن له بعد ديني، يستوجب حمايته والعناية به، مشيرةً إلى أن دُوْ العبادة لها خصوصية عند أتباعها، لافتة إلى أهمية تحقيق التنمية المستدامة عبر العناية بهذه الدور وتلك الأماكن، معوّلة على دور القيادات الدينية في هذا الخصوص لحمايتها وتعزيز أدوارها المرتبطة دائمًا بالتنمية المستدامة.
وقالت سموها: دائمًا ما نتطلع للمستقبل ونري هامشًا للتحسين والتجويد، مثمنة مبادرات يونيسكو والأمم المتحدة للحفاظ على التراث الثقافي عامة والديني بشكل خاص، لافتة أن التعاطي مع التراث الثقافي الملموس وغير الملوس منصوص عليه في الاتفاقيات الدولية، مشيرةً إلى مسيرة المملكة العربية السعودية كدولة طرف أصيل في حماية التراث الثقافي الديني في إطار علاقاتها الدولية المتميزة مع المنظمات الأممية خاصة منظمة اليونسكو ودعمها العديد من المشاريع والبرامج من خلال عضوية المملكة في المجلس التنفيذي للمنظمة، وكذلك عضوية المملكة في لجنة التراث العالمي.
وثمّنت دور المملكة العربية السعودية في مكافحة خطاب الكراهية وإرساء الاعتدال عبر إنشاء أكبر منصة عالمية (اعتدال) لمكافحة التطرف، ومجابهة الأفكار المتطرفة على المنصات الرقمية. مؤكدةً أن الحفاظ على الإرث الثقافي الديني وبناء القدرات، يحتاج في المقام الأول إلى إرادة سياسية فاعلة، متطلعة للأمام دومًا في ظل توافر فضاءات للتحسين.
فيما شدد المونسنيور ديفيد ماريا أ. جايجر، على أهمية دور العبادة؛ التي تتجاوز الوجهة المقدسة، باعتبارها نُصُب ثقافية وأماكن التقاء لبناء السلام وفُسحات للحوار بين المجموعات والطوائف الإنسانية المختلفة، مؤكدًا على ضرورة عدم النسيان بالمطلق أن هذه الأهمية لدور العبادة، وقدسيتها يجب ألا تطغى على أية صفة أخرى تُلحَق بهذه الدُوْر وتلك الأماكن.
واعتبر البروفيسور بول موريس، مفهوم الإرث الثقافي جزءًا لا يتجزَّأ من الإرث الثقافي العام، خاصة أن الأجندة العالمية باتت تثمّن أكثر وأكثر البُعد الثقافي الديني والحوار الداخلي، في ظل الاعتراف المتزايد أيضًا بأهمية التجارب العابرة للثقافات، مشيرًا إلى أن هناك إقرارًا وتقديرًا متزايدين للمفهوم الواسع للتراث الثقافي الإنساني، ولتضمين المجموعات الإنسانية التي تشكّل الأقليات والسكان الأصليين جزءًا أصيلاً منها.
وطالبت آنا جيمنز، مستشار السياسات في تحالف الأمم المتحدة للحضارات، بضرورة الربط بين المتاحف لدى المجموعات الإنسانية التي لديها تقاليد كبرى، وتتجاوز أدوار المتاحف التي لديها أهمية كبرى للإرث الثقافي الديني، والإرث الثقافي بشكل عام، الذي يواجه عددًا من التحديات والإشكاليات.
وأشارت جيمنز إلى أبعاد الإرث الديني، للمتاحف والمواقع الأثرية الدينية، واختفاء الدور الوظيفي لدور العبادة، وإضافة نوع من القداسة على هذه الدور وسبل الحفاظ على التراث الثقافي الديني، ضاربة المثل بما حدث إلى متحف أيا صوفيا، الذي تم تحويله لمسجد، بينما كان كاتدرائية أرثوذكسية في الحقبة البيزنطية، وتحول لمسجد في القسطنطينية ثم تحول إلى متحف في الدولة العلمانية التركية، وكان يمثّل حينها قيمة مضافة لأتباع الديانتين كمختبر مهم للتعايش.
العبودية الحديثة
وجاءت الحلقة النقاشية الثالثة تحت عنوان: (الاتجار بالبشر والعبودية الحديثة)، وأدارتها الحلقة الدكتورة عائشة قضايفسي أوريانا، الباحث المشارك في معهد جورج تاون للمرأة والسلام والأمن، أستاذ مساعد في جامعة جورج تاون بالولايات المتحدة الأمريكية، وشاركها نخبة من المتحدثين، الذين ناقشوا سبل تعزيز القيادة الأخلاقية والوسائل العملية للحد من تلك الآفات، وتوفير المجال للمنظمات والأفراد المعنيين لتقديم العناية اللازمة، ومنع أي شكل من أشكال العبودية، ومنهم سعادة السفير رامون بليكوا، سفير فوق العادة للوساطة والحوار بين الثقافات، وزارة الخارجية الإسبانية، والأستاذ كيفين هايلاند، أول مفوض مستقل سابق للمملكة المتحدة معني بمكافحة العبودية، والدكتور إبراهيم نجم، كبير مستشاري مفتي الديار المصرية، والقس ريتشارد سودوورث، أمين الشؤون الدينية المشتركة لرئيس أساقفة كانتربري، والمستشار الوطني في الشؤون الدينية، عضو مجلس إدارة مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، والمونسيور الدكتور ميخائيل وينينغر، عضو المجلس البابوي للحوار بين أتباع الأديان في الفاتيكان، والقسيسة سوزان هايوارد، كبيرة المستشارين للدين والمجتمعات الشاملة في معهد السلام الأمريكي (USIP). وكبير الحاخامات ديفيد روزن، المدير الدولي للشؤون الدينية في اللجنة اليهودية الأمريكية (AJC)، عضو مجلس إدارة مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، والأستاذة نيكا سايدي، أخصائية سياسات بشأن النوع الاجتماعي والعمليات السياسية وبناء السلام في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP).
وتحدث القس ريتشارد سودوورث: عن طرائق وأساليب التعاون والمساندة، وأوضح أن لديهم الكثير من المدارس داخل الكنائس للتعريف بالعبودية والتنبيه على مخاطرها، وأشار ريتشارد إلى أن هذه المنتدى يجمع بين مختلف المؤسسات الدينية التي لديها الحماس للعمل من أجل نقل العالم إلى مستوى أفضل من التعامل. وأضاف بأن ما يلزم فقط هو الالتزام والتعاضد بين تلك المؤسسات لتوحيد الجهود التي تحدث فرقاً على مستوى العمل في المجتمعات.
ورأى كيفين هايلاند أن هذا التجمع يوفر طاقة جديدة للعمل من أجل الفقراء الذي يعانون الظلم والجهل والتخلف والاستعباد، كما الوقت قد حان لتأمل حياة المظلومين والمقهورين، وألا نكتفي بالكلمات فقط، بل يجب علينا العمل بجد وفاعلية لمنع تلك الجرائم التي تحدث في عالمنا.
وتحدث د. ميخائيل وينينغر: عن العبودية الحديثة التي ربطها بالإرهاب والهجرة، وأضاف بأن هناك عبودية إلكترونية، تركب موجة التطور التقني.
وأكد أنه لا بد من منع تلك العمليات عبر التفكير في طرائق مبتكرة، وتصحيح الأخطاء التي نقع فيها.
وأوضح السفير رامون بليكوا، أن تسوية النزاعات يجب أن تتخطى النظرة الضيقة، وأن تتجاوز النزاعات الصغيرة المحبطة للعمل الجماعي، وتمنى أن نركز على الفئات الأكثر هشاشة القابلة للاستغلال بحكم الحاجة، وشدد على أن تكون قضايا الاتجار بالبشر واستغلال المرأة واللاجئين قضايا دولية لمنع الاستغلال والتخفيف عن الشرائح المهمشة من خلال دعمها.

شارك