حرية الانترنت في تركيا.. قمع أردوغان يستهدف العالم الافتراضي
تشهد حرية الانترنت في تركيا قمعا وتضيقا شديدا
من قبل سلطات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في ظل تهاوي شعبية حزب العدالة
والتنمية الحاكم في تركيا.
تراجعت حرية الإنترنت في تركيا خلال العام الماضي
بعد أن قامت أنقرة بحظر منصات التواصل الاجتماعي مؤقتًا، وإقرار تشريعات تفرض قيودًا
صارمة على شركات التواصل الاجتماعي ومضايقة الصحفيين والنشطاء والمدونين واعتقالهم
واحتجازهم، وفقًا للتقرير، الذي تتبع حريات الإنترنت بين يونيو 1، 2019-31 مايو،
2020.
تركيا شهدت انخفاضًا في حرية الإنترنت منذ العام
الماضي، حيث تراجعت بنقطتين لتصل إلى 35 من 100، وفقًا لتقرير سنوي صادر عن منظمة مراقبة
الديمقراطية فريدوم هاوس.
وأضافت أنه "تم حظر المزيد من المنصات الإعلامية
المستقلة من خلال طلبات صادرة عن الحكومة"، مضيفة أن المئات من مستخدمي وسائل
التواصل الاجتماعي تم اعتقالهم أو استجوابهم بسبب "نشرهم معلومات خاطئة ظاهريًا
حول جائحة كورونا"، بينما "استمر الحكم على الصحفيين والمواطنين وأعضاء المعارضة
بالسجن بسبب محتوى نشروه عبر الإنترنت".
واعتمدت تركيا في يوليو قانونًا جديدًا لوسائل التواصل
الاجتماعي يجعل مواقع التواصل الاجتماعي الأجنبية أكثر عرضة للمساءلة من خلال مطالبتهم
بتعيين ممثل محلي لمعالجة مخاوف السلطات، من بين تدابير أخرى.
وشددت تركيا الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي
مع دخول قانون جديد حيز التنفيذ، ما يهدد موقعي تويتر وفيسبوك في هذا البلد إذا لم
يمتثلا لطلبات سحب محتويات تراها السلطات موضع جدل.
وصوت البرلمان على هذا القانون في يوليو، بعد أقل
من شهر على دعوة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إلى "تنظيم" الشبكات الاجتماعية
التي تعد من آخر مساحات تتيح للأتراك التعبير بحرية خارج رقابة الحكومة.
وعلق مسؤول قسم حقوق الإنسان في فيسبوك إيان ليفين
في تغريدة "يثير هذا القانون الكثير من المخاوف بشأن حقوق الإنسان".
ويشكك المدافعون عن حقوق الإنسان رغم مخاوفهم، في
قدرة حكومة أردوغان على فرض التدابير الصارمة المنصوص عليها في القانون.
كما يفرض القانون الامتثال لـ "أوامر المنع
من الحكومة أو الأفراد في غضون 48 ساعة وإلا سيواجهون غرامات باهظة تصل إلى 700 ألف
دولار"، لكن الإجراءات المتعلقة بقرارات الحجب مبهمة، كما أضاف، مما يخلق عقبات
كبيرة لمن يسعون للاستئناف.
نقلاً عن تقرير صدر عام 2019 عن منظمة الرقابة التركية،
قالت فريدوم هاوس إن هناك 408494 موقعًا تم حجبها في تركيا في نهاية عام 2019.
علاوة على ذلك، خلال عام 2019، تم استخدام قانون
لوائح الإنترنت لمنع الوصول إلى "5599 مقالة إخبارية و 3528 مقالة تم حذفها لاحقًا
من خلال بوابات النشر الإخبارية"، وفقًا للتقرير.
وكثفت الحكومة التركية حملتها على حرية الإنترنت
في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، وبعد ذلك تحركت لحجب العديد من المواقع
الإخبارية وصحافة المواطنين، لا سيما تلك التي تنتقد الحكومة.
وحجبت تركيا 408 آلاف موقع، وأربعين ألف تغريدة
وعشرة آلاف مقطع فيديو على يوتيوب و6200 عملية تشارك محتويات على فيسبوك عام 2019،
بحسب المدافع عن الحقوق على الإنترنت سيفكيت أويانيك. وعلق الناشط "تصوروا ما
يمكن أن يحصل بعد دخول القانون الجديد حيز التنفيذ".
كشفت نائبة رئيس
"حزب الشعب الجمهوري" التركي المعارض، غمزة أكوش إيلغزدي، عن تراجع أعداد
الصحف في تركيا بنسبة كبيرة بسبب سياسات الضغط والرقابة المشددة والتضييق على الصحافيين
التي ينتهجها "حزب العدالة والتنمية" الحاكم وزعيمه رجب طيب أردوغان.
وفي تقرير لها عن حالة
الإعلام التركي خلال السنوات الماضية، أكدت إيلغزدي أن عدد الصحف المحلية والوطنية
بلغ عام 2013 ثلاثة آلاف ومئة صحيفة، وانخفض هذا العدد بنسبة 25% العام الماضي ووصل
عدد الصحف إلى 2337 صحيفة.
وبحسب الأرقام التي عرضها
التقرير، فإن معدل إغلاق الصحف بين عامي 2013 و2019 وصل إلى إغلاق صحيفتين أسبوعياً،
ما بين صحف محلية (توزع ضمن الولايات فقط) وصحف وطنية (توزع في عموم تركيا).
وأشار التقرير إلى أن
"سياسات الضغط التي تمارسها الحكومة التي قلصت الحقوق النقابية، حاولت تحييد المؤسسات
الإعلامية المعارضة عبر المجلس الأعلى للراديو والتلفزيون في تركيا وهيئة إعلانات الصحافة".
وأشار التقرير أيضاً إلى
"طرق القمع المتعددة للمؤسسات الديمقراطية في البلاد بهدف إسكات الفكر الحر وحرية
التعبير ازدادت عام 2017، فأصبح النهج السائد هو إعلام الرجل الواحد والصوت الواحد".
وبحسب بيانات هيئة الإحصاء
التركية (وهي مؤسسة حكومية) فإن قطاع الإعلام فقد 31% من العاملين فيه، وأصبح
15580 موظفاً في هذا القطاع عاطلين عن العمل بين الأعوام 2013 و2019.
وتراجعت الاستثمارات الإعلامية
في تركيا خلال النصف الأول من العام الجاري في قنوات التلفزيون بنحو 7 % وفي الصحافة
بنحو 31 %، غير أنها ارتفعت في الوسائط الرقمية بنحو 10.8 %، بحسب ألبر جونايدن مدير
الفرع التركي لشركة Deloitte -أكبر شركة خدمات مهنية في العالم-، خلال المؤتمر
التعريفي بتقرير استثمار الإعلام والإعلانات في تركيا.