العام الأول لقيس سعيد في الرئاسة يرسم مسار سقوط إخوان تونس

الجمعة 16/أكتوبر/2020 - 03:55 م
طباعة العام الأول لقيس جبريل محمد
 
الرئيس سعيد نجح في كبح مغامرات النهضة وسعيها للسيطرة على السلطات الثلاث 
الفشل في كافة الملفات والفساد أدى لانهيار شعبية النهضة في الشارع ورسم مسار السقوط
خبير: سعيد نجح في إعادة الاعتبار لرئاسة الجمهورية كونها المؤسسة المعنية بالترويج لصورة البلاد
مع إكمال الرئيس التونسي قيس سعيد، الأربعاء، عامه الأول من العهدة الرئاسية التي ستمتد حتى عام 2024، كان واضحا نجاحه في إلجام "إخوان تونس"، وكبح جماح مغامرتهم التي سعوا خلالها لانتهاز الارتباك الذي خلفته فوضى الاحتجاجات قبل سنوات. 
ضعف سياسات إخوان تونس، الذين يمثلهم حزب النهضة برئاسة راشد الغنوشي، فضح ظلام أيديولوجيتهم، فسقطوا في جميع الاختبارات، بعد محاولات لتسلق أسوار الحكم في تونس. 
الرئيس قيس سعيد نجح في منع حركة "النهضة" من السيطرة على السلطات الثلاث، والتحكم في مفاصل الدولة، وقطع الطريق على راشد الغنوشي الذي كان يروج لنفسه خارجيا كحاكم بأمره في البلاد.
اكتشاف التونسيون الآعيب "الإخوان" الذين تدفقوا على البلاد عائدين من المنافي والسجون، واندسوا في مفاصل القرار في تونس، ولعبوا على جميع الحبال، ساعد الرئيس قيس سعيد على تحجيم الحزب بشكل كبير.
وتعتبر صلاحيات الرئيس في تونس محدودة، وفقا لدستور البلاد، إذ يختص في مجالي الدفاع والسياسة الخارجية، بينما يحتكر رئيس الحكومة معظم الصلاحيات. 
استطلاعات الرأي تكشف تهاوي شعبية النهضة، ففي أحدث استطلاع أجرته مؤسسة "إمرود كونسلتينغ" لشهر أكتوبر الجاري، أظهر انهيار شعبية حركة النهضة الإخوانية، مقابل صعود الحزب الدستوري الحر، والرئيس قيس سعيد.
انهيار شعبية الإخوان في تونس لم تأت من فراغ، فالحركة لم يكن لديها إلا الخطابات الجوفاء الفارغة من أي أدوات للتنفيذ مما حول حياة التونسيين إلى جحيم بعد فشلهم في كل القضايا التي تهم المواطن، هذا بجانب الفساد الذي أصبح يستشري بين صفوفهم.
ووصف وزير الدولة التونسي السابق المكلف بملف مكافحة الفساد، محمد عبو، حركة النهضة الإخوانية، بأنها أكثر الأحزاب السياسية "فسادا في تونس".
وأكد الوزير السابق في تصريحات صحفية، إن الحركة السياسية دبرت المؤامرات لرئيس الحكومة السابق إلياس الفخفاخ للدفع باستقالته في النهاية.
واتهم الوزير التونسي "النهضة" بأنها تمول قنوات فضائية وتقوم بعدد من العمليات المشابهة بهدف "تبييض أموالها" غير القانونية، مشددا على أنها "أفسد ما يوجد في الساحة السياسية التونسية".

تلك الاتهامات لم تكن بمفردها وراء انكشاف "عورة" النهضة، فالصراعات الداخلية الحادة على خلفية تمسك الغنوشي بالتمديد لرئاسته للحركة بمؤتمرها المقبل، أسقطت الحركة من عيون التونسيين.
أعادة الاعتبار للرئاسة
وبحسب استطلاع الرأي، يعتبر 72 % من التونسيين أن راشد الغنوشي يمثل أسوأ شخصية سياسية في تاريخ البلاد، ويرون أنه ساهم في تأزيم الأوضاع السياسية، وقدم صورة سلبية على العمل البرلماني، باعتباره رئيسا للمؤسسة التشريعية.
خبير تونسي يؤكد في تصريحات لـ "البوابة"، أن قيس سعيد نجح في أن يعيد الاعتبار لرئاسة الجمهورية كونها المؤسسة الأولى التي تروج لصورة تونس خارجيا، وأن رئيس الجمهورية هو الرئيس الوحيد، ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان يتحركان في مساحة معلومة ولا يمكن لهما التغطية على أداء رئيس الجمهورية.
وفي علاقة قيس سعيد بالأحزاب، بدت علاقة الرئيس بالنهضة متوترة، خصوصا مع الغنوشي الذي يرأس البرلمان وسعى إلى وضع تونس في حلف تركيا وقطر من خلال دعم إخوان ليبيا، وربط القرار التونسي بالمواقف والمصالح التركية.
وتعمقت الخلافات بين قيس سعيد وراشد الغنوشي خلال فترة عمل حكومة إلياس الفخفاخ، وحالة التناغم التي بدت بينه وبين سعيد والتي أثارت مخاوف لدى الحركة من زعزعة نفوذها.
محسن أمين المحلل التونسي، يرى أن الرئيس سعيد نوع آخر من الرؤساء، ولم يدع الأحزاب تتغول، وخاصة حركة النهضة، وهو ضد ممارسات الأحزاب.
وتابع أمين في تصريحات لـ "البوابة"، أنه "لا يمكن تقييم أداء الرئيس سعيد بمعزل عن المشهد السياسي المشتعل برلمانيا وفي ظل سيطرة الصراعات والخلافات التي تقودها النهضة ضد مؤسسة رئاسة الجمهورية".
وأوضح المحلل التونسي، أن الرئيس يحظى بشعبية واسعة في الأوساط التونسية، والسنة الأولى في الرئاسة غلبت عليها الأزمات والعراقيل على غرار أزمة كورونا التي أثرت في أداء السياسة الخارجية لتونس".
وانتخب سعيد رئيسا لتونس في الرابع عشر من أكتوبر من العام الماضي، بعدما فاز بثلاثة ملايين صوت في الانتخابات الرئاسية التي جرت حينها. 
ويعد الرجل مستقلا ويحمل مشروعا سياسيا مثيرا للجدل، حيث يرى أن المنظومة الحزبية فشلت في الاستجابة لتطلعات التونسيين.

شارك