من وسط إفريقيا .. ‏"داعش" يعيد تجنيد الأطفال ‏من جديد

الإثنين 19/أكتوبر/2020 - 07:46 ص
طباعة من وسط إفريقيا .. حسام الحداد
 
في أحدث تقارير وحدة رصد اللغات الإفريقية حذر مرصد الأزهر من عودة تنظيم ‏«داعش» ‏لاستراتيجيَّة الاعتماد على الأطفال، فبعد أن تكبَّد تنظيم ‏«داعش» الإرهابيّ خسائر فادحة في المقاتلين والعتاد، سواء في سوريا أو العراق؛ معقل التَّنظيم، بدأ يتحوَّل إلى استراتيجيةٍ جديدةٍ تعوّضه عن الخسائر البشريَّة وهي ‏«‏تجنيد الأطفال‏»‏. ولمّا بات الأمر صعبًا في البلدين، اتَّجه إلى إفريقيا؛ حيث الفقر والجوع والاضطرابات والضَّعف الأمنيُّ.، ففي الوقت الذي نشأ فيه أطفالٌ في بيئةٍ إرهابيَّةٍ خصبةٍ كسوريا والعراق، أصبحت ‏الدول الإفريقيَّة تواجه مشروع إرهابيّين مجهولي الهويَّة، لكن تلك الأزمة أصبحت تواجه بُعدًا إنسانيًّا في وقتٍ لم تصل ‏الدول إلى صيغةٍ موحَّدٍة للتعامل مع الأطفال. ‏
وبالفعل بدأ تنظيم «داعش» الإرهابيُّ يعتمد خطَّة ‏«‏تجنيد الأطفال‏»‏ في قارَّة إفريقيا عن طريق إغرائهم بالأموال والطَّعام الذي يفتقدونه؛ لذلك كانوا فريسة سهلة الاصطياد لـ ‏«داعش» ‏وغيره من التَّنظيمات النَّشطة في القارَّة. وفي ذات الوقت يسعى التَّنظيم لتمديد نطاق نفوذه في القارَّة الشّابَّة، عبر ولايته المزعومة هناك، طامعًا في الثَّروات الدَّفينة التي تحظى بها قارَّة إفريقيا؛ استغلالًا للأوضاع الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والأمنيَّة أيضًا، إذ نشر مؤخَّرًا مقطَّعًا مصورًا لأطفالٍ أطلق عليهم ‏«أشبالُ الخلافة» ‏وهم يبايعون التَّنظيم. 
وظهر في الفيديو بعض الأطفال الصّغار ممَّن لا تتعدَّى أعمارهم الـ10 سنوات، وهم يحملون الأسلحة، وخلفهم الراية السَّوداء للتنظيم الإرهابي، ويوجّههم أحد عناصر التَّنظيم في منطقة وسط القارَّة؛ ما يحمل دلالاتٍ متعدّدة، منها أنَّ التَّنظيم لا يزال مستمرًا في الوجود بالمنطقة للسَّيطرة على مقدَّراتها، كما يبدو أنَّ له ملاذاتٍ آمنة يجتمع بداخلها لتسجيل المقاطع المصوَّرة؛ ما يعكس بعضًا من الضَّعف الأمنيّ.
وهناك عوامل متعدّدةٌ أسهمت في دخول منطقة وسط إفريقيا دوّامة الإرهاب، أبرزها الصّراعات السّياسيَّة، فجمهوريَّة إفريقيا الوسطى تعيش وضعًا متأزّمًا منذ صراعات 2012، وكذلك الكونغو الدّيمقراطيَّة، والكونغو برازافيل، وهي الدّول التي ينتشر بها تنظيم ‏«‏ولاية وسط أفريقيا‏»‏ التي أسَّسها تنظيم ‏«داعش» ‏الأمُّ في المنطقة. 
وبالضَّرورة فقد نتج عن هذه الأوضاع الهشَّة تحلُّلٌ اجتماعيٌ أفرز المزيد من الفقر والتَّهميش. علاوةً على ذلك فإن الثَّروات المعدنيَّة التي تحظى بها منطقة وسط إفريقيا كانت سببًا في اجتذابُ ‏تنظيم «داعش» إليها، حيث تصنّف جمهوريَّة إفريقيا الوسطى في المركز 14 في إنتاج خام الألماس عالميًّا، أما الكونغو الدّيمقراطيَّة فتستحوذ وحدها على نسبة 60% من إجماليّ خام الكوبالت المصدر حول العالم، والمستخدم في صناعة الأجهزة التّكنولوجيَّة للاتّصالات.  
ويحذّر مرصد الأزهر لمكافحة التَّطرف من عودة تنظيم ‏«داعش» ‏لاستراتيجيَّة الاعتماد على الأطفال فيما يُطلق عليها ‏«أشبال الخلافة» لخلق أجيالٍ تدين له بالولاء وتعمل على تدمير المجتمعات باسم معتقداتٍ منحرفةٍ، خاصَّة في منطقةٍ تعاني بالأساس من التَّردّي الاجتماعيّ والاقتصاديّ؛ ما قد يدفع الأهالي لإلحاق أبنائهم بالتَّنظيمات المتطرّفة للحصول على الأموال، وذلك من المحتمل أن يزيد عوامل استمرار العنف في القارَّة الإفريقية المستنزفة عبر صراعاتٍ طويلةٍ تمتدُّ لعقودٍ. 
ويؤكّد المرصد على ضرورة التَّوعية بمخاطر هذه الظّاهرة، والحثّ على حماية الأطفال من الاستغلال مع ضرورة تقديم الدَّعم للأطفال الفارّين من جحيم هذه الصراعات والحروب، وهو ما يتطلَّب منظورًا طويل الأمد وجهدًا لتطوير البيئات المحليَّة المتضرّرة من النّزاعات التي يعودون إليها.

شارك