تجفيف المنابع المالية لجماعة الإخوان، وحرمانها من الملازات الآمنة
الإثنين 07/ديسمبر/2020 - 06:24 ص
طباعة
حسام الحداد
نظم مركز تريندز للبحوث والاستشارات ومقره أبوظبي الأحد 6 ديسمبر 2020، ندوة بعنوان «رحلة الإخوان العالمية: من أستاذية العالم إلى البحث عن ملاذات آمنة»، وشارك فيها نخبة من الخبراء لمناقشة وضع جماعة الإخوان في المرحلة الراهنة، وذلك بعد الضربات الشديدة التي تعرضت لها في العديد من الدول العربية والأوروبية.
وتعد هذه الندوة التي ينظمها المركز تحت إدارة الدكتور محمد عبدالله العلي هي الرابعة ضمن فعاليات منتدى الإسلام السياسي السنوي الأول الذي دشنه المركز أخيراً.
وأدار فعاليات الندوة الدكتور فيكتور جيرف الباحث في مركز تريندز، والذي من جانبه أشار إلى أهميتها في تسليط الضوء على رحلة جماعة الإخوان في البحث عن الملاذات الآمنة.
أكد الباحثون خلال الندوة ضرورة حرمان جماعة الإخوان من الحصول على أي ملاذات آمنة، وضرورة تجفيف منابعها المالية وتفكيك ادعائها بأنها حركة ديمقراطية.
كما أكدوا أن الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن لن يعيد إحياء سياسة الرئيس باراك أوباما بشأن الإخوان، في ظل التحذيرات الأمريكية من خطورة الجماعة على المصالح الأمريكية، والرأي العام العربي الذي بات يعتبر الإخوان تهديداً حقيقياً.
وأشار الدكتور أشرف العيسوي إلى أن رحلة جماعة الإخوان نحو العالمية، اعتمدت على التنظيم الدولي للجماعة الذي يمثل بالنسبة لها الذراع الخارجية، والتي تروج لأفكارها وأيديولوجياتها وتعمل على خدمة مشروعها السياسي.
كما أشار إلى أن الجماعة تعد نموذجاً للفاعلين الدوليين من غير الدول، فهي موجودة في أكثر من 70 دولة حول العالم وتمتلك العديد من أدوات التأثير في المشهدين الإقليمي والدولي، ولا تطمح للوصول للسلطة فقط، إنما تسعى إلى بناء دولة عابرة للقارات.
واستعرض العيسوي وثيقتين تجسدان بوضوح رحلة الإخوان نحو العالمية واستراتيجيتها الرامية إلى اختراق المجتمعات الغربية، الوثيقة الأولى أعدها القيادي الإخواني محمد أكرم عام 1991 وتشير إلى أن الهدف الأساسي للجماعة هو تطبيق الشريعة الإسلامية في الولايات المتحدة، تمهيداً لإقامة الخلافة الإسلامية العالمية.
أما الوثيقة الثانية فهي وثيقة سرية عثرت عليها الشرطة السويسرية بعد أحداث 11 سبتمبر وتوضح كيفية تحقيق التغلغل الإخواني في المجتمعات الأوروبية.
وذكرت الدكتورة جوسلين سيزراي رئيسة الأكاديمية الأوروبية للأديان خلال الندوة، مخاوف الدول الغربية من جماعات الإسلام السياسي بما فيها جماعة الإخوان التي تنبع من مهاجمة هذه الجماعات لمبدأ العلمانية الذي يعتبر السائد في الدول الأوروبية.
وأشارت إلى أنه بالرغم من أن هذه الجماعات تزعم أنها لا تدعو إلى تغيير هذا المبدأ في الدول الغربية، إلا أن رفضها لتطبيقه في الدول العربية والإسلامية يكشف ازدواجيتها ويثير قلق الدول الغربية.
كما أكدت أن قوة الإخوان تكمن في محاولة الجماعة إضفاء الطابع الاجتماعي عليها، من خلال استغلال الشرائح الاجتماعية الفقيرة، وتقديم الخدمات لها، وذلك بهدف التوغل بالنسيج الاجتماعي للدولة.
وترى سيزاري أنه لا يمكن ربط مستقبل «الإخوان» بنتائج الانتخابات الأمريكية أو بغيرها من الانتخابات، بل بكيفية تعامل الجماعة مع الشرائح والقطاعات المختلفة في المجتمعات التي توجد فيها، فالجماعة تمتلك أدوات القوة في الجانب الاجتماعي، ودائماً ما تعيد التفكير في الدور الاجتماعي والدور السياسي من أجل إعادة صورتها كحركة اجتماعية وليست كحركة سياسية، وختمت الدكتورة سيزاري مؤكدة أن جماعة الإخوان في الوقت الحالي هي جماعة اجتماعية أكثر منها سياسية.
كما ذكر الأستاذ أمجد طه، صحفي بريطاني - عربي ومحلل سياسي، أنه لا يرى اختلافاً بين التوجهات النازية في تحقيق السيطرة على الدول، وما تفعله جماعة الإخوان، التي تستخدم الأصولية والتطرف للوصول إلى السلطة، وعندما تحقق هذا الهدف فإنها تقضي على أي معارضة.
وأشار إلى أن الدعم الذي حصلت عليه جماعة الإخوان في بعض الدول الأوروبية، جعل من الصعب إيقافها، مشيراً إلى أن الجماعة لديها 500 مؤسسة في دول الاتحاد الأوروبي، وبدأت أخيراً في الاعتماد على نفسها في توفير التمويل اللازم من خلال فتح المئات من المتاجر التجارية في الدول الأوروبية، هذا بالإضافة إلى الدعم المالي الذي يتلقونه من بعض المؤسسات الإسلامية والخيرية.
كما تحدث طه عن وجود جماعة الإخوان في بريطانيا، مشيراً إلى أن الجماعة تمارس العديد من الأنشطة التجارية هناك، كما يوجد لوبي قوي يدعمها بشدة، بالرغم من أن هناك بعض التقارير التي دانت الجماعة.
وأشار ليم دوفي وهو باحث ومتحدث ومستشار في شؤون التطرف ومكافحة الإرهاب في بريطانيا، إلى استقرار العديد من عناصر الإخوان منذ الستينيات في أوروبا وأمريكا، كما أشار إلى وجود جماعات كثيرة ليست تابعة لـ«الإخوان» لكنها متأثرة بشكل كبير بأفكارها، وهو ما يشكّل مصدر قلق آخر للعالم الغربي.
وتحدث دوفي عن بعض الأخطاء التي ارتُكبت في بريطانيا في التعامل مع «الإخوان»، أشار إلى أن فرنسا تقود الآن مواجهة تيار الإسلام السياسي عموماً، خاصة في عهد الرئيس إيمانويل ماكرون الذي تحدث عن انعزالية الإسلام في فرنسا، وتهديد حركات الإسلام السياسي لقيم الجمهورية الفرنسية وعلمانيتها، إذ تعتقد فرنسا أنه إذا لم تُواجَه مخاطر تيار الإسلام السياسي، فإن البلاد ربما تُواجِه عواقب وخيمة تتعلق بهويتها وقيمها العلمانية.
و قال الدكتور إيلان بيرمان النائب الأول لرئيس مجلس السياسة الخارجية الأمريكي، إن جماعة الإخوان تمر بمرحلة انتقالية بسبب بعض المشكلات التي تواجهها على الصعيد التنظيمي، خاصة بعدما فقدته في ضوء تجربتها الفاشلة في حكم مصر بعد ثورة 25 يناير، موضحاً أن هناك صراعاً قائماً بين فريقين، الأول، يرغب في المشاركة والانخراط مع الحكومات، والثاني يميل إلى استخدام العنف، ومع تصاعد نبرة الفريق الثاني، فإن الجماعة تعاني الآن حالة من الرفض المجتمعي لممارساتها.
وأكد الكولونيل المتقاعد الدكتور إرن ليرمان نائب رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن، أنه يجب القيام بتفكيك ادعاءات الحركة الإخوانية في الغرب بأنها حركة مرت بتحول ديمقراطي.
ويرى أن هناك وسيلة واحدة للتعامل في المعركة في الأيديولوجية مع الإخوان، وهو العودة إلى نشأتها التي كانت في ظل أنظمة شمولية كالبلشفية والنازية وغيرها.
وأشار إلى أن تيار الإسلام السياسي، بما فيه جماعة الإخوان، جزء من هذه الأنظمة الشمولية، وتطرق إلى الرفض الواضح في كتب مؤسس الجماعة حسن البنا للمنظومة الديمقراطية في الغرب، مؤكداً أن هذا ما يجب الترويج له في الغرب لكشف زيف ادعاءات الإخوان.
وتطرق ليرمان في حديثه إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ودعمه لسياسة جماعة الإخوان على حساب استقرار المنطقة.