تمهيدًا لعودة الصراع العسكري .. تركيا تسعى إلى تمديد مهمة قواتها في ليبيا 18 شهراً

الأحد 13/ديسمبر/2020 - 12:10 م
طباعة تمهيدًا لعودة الصراع فاطمة عبدالغني
 
في ذروة التنديد الدولي والإقليمي بمغامرتها في ليبيا وتمهيدًا لعودة الصراع العسكري وفي تحدًا صارخ للمساعي الدولية للتوصل لتسوية سياسية، تخرج تركيا بالنبأ، "رئاسة البرلمان التركي تتسلم مذكرة لتمديد مهام القوات التركية في ليبيا 18 شهرًا إضافيًا".
حيث تقدمت الرئاسة التركية بمذكرة إلى البرلمان السبت 12 ديسمبر، من أجل الموافقة على تمديد فترة بقاء الجنود الأتراك في ليبيا. 
وجاء في نص مذكرة التفويض، أن "تقدير زمن إرسال قوات تركية إلى ليبيا ومكان انتشارها سيكون في عهدة رئيس الجمهورية، وفقاً للمبادئ التي حددها الرئيس بشأن اتخاذ جميع أنواع التدابير للقضاء على المخاطر والتهديدات".
كما نصت مذكرة التفويض على أن "مدة التفويض ستكون عاماً واحداً قابلة للتمديد، وفقاً للمادة 92 من الدستور التركي المتعلقة بإرسال قوات عسكرية إلى دول أجنبية".
وزعمت الرئاسة في المذكرة المقدمة بتوقيع من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن الجهود المبذولة لبناء المؤسسات الديمقراطية في الفترة التي أعقبت الأحداث في ليبيا في فبراير 2011 توقفت بسبب تزايد النزاعات المسلحة وظهور هياكل متفرقة في البلاد.
ويرى المراقبون أن مذكرة التفويض تلك سلكت طريقها من بوابة التفاهمات الموقعة بين أنقرة وحكومة الوفاق العام الماضي.
ففي 30 من ديسمبر 2019، استعجل أردوغان برلمان بلاده، ووقع مذكرة تفوضه إرسال قوات تركية إلى ليبيا، حيث انتزع بشأنها الموافقة البرلمانية اللازمة رغم رفض أحزاب المعارضة الرئيسية في جلسة طارئة في 2 يناير الماضي، وبعدها أعلن أردوغان أن وحدات من الجيش التركي بدأت بالفعل في التحرك إلى ليبيا بشكل تدريجي، نزولاً عند طلب رسمي من حكومة الوفاق.
وهذه ليست كل المشكلة في محاولة أنقرة إيجاد وطئ قدم لها في هذا البلاد، فهناك آلاف المرتزقة الذين تدفع بهم أنقرة نحو الميدان الليبي دعمًا لحكومة الوفاق، وتتحدث تقارير عن توقفها عن سحبهم وفقًا للتفاهمات التي تم التوصل إليها عبر الوساطات الدولية. بل على العكس من ذلك رُصد قدوم أعداد أخرى من المرتزقة إلى ساحات القتال الليبية. 
وقال اللواء خالد المحجوب في وقت سابق "إن تركيا لا تزال ترسل مرتزقة إلى ليبيا، مضيفا أن الجيش الوطني الليبي رصد وصول بعضهم، إلا أن الأعداد قلت، وتابع "لا يمكن لليبيين أن يقبلوا ببقاء المرتزقة مهما كانت أعدادهم، لأن هذا يمس بالسيادة الليبية ويعرقل ما تم الاتفاق عليه في إطار الحوار السياسي".
وشدد المحجوب على أن الجيش الليبي "على قناعة كاملة بأنه لا يواجه تركيا كشعب، وإنما يواجه تنظيم الإخوان الذي يسعى للبقاء في المنطقة، من خلال أدواته مثل الجماعات المسلحة".
هذا ولم توقف التفاهمات الهشة أيضًا حمولات السلاح المحظورة بعد أن تم رصد سفن شحن تركية أخرى محملة بالسلاح كانت في طريقها نحو الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق. 
من ناحية أخرى وجه المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري، الاثنين 7 ديسمبر الاتهام إلى تركيا بالاستمرار في تزويد حكومة الوفاق بالسلاح والمقاتلين، مؤكدا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسعى لإقامة قواعد عسكرية في الأراضي الليبية.
وأكد في مؤتمر صحافي من مدينة بنغازي، وجود مجموعات تتبع حكومة الوفاق تعمل على خرق وقف إطلاق النار في ليبيا، مشيرا إلى قلق القيادة العامة من استمرار نقل أنقرة للعتاد والمرتزقة والإرهابيين لليبيا.
وأوضح المسماري أن طائرات الشحن العسكرية التركية مستمرة في نقل الأسلحة والذخائر لغرب البلاد خاصة في طرابلس ومصراتة، مؤكدا أن أردوغان لا يريد السلام في ليبيا ويدفع بمزيد من التعزيزات لتثبيت نفسه في ليبيا ويسعى لابتزاز خزينة الدولة الليبية بإرسال مزيدا من الدعم العسكري، موضحا أن أردوغان يسعى لاستخدام ليبيا كورقة في صراعه بمنطقة شرق المتوسط.
وكشفت مصادر ليبية عن قيام تركيا بجسر جوي غير مسبوق نحو قاعدة الوطية العسكرية بغرب ليبيا.
وأكدت أن القيادة العسكرية التركية أرسلت ست طائرات شحن عسكرية إلى ليبيا،، وأشارت إلى أن تلك الطائرات كانت محملة بمعدات عسكرية متطورة منها منصات صواريخ أرض / جو، وبطاريات مدفعية ميدان بعيدة المدى، إلى جانب كميات كبيرة من الذخائر الحربية المتنوعة التي يتم تكديسها في هذه القاعدة التي سلمتها حكومة السراج إلى تركيا منذ سقوطها في مايو الماضي.  
وبحسب تقارير صحفية تعد التحركات الأخيرة حيلة أخرى تقوم بها تركيا في معركتها من أجل البقاء في ليبيا والتهرب من تنفيذ المطالب الدولية بإنهاء الوجود الأجنبي من خلال اتفاقيات مع حكومة الوفاق، من بين هذه الاتفاقيات تلك المتعلقة بالتعاون العسكري والتي تتولى بموجبها تدريب مقاتلين تابعين للميليشيات.
ورغم إدراك تركيا في قرارة نفسها أن جودها في ليبيا لم يعد مقبولاً دوليًا فإن تحركاتها مستمرة، ويرى المراقبون أن خطط تركيا هدفها إطالة أمد الأزمة لضمان أقصى استفادة اقتصادية ممكنة من الصراع في ليبيا.
كما تخطط أنقرة لضمان وجود دائم لها عبر أجهزة أمنية وعسكرية بعد أي تسوية سياسية مرتقبة في ليبيا بما يخدم المصالح التركية على المدى البعيد.         

شارك