تونس تثأر لشكري بلعيد والابراهيمي
الخميس 02/يونيو/2022 - 03:13 م
طباعة
حسام الحداد
شكري بِلعيد (26 نوفمبر 1964 - 6 فبراير 2013)، سياسي ومحامٍ تونسي، وهو عضو سابق في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي والأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد، وأحد مؤسسي تيار الجبهة الشعبية وعضو مجلس الأمناء فيها. كان من أشدّ المنتقدين لأداء الحكومة الائتلافية في تونس. وهو يتبع التيار الماركسي اللينيني، اُغتيل أمام منزله من قبل "داعش"، الأمر الذي أتبعه مظاهرات عارمة بالبلاد وإعلان الاتحاد العام التونسي للشغل عن الدخول في إضراب عام يوم الجمعة التي تلت اغتياله.
في يونيو 2020، نشرت هيئة الدفاع عن المعارضين التونسيين، شكري بلعيد، ومحمد البراهمي، في أكثر من 40 صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وثائق تدين إخوان تونس في قضية اغتيالهما.
وتثبت الوثائق بحسب الهيئة، العلاقة الإجرامية بين حركة النهضة التونسية، ورئيس تنظيمها السري مصطفى خذر، مع تنظيم إخوان مصر منذ عام 2011.
وقالت هيئة الدفاع التونسية إن المراسلات، التي تمت عبر البريد الإلكتروني، تضمنت عددا كبيرا من المعطيات بشأن كيفية بناء الجهاز السري وإدارته والإشراف عليه.
تطورات في القضية:
وفي تطور جديد في القضية أمس الأربعاء 1 يونيو 2022، قال رضا الرداوي، عضو هيئة الدفاع عن القياديين اليساري شكري بلعيد والقومي محمد البراهمي اللذين اغتيلا عام 2013، "إن ما نعيشه من تلاعب في ملفات الاغتيالات السياسية والجهاز السري لحركة النهضة الإخوانية ساهم فيه المدعي العام السابق بشير العكرمي".
وأضاف الرداوي، خلال مؤتمر صحفي، بالعاصمة تونس النهضة، أنه تم توجيه الاتهام للعكرمي في 4 قضايا حسب المجلة الجزائية حيث يتعلق الملف الأول بالسيارة "فيات سينا" التي استعملت في اغتيال شكري بلعيد.
أما الملف الثاني، وفق الرداوي، فيتعلق بـ"عملية إخفاء المسدسين وقد وجهت للعكرمي تهم تعمد إخفاء الحقيقة باستعمال خصائص الوظيفة وتعمد موظف عمومي ترك واجب القبض على متهم بقصد إعانته على التخلص من التتبعات العدلية وتعمد إخفاء ما تثبت به الجريمة قبل وضع يد السلطة عليه".
وأوضح أن الملف الثالث "يتعلق بتدليس معطيات متعلقة بإمام جامع الرحمة بحي الخضراء وسط العاصمة تونس، شكري بن عثمان، وقد تم فتح بحث تحقيقي ضد العكرمي من أجل التدليس المادي والذهني ومسك واستعمال مدلس طلب الفصول 173و175 و176 من المجلة الجزائية".
وكشف الرداوي أن "هناك أطرافا سياسية وأمنية لا ترغب في كشف حقيقة الاغتيالات في تونس".
وبين أن هيئة الدفاع معركتها طويلة ومرة وأنهم لن يسلموا في تلك المعركة وسيكشفون الحقيقة، مؤكدا أن "وزارة الداخلية مازالت تخفي مجموعة من الوثائق المتعلقة باغتيال محمد البراهمي وتحديدا وثيقة تخص الأبحاث والإجراءات التي تمت ما قبل الاغتيال".
وأوضح أن "الوزير الحالي توفيق شرف الدين ما زال يشارك في نفس المسار"، على حد قوله.
ووفق مراقبين فإن البشير العكرمي يوصف بأنه "رجل النهضة وأداتها منذ سنوات لتطويع الجهاز القضائي خدمة لمصالحها، وشغل منصب قاضي التحقيق المكلف بالتحقيق في جريمة اغتيال السياسيين المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي منذ 2013، قبل أن يتولى منذ 2016 منصب المدعي العام بالمحكمة الابتدائية، وهو المنصب القضائي الأعلى الذي تولاه منذ ذلك الوقت إلى حين صدور قرار بإعفائه في شهر أغسطس 2020".
ويواجه العكرمي اتهامات بـ"التلاعب في قضية اغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013، وبإخفاء أدلة والتستر على وثائق وعلى متهمين ضالعين في الجريمتين"، خدمة لمصالح حركة النهضة، بحسب هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي.
وفي 31 يوليو 2021، وضعت السلطات الأمنية التونسية بشير العكرمي قيد الإقامة الجبرية، بعد اتهامه بالتستر على ملفات متعلقة بالإرهاب وتعطيل التحقيق فيها، وارتكاب إخلالات قانونية في ملف الاغتيالات السياسية.
توجيه الاتهام للغنوشي:
وجّه القضاء التونسي أمس الأرعاء 1 يونيو 2022، الاتهام رسميًّا لرئيس حركة «النهضة» التونسية، رئيس البرلمان المنحل، راشد الغنوشي، بارتكاب جرائم تمس أمن الدولة الخارجي.
وقالت عضو هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، المحامية إيمان قزارة، خلال ندوة صحفية لهيئة الدفاع عن الشهيدين، الأربعاء، إن «راشد الغنوشي وظّف مجموعة من القضاة لصالحه وغالط الشعب التونسي طيلة سنوات».
وأضافت: «بعد 3 سنوات ونصف تمكنت الهيئة من ضمان حق التقاضي والمتمثل في توجيه الاتهام رسميًّا لراشد الغنوشي و17 شخصًا آخر من أجل جرائم تتعلق بالاعتداء على أمن الدولة»، مبينة أنه «تمت إحالة ملف القضية بشكل رسمي، ليرتفع عدد المتهمين إلى 34 في قضية ما يُعرف بالجهاز السري لحركة النهضة مع قرارات تحجير السفر على جميع المتهمين».
وتتعلق التهم الموجهة ضد الغنوشي، حسب قزارة، بالاعتداء على أمن الدولة الخارجي، والحصول على سرّ من أسرار الجيش الوطني، واستغلال نفوذ للحصول على معلومات ومزايا من جهات أجنبية.
عزل قضاة حركة النهضة:
قالت الجريدة الرسمية التونسية إن الرئيس التونسي قيس سعيد عزل 57 قاضيا اتهمهم في وقت سابق من يوم أمس الأربعاء 1 يونيو 2022، بالفساد والتواطؤ والتستر على متهمين في قضايا إرهاب.
وفي كلمة افتتح بها اجتماع مجلس الوزراء، انتقد سعيد، بشدة، مظاهر الفساد والقصور والتقصير التي يعاني منها مرفق القضاء، بأن وجه سلسلة من الاتهامات لبعض القضاة الذين تحوم حولهم شبهات الضلوع في الفساد والتستر على فاسدين، وتعطيل تتبع ذوي الشبهة في قضايا إرهابية، والتواطؤ مع جهات سياسية أو مالية نافذة.
وأكد سعيد أن هذه الوضعية هي التي حتمت إقرار تداول مجلس الوزراء في اجتماعه اليوم، بشأن مشروع يتعلق بتنقيح المرسوم المتعلق بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء.
وتعهد الرئيس التونسي، بحسب مقطع فيديو ورد على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية، بالكشف عن أسماء هؤلاء القضاة، ممن تعلقت بهم شبهات تغيير مسار قضايا إرهابية، وتورط في فساد مالي وأخلاقي وارتشاء وثراء فاحش، في أمر، مشيرا إلى أنه "تم النظر في كل الملفات من أكثر من مصدر، حتى لا يظلم أحد، والتدقيق فيها لمدة أسابيع"، وإلى أنه "لم يعد مقبولا اليوم أن تغيب العدالة عن قصور العدالة".
وقال سعيد، في هذا الصدد، "لقد أعطيت الفرصة تلو الفرصة، وتم التحذير حتى يطهر القضاء نفسه، ولا يمكن أن أطهر البلاد من الفساد ومن تجاوز القانون، إلا بتطهير كامل للقضاء"، مضيفا أنه هناك "تلكؤ وتأخير متعمد لفتح كل الملفات، بالرغم من أنها جاهزة"، ومؤكدا في السياق نفسه، أنه "لا يمكن أن يستمر الوضع دون نهاية".
وجدد، في هذا السياق، التأكيد على "عدم التدخل في القضاء، ورفض تدخل أي كان فيه"، مع التشديد على "عدم القبول بأي تجاوز للقانون"، وعلى أن "الواجب المقدس يفرض اتخاذ هذا القرار (تنقيح المرسوم المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء)، حفاظا على الدولة وعلى السلم الاجتماعية".
وذكر أن الأسباب التي دعت إلى اتخاذ هذا القرار "تتعلق بما ارتكبه البعض من القضاة من جرائم، لم يترتب عنها أي جزاء صلب المؤسسات"، التي قال إنها "من المفترض أن تقوم بدوها الوطني والتاريخي".
كما أن من بين هؤلاء القضاة، حسب رئيس الجمهورية، قاض تعمد تعطيل التتبع في ملفات إرهابية، وعددها 6268 محضرا، وتتعلق به شبهات عدم الحياد وتجاوز الصلاحيات وتوجيه الأبحاث وخرق الاجراءات وتهديد القضاة، وإخلالات في أداء الوظيف بمناسبة مباشرته لوظيفته كقاض، وله ملف تأديبي مخفي في قصور العدالة، ولم يتم النظر فيه أيضا.
وتحدث سعيد عن جملة من التجاوزات لهؤلاء القضاة، من بينها تعطيل تتبع ذوي الشبهة في ملفات إرهابية، والتصدي لتطبيق الفصل 23 من مجلة الاجراءات الجزائية في ملف "الجهاز السري"، والامتناع عن فتح أبحاث جزائية في قضايا ذات علاقة بالأمن ولها صبغة إرهابية.
وأشار أيضا إلى استغلال أحد القضاة لصفته بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي، لتعطيل تتبع ذوي الشبهة في ملفات إرهابية، والتدخل لحماية أطراف سياسية وأصحاب نفوذ، وتعمد أحدهم التدخل في مسار قضايا هامة انطلاقا من موقعه كمستشار برئاسة الحكومة.
وتعلقت بأحدهم كذلك، حسب سعيد، شبهات فساد والتورط مع أحد أصهاره من المهربين الكبار في عمليات تهريب ديوانية من الحجم الكبير، وحماية القضاة المورطين في أعمال تعطيل التفقد وخرق واجب الحياد واستغلال النفوذ والارتشاء في ملف جنائي، حيث تم الافراج عن المتهم فيه ثم الحكم عليه بالسجن تحت الضغط لمدة تفوق مدة الإيقاف.
وأورد رئيس الجمهورية التونسية أن من بين تلك الملفات مساعدة مشتبه بهما في قضايا إرهابية للحصول على وثائق إدارية، ومنها منح الجنسية التونسية، والتواطؤ في ما يعرف بملف "الجهاز السري"، والارتباط بحزب سياسي، وعدم السعي لتنفيذ قرار بتحجير السفر مما سهل على المظنون فيه مغادرة البلاد، والتستر على تدليس وثائق لها علاقة بأحد أفراد عائلة أحد قادة الأحزاب السياسية.
كما أشار إلى أن من بين هؤلاء القضاة من تعلقت بهم قضايا فساد في ملف الأملاك المصادرة، وتحرش بقاضيات، وقضايا أخلاقية، وتبييض أموال، ومنهم من ضبط في حالة تلبس بنقل مبلغ 530 ألف أورو مع مبالغ مالية بالعملة التونسية.
وجدد سعيد في ختام كلمته التأكيد على أن المسؤولية تقتضي اتخاذ هذه القرارات، دون التدخل في القضاء، قائلا: "لكن لن نترك الشعب التونسي والدولة في هذا الوضع الذي تعيشه".
وكان قيس سعيد أشار في بداية كلمته الى أن مجلس الوزراء سيتداول في عدد من مشاريع النصوص، سواء في شكل مراسيم أو أوامر، يتعلق أولها بتنقيح قانون الانتخابات والاستفتاء استعدادا لاستفتاء 25 يوليو 2022 لوضع دستور لجمهورية جديدة.