ألغام الحوثي.. سلاح الإرهاب مستمر في حصد أرواح الأبرياء في اليمن
السبت 02/يوليو/2022 - 09:51 ص
طباعة
فاطمة عبدالغني
لم تكتفي ميليشيا الحوثي المدعومة إيرانيًا باستهداف المدنيين والأبرياء بل استمرت في نشر كميات كبيرة من الألغام في المحافظات التي سيطرت عليها، ولا تزال هذه الألغام تشكل خطراً قاتلاً على حياة ملايين المدنيين وبصفة خاصة الأطفال.
وفي هذا السياق، أكدت منظمة إنقاذ الطفولة في اليمن أن طفلاً واحداً في اليمن يصاب نتيجة الذخائر غير المنفجرة منذ بداية الهدنة، وقالت إن هذه الذخائر كانت أكبر مسببة لقتل الأطفال في البلاد منذ إعلان الهدنة في أبريل الماضي وأن الزيادة الطفيفة في الوفيات الناجمة عن هذه الأسلحة كانت بسبب انتقال العائلات إلى مناطق كان يتعذر الوصول إليها سابقاً في أعقاب انخفاض الأعمال العدائية.
وذكرت المنظمة في بيان لها أن تحليلاً جديداً من وكالة حقوق الطفل أظهر أن الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة كانت مسؤولة عن أكثر من 75% من جميع الإصابات المرتبطة بالحرب بين الأطفال، مما أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 42 طفلاً بين أبريل ونهاية يونيو الماضيين.
وأشارت المنظمة إلى أنه منذ أن بدأت الهدنة بعد سبع سنوات من النزاع، انخفض عدد الإصابات المرتبطة بالنزاع المسلح انخفاضاً كبيراً، حيث قتل 103 مدنيين في النزاع خلال فترة الثلاثة أشهر. في الأشهر الثلاثة التي سبقت الهدنة، قُتل 352 مدنياً.
ووفق ما أورده بيان المنظمة فقد استمرت الحوادث المتعلقة بالألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة على مستوى مماثل، بمتوسط يقدر بحادث واحد في اليوم، مما أسفر عن مقتل 49 مدنياً من بينهم ثمانية أطفال على الأقل. وفي الأشهر الثلاثة التي سبقت الهدنة، قتل 56 مدنياً بسبب الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة.
وأفادت المنظمة أنه لا تزال المتفجرات من مخلفات الحرب تشكل تهديداً موروثاً من القتال، وتشكل خطراً دائماً على المدنيين في جميع أنحاء البلاد حتى بعد توقف الأعمال العدائية. الأطفال، على وجه الخصوص، لديهم قابلية متزايدة للتعرض للذخائر غير المنفجرة والألغام الأرضية بسبب انخفاض الوعي بالمخاطر وزيادة فضول الاستقصاء. علاوة على ذلك، أدى الشعور بالأمان النسبي إلى زيادة التنقل بين المدنيين، وخاصة النازحين، الذين قد يشعرون بالثقة في العودة إلى المناطق التي تراجعت فيها الأعمال العدائية.
وقالت المديرة القطرية لمنظمة إنقاذ الطفولة في اليمن، راما حنسراج "على الرغم من أن القتال كان أقل تواتراً في الأشهر الأخيرة، لا تزال مخلفات الحرب من المتفجرات تحصد أرواح المدنيين بشكل يومي. تشكل الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة تهديداً كبيراً للجميع في اليمن، وخاصة الأطفال".
وأضافت: "الأطفال فضوليون بطبيعتهم - فهم يريدون استكشاف عالمهم والتعرف إليه. وعندما يرون شيئاً لامعاً أو مثيراً للاهتمام، لا يمكنهم مساعدة أنفسهم من لمسه. لهذا السبب قتل أو جرح عدد كبير من الأطفال في حوادث الذخائر غير المنفجرة ؛ يلتقطون الشيء غير المألوف معتقدين أنه لعبة، فقط ليكتشفوا أنها قنبلة عنقودية غير منفجرة".
من ناحية أخرى، أعلنت إحصائيات رسمية عن نزع الفِرق الهندسية التابعة للحكومة أكثر من 238 ألف لغم أرضي وعبوات متفجرة زرعتها ميليشيا الحوثي ، خلال عامين، فضلًا عما تم نزعه من قِبل فِرق هندسة القوات المشتركة في الساحل الغربي.
جاء ذلك على لسان مدير البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام العميد الركن "أمين العقيلي"، في كلمة ألقاها في الاجتماعات الخاصة باتفاقية حظر الألغام الفردية في مدينة "جنيف" السويسرية.
وأشار أمين العقيلي إلى أن الفرق الهندسية التابعة للمركز نزعت نحو 238 ألفًا و353 لغم أرضي وعبوات متفجرة، من مخلّفات الميليشيا خلال عامي 2020 - 2021.
وأوضح أن الألغام والعبوات المتفجرة التي تم انتزاعها تنوعت بين 3064 لغمًا مضادًا للأفراد، و"53002" لغم مضاد للدروع، و"177,696 مخلفات حرب"، و"4,591 عبوة ناسفة" زرعتها ميليشيا الحوثي في المناطق السكانية والطرق.
وأكد أن البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام بحاجة إلى 48 مليون دولار، لدعم عمل الفرق التابعة له، مطالبًا- في ذات الوقت- بفترة تمديد إضافية لمدة "5 سنوات"، حتى شهر مارس 2028، بشأن اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد.
وحذّر العقيلي من زيادة مستوى تلوث البلاد بالألغام، بسبب استمرار ميليشيا الحوثي الإرهابية في زراعتها ومنع وصول فِرق النزع والتطهير إلى بعض المناطق، وظهور ذخائر متفجرة مبتكرة، والاختلاف في أولويات الاستجابة للنزاع في المناطق المحررة وأسباب انعدام الأمن في بعض المناطق.
وأشار إلى أن اليمن تحتاج للمزيد من بناء القدرات لمعالجة التلوث الجديد وكذا معدات إضافية، مستعرضاً العوائق التي تواجه البرنامج وأبرزها انخفاض التمويل، ما يسبب صعوبة في عمليات التخطيط والتأثير على سير عمل عدد 66 فريقًا ميدانيًا وإدارات المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام.
ولفت العقيلي إلى الانتهاء من تحضيرات عمليات المسح الأساسي لليمن في أبريل من العام 2021، بهدف بناء خط قاعدة أساسي في البلاد لتحديد حجم التلوث، حيث تم البدء في عمليات المسح الأساسي على الأرض في يونيو من العام الماضي.
جدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية كانت أعلنت، قبل يومين، عن تمديد عقد مشروع "مسام" لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام لمدة عام، بتكلفة تتجاوز 33 مليون دولار.
وكشف أسامة القصيبي مدير عام مشروع "مسام" عن استعداد "مسام" لتطهير جميع المعابر والطرق المؤدية إلى تعز فور الاتفاق على ذلك. وقال إن "فرق (مسام) جاهزة للعب دوراً محورياً في فتح المعابر والطرقات المغلقة في تعز".
وبحسب القصيبي فإن "مسام" تمكن من انتزاع أكثر من 90 ألف لغم وعبوة ناسفة وقذيفة غير متفجرة زرعها الحوثيون في مديريات مختلفة بمحافظة تعز. وتابع: "في أي لحظة يتم فيها الاتفاق على فتح معابر وطرقات تعز سيتم تحويل فرق (مسام)، التي تعمل في أنحاء تعز الأخرى إلى مناطق المعابر والطرقات المغلقة".
وشملت عملية الإتلاف الأخيرة التي نفذها "مسام"، في باب المندب، 375 لغماً مضاداً للدبابات، و17 قذيفة غير منفجرة، و497 فيوزاً منوعاً، إلى جانب 7 ألغام مضادة للأفراد، و15 عبوة ناسفة، و222 طلقة.
وكان أسامة القصيبي أعلن، قبل أيام، أن فرق المشروع نزعت، منذ نهاية يونيو 2018، وحتى الآن، 347737 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة في مختلف أرجاء اليمن.
وتمكنت فرق "مسام" من تطهير 35.40 ألف متر مربع من الأراضي في اليمن، كانت مفخخة بالألغام والذخائر غير المنفجرة.
هذا، ولا تزال الألغام الحوثية تشكل الخطر الأكبر على اليمنيين، إذ تحصد وبشكل يومي المزيد من الضحايا، فخلال شهر يونيو الماضي فقط، أوقعت 44 ضحية جديدة بين قتيل وجريح في عدد من محافظات البلاد.
وخلال الفترة من (1 إلى 30 يونيو) 2022، بلغ عدد القتلى، جراء انفجارات ألغام الحوثيين ومقذوفات غير منفجرة 17 شخصاً، بينهم 13 مدنياً وطفلان، إضافة إلى امرأة واحدة وجندي حكومي واحد في 9 محافظات يمنية.
بينما بلغت الإصابات، لنفس الفترة 27 حالة إصابة بجروح متفاوتة، كان للأطفال نصيب الأسد منها، حيث أصيب 14 طفلا، بالإضافة إلى 11 مدنياً، وامرأة واحدة، ومهندس يعمل في مجال نزع الألغام.
وعلى مستوى المحافظات فقد احتلت محافظة الحديدة (غرب اليمن) المرتبة الأولى بعدد 15 ضحية (6 قتلى و9 جرحى)، تليها محافظة صعدة في المرتبة الثانية بـ10 ضحايا (قتيل واحد و10 جرحى)، ثم تعز بـ6 ضحايا (4 قتلى و2 جرحى)، وحجة بـ4 ضحايا (قتيل واحد و3 جرحى)، ثم مأرب بـ3 ضحايا (قتيلين وجريح واحد)، تليها صنعاء والجوف بـ(قتيل وجريح) لكل منهما، ثم محافظة الضالع بجريحين مدنيين، وأخيراً محافظة البيضاء بقتيل واحد (امرأة).
يذكر أنه خلال الشهرين الأولين للهدنة (أبريل ومايو) 2022، سقط نحو 46 ضحية مدني (20 قتيلا و26 جريحا) بينهم أطفال ونساء، نتيجة انفجار الألغام الحوثية، بحسب مراصد حقوقية.
ويُعد ملف الألغام واحداً من أخطر الملفات التي تمس حياة المدنيين بشكل مباشر.
وقد طالبت العديد من المؤسسات والمراصد الحقوقية الأمم المتحدة ومنظماتها ومبعوثها الخاص لليمن والحكومات؛ بـ"الضغط على الحوثيين للتوقف فوراً عن زراعة المزيد من الألغام"، وأن يتم إفراد مساحة لمناقشة هذا الملف خلال فترة الهدنة، ووضع حلول عاجلة لوقف سقوط مزيد من الضحايا المدنيين، غير أن ذلك لم يحصل.
وتعد ميليشيا الحوثي، ذراع إيران في اليمن، الطرف الوحيد في كافة أطراف الحرب الذي يزرع الألغام والعبوات الناسفة بمختلف أنواعها وأحجامها حتى "الفردية" المحرمة دولياً، حيث شهد اليمن أكبر عملية زرع للألغام في الأرض منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وفق تقارير حقوقية.
وتشير تقارير حقوقية إلى أن ميليشيا الحوثي زرعت أكثر من مليوني لغم، أدت إلى مقتل وإصابة ما يزيد عن 20 ألف مدني.
وكان فريق الخبراء الدوليين البارزين التابع للأمم المتحدة، قد قال في تقريره المقدم لمجلس الأمن الدولي، مؤخراً، إن "استخدام الحوثيين للألغام الأرضية بشكل عشوائي ومنهجي، ولاسيما على طول الساحل الغربي، يشكل تهديداً مستمراً للسكان المدنيين".