حركة النهضة التونسية إلى أين؟
الخميس 07/يوليو/2022 - 04:41 ص
طباعة
حسام الحداد
تمرّ تونس بأزمة سياسية عميقة منذ تولي الرئيس قيس سعيّد السلطتين التنفيذية والتشريعية في 25 يوليو 2020 حين أقال رئيس الحكومة وعلّق أعمال البرلمان قبل أن يحلّه لاحقاً. ويتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من المعارضة بسبب مشروع دستور جديد يعتزم عرضه للاستفتاء في 25 يوليو الجاري. الأزمة السياسية التي تجتاح الدولة التونسية الأن ربما يكون السبب الرئيس فيها جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمها الدولي متمثلة في حركة النهضة التونسية والتي تحاول بالتعاون مع أجهزة استخباراتية اقليمية السيطرة على مقدرات الشعب التونسي، وحكم البلاد، ورغم الخطوات الجادة والكبيرة التي يتخذها الرئيس قيس سعيد في مكافحة حركة النهضة والالتفاف الشعبي حوله إلا ان حركة النهضة لم ترفع راية الهزيمة بعد، وفي تطور الصراع خلال اليومين الماضيين أعلنت السلطات التونسية أنّ قضاء مكافحة الإرهاب أمر بتجميد الأرصدة المالية والحسابات المصرفية لعشر شخصيات، من بينها رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان السابق راشد الغنوشى، ورئيس الحكومة السابق حمادى الجبالى.
وقالت اللجنة التونسية للتحاليل المالية، فى بيان، إنّه يتعين على البنوك والبريد «التطبيق الفورى لقرار قضائى صادر عن قاضى التحقيق فى القطب القضائى لمكافحة الإرهاب» ينصّ على تجميد هذه الأرصدة والحسابات. وأضافت أن ضمن قائمة الشخصيات العشر القيادى فى النهضة ووزير الخارجية السابق، وصهر الغنوشى رفيق عبدالسلام، ونجل الغنوشى «معاذ».
وكان القضاء التونسى أصدر فى 27 يونيو قرارًا بمنع سفر الغنوشى فى إطار تحقيق باغتيالات سياسية حدثت فى 2013. أما الجبالى فملاحق قضائيًا فى قضية «تبييض أموال» وتم توقيفه نهاية يونيو قبل أن يطلق سراحه بعد أربعة أيام من التوقيف. ومن المنتظر أن يمثل «الجبالى» فى يوليو الجارى أمام قاضى تحقيق فى القطب القضائى لمكافحة الإرهاب فى العاصمة التونسية، وفقًا لمحاميه. وقالت وزارة الداخلية فى وقت سابق إن توقيف «الجبالى» من قبل الشرطة كان على خلفية الاشتباه بضلوعه فى قضية غسيل أموال تتعلق بتحويلات من الخارج لجمعية خيرية فى تونس.
سقوط الدستور يعيد الغنوشي
وفي نفس السياق حذّر رئيس اللجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية الاجتماعية ونقيب المحامين التونسية، إبراهيم بودربالة، من خطورة التداعيات السياسية على البلاد، في حال فشل التصويت على قبول الدستور الجديد خلال الاستفتاء المقرر الشهر الجاري.
وأضاف في تصريح للإعلام المحلي، أن "تصويت التونسيين برفض مشروع الدستور الجديد، سينتج عنه سياسياً، تنحّي الرئيس قيس سعيد عن الحكم وتقلد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي رئاسة البلاد"، وفق تعبيره.
كما أوضح أنه "إذا تم التصويت بــ(لا) على الدستور ستعود البلاد سياسياً إلى مرحلة ما قبل 25 يوليو"، مشيراً إلى أنه "بالتالي يعود البرلمان المنحل ويكون الغنوشي رئيسا للجمهورية بشكل مؤقت، وفق ما ينص على ذلك دستور 2014، إلى حين تنظيم انتخابات جديدة".
يشار إلى أن الجريدة الرسمية كانت نشرت نص الدستور الجديد المقترح يوم الخميس الماضي، على أن يجرى الاستفتاء عليه في 25 يوليو الجاري.
أهم بنود الدستور
ومن أبرز بنود الدستور عدم نصه على أن الإسلام هو دين الدولة، كما هي الحال في دستور 2014 بل اعتباره "تونس جزءا من الأمة الإسلامية، وعلى الدولة وحدها أن تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النفس والعرض والمال والدين والحرية".
وتهدف تلك الصيغة إلى التصدّي للأحزاب ذات "المرجعية الإسلامية" على غرار "حركة النهضة".
إلا أنه يشدد في المقابل على أن الدولة "تضمن للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية العامة دون تمييز".
كما يكفل "حرية الاجتماع والتظاهر السلميين".
حرمان النهضة من المشاركة السياسية
قررت محكمة المحاسبات، أعلى هيئة قضائية رقابية في تونس حرمان أعضاء حزبى" حركة النهضة" و "قلب تونس" من المشاركة فى الانتخابات لمدة 5 سنوات، بعد ثبوت حصولهما على تمويل أجنبي، بحسب شبكة العربية.
كما تضمن القرار أيضا إسقاط قائمات الحزبين في الانتخابات البرلمانية لسنة 2019، بعدد من الدوائر الانتخابية بوسط وجنوب البلاد.
وكشفت محكمة المحاسبات، أن حركة النهضة تتصدرّ قائمة الأحزاب السياسية، التي ارتكبت خروقات وتجاوزات قانونية، خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية 2019، أثّرت على إرادة الناخب وعلى النتائج، من أجل الوصول إلى أهدافها.
وأشارت المحكمة المكلفة بمراقبة حسن التصرف في المال العام، في تقريرها العام حول نتائج مراقبة تمويل الحملات الانتخابية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية 2019، أن حركة النهضة أبرمت عقدا مع شركة دعاية وضغط أجنبية لتحسين صورتها والتأثير في الانتخابات، في الفترة ما بين سبتمبر 2014 وسبتمبر 2018، تم تجديده بعقد تكميلي ليغطي الفترة الممتدة من 16 يوليو 2019 إلى 17 ديسمبر 2019، وهي الفترة التي جرت فيها الانتخابات البرلمانية والرئاسية في تونس، وذلك مقابل أموال ضخمة لا تزال مصادرها مجهولة وغير مصرّح بها، بلغت 285 ألف دولار.
ويعتبر القانون الانتخابي التونسي البحث عن دعم أجنبي، جريمة انتخابية، حيث ينص الفصل 163 من القانون الانتخابي على أنّه "إذا ثبت لمحكمة المحاسبات أنّ المترشّح أو القائمة قد تحصّلت على تمويل أجنبي لحملتها الانتخابية فإنّها تحكم بإلزامها بدفع خطية ماليّة تتراوح بين عشرة أضعاف وخمسين ضعفا لمقدار قيمة التمويل الأجنبي".
وبحسب الفصل نفسه، "يفقد أعضاء القائمة المتمتّعة بالتمويل الأجنبي عضويتهم بالبرلمان ويعاقب المترشّح لرئاسة الجمهورية المتمتّع بالتمويل الأجنبي بالسجن لمدّة خمس سنوات، ويُحرم كل من تمّت إدانته بالحصول على تمويل أجنبي لحملته الانتخابية من أعضاء قائمات أو مترشّحين من الترشّح في الانتخابات التشريعية والرئاسية الموالية".
اللافت للانتباه هنا أن حركة النهضة التونسية ارتكبت عدد كبير من المخالفات القانونية في البلاد سواء في العملية الانتخابية أو غيرها من الممارسات الغير قانونية التي مارستها في الأعوام الماضية، هذا بجانب اتهامها بشكل مباشر بان لها يد في اغتيال شكري بلعيد ومحمد الابراهيمي، كل هذه الاتهامات تدين حركة النهضة قانونيا، والتزام السلطات التونسية بانفاذ القانون ربما يؤدي في القريب العاجل إلى دخول عدد كبير من قيادات الحركة للسجون، ما يؤدي في النهاية إلى اضعاف الحركة وزيادة الانقسامات الداخلية فيها، ورغم ذلك فانه من الصعوبة التنبؤ بنتهاء الحركة لأنه ما زال لديها اجيال شابة تستطيع الاستمرار في النواجد وان كان تواجد خامل لاعادة البناء.