من جدة إلى بيترسبرج.. مصر تواجـه قضـــــــــــــايا الإرهاب والمناخ والأمن الغذائى دوليًا

الخميس 21/يوليو/2022 - 11:17 م
طباعة من جدة إلى بيترسبرج.. حسام الحداد
 
شهدت الأيام الأخيرة جولات خارجية للرئيس عبدالفتاح السيسي بدأت من المملكة العربية السعودية حيث قمة جدة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن وزعماء 9 دول عربية هي مصر والعراق والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي، ثم انتقل زار الرئيس ألمانيا لحضور حوار بطرسبرج للمناخ لمواجهة التغيرات المناخية وبعدها صربيا، لتقدم مصر وقيادتها السياسية نموذجا للاستقرار في نطاقها الإقليمي والدولي، وتعزز مكانتها الدولية في ظل ما تمر به المنطقة العربية من أزمات وصراعات في ظل الدبلوماسية الرئاسية الحكيمة القائمة على توطيد علاقات مصر بدول العالم بأسره، لتضاف تلك الزيارات إلي زيارات أخرى جاءت تحت ما يعرف بـ "دبلوماسية الرئيس" متنقلا بين القارات الأفريقية والآسيوية والأوروبية، وأمريكا الشمالية، لبحث تعزيز سبل التعاون الثنائي بين مصر ودول هذه القارات، فضًلا عن المشاركات في قمم دولية عدة أعادت لمصر قوتها ومكانتها مرة أخرى، ومناقشة قضايا مكافحة الإرهاب والفقر والهجرة غير الشرعية وغيرها.
منذ توليه الحكم في البلاد، وضع الرئيس عبدالفتاح السيسي على عاتقه كسر شوكة الإرهابيين، ودحر الجماعات التكفيرية والإرهابية سواء في سيناء أو جميع أنحاء البلاد، عبر بناء استراتيجية متكاملة لمكافحة الإرهاب.
ونجح الرئيس السيسي والدولة المصرية في مواجهة هذه الجماعات التكفيرية والإرهابية، وامتدت أذرع الأجهزة الأمنية المصرية لتوجيه ضربات قوية للعناصر الإرهابية التي كانت تهدد أمنها القومي، وأحبطت أيضا الكثير من العمليات الإرهابية، كما تمكنت من اصطياد العناصر الخطيرة، بفضل يقظة أجهزة الأمن.
وتمكنت مصر من خفض وتيرة العمليات لمعدلات غير مسبوقة مقارنة بعام ٢٠١٤ الذي شهد تصاعد وتيرة الإرهاب ردا على سقوط جماعة الإخوان الإرهابية، إضافة إلى نجاح الدولة في تعقب مصادر التمويل وتشكيل لجان لمكافحة تمويل الإرهاب وهو ما ساهم فى تجفيف منابعه.
ومنذ بداية توليه مقاليد الحكم وحتى الآن يسعى الرئيس السيسي إلى تثبيت أركان الدولة المصرية وإعادة بناء مؤسساتها الوطنية.
ويقول مراقبون إن انتصار مصر في مكافحة الإرهاب أصبح نموذجا يحتذى به لمكافحة التنظيمات المتطرفة، والقيام في الوقت ذاته بعملية التنمية المطلوبة، وهو ما أصبح يطلق عليه التجربة المصرية في مكافحة الإرهاب.
جدة وقضايا الإرهاب
وبالتوازي مع  تثبيت أركان الدولة المصرية وإعادة بناء مؤسساتها انطلقت مصر في محيطها الإقليمي والعالمي لاستعادة مكانتها مرة أخرى، وها هي تثبت وجودها في المحافل الدولية من خلال مساهماتها في المحافل الدولية ووضع استراتيجيات للعمل فيما نجحت فيه، مثل قضية مكافحة الإرهاب التي تشغل العالم الآن وليس أدل على ذلك من الكلمة التي وجهها الرئيس عبدالفتاح السيسي  خلال أعمال «قمة جدة للأمن والتنمية» بالسعودية، والتي جاء فيها:
إن بناء المجتمعات من الداخل على أسس الديمقراطية والمواطنة والمساواة واحترام حقوق الإنسان ونبذ الأيديولوجيات الطائفية والمتطرفة وإعلاء مفهوم المصلحة الوطنية، هو الضامن لاستدامة الاستقرار بمفهومه الشامل، والحفاظ على مقدرات الشعوب، والحيلولة دون السطو عليها أو سوء توظيفها. ويتطلب ذلك تعزيز دور الدولة الوطنية ذات الهوية الجامعة ودعم ركائز مؤسساتها الدستورية، وتطوير ما لديها من قدرات وكوادر وإمكانات ذاتية، لتضطلع بمهامها في إرساء دعائم الحكم الرشيد، وتحقيق الأمن، وإنفاذ القانون، ومواجهة القوى الخارجة عنه، وتوفير المناخ الداعم للحقوق والحريات الأساسية، وتمكين المرأة والشباب، وتدعيم دور المجتمع المدني كشريك في عملية التنمية وكذلك دور المؤسسات والقيادات الدينية لنشر ثقافة الاعتدال والتسامح بما يضمن التمتع بالحق في حرية الدين والمعتقد، فضلًا عن تكريس مسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ودفع عجلة الاستثمار وتوفير فرص العمل وصولًا إلى التنمية المستدامة، تلبيةً لتطلعات شعوبنا نحو مستقبل أفضل يشاركون في بنائه ويتمتعون بثمار إنجازاته دون تمييز.
وحول قضية الإرهاب التي تشغل معظم دول العالم قال الرئيس عبدالفتاح السيسي: يظل الإرهاب تحديًا رئيسيًا عانت منه الدول العربية على مدار عدة عقود، ولذا فإننا نجدد التزامنا بمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف بكل أشكاله وصوره بهدف القضاء على جميع تنظيماته والميليشيات المسلحة المنتشرة في عدة بقاع من عالمنا العربي، والتي تحظى برعاية بعض القوى الخارجية لخدمة أجندتها الهدامة، وترفع السلاح لتحقيق مكاسب سياسية ومادية، وتعوق تطبيق التسويات والمصالحات الوطنية، وتحول دون إنفاذ إرادة الشعوب في بعض الأقطار، بل وتطورت قدراتها لتنفذ عمليات عابرة للحدود. وأشدد في هذا السياق على أنه لا مكان لمفهوم الميليشيات والمرتزقة وعصابات السلاح في المنطقة، وأن على داعميها ممن وفروا لهم المأوى والمال والسلاح والتدريب وسمحوا بنقل العناصر الإرهابية من موقع إلى آخر، أن يراجعوا حساباتهم وتقديراتهم الخاطئة، وأن يدركوا بشكل لا لبس فيه أنه لا تهاون في حماية أمننا القومي وما يرتبط به من خطوط حمراء، وأننا سنحمي أمننا ومصالحنا وحقوقنا بكل الوسائل.
وحول كلمة الرئيس السيسي في «قمة جدة للأمن والتنمية»، قال الكاتب والباحث عصام الزهيري: "بداية كان من الواضح للغاية دلالات ورسائل المحاور الخمسة التي  صاغها خطاب الرئيس السيسي في قمة جدة. والدلالة الأولى والأهم والرسالة الأشمل والأصرح هي أنه على السياسة الأمريكية أن تفكر في مصالح ومصائر شعوب المنطقة وألا تضع نصب عينيها في سياساتها قصيرة النظر المصلحة الأمريكية وحدها. فمصائر شعوب المنطقة العربية هي قطعا ومن أي منظور أهم بكثير وبكثير جدا من المصالح الأمريكية الاقتصادية والسياسية والدعائية قريبة الأجل. لأنها تدخل في باب المصلحة الدولية والإنسانية العامة، مصير النظام العالمي كله، بما يشمل المصالح الأمريكية ذاتها التي ستكون قطعا مهددة على المدى البعيد حتى لو نجحت في تحقيق أهدافها القريبة قصيرة النظر. تحت هذا العنوان الشامل تندرج محاور خطاب جدة الخمسة بما فيها التنمية والتحديث وقوة الدولة الوطنية ومستقبل البيئة، وعلى رأسها جميعا يأتي محور مواجهة الإرهاب.
وأضاف الزهيري: "لا مكان لمفهوم الميليشيات والمرتزقة وعصابات السلاح في المنطقة" في هذه العبارة صاغ الرئيس نتاج أكثر من عشر سنوات من المعاناة والصراع ونزيف الدم في المنطقة، وهي عبارة حملت قرارا شعبيا لا يعود للمصريين فحسب ولكنه قرار كل شعوب المنطقة. وقد بلغ الخطاب قمة نصوعه وتحديه عندما حذر في حضور ساكن البيت الأبيض الدول التي تدعم ميليشيات الإرهاب ومرتزقة الفاشية الدينية في المنطقة. فلا الرئيس السيسي ولا نحن يمكن أن ننسى اتجاهات الرئيس الامريكي واتجاهات حزبه الساعية إلى استخلاص المصلحة الأمريكية من بين تلال جثث وبحور دماء شعوبنا بمشرط أو بملقاط "الفوضى الخلاقة".
وقال: "لكن أكثر ما يطمئن في الخطاب على مستقبل مصر والمنطقة هو أننا بإزاء قيادة تفكر من منظور استراتيجي بعيد شديدة الالتصاق بواقعها ومجرياته ولا تسكرها الانتصارات المؤقتة أو السهلة. فالخطر المحقق هو أن تنخدع القيادة السياسية ومؤسسات الدولة المصرية بنشوة الظفر في معركتنا مع ميليشيات الإرهاب المسلح، ونجاح قواتنا المسلحة وقوانا الأمنية في سحقها، فالإرهاب لا يتمثل قطعا في تلك المسوخ غير الآدمية التي تحمل السلاح وتتبنى الفكر التكفيري، لكن الإرهاب الحقيقي والذي لا يزال حاضرا ومهددا يكمن في خطوط إنتاج الفكر التكفيري التي لاتزال تعمل بكفاءة، ولاتزال ماكيناتها قادرة على التخفي والكمون بانتظار اللحظة المناسبة لحمل السلاح. الإرهاب الحقيقي يكمن كذلك في تلك الجهات الداعمة والممولة والمرحبة بوضع كل الأسلحة الفكرية السلفية والأوتوماتيكية الحديثة في يد الإرهابيين. ازدادت ثقتي بعد خطاب الرئيس السيسي في قدرة الدولة والمجتمع المصري على تجاوز كابوس مبارك المرعب. وكابوس مبارك المرعب هو مقاومة الإرهاب دعائيا في الظاهر بينما نفتح له في الباطن كل قنوات وأنفاق ووسائل الدعم للسيطرة والهيمنة على مفاصل الدولة والعقل والمجتمع المصري."
وعلى هامش «قمة جدة للأمن والتنمية»، التقى الرئيس السيسي نظيره الأمريكي جو بايدن، لأول مرة منذ تولي بايدن الحكم، وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير بسام راضي بتطلع الإدارة الأمريكية على تفعيل أطر التعاون الثنائي المشترك، وتعزيز التنسيق والتشاور الاستراتيجي القائم بين البلدين الصديقين وتطويره خلال المرحلة المقبلة.
وقد أعرب السيسي من جانبه عن ترحيبه بلقاء الرئيس الأمريكي لأول مرة، مؤكداً حرص مصر على تعزيز وتدعيم علاقات الشراكة المتميزة بين البلدين الصديقين.
وأوضح المتحدث تباحث السيسي وبايدن حول مواجهة تداعيات الظروف العالمية الخاصة بأزمة الغذاء واضطراب إمدادات الطاقة، كما تم خلال اللقاء كذلك بحث عدد من الملفات والقضايا الإقليمية، حيث أكد الرئيس الموقف المصري الثابت المستند إلى ضرورة تدعيم أركان الدول التي تمر بأزمات وتقوية مؤسساتها الوطنية، بما ينهى معاناة شعوبها ويحافظ على مقدراتها.
كما تم التباحث بشأن القضية الفلسطينية وسبل إحياء عملية السلام، وتمت مناقشة مستجدات قضية سد النهضة، حيث أكد السيسي على موقف مصر من ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لعملية ملء وتشغيل السد، بما يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث.

شارك