هل يتحول الصراع في ليبيا على السلطة إلى حرب أهلية؟

الأحد 24/يوليو/2022 - 12:05 ص
طباعة هل يتحول الصراع في حسام الحداد
 
تناقلت وسائل الإعلام المختلفة تطور الوضع في ليبيا وامتداد الاشتباكات العنيفة لمدينة مصراته السبت 23 يوليو 2022، بين "القوة المشتركة" الداعمة لحكومة عبدالحميد الدبيبة، و"لواء المحجوب" المؤيد لرئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا.
وتناقلت الوسائل الإخبارية ما مفاداه إن الاشتباكات التي بدأت عند بوابة الدافنية، توسعت إلى محيط الطريق الساحلي، المؤدي إلى العاصمة طرابلس، حيث حاولت "القوة المشتركة" مداهمة تمركز "لواء المحجوب" في تقاطع زريق، للسيطرة على الآليات هناك، والقبض على آمر القوة عبد الله أبو سنينة.
وأوضحت أن قائد لواء المحجوب سالم الجحا أوكل إلى أبو سنينة والقوة التابعة له مهمة التمركز في مفرق البحر بمنطقة زريق "لمنع أي تحرك خارج عن شرعية الحكومة بقيادة باشاغا"، مشيرة إلى أن "القوة المشتركة" مدعومة بأعداد من المرتزقة الأجانب.
وأشارت بعض المصادر إلى أن مجموعتي "لواء المحجوب" رفقة "كتيبة حطين" سبق أن تمكنتا من إخراج "القوة المشتركة" من مناطق في مصراتة، وذلك بعدما حاولت الأخيرة الاعتداء على منزل وموكب باشاغا عندما زار مصراتة لأول مرة منذ تكليفه، الأربعاء الماضي.
وقال الإعلامي الليبي محمد محيسن إن "القوة المشتركة أصبحت الذراع الذي يستخدم لترويع المواطنين"، مشيرا إلى أن ممارساتها من التضييق على المدنيين والشخصيات العامة، دفعت معظم الفصائل المسلحة في مصراتة إلى التوحد ضدها.
وأشار إلى اجتماع باشاغا مع قادة تلك المجموعات ومن بينهم "لواء المحجوب، والحلبوص، وحطين، والكتيبة 166، والتحرير"، وذلك للنظر في الترتيبات الأمنية في المدينة ومنع انزلاقها إلى الفوضى والصراع، لكن الطرف الآخر هو من يتحمل مسؤولية التصعيد.
بدوره أكد المحلل السياسي الليبي، محمد عامر، أن مماطلة الحكومة منتهية الولاية، وتمسكها بالبقاء في السلطة، وعدم التسليم في العاصمة، هو سبب ما تشهده البلاد من مشاحنات وتوترات ولن تنتهي طالما استمر الوضع على ما هو عليه.
وحذر من تطور الأمور إلى "اقتتال في شوارع مصراتة"، مردفا أن الوضع قد ينزلق في أي لحظة إلى صراع عنيف، مطالبا باشاغا بالاستفادة من التفاف الكثير حوله أخيرا لأجل إنهاء الانقسام السياسي في البلاد.
وشهدت العاصمة طرابلس، على مدار يومي الخميس والجمعة، ساعات من الرعب، حيث اندلعت مواجهات عنيفة بين "جهاز الردع" و"ثوار طرابلس"، خلفت 16 قتيلا و34 مصابا.
وتسببت اشتباكات طرابلس في غضب شعبي واسع بين سكان العاصمة الذين طالبوا بإخراج مقار التشكيلات المسلحة من المدينة، وفق تسجيل مصور لعدد من أهالي منطقة زاوية الدهماني، فيما أدانت الأمم المتحدة، على لسان مستشارتها الخاصة بليبيا ستيفاني وليامز، تلك المواجهات مؤكدة أن الاستخدام العشوائي للأسلحة في مناطق المدنيين "انتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني وجريمة يعاقب عليها القانون".
الحجم الطبيعي
كشفت الاشتباكات التي حدثت خلال اليومين الماضيين وما زالت مستمرة عن هشاشة الوضع الأمني بالغرب الليبي، وعن فشل الحكومات المتتالية والفاعلين السياسيين في لجم نزعة التمرد على القانون لدى الجماعات المسلحة بمختلف توجهاتها العقائدية والحزبية وانتماءاتها المناطقية والاجتماعية وولاءاتها السياسية. 
وأعلنت وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية الجمعة 22 يوليو 2022، عن سقوط 16 قتيلاً نتيجة الاشتباكات التي وقعت بوسط طرابلس وفي ضاحية عين زارة الجنوبية، بينما بلغ عدد المصابين 52 جريحاً، موضحة أن الإصابات متفاوتة بين الخفيفة والخطيرة. كما أدت الاشتباكات إلى خسائر مادية فادحة طالت الأملاك الخاصة والعامة، ومن ذلك ما أصاب شبكة الكهرباء بمنطقة عين زارة من أضرار جسيمة وفق ما أكدته الشركة العامة للكهرباء.
وكشفت مديرة مكتب الإعلام والناطقة باسم جمعية الهلال الأحمر الليبي، حنان السعيطي، أن فرق الهلال الأحمر تمكنت من إخلاء 117 عائلة من مواقع الاشتباكات، وأنه تم التواصل والتنسيق مع كافة الأطراف لتوفير ممر آمن، للتعامل مع كافة البلاغات من العائلات في مناطق الاشتباكات وخصوصاً منطقة مشروع الموز.
مواجهات دموية
ورأى مراقبون محليون أن المواجهات الدموية التي جدت بين قوتين مسلحتين تخضعان رسمياً لسلطة المجلس الرئاسي وهما «قوة الردع الخاصة» و«الحرس الرئاسي» شكلت صدمة لسلطات طرابلس التي بدت عاجزة على مواجهة التدهور الأمني، وهو ما أدى إلى توجيه إنذار عاجل إلى الطرفين المتصارعين بإمكانية تدخل خارجي لقصف مواقع تبادل إطلاق النار ولاسيما أن ليبيا لا تزال تخضع للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وبينما سارع رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة بإقالة وزير داخليته اللواء خالد مازن.. أكدت أوساط ليبية مطلعة أن وزير الداخلية ليست له سلطة على الميليشيات المسيطرة على طرابلس وبقية مدن الساحل الغربي الليبي، وخاصة عندما يتعلق بقوة الردع الخاصة التي تعتبر الميليشيا الأكبر حجماً والأكثر تسليحاً في العاصمة والتي يمتد نفوذها على كامل المنطقة الغربية، وهو ما يفسّر سيطرته خلال ساعات على 90 في المئة من معسكرات ومقارّ ومناطق تحرك جهاز الحرس الجمهوري.
توسع وتمدد
وعبّرت الأحداث الأخيرة عن وجود شرخ عميق في رأس وأجهزة الدولة، وفق تعبير رئيس أركان المنطقة الغربية محمد الحداد خلال الجولة التفقدية التي أداها إلى مواقع الاشتباكات رفقة وزير الداخلية المكلف بدر الدين التومي، مشدداً على أن ليبيا تحتاج رجالاً صادقين يقفون خلف أجهزتها ومؤسساتها وإدارتها ولا يتصيدون لها الأخطاء، مردفاً:«كلنا شركاء في الفساد وفي هذا الخلل، والدولة لن تعود للاستقرار إلا بإعطاء الشعب الثقة لمؤسساتها» وفق تقديره.
انتهاك جسيم
وأعربت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني وليامز عن صدمتها بالاشتباكات، وقالت: «أنا غاضبة من أعمال العنف التي اندلعت في طرابلس، التي راح ضحيتها العديد من الأشخاص بينهم نساء وأطفال في حفل زفاف»، وتابعت إن «الاستخدام العشوائي للأسلحة في منطقة حضرية مكتظة بالسكان دون حماية المدنيين يعدّ انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني وجريمة يعاقب عليها القانون»،وهو ما علّق عليه ناشطون ليبيون بالقول إن المجتمع الدولي لم يتخذ في يوم من الأيام إجراء عملياً واحداً ضد الميليشيات التي لا تزال تعرقل جهود الحل السياسي وتحول دون إتمام توحيد المؤسسات.
ونظرا للتطور السريع للاشتباكات والصراعات بين الميليشيات الليبية وحالة الانسداد السياسي التي وصلت لها الحالة الليبية يرشح عدد غير قليل من الخبراء في الشأن الليبي أن يتحول هذا الصراع إلى حرب أهلية، والحالة الوحيدة التي من الممكن ان تجنب الليبيين هذه الحرب هو جلوس الأطراف الاقليميين مع فريقي الصراع والوصول إلى حل سياسي، فاللاعبيين الإقليميين هم الذين يديرون اللعبة في الداخل الليبي وما هذه الميليشيات إلا بيادق تحركها الأصابع الخارجية.

شارك