قصة عائلة أبو عمرة.. حماس تصادر أراضي الفلسطينيين في غزة
الخميس 01/سبتمبر/2022 - 03:16 م
طباعة
علي رجب
حالة من الغضب تسيطر على أبناء قطاع غزة، في ظل استمرار حركة حماس في مصادرة الاراضي وعقارات الفلسطينيين في غزة التي تسيطر بالقوة على قطاع غزة منذ يونيو 2007.
استولت حماس الاستيلاء بقوة السلاح على آلاف الدونمات من الأراضي الحكومية بأساليب وطرق غير قانونية، وتوزعها على مؤسسات أو اشخاص يعملون لصالحها وسط تنديدات رسمية وغير رسمية.
آلاف الدونمات من الممتلكات العامة باتت تصب في مصلحة حركة حماس، ناهيك عن المبالغ الضخمة التي تفرضها على منتفعين من أراض منذ الحقبة العثمانية والبريطانية والمصرية، هجمت حماس على قرية أم النصر "القرية البدوية، شمال غزة"، وذلك خلال هدمها لمنزل أحد المواطنين بحجة عدم إخلاء جزء منه أقيم على أرض حكومية، الأمر الذي أدى إلا اندلاع مواجهات بين أهل القرية وعناصر حماس الذين فتحوا النار فأصابوا ستة مواطنين أحدهم بجروح خطرة.
ويعاني قطاع غزة من تضخم سكاني كبير بسبب ازدياد السكان وضيق المساحة. وتبلغ مساحة قطاع غزة 365كم مربع يعيش فيها ما يزيد على مليوني نسمة 66% منهم لاجئين وهو يمثل من أعلى نسب الكثافة السكانية في العالم (5,453 فرداً /كم2) وفقا للجهاز المركزي للإحصاء. وتقدر مساحة الأراضي الحكومية بثلث مساحة قطاع غزة.
وما أثار حفيظة السكان وسخريتهم في آن واحد، أن سلطة الأراضي تفتش في الدفاتر والسجلات القديمة جداً لتحصيل الأموال ووفق آليات غير منطقية، في حين أن هذه الأراضي موثق بيعها من الحاكم الإداري المصري لمالكيها في تلك الفترة، مع بقاء الأقساط المستحقة، وهو ما تطالب الجهات الحكومية المواطنين بدفعه مقابل نقل الملكية أو السيطرة على الأرض، كونها بالأساس مصنفة أنها "مشاع دولة".
على مدار سنوات تشكو عائلات أبو عمرة في منطقة الرمال الجنوبي بغزة - التي حطوا رحالهم فيها اثر هجرة عام 1948 - من حالة من عدم الاستقرار والقلق تصل لدرجة الفزع خاصة بعد أن أقدمت سلطة الأراضي في حكومة غزة على هدم منازلهم وإجبار عدد منهم على الرحيل إلى منطقة حدودية شرق دير البلح تحت مرمى النيران الإسرائيلية دون تخييرهم أو طرح البدائل عليهم.
ورغم أن قرارات الحكومات السابقة المتتالية بتخصيص منطقة قريش لنقل اسر أبو عمرة والبالغ تعدادها نحو 250 أسرة بعد تهيئة البنية التحتية للسكن فيها، إلا أن أيا من تلك الحكومات لم تنفذ قراراتها، وتم بالقوة نقل عدد من اسر أبو عمرة إلى مناطق حدودية في دير البلح ورفح دون استشارتهم أو تخييرهم مع إجبارهم على التنازل عن حقهم في التعويض عن هدم منازلهم لتكون بمثابة الدفعة الأولى من ثمن الأرض التي تم تخصيصها لهم.
وتبلغ مساحة ارض الرمال التي يسيطر عليها آل أبو عمرة حسب تقدير المختار أبو سلامة أبو عمرة نحو 70 دونماً، بينما تقدرها سلطة الأراضي بحوالي عشرين دونماً فقط، ويرى خبراء أسعار الأراضي أن الدونم الواحد فيها يبلغ سعره ما بين 3 و5 ملايين دولار.
ويقول الدكتور أيمن الرقب، القيادي بحركة فتح، وأستاذ العلوم السياسية، في تصريح خاصة، أنه " يوجد في قطاع غزة جزء كبير من الأراضي الغير مسجلة في الطابو ( الشهر العقاري ) والتي تعبر اراضي عمليا مملوكة للدولة".
سلطة الأراضي في قطاع الغزة، والتي تُشرف على تسجيل الأراضي في القطاع، أوضحت أن أراضي المندوب، هي بالأساس ملك للدولة؛ إذ لم تشهد هذه الأراضي أي سندات رسمية من أعلى الهرم_ أول الأشخاص الذين تسلموها من المندوب بشكل مباشر_، وبذلك فهي ترجع بملكيتها للحكومة التي تتعاقب على الأرض.
وأضاف "الرقب" أن هذه الاراضي جزء من هذه الأراضي خاصة في ساحل البحر في مناطق رفح وخانيونس ودير البلح و شمال قطاع غزة منحها الاحتلال البريطاني في القرن الماضي لبعض العائلات الفلسطينية كتسويات حول قضايا محددة وعندما جاء الاحتلال الإسرائيلي قام بوضع يده عليها وبناء المستوطنات عليها وبعد انسحاب الاحتلال من قطاع غزة عام ٢٠٠٥ م عادت العائلات للسيطرة على هذه الأرض.
وأضاف أن حماس التي تسيطر على قطاع غزة صادرت جزء من هذه الأراضي التي تعتبر أصلا حق عام و للأسف حماس وزعت جزء من هذه الأراضي على موظفيها في تسوية مديونية رواتب عجزت حكومة حماي عن دفعها لهم، لافتا إلى أن المشكلة الأساسية ان الحكومات المتتالية على قطاع غزة لم تحل هذه المشكلة و ظلت هذه المشكلة عالقة وتحت تصرف وقرار اي حكومة تسيطر على قطاع غزة .
وتابع "الرقب "قائلا :"المساحة الجغرافية في قطاع غزة صغيرة حيت ان مساحة قطاع غزة لا تتجاوز ٣٦٠ كيلو متر مربع وبالتالي الحديث عن أي مساحة من الأرض تتبع الحكومة تعتبر امر مهم في قطاع غزة الذي يعاني من الازدحام السكاني".
واختتم الرقب تصريحاته قائلا "اعتقد حكومة حماس تريد أن تحسم هذا الملف و تصادر الأراضي الغير مسجلة أو أرض المندوب لتحل بها أزمة مالية كما أشرنا في ملف الموظفين وكذلك قد تقييم بعض المشاريع الزراعية للحكومة و الاحق بهذه الأرض هو الشعب الفلسطيني بشكل عام ".
وتشير تقارير فلسطينية إلى أن موظفين كبارا من حركة حماس، يقومون بأعمال بتجريف الارض ومصادرة اراضي الدولة لفرض أمر واقع، ووزعت حماس حوالي 1200 دونم من الأراضي الحكومية من مناطق شمال وجنوب قطاع غزة، على موظفيها، بدلا من متأخرات رواتبهم التي لم تستطع تأمينها خلال الأعوام الماضية، فيما خصصت آلاف الدونمات الأخرى لجهات ومؤسسات بشكل مخالف لأسس التخصيص التي يقر القانون على ضرورة مصادقة الرئيس الفلسطيني عليها.
ويتهم وائل بعلوشة، المدير الإقليمي لمؤسسة الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، حكومة حماس السابقة بغزة، بأنها استخدمت نفوذها في توزيع الأراضي لموظفيها على حساب المواطن، مشددا على أنه لا يجوز لحكومة أيّا كانت أن تقوم بذلك دون قانون واضح".
وعبر أيمن الأسطل أحد المتصرفين بهذه الأراضي، عن سخطه لإجراءات سلطة الأراضي؛ بمنعهم من التصرف فيها، معتبراً ذلك عدم احترام لملكيتهم الخاصة، التي ورثوها عن أجدادهم، قائلا : "إن ما يحدث حقيقة هو عمل تعسفي، الحكومة تمنعنا من التصرف بالأراضي التي ورثناها عن أجدادنا؛ بحجة عدم تسجيل هذه الأراضي في دائرة الطابو، لعل هؤلاء قد نسوا أن الكثير من الأراضي غير مسجلة بأسماء ملاكها."
وأضاف الواطن الفلسيطيني : "نحن أبناء المالكين الأصليين، ورثنا أرضنا عن كابر، لم يقف في هذه الأراضي غيرنا منذ الانتداب البريطاني، وما تدعيه سلطة الأراضي بأنها أراضٍ خارج دائرة الطابو، لا يمكن فهمه، مُشدداً على أن ما يُقارب 90% من الأراضي المحتلة، التي تهجر منها أهلها في البلاد، هي غير مسجلة بدائرة الطابو، وتساءل:"هل مجرد عدم تسجيلها في دائرة الطابو في سلطة الانتداب، يُزيل حق أهلها منها؟"، وفقا لوكالة "فلسطين اليوم" الإخبارية.
وفي 2016 اقتطعت حماس "بشكل غير منظم" بعض الأراضي الحكومية ووزعتها على موظفين لديها تحت عنوان تعويض عن الرواتب المتأخرة. بمعنى أن الموظفين الذين عينتهم حماس يعملون لديها وأن جزءا من رواتبهم المستحقة على حماس يتسلمونها على شكل قطع أراضي بعد مضاعفة أسعارها.